قراءة وكتابة

مدونتك: ديوان عقلك ومجلس معرفتك

Print Friendly, PDF & Email

مدونتك: ديوان عقلك ومجلس معرفتك

فيما مضى كنت أنشر ما أكتبه في عدة مواقع إلكترونية لتعذر النشر في الصحف الورقية آنذاك لأسباب ربما لا تخفى، منها الموضوعي وفيها غيره. وقد وقعت لي مواقف طريفة في النشر الإلكتروني منها أن موقعين شهيرين في تلك السنوات طلبا مني الكتابة -كل واحد منهما على حدة وفي سنة مختلفة-، ورغبا في الحصول على صورة للكاتب، ومنذ وصلتهم الصورة قطعوا الصلة بي؛ فلربما أنها مرعبة! والحمدلله أني أكتب، وهم مع الأسف اضمحلوا وذابوا فيما أعلم.

وعقب سنوات من الكتابة والنشر، طرأت فكرة إنشاء مدونة شخصية، وساعدني على تنفيذها صديقي الحبيب الكلِف بالتقنية محمد بن صالح العقيل -سلمه الله-، ولعله أن يكون شريكًا في أجرها بريئًا مما سواه. وشرعت أنشر نشرًا مزدوجًا في المواقع الكريمة السابقة وفي مدونتي. ثمّ قررت الاستقلال بالنشر في المدونة لأنه يمنحني مزيدًا من الحرية والمرونة، ويجبرني على الانتظام بالكتابة؛ هذا الانتظام الذي صعب عليّ بلوغه والالتزام به بطريقة مرضية فيما سبق.

فوجدت من أثر الارتباط اللذيذ بها شيئًا من الدافعية الذاتية للكتابة، فالأمر مداره منذ البدء وحتى الختام لديّ، والتعديل على المنشور يسير. ولاحظت النتيجة فيما أكتبه من ناحية العدد، والترابط، والتخصص، والتفاعل، والله يبارك وينفع. وبناء على ذلك حثثت كثيرًا من الأصدقاء القادرين على افتتاح مدونات أو مواقع، وعلى إحياء الموجود منها، وأثمرت بعض هذه الجهود والحمدلله؛ فرأيت تسجيل الخبرة التي تحصلت عليها حتى لو كانت عامة دون توسع، عسى أن تساعد من يريد التدوين ممن عرفت أو لم أعرف، وسأجعل هذه التدوينة تحت عناوين فرعية عونًا للقارئ، وتيسرًا على الكاتب، ومنعًا للتشتت.

هل الكتابة من أصلها مجدية؟

نعم مجدية ومؤثرة، ويكفي منها أنها تريحك وتؤنسك، ولديها قابلية للخلود والانتشار أزيد مما لدى غيرها، ولا يهولنّك ما يقال عن عصر الصورة؛ فكل الصور المتحركة والثابتة قد تحتاج إلى محتوى مكتوب طويل أو قصير، ولربما تستغني شركات ووزارات عن كثير من الصور؛ بيد أنه لا مناص لها من الكلمة.

أين تفتتح مدونتك؟

الخيارات كثيرة، ومن أشهرها الوورد برس، ومدونات قوقل، ويوجد غيرهما. وتتيح بعض المواقع الكبيرة افتتاح مدونة شخصية داخلها؛ لكن يُعاب على هذا الخيار انتفاء الحرية التامة لك، مع إشكالية الانتساب إلى موقع ربما يطاله عدد من المؤاخذات، والسلامة في الابتعاد مغنم.

هل الإنشاء سهل من ناحية تقنية؟

نعم، هو سهل جدًا، ويمكن لمن يتعامل مع الإنترنت وأجهزة الحاسب أن يبتدأ مدونته بسهولة ويسر. وهذا لا يعني الاستغناء التام عن بعض المحترفين تقنيًا؛ فالاستعانة بهم مفيدة وربما ضرورية في التطوير، وحل الإشكالات، وبناء الإعدادات وفق ما تحب، لكن هذه الاستعانة يمكن أن تتأخر، وأن تكون في أضيق نطاق، ويحتمل أن تستغني عنها إذا قرأت وسألت وحاولت بنفسك، فالتجربة لها طعمها.

اسم المدونة:

يختار بعض الكتّاب لمدونته اسمًا هروبًا من ربطها باسمه الشخصي من باب التواضع؛ وبعض هذا الهروب بعيد جدًا عما أرادوه من تواضع، لأن الاسم المختار يكون فيه من التزكية والعلو ما يربو على ما يُقال في الاسم الشخصي. وعليه فقد يكون من العملي جدًا ربط المدونة باسم كاتبها مباشرة، أو بتخصصها ومجالاتها، مع الابتعاد عن عبارات التفخيم والمبالغة.

التعريف بالمدون:

من المطلوب إضافة حقول للتعريف بصاحب المدونة بلا تزيد، ويمكن تثبيت التعريف أو إبرازه، مع بيان كيفية التواصل معه عن طريق البريد، أو من خلال تطبيقات التراسل الفوري مثل التليقرام والواتساب، أو عبر تويتر وفيسبوك، ومن نافلة القول أن يتخلى الكاتب عن التثاقل الممجوج، ويتجاوب مع تواصل الآخرين.

تخصص المدونة:

يمكن تخصيص المدونة بفن واحد أو علم محدد دون غيره، فهناك مدونات تقنية، واستثمارية، وقانونية، وطبية، وإدارية، وهكذا. ويمكن جعلها متنوعة مع التركيز على حقل أو أكثر، وكلا النوعين مفيد، والقرار بيد المدون. ومن الطرق الجيدة للمدونات المتخصصة تمامًا أن تضع زاوية مختصرة فيها شيء آخر، أو ترتبط بمدونات صديقة ذات تنوع، والغاية تغيير المذاق، ودفع الملل. وقد تكتفي بعض المدونات بسرد سيرة شخصية أو مهنية لمالكها، ومن الحتمي ارتباط أهداف المدون مع تخصصها.

دورية الكتابة والنشر:

في مدونتك لن يتابعك رئيس تحرير، أو كبير محررين، أو من سواهم، فأنت مدير نفسك ومحفزها ومشجعها وناقدها ومحاسبها. ولذلك فمن الحسن أن تضع أيامًا وأوقاتًا للكتابة، وأخرى للنشر، وثالثة للمراجعة. وليس من شرط النجاح الالتزام الحرفي بهذه المواعيد؛ لكن وجود أصل التنظيم، وتحقيق العدد المطلوب شهريًا، مما يعينك، وتسعدك ثماره؛ فلا تتوانى، وبعد نهاية عام ستجد عندك مئة مقالة أو نحوها، وربما أكثر، ومما قرأته في هذا الباب أن السياسي المصري محمد حسنين هيكل يعتكف كل ثلاثاء حتى يكتب مقالة الجمعة، واستمر على عكوفه في مكتبه بصحيفة الأهرام سبعة عشر عامًا، والأمثلة كثيرة في دنيا الحرف والقلم.

المظهر الخارجي:

تتيح المدونات قوالب جميلة مدفوعة بسعر معقول، ومزية هذه القوالب أنها تمنح للمدونة فرادة في الشكل، وتجذب القارئ، وتنقي مدونتك من الإعلانات الإجبارية في القوالب الأساسية، إذ تحتوي على منتجات محرمة، أو صور فاضحة.

تقسيم المدونة:

التقسيم العملي الواضح يريح المتابع والمطلع، ولذلك فمن الملائم تقسيم محتويات المدونة إلى أقسام فرعية حسب الموضوع، أو الزمن، ويمكن بعد الإفادة من التقسيم الفرعي لمكونات المدونة، إضافة وسم سفلي يجمع المواد المشتركة في موضوع ولو كانت في أقسام مختلفة، فمثلًا ستجعل سيرة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في قسم السير؛ لكنك تضيف لها وسم رجل الدولة في أسفل المقالة، وبالتالي تكون وضعته في تصنيفين أحدهما حسب القسم، والآخر حسب الوسم.

الحماية:

من المهم الاشتراك فيما يحمي المدونة من الرسائل الضارة والفيروسات، وهذه الحماية بمقابل مادي، لكن وجودها من الأهمية بمكان، وتجديدها دوريًا واجب لا مفر منه.

مشاركة المحتوى:

من الجميل تسهيل مشاركة محتويات المدونة عبر أكثر من وسيلة من سبل التواصل عبر المنصات المتنوعة، مع متابعة الجديد منها والأكثر حضورًا في المجتمع المستهدف. وكلما جعلت محتواك أغزر وأعمق تسارع إليك القراء والمقتبسون بأمانة وبدونها؛ فالمحتوى حقًا هو ملك متوج في عالم الفكر والكتابة.

تسجيل الزوار:

لا أؤيد تسجيل الزوار للمدونة فالأفضل أن تكون مشرعة لأيّ قارئ؛ فالتسجيل يكون في الغالب للمواقع الرسمية وشبه الرسمية، وإضافة هذا الخيار لمواقع الأفراد ربما يجفل عنها القراء. ويمكن لمالك المدونة حجب بعض العناوين المزعجة بتعليقاتها الخارجة عن حدود اللباقة والاختلاف السائغ.

التعليقات:

من المناسب أن يوطن المدون نفسه على ما سيقرأ من تعليقات، وأن يصبر على أخطائها في الفهم أو في طريقة الكتابة، ويوافق على نشرها حتى لو لم يكن راضيًا عن مضمونها الذي لا يسيء لدين أو لدولة أو لأحد بعينه من الأفراد أو مكونات المجتمع، ويمكن حذف أي كلمات بذيئة ووضع نقط في مكانها لتدل على وجود الحذف.

ومن الأفكار نقل التعليقات التي تردك عبر البريد أو الواتساب للمدونة، ونسبتها لأصحابها بالاسم الأول فقط؛ فربما بعضهم لا يرضى بكتابة اسمه كاملًا، وهذه الطريقة نافعة نظرًا لتكاسل بعض القراء عن التعليق المباشر. ومن الأدب وحسن المكافأة الإجابة عن التعليقات أو عن أكثرها خاصة التي يكون فيها استفسار، أو نقد موضوعي.

الكلمات المفتاحية:

تعينك الكلمات المفتاحية المنتقاة بمهارة على سرعة الوصول للمقال عبر محركات البحث، ومع ذلك فعلى الكاتب أن يحذر من أن تقوده الكلمات المفتاحية للعبث بعنوان عمله أو بمضمونه، فإن جاءت هذه الكلمات متوافقة من الأساس أو بإجراء منطقي فحيهلًا بها، وإلّا فالاعتساف شر أكثره، والتكلّف ثقيل مفضوح.

مدونتك في محركات البحث:

يمكنك ربط مدونتك مع محركات البحث مجانًا أو بمقابل، وجعلها موقعًا معتمدًا في الويكيبديا، ودمجها مع الفهرس العربي للمدونات، وهذه إجراءات يسيرة لا تستهلك وقتًا، ولا تتطلب التكرار، وأثرها حميد مبارك.

تحليل المدونة:

تتيح بعض المتصفحات والشركات التقنية الكبرى خدمات مجانية لتحليل المدونة، فتعرف أكثر البلاد دخولًا لها، وفي أي وقت ويوم، ومن أيّ جهاز، وعن طريق أيّ الكلمات المبحوث عنها، وما هو أكثر عنوان نقرته الأصابع الصديقة لمدونتك، وغير ذلك مما يعطيك تصورًا شهريًا واضحًا عن أداء المدونة. كما أن المدونة نفسها تخبرك عن إحصاءات يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية، وربما لا يناسب إشهارها للآخرين ذلك أنها تعنيك أكثر من غيرك.

مدونتك والتأليف والمحاضرات والخطب:

يمكن أن تضم بعض مواد المدونة في مؤلف مستقل مستقبلًا سواء كما هي أو بتعديل يسير وزيادة أو تنقيح، كما يستطيع المدون بث أفكار مختصرة عبر موقعه، واستمزاج الآراء حولها قبل أن يمضي بعد ذلك في البحث والكتابة. وربما تكون المدونة مكانًا ملائمًا للإخبار عن كتبك، أو وضع صور لأغلفتها، والإشارة إلى ما كُتب عنها أو إلى تفاعل القراء معها. ويضع بعض المدونين روابط لمحاضراتهم المرئية والمسموعة داخل مدوناتهم بإشارة خاصة، أو ضمن أعمال منشورة، وقد ينشر نص المحاضرة أو الخطبة حتى يستفيد منها القارئ، ويقتبس.

ربط محتويات المدونة مع بعضها:

ستخدم المدونة إذا ربطت الموضوعات مع بعضها؛ فمثلًا لو كتبت مقالة عن النخيل، وأخرى عن الغذاء الصحي، وثالثة عن مناطق الأحساء أو القصيم أو الجوف، فيمكن وضع روابط على كلمات داخل هذه المقالات حتى يكون بعضها موصلًا لبعض، وهو أشبه بالإعلان، وله فوائد حتى بتقديم المادة حينما يبحث عن كلماتها في محركات البحث، ويزيد في إثراء القارئ، وإبقائه أطول مدة في موقعك.

استثمار المنصات الأخرى:

سيكون من الخير لمدونتك أن تستثمر المنصات الأخرى لنشر محتوياتها والتسويق لها، مثل اليوتيوب، ومواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات الأخبار، وتطبيقات التراسل الفوري مثل وضع الرابط في حالة الواتساب، وفي التعليقات على محتويات المنصات المتداخلة مع عملك، ولا تتواضع فمن الناس فئام لا يبالون بنشر الغث قبل السمين، وما تخطه يمينك بعد كدّ ذهنك، وإجهاد عينك وظهرك، وصرف وقتك، والعزوف عن متع الدنيا، جدير بأن يبرز للناظرين، ويستعلن أمام الملأ.

التدوين الذكي:

إذا كنت تعلم عن شيء سيقع أو يحدث، ولك فيه اهتمام وعناية، فمن المناسب أن تبادر للكتابة عنه في توقيت يخدم عملك، فاستقبال رمضان والحج ومعارض الكتاب والتقنية والزراعة ومواسم السفر وبداية الدراسة وغيرها مما عرفت أيامه مسبقًا سيزيد من رواد مدونتك. وإذا كان لديك عمل سابق منشور، ثمّ صار أمر يستوجب بعثه من جديد فابعثه بطرق النشر المختلفة، كما لو كتبت قبل سنوات عن علاقات أوكرانيا مع روسيا، فمع الحرب الأخيرة يكون اليوم يومك!

التعاون مع الآخرين:

خير الناس أكثرهم نفعًا؛ فلو جعلت خبرتك مشاعة لمن شاء حتى يستفيد ولا يتعثر أو يقع في خطأ، ولو عقدت أواصر الصداقة مع مدونات أخرى وتابعتها فسوف تنفع نفسك ومدونتك، وهكذا.

عدد القراء:

من مسرات المدون كثرة المرور على مدونته وقراءة أعمالها، ومع ما للعدد من هالة فمن الواجب التنبيه إلى أن العدد قد يكون قليلًا في البدايات ثم يتجه نحو الارتفاع مع الزمن، فلا ينبغي أن يكون سببًا في التوقف أو النكوص. وهو ليس المحك الأهم في التقييم؛ فلربما يكون لقارئ واحد من المنجزات والتأثير ما يفوق الآلاف من الآخرين، وعن مثل هذا القارئ يبحث المدون، ويتمنى أن يكون من قرائه ورواد موقعه واحد على الأقل من هذه العينة العليّة.

هل تجلب المدونة لك المال؟

في البداية سوف تصرف عليها مبالغ ليست باهظة، وفي المستقبل ربما تجعل منك أحد المراجع المأمونة في مجال تخصصك أو اهتمامك، وهذا ربما يفتح لك باب رزق طيب، وربما لا يكون؛ والمهم ألّا تكون عليك في الدنيا وبالًا وصداعًا، وألّا تؤول في الآخرة إلى سيئات باقية متناسلة والعياذ بالله.

آثار المدونة:

ستغدو مدونتك من العلم الذي ينتفع به، وحين تموت -بعد عمر طويل هانئ- تصبح موادها من الأجر الباقي لك، فللمكتوب من صفات البقاء وطول العمر مالا يخفى، ومع النية الصادقة يشب العمل فلا يهرم ولا يموت، ومع العمل العميق يستمر الأثر وتبقى الحاجة إليه قائمة.

ومن آثارها الحميدة أنها تطلع الآخرين على مجتمعك وأناسك، وتزيد من المحتوى المحلي والعربي اللائق، ولربما ترجمت إلى لغات إسلامية أخرى حتى يصل صوتك لإخوانك من غير العرب. ويكفي أنك بالكتابة والتدوين تنسج مع غيرك بساطًا قشيبًا في الحياة، يزيد من البهاء، ويرفع الوعي والعلم والمعرفة، ويجلب السكينة والطمأنينة، ويخفف قسوة الحوادث، ويطرد التفاهة والقبح وهما يحيطان بالناس لدرجة الاختناق أحيانًا.

ثمّ إذا وصلت إلى هنا أيها العزيز الكريم، وأيتها النبيلة الفاضلة؛ فهنيئًا لي أن بلغت معي النهاية، وسوف أسعد أكثر بأن تضيف لها، وأن تستفيد من صوابها، وتصلح خللها، فأنت مرآة تقيم الأود، وتنبه على العوج؛ ذلك أن الغاية نفع أبناء البلد واللسان والدين، وعلى الله قصد السبيل، فعسى أن يكون مثل هذا العمل الإرشادي المختصر سببًا في بزوغ منصات كتابية ذات عدد، وأنواع، وتكامل، وديمومة، وبركات كثيرة على صاحبها، وعلى من يعبر منها ليقرأ، ويمتع روحه وعقله وجميع جوارحه التي تهتز نشوة بالمعرفة والعلم وما يتلوهما من إيجابية وخيرية.

 أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

ليلة الأربعاء غرة شهرِ ذي القعدة الحرام عام 1443

الأول من شهر يونيو عام 2022م

Please follow and like us:

6 Comments

  1. الكاتب الفاضل احمد قيل : ماقرا فر وماكتب قر . فكتابتك تكفي وتريح وتونس وتجيب عن اشياء نجهلها . فالمدونة ومقالاتها التي يكتبها الكاتب اصبحت مجانية ومتيسرة في كل زمان ومكان متعة للروح والعقل والجوارح التي تسعد القاري بزيادة المعرفة والعلم وما يتلوهما من ايجابية وخيرية . بارك الله لك فيما تكتبه من مقلات نافعة وهادفئة وجعلها في موازين حسناتك وحسنات والديك

  2. «فعسى أن يكون مثل هذا العمل الإرشادي المختصر سببًا في بزوغ منصات كتابية ذات عدد،…»

    قضيت وقتاً مساء أمس أفكر في ما يجب علي فعله،
    هل أنشئ مدوّنة أجهل أبجديات إنشائها تُلزمني الكتابة دورياً أم أنشئ قناة على التيلجرام؟ أجمع فيها ماتبعثر.
    فلمّا أصبحت بنعمة من الله ثم على هذا المنشور كأن الشمس أضاءت عتمتي أيضاً، فالحمدلله على ما وفقكم إليه وجزاكم خيراً، وليست هذه أولى موافقات إحسانكم؛
    فلا أنسى ليلة في العام الماضي بتّها في معالجة عمل كتابي مجهد لم أرض عنه، وقد أضمرتُ أمراً، فلما كان قبيل الظهر أضاء هاتفي برسالة فيها عرض لكتاب مطلعها (أنت كاتب فلا تتراجع) ولم يكن عنوان الكتاب المعروض بهذا النص، فكانت هذه الجملة أوقع محلّ في نفسي وأمضى شيء لعزمي.

    موقفان لحظهما توفيقُ الله الخالص، ذكرتهما -لما حضرت مناسبة ذكرهما- أداء للشكر، جزاكم الله عنا وعن الناس خيرا.

    1. وفقكم الله وأعانكم، وبانتظار مدونتكم، فلكم أسلوب جميل. كما يسرني أن المقالتين كان لهما أثر مناسب وتوقيت متوافق مع الحاجة.

  3. إن ما سوف أكتبه يبدو غريباً قليلاً، او مختلفاً ..وأجد هذه المقالة فرصة للكتابة عن تجربتي الشخصية معها،
    مدونتك حضنت الجميع على اختلافهم واختلاف ثقافاتهم واهتماماتهم و دليل ذلك تنوعها وتمتعها بالخفّة الروحية، لتؤكد لنا بهذ التنوع أن الجمال ليس أسيراً إلا للسفر عبر المقالات التي تجوب رحاب العالم الواسع و التي تضفي على وحشة النفس الأنس، و تخبرنا همساً أن البقاء للأرواح التي تستطيع المحافظة على الانبهار بلحظة توحد الكلمات مع بعضها!
    مرّت أيامٌ حالكة نفرت مني فيها الحروف، وخانني فيه الشعور وفقدت فيها لذة النشوة مع الكتابة، كلما هممت أن أكتب خَفت الشغف، وكلما اشتقت خالجني شعور الانطفاء! أهرب بنفسي حيث هذه المدونة، فأجد ما يلهبني، يثير حماستي، يدفعني نحو الاشتعال المفعم بالتدفق عبر صفحات الورق، ما إن اقرأ مقالة مرتبطة بالكتابة او غيرها من الحقول المزهرة الأخرى إلا وقد اتقدت فيني قناديل الأحلام و اضاءت مشاعل الأيام بعيني، انتشيت العبق بين العناوين، بل اصبحت أحفر فيها بعمق عن مواضيع لا ارتبط معها إلا بانتماءات قلب، أغلق المدونة وقد ملئت حد الاكتفاء، حد الارتماء بين سطوري، حد الكتابة بلا توقف، لم أقع عليها إلا وقوعًا متأخرًا لكن ألهمتني بلا توقف، كتبت العديد من المقالات بسببها، والفضل يعود لله ثم لصاحبها المُلهم، يبدو أنه ليس كاتب فحسب، كأنه بلمسة مخملية يعالج وعكة الأصابع عن الكتابة بطريقة سحرية تسيطر عليك، وتحاول أن تخلصك من عوالق الأيام والذاكرة السوداء واللحظات المتشنجة والعصبية بطريقة أخرى، المدونة وصاحبها قدموا لنا الكثير من الفضل يُذكر وعليه يُشكر ، بطريقة استثنائية لم يقبل إلا إن يكون الشروق له والغروب لأولئك البؤساء الذين اختاروا لحياتهم الظل!
    تعلمت الكثير منها، تعلمت ما لم تسعفني الأيام تعلمه، قرأت فيها مقالات كانت درسا في العلاقات، و أيقنت من خلالها أن الانسان لا يجب أن يهدر قيمة نفسه، ولا أن يكون غرضا تكمل به النواقص، إنها الغاية الأولى وتمام النشوة أن تكون مُنجزا، صاحب هدف، وصاحب كتابات ترسم الابتسامة على شفاه المتعثرين، الخائفين من أن يمضوا قِدماً في الحياة، هناك نبرة تشجيع بين سطورها تدفعك لأن تكون مبدعًا متميزاً، لإنه لا أحد يعرف ألوانك الزاهية سواك!
    ما يثير الغرابة، أنه حتى وإن أصبت بنوبة من الحزن بسبب أحدهم، او الغضب أجد نفسي أنكب عليها بنهم فما هي الا سويعات حتى أجد أن عطرا من المؤانسة ينسكب بين جنبات قلبي، لإن صاحبها اختارها بعناية، واختار الكتب بدقة متناهية ولخص ابرز ما يلامس الانسانية بشكل فاتن للغاية، كل مقالة خلفها حكاية من جهد، من تعب، او سهر يقضّ المضاجع، فخرجت لنا زاخرة بالإبداع، التنوع والألق، شكرا لن تكفيك، و اعترف بأني بها اكتفيت كفاية من تلذذ بعناوينها وسطورها وعباراتها وكل تفاصيلها عما سواها من مدونات، لإني استشعرها تقول لنا أنه “في مسار الحياة يكمن الجمال فيما هو ابعد من مدى وجودك المحدود، افتح قلبك وانظر من نوافذ الكون الى بهاء الوجود الواسع حيث لا زمان ولامكان تحتفظ به .. فكر فقط فيما يتركه عمق الاثر في خزائن الروح، واكتب حيث لا نهاية للكتابة طالما أن في قلبك نبضة واحده، إن الكاتب مفتون في الحديث عن معاني لا يدركها الأشخاص العاديين…لتستمر بجمع شتاتك فقط اكتب!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)