عرض كتاب لغة وأدب

وهذا أيضًا سوف يمضي!

Print Friendly, PDF & Email

وهذا أيضًا سوف يمضي!

بيني وبين قراءة الروايات حاجز وهمي بيد أنه كثيف مع الأسف، وأذكر أني سافرت مرة فاصطحبت معي عددًا من الروايات فقط كي أجبر نفسي على بناء علاقة قرائية مع هذا الفن الذي ليس عندي غيره في تلك الرحلة. وقبل موعد الذهاب للمطار بساعات أضفت إلى حقيبة الكتب عناوين أخرى من باب الاحتياط والاحتفاظ بخط رجعة، ولربما أن القارئ قد فهم أني ذهبت ورجعت دون أن أفتح رواية واحدة منهن، إذ كان للوهم والإلف سطوتهما مع التسويف وبعض الحجج التي دفعتني لقراءة ماكان احتياطًا وهجران الأصل!

وحين كنت في سياق الإعداد لعرض فوائد كتاب لطيف عن الكتابة من خلال سيرة كاتب من الأورغواي، بحثت عن سيرة المترجمة الحاذقة عبر الانترنت؛ فوجدت بعض النصوص المقتبسة من ترجمتها العربية لرواية إسبانية، فراقت لي تلك الكلمات التي تتأمل في الفقد ووقعه ووجعه؛ وليس هو أيّ فقدٍ بل إنه أعظم فقد دنيوي يواجهه المرء بعد رحيل أمه وأبيه، وهما ركنا وجود الإنسان، ولا خلل أشد مما يصيب الأركان.

فعزمت على البحث عن نسخة ورقية من الرواية لقراءتها أولًا، وثانيًا لنقل جميع كلماتها الخاصة بهذا الموضوع عزاءً لي ولكل مصاب بالفقد. وبعد شيء من الجهد عثرت عليها في مكتبة قريبة دون الاضطرار لشرائها عن بعد وتحمل كلفة البريد الذي أضر بحركة شراء الكتب ورفع من أسعارها. وبمجرد الشراء قرأتها خلال ساعات لتغدو من الروايات القليلة التي أذكر أني قرأتها حتى الآن، وما ندري ما سيكون.

عنوانها: وهذا أيضًا سوف يمضي، تأليف: ميلينا بُوسكيتس، ترجمة: نهى أبو عرقوب، صدرت الطبعة العربية الأولى منها عام (2018م) عن دار مسكيلياني للنشر والتوزيع بتونس، ومنشورات تكوين بالكويت، وتقع في (176) صفحة من الحجم المتعارف عليه في الروايات، وفيها أربعة عشر قسمًا مع خاتمة. والمؤلفة روائية كتالونية ولدت في برشلونة، وأمها ناشرة مثقفة، وقد دفعها مرض والدتها خلال عامين ثمّ موتها لكتابة هذه الرواية التي تعترف بأنها لم تكن كتابة علاجية؛ لأنها لا تزال حزينة بعد فقد أمها مع أنها بكت كثيرًا عندما كتبت تلك الصفحات، وما أوثق العلاقة بين الكتابة والموت. والمترجمة من فلسطين ولها عدة أعمال مترجمة عن الإسبانية والفرنسية. أما العنوان فمأخوذ من حكمة صينية روتها والدة المؤلفة لابنتها وهي تواسيها بعد فراق والدها وهي في أوج شبابها.

في هذه الرواية كما أسلفت عبارات حزينة من وحي فقد الأم الذي تلا فقد الأب بسنوات، وفيها مصارحات عن الحب والإغراء والإغواء وطبائع الرجال والنساء، ومن البدهي أني لن أنقلها جميعها فهي لا تتلاءم مع حضور هيبة الموت، وأثر الفقد، وإن كانت الروائية تزعم على لسان أبطالها بأن ممارسة الجنس علاج للأحزان كافة! وبناء على ذلك سوف أسرد هذه العبارات الأسيفة التي دفع بها حادث جلل، ويجد أثرها من ذاق طعم هذه الواقعة؛ وأذكر غيرها أيضًا، ولربما أني تصرفت في عدد قليل من كلماتها، وهي:

  • من الآن فصاعدًا أفترض أن أيّ جنازة أشارك فيها ستكون جنازتك يا أمي.
  • أمي! كيف ظننت أنه ما يزال ثمة إمكانية لتربحي المعركة الأخيرة، تلك التي لا يربحها أحد على الإطلاق؟
  • كنت سأرتاح لو مت ميتة هادئة، لكن هذا المرض الشديد لم يترك لك سوى نوبات متقطعة من بصيرة ما كانت إلّا لتجعلك تعانين أكثر.
  • لا وقت لدي؛ فالموت يتبعه ألف إجراء.
  • لم أشعر بالخوف حين رأيتك ميتة، وكان بوسعي البقاء هناك جالسة إلى جوارك لمدة طويلة.
  • توفي أبي بالسرطان وأنا في السابعة عشرة من العمر، ومذاك والأموات يتكدسون في سلسلة مروعة وثقيلة، وسأكون أنا، على ما أظن، آخر حلقاتها.
  • كانت علاقاتي مع صديقاتي المطبوعة بالشغف تارة وبالخصام تارة أخرى قد هدأت أثناء مرض أمي الطويل. وكنت أسأل نفسي كم من الوقت ستستغرق لتعود إلى ما كانت عليه.
  • قالت لي أمي ذات يوم: أتعرفين أنه من أقسى الأمور على المرء حين يشيخ إدراكه أن ما يحاول شرحه لم يعد يهم أحدًا؟
  • لا أعرف أي نوع من المحتضرين هذا الذي يجد مزاجًا لنطق عبارة أخيرة. أحسب أنه قد يكون من أولئك المنشغلين بما سيحدث في هذه الدنيا بعد موته، أو قد يكون سيل العبارات الأخير الذي يصدر عنه مجرد هراء من نوع آخر. ربما لا تعلم الروائية أن هذه اللحظة من أصدق لحظات المرء في حياته.
  • كان موتك أمرًا لا يخطر ببالي البتة -وما زال-.
  • تؤلمني العودة إلى الطرق التي كنت أسلكها مع أمي فهذا الموت يطردنا من كل الأمكنة.
  • تعجبت الروائية حين سئلت عن أمها بعد وفاتها وقالت: ألا يعلم أحد أن أمي متوفاة؟! كان هذا بالنسبة إليّ أمرًا لا يصدق، تمامًا مثل مَنْ لا يعلم أن الأرض كروية.
  • منذ موتك وأنا أشعر بأن الشيء الوحيد الذي بت أفعله هو الذهاب لتلقف الحب! فأنا مدمرة تمامًا وأحتاج إلى من يسلبني حطامي، وكل شيء ينفعني حتى ابتسامة محاسبة في متجر، أو غمزة عين، أو محادثة عابرة.
  • ثمة صراخ في داخلي عادة ما يدعني وشأني في النهار، لكنني حين أرتمي على السرير ليلًا يستيقظ ويبدأ بالحركة مثل قط هائج.
  • قدّم لي بعض الأصدقاء العزاء بكثير من التحفظ الممزوج ببعض الخجل. أقدّر دومًا عدم تحويل الشفقة والتضامن إلى مشهد استعراضي.
  • بعد موتك صار بوسعي أن أرى من موقع صحتي الجيدة وسنيي الأربعين موتي وأنظر إليه وجهًا لوجه، وسأشتري القبر المجاور لقبرك.
  • أما وجهك أنت يا أمي، فقد اختفى وراء القناع الذي ألبسك إياه المرض. إنني أجتهد كل يوم كي أستعيده، كي أتجاوز السنوات الأخيرة وأجد نفسي أمام نظرتك الحقيقية.
  • الحب الحقيقي وحده يداوي الألم، وأما الوقت فيسكّنه ويهدئنا نحن.
  • صارت كل امرأةٍ عجوز تبدو لي، مؤخّرًا، مثل أمٍّ أرغب في الارتماء بين ذراعيها.
  • أغلقت كل الكتب فليس لي بها سلوى، فهي تغالي في تذكيري بك وببيتك المحتشد برفوف الكتب، ولا أستطيع الآن أن أفتح كتابًا دون التفكير فيك.
  • يبدو أني أدركت على نحو ما أن حب حياتي هو أنتِ وأنه ما من حب آخر مهما كان عاصفًا يمكنه أن يغلب حبك، وهو حبي الأول، وأنا مدينة بكل أشكال حبي اللاحق لهذا الحب.
  • لا أستطيع فتح كتاب دون أن تتملكني الرغبة في رؤية وجهك الهادئ المتأمل، من غير أن أعرف أنني لن أراه ثانية.
  • حين يبدأ العالم في الخلو من الناس الذين نحبهم، نتحول شيئًا فشيئًا، وعلى إيقاع الموت إلى غرباء.
  • كان مكاني في العالم يقبع في نظرتك، ونجح هذا في إبقائي طفلة حتى الأربعين من عمري، وآمل الآن أن أنجح في الانتقال إلى مرحلة البلوغ حتى لا أتحول مباشرة إلى عجوز.
  • عندي سوار عتيق لأمي، أحبه حينًا، ولكنه يثقل عليّ أحيانًا أخرى كما لو كان أغلالًا.
  • لم أعد أضيع هاتفي النقال كل يوم؛ فقد تحول الهاتف النقال أثناء مرضك وموتك إلى شيء شيطاني، وصار رسول معاناتك واحتضارك.
  • في أيامك الأخيرة في المشفى كنت تنادينني في مرات كثيرة يا أمي.
  • لا أحد ينبهك أن عليك أن تصير أمًا لأمك في احتضارها.
  • أن كل الحب الذي يمنحني إياه مَنْ حولي لا يكفي لمقاومة هجمة غيابك عليّ.
  • ألبومات الصور هي البرهان القاطع على أننا عشنا حياة سعيدة.
  • لم أعلق صورتك على الرف مع أبي لأنك لم تصبحي بعدُ ذكرى، وأحسب أن الزمن القاسي والرحيم سيتكفل بذلك.
  • فكرت في تكرار الرحلات التي قمنا بها معًا إلى أثينا أو البندقية أو نيويورك، فلربما وجدتك هناك.
  • سأعيش دونك حتى أموت. لقد منحتني الحب من النظرة الأولى كصيغة وحيدة للوقوع في الحب وكنت على حق.
  • علمتني أمي الكرم غير المحدود في الإنفاق، واتخاذ المواقف النبيلة في الأحوال المناسبة.
  • وهبتني أمي الضحكة المجنونة، ومتعة عيش الحياة والانغماس التام فيها، وحب الألعاب، وازدراء كل ما يحط من قيمة الحياة أو يخنقها.
  • تركت أمي لي القدرة على تسمية الأشياء ورؤيتها، والتسامح الحقيقي مع عيوب الآخرين ونقاط ضعفهم.
  • لم يكن شيء أحب إلى قلب أمي من أن تكون رفقة أحفادها، ولعلها الآن في مكان أفضل.
  • أصبحت أرى بيتك يشيخ معك حتى صار وحيدًا.
  • لا يروقني أن أكون يتيمة، لستُ مخلوقةً للحزن، أو لعلّني كذلك، لعلّني بالحجم المطابق تمامًا للحزن، ولعلّه الثوب الوحيد الذي على مقاسي.
  • لا أقوى اليوم على دخول غرفتك حتى وإن كانت الأجمل والأوسع في البيت.
  • تقول أمي: يمكن أن نعرف إن كان الشخص يحب الكتب أم لا من الطريقة التي ينظر بها إليها، وكيف يفتحها ويغلقها، وكيف يقلّب صفحاتها.
  • عليك أن تكون قد اجتزت عمرًا معينًا حتى تشعر بعاطفة نحو المدينة التي ولدت فيها أو أمضيت فيها طفولتك، فلا تجوبها مسرعًا مغمض العينين لأنك اعتدت عليها، ولا تخرج كل صباح باحثًا عن مغامرة بعيدًا عنها.
  • البحر يفرغ الشوارع ويجذب غالبية السكان.
  • إن من بين الأشياء الأكثر إثارة في الحب قدرته العجيبة على أن يولد من جديد.
  • في حقيقة الأمر نحن نساوي الأشياء التي فقدنا، أكثر من تلك التي نملك.
  • الأشياء تنتمي إلى ذلك القادر على تسميتها.
  • لم أسمع مطلقًا من يتحدث بفظاظة وقسوة عن الرجال أكثر من النساء السعيدات في زواجهن.
  • إن كثيرًا من اليقينيات المهمة في حياتي اكتسبتها بينما كنت ألعب.
  • الألم والحزن يمضيان هما أيضًا، كما تمضي البهجة والسعادة.
  • الحب هو أقل ما يعول عليه في هذا العالم.
  • تعبير الشوق على الوجه يصعب تصنعه، وملامح القلق على الوجوه يصعب تكلفها.
  • نبدو جميعًا أصغر سنًا حين نكون سعداء.
  • أنا في الأربعين نسخة مزورة لشخص بالغ.
  • الشعور الأسمى تجاه الآخرين هو الاحترام؛ فهو أسمى من الحب والعشق.
  • ضوء الفجر والنسيم العليل والبحر الهادئ كلها تدحض مآسي العالم، وتجهد في التأكيد على أننا سعداء ونمتلك كل شيء.
  • أنت إذا لم تنظرْ إلى الوراء، فإنّك ستشعرُ بأنّ كلّ شيء على وشك البدءِ من جديد.
  • الأناقة مسألة عقلية لا جمالية.
  • أكثر ما أفتقده من أيام الشباب القدرة على النوم الطويل العميق.
  • الحزن يضاعف وزن الأشياء.
  • أعتقد ألّا أحد يستطيع العيش دون جرعة معينة من الحب.
  • إن دواخلنا تنجح دومًا في القبض علينا من جديد.
  • وحده الحب الحقيقي يداوي الألم.
  • إن الناس الذين يلبسون من أجل أنفسهم هم الأكثر أناقة في الغالب.
  • لكل منا جنته المفقودة التي لم يطأها يومًا.
  • يتملكني أحيانًا شيء من الحسد إزاء الصداقات الرجالية؛ فالصداقة بيننا نحن النساء مثل مرحلة خطوبة أبدية مكثفة متقلبة ومليئة بالشغف، أما صداقات الرجال فتشبه غالبًا الزواج المنسجم، بلا عواطف كبرى ربما، ولكن بلا تقلبات كبرى أيضًا.
  • كان الضحك سلاحنا الوحيد، على الدوام، ضد البؤس والشقاء.
  • ما من رجعة إلى الوراء في قصص الحب، فالعلاقة الغرامية هي على الدوام طريق في اتجاه واحد.
  • لا أدري إن كان للحياة أي معنى جدير بالذكر دون هذه الليالي الصيفية.
  • إن أول مملكة نضيعها، وربما تكون الوحيدة التي يتعذر استعادتها، هي الشباب.
  • أروع ما في الجمال قدرته في أغلب الأحيان على جعل الناس يصمتون وينسحبون إلى دواخلهم.

رحمة الله ورضوانه على أبي وأمي وعلى جميع أمواتنا، فما أحوجهم منا للدعاء والزيارة وإهداء ثواب العمل وإدامة الصلة والبر عقب رحيلهم المرير ذي المضاضة التي لا توصف. وكم في مثل هذه الكلمات المستوحاة من عمق المأساة الإنسانية من سلوى ومسلاة أحيانًا، ولربما كان فيها إعادة بعث للمواجع، وإيقاظ الآلام من مرقدها الذي استكنت فيه، مع أنها عرضة لأيّ منبه أو مثير حتى يهيجها، وتبدأ في إرسال وخزاتها من جديد، تلك الوخزات التي تعيد للحدث ذكراه الأولى بثقلها ودموعها وحيرتها واضطراب الكلام خلالها، واختلاط المشاعر حينها؛ حتى يصعب على المرء أن يجيب سائلًا، ولربما أن مجرد السؤال آنذاك صعب لتوقف الذهن وجمود العقل وانحباس اللسان في ساعة يكاد الزمن فيها أن يقف بلا حراك شاهدًا على عين دامعة، وكبد محترقة، وقلب منفطر، وآهات متكتمة تكاد أن تزلزل الأرض لو باح بها ضمير مكنون، أو فاضت من زوايا النفس الجريحة.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

الثلاثاء 23 من شهرِ شوال عام 1443

24 من شهر مايو عام 2022م

Please follow and like us:

8 Comments

  1. لإن دقات قلوبنا عبارة عن حكاية، وكل يوم يمضي لنا هو قصة تتجسد في رواية، كلنا يخفي قصص عظيمة، حزينة، لكن كل ذلك سيمضي!
    لا أعرف فصل السياقات عن بعضها، الحزن الذي يعتمر القلب تعريفه واحد، و مرارة الفقد موجعه يعادلها بالوجع الهجر دون سبب، هذه كلها انفعالاتٌ تكتنف أرواحنا تجعلنا هشين، محطمين ..نصل لمرحلة خانقة، نصبح طفوليين بلا مبررات منطقية، ينتابنا قلة الاحساس بالأمان فجاءة!
    اليست تلك الأم هي من علمنا الحب حينما أغدقت علينا الحب بلا شروط ولا قيود، علمتنا كيف نحب الحياة، الآخرين، وكيف نحب أنفسنا …هي ذاتها الأم التي حينما ترى الحزن يسكن عيوننا، فإنها تطفق يمنةً ويسرة تخفف عنّا وطأة الألم، تعيرنا ضحكتها لنواجه فيها بؤس الحياة ثم تتوارى هي خلف الظل تبكي دون أن نعلم شيء عن سبب بكائها!
    لكن لمَ حينما نكبر نتنصل عما تربينا عليه ونخشى من كل شيء، نخشى من مشاعرنا وحتى من كلام الحب !
    كانت الكاتبة صادقة في وصف انفعالات الألم العميق،نعم الحياة ستمضي ولن تتوقف عقارب الساعة، بل الأيام ستكون أكثر قسوة و لن ينتشلك من حزن الفقد إلا أن تنهمر في مشاعرك دون تحفظ، و أن تجد شخصًا تحبه بكل صدق وأن تذهب كما ذكرت الكاتبة (لتلقف الحب! فأنا مدمرة تمامًا وأحتاج إلى من يسلبني حطامي….ثمة صراخ في داخلي عادة ما يدعني وشأني في النهار، لكنني حين أرتمي على السرير ليلًا يستيقظ ويبدأ بالحركة مثل قط هائج!!!)، في ركن خفي من عقلنا نتصور أن العالم سوف يهبنا حب صادق مثل حب الأم، حتمًا لن يكون هناك لإنه تركت لنا القدرة على تسمية الأشياء ورؤيتها بشكلها الصحيح، والتسامح الحقيقي مع عيوب الآخرين ونقاط ضعفهم، ولكننا نحاول أن نتجاوز الفكرة لفكرة أكثر تسكيناً للألم، وحده الحب الحقيقي يداوي الألم، شخص واحد فقط في الحياة قادراً على مواساتنا بطريقته الأثيريه الاستثنائية، لإنه من بين الأشياء الأكثر إثارة في الحب قدرته العجيبة على أن يولد من جديد، يجعلنا مختلفين تمامًا، نمضي في الحياة متجاوزين شقاء الأيام..
    الأم طالما كانت تمنحنا الاطمئنان، التفهم لمخاوفنا، قبولنا بكل نقائصنا، هذا هو الحب الحقيقي الصادق، نحتاج في هذه الحياة لمن يحبنا هكذا، حب لذيذ نحتمي خلف ظهره اذ رأينا ما يربكنا او يخيفنا، إلا أن مشكلة طبائع الرجال وانا على يقين أني والكاتبة نتفق!
    بأن الرجل يتوق إلى الحب، لكنه لا يعرف إلا القليل عن اللطف والرقة، بل حتى عن الوصل، بينما المرأة تمارس دور الأم وإن لم تكن أماً حتى آخر رمق من حياتها، تشهد لها الأيام بأنها تجيد مهارة الحب، وليست عاطفة ثائرة متحمسه فحسب!
    غفر الله للأمهات جميعًا، وأحسن إليهن..

  2. شكر الله لك وكتب اجر ماتكتبه من مقالات تفيد القارئ . جزاك الله خيرا من ابن بارا بوالديه وحبا لاامه . وصفوا الام هي الحياة . والدنيا والارض والوجود والتناسل والتواصل والديمومة . مع عدم نسيان الاب القدوة والزوج الصالح الذي يعينها واولاده على طاعة الله . جسد الشاعر سامي عبد المنعم قصيد ةرائعة كان جيلنا في نهاية الخمسينات يرددها
    احب الناس لي امي …. ومن بالروح تفديني
    فكم من ليلة قامت….على مهدي تغطيني
    بصوت هادئ عذب….وانشاد تغنيني
    تخاف علي من حر ….ومن برد فتحميني
    ومن الم ومن مرض ..اناديها فتاتيني
    بروحي سوف افديها..كما بالروح تفديني
    واسعى في هناءتها..كما تسعى وترضيني

  3. قرأت المقال فغشيني موج من الشجن ولم استفق إلا على صوت قارئ يقرأ (كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك) سورة الرحمن
    كيف لليقين بالله وبأن إليه المعاد أن يضاءل هول الفاجعة، ويطفئ وهج المصيبة، ويمازج حزن القلب بسكينة ولذةِ رضا ماكان للمؤمن أن يذوقها لولا أن منّ عليه الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)