يحفظ لنا تاريخ مجلس الوزراء الموقر منذ نشأته حتى الآن، أسماء ثمانية وأربعين وزير دولة من أعضائه، والرقم قابل للزيادة، علمًا أن أكبر اجتماع عددي لوزراء الدولة حدث في عهد الملك سلمان -حفظه الله-. من هؤلاء الوزراء من أمضى خدمته المجلسية كلها وزيرًا للدولة، ومنهم من انتقل من وزير دولة إلى وزير مسؤول عن حقيبة أو العكس. وفيهم من عين وزير دولة مع تحديد مهمة له واستمر عليها، أو تحول عنها لمهمة أخرى سواء بإسناد حقيبة له، أو ببقاء عضويته وزير دولة دون ربطها بعمل خاص.
إن منصب وزير الدولة مهم للغاية، إذ يطلع الوزير على عمل الحكومة كله، ويشارك في لجان عديدة دائمة أو مؤقتة، ويفصل في تداخلات وزارية وإشكالات عملية، وفي أسماء وزراء الدولة برهان على أهمية هذا المنصب، وكثرة رجال الدولة الكبار فيه، ومن البرهنة على أهميته أن أول عضوية لسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- كانت بمسمى وزير دولة، وهو أول رئيس للمجلس في سجله الوظيفي هذا المنصب المهم، المكسِب للخبرة والإحاطة.
من هؤلاء الوزراء عدد من أبناء الأسرة الملكية، أقدمهم -فيما أعلم- الأميران مشعل بن عبدالعزيز عقب مغادرته لوزارة الدفاع، ومساعد بن عبدالرحمن في أول عضوية له، علمًا أنهما حملا مع المنصب وصف “مستشار الملك”، وزاد مساعد أنه مع العضوية وكونه مستشارًا، فهو رئيس لديوان المظالم، ولديوان مراقبة حسابات الدولة. وقد عاد منصب المستشار للظهور في التكوينات الثلاثة للمجلس في عهد الملك سلمان -حفظه الله- حين سمى الأمير د.منصور بن متعب وزير دولة ومستشارًا لخادم الحرمين الشريفين.
ومنهم الأمير نايف الذي ابتدأ دخوله إلى المجلس بمنصب وزير دولة للشؤون الداخلية، وهو المسمى الذي اختفى بعده، وزامنه في العضوية الأمير سعود الفيصل بمسمى وزير دولة للشؤون الخارجية، وفي آخر شهور عضويته قبيل وفاته عين وزير دولة، وعضوًا بمجلس الوزراء، ومبعوثًا ومستشارًا خاصًّا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومشرفًا على الشؤون الخارجية. كما أصبح الأمير عبدالعزيز بن فهد وزير دولة وبعدها ضم إليها رئاسة ديوان مجلس الوزراء، ومثله الأمير متعب بن عبدالله الذي دخل للمجلس وزير دولة ورئيسًا للحرس الوطني، وأخيرًا الأمير محمد بن سلمان الذي اختير وزير دولة ورئيسًا لديوان ولي العهد.
أما من غير أبناء الأسرة الملكية، وبعد الشيخ محمد سرور الصبان الذي يُعدُّ أول وزير دولة وعضو في المجلس على الإطلاق -حسب إطلاعي-، ومن مهامه التي لم تتكرر لوزير دولة آخر أنه مستشار في الديوان الملكي، عُين الشيخ ناصر المنقور في عهد الملك سعود وزيرًا لشؤون مجلس الوزراء وهو منصب لم يتكرر، ولم يتكرر كذلك منصب وزير دولة للشؤون المالية والاقتصاد الوطني الذي أسند للشيخ محمد أبا الخيل في أواخر سنوات حكم الملك فيصل، ولم يتكرر منصب وزير الدولة ورئيس الهيئة المركزية للتخطيط المسند للأستاذ هشام ناظر، ومن الطريف أن نبأ التعيين بلغه وهو على متن رحلة دولية؛ فصفق له الركاب حينما أعلن الملاحون الخبر. ويضاف لهذه القائمة التي لم تتكرر منصب وزير الدولة ورئيس الديوان الملكي الذي تولاه الأستاذ خالد العيسى في أوائل عهد الملك سلمان، ثم صار وزير دولة فقط.
كذلك من جملة هذه المناصب المهمة، منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية الذي حمله ثلاثة وزراء تباعًا هم الأمير سعود الفيصل، والسيد عمر السقاف، والأستاذ عادل الجبير الذي أضيفت له مهمة دائمة فريدة بجعله مبعوثًا دائمًا لشؤون المناخ. من هذه المناصب المهمة منصب وزير دولة لشؤون مجلس الشورى، وقد تعاقب عليه ثلاثة وزراء، الأول والثاني من أعضاء الشورى وهما د.سعود المتحمي، والأستاذ محمد أبو ساق، والحالي هو د.عصام بن سعيد، وفي تخصيص هذه المهمة له إشارة تنظيمية لافتة؛ لاختصاص المجلسين بأعمال “التشريع”، ورئاسة د.عصام للجان “تشريعية” مهمة بإشراف من ولي العهد، هذا غير أنه رئيس سابق لهيئة الخبراء، الذراع التنظيمي المتخصص للمجلس.
ومن وزراء الدولة الشيخ محمد بن جبير الذي جمع معها رئاسة ديوان المظالم، وهو أول رئيس لمجلس الشورى الجديد، ومنهم الأستاذان عبدالوهاب عبدالواسع وعضويته قديمة، ومحمد بن زرعة، وهما وزيرا دولة ورئيسان لهيئة الرقابة والتحقيق. ومنهم د.فايز بدر و د.عبدالعزيز المانع رئيسا مؤسسة الموانئ مع منصب وزير الدولة؛ علمًا أن د.فايز حين عرض عليه الملك فهد منصب رئاسة مؤسسة الموانئ وافق إذا كانت مرجعيته لرئيس المجلس مباشرة، وهو ما كان.
أيضًا من وزراء الدولة ذوي المهمات المحددة الأستاذ عمر فقيه وزير الدولة ورئيس ديوان المراقبة العامة ولم يشاركه أحد في هذا المسمى سوى الأمير مساعد مع تغيير الاسم، والأستاذان عبدالعزيز القريشي، وتركي السديري، رئيسا ديوان الموظفين ثم الديوان العام للخدمة المدنية على الترتيب، والقريشي بقي وزير دولة حتى بعد تركه رئاسة ديوان الخدمة وقبل تعيينه أول محافظ سعودي لمؤسسة النقد “البنك المركزي”. ومن وزراء الدولة ذوي المسؤوليات المرتبطة بجهاز حكومي الشيخ صالح الحصين وزير الدولة ورئيس هيئة التأديب، وهي هيئة خاصة بالنظر في مخالفات الموظفين، وكان الشيخ يحب أن يصفها بهيئة الرحمة، وأظن أنه وزير الدولة الوحيد الذي حمل مسؤوليتها. ولم أذكر في هذا المقال الشيخ عبدالله بن عدوان وزير الدولة للشؤون المالية والاقتصادية؛ لأن عضويته المجلسية لم تثبت لي مع كثرة بحثي وسؤالي، ومع محبتي له ولأهل حريملاء.
مجموع عدد هؤلاء الكرام سبعة وعشرون وزير دولة أحيلت لهم مهام ومسؤوليات دائمة، علمًا أني لم أحسب وزراء الدولة الذين يترأسون مجالس ومراكز وهيئات عليا لكنها لا تقترن مع مسمياتهم الوظيفية إلّا حين تكون مخاطبتهم لأجلها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الوزير ورجل الدولة د.مساعد العيبان، والوزير الهمام المهندس إبراهيم السلطان. رحم الله من رحل من وزراء الدولة وغيرهم ممن خدم بلادنا ومجتمعنا، وتقبل منهم أحسن الذي عملوا، وحفظ الباقين، ووفقهم للمزيد من الإحسان والإنجاز.
الرياض- الثلاثاء 04 من شهرِ رمضان عام 1446
04 من شهر مارس عام 2025م
One Comment
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبًا عبدالمحسن مدونة وزراء دولة
حملت الينا معلومات وارقام
كعادتك في المدونة الشمولية
ودعمها بالقرائن وربطها بالاحداث
وبالفعل اكبر اجتماع عددي لوزراء
الدولة هو في عهد الملك سلمان
حفظه الله 11 وزير دولة
الاكيد ان مدونة وزراء دولة مع مهمات جليلة مميزة لما فيها من الشمولية والسرد التاريخي المتسلل للشخصيات وتواريخها