مواسم ومجتمع

مساجدنا وإكرام ذي الشيبة

Print Friendly, PDF & Email

مساجدنا وإكرام ذي الشيبة

أحمد الله وأشكره حين أعلم عن كثرة الناس في المساجد وإطالتهم المكث فيها مع التبكير إليها، إضافة إلى الحرص على التلاوة والدعاء، واغتنام ساعة الجمعة وجلسة الإشراق وغيرها من فرص لا تكاد أن توجد في غير بيوت الله وأحب البقاع إليه. وما أجمل منظر المسجد في الأحياء وبين الدور، وأبهى مناراته وهي تعلو شامخة فوق البنيان. ولعلّ الأجهزة الحكومية أن تسارع لوضع إشارات تدل على أماكن المساجد والجوامع، وأن تتكاتف الجهود الرسمية والفردية لإدراج مواقع المساجد على الخرائط الإليكترونية؛ كي يسهل الوصول إليها.

ومما لا تنكره العين في المساجد تسارع الناس إلى إكرام ذي الشيبة المسلم؛ وهذا الإكرام من إجلال الله سبحانه وتعالى كما صح في الحديث المروي عن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام. وقد سرني حينما رأيت في مسجدنا رجلين كريمين من الجيران يتسابقان لخدمة جار مسنٍّ مع أن الرجلين قد بلغا الستين أو اقتربا منها، وهذه المظاهر في مسجدنا كثيرة متكررة من أئمته ومؤذنيه المتعاقبين، ومن الخيرة الكرام أهل الصلاة والذكر والقرآن فيه من المصلين.

لأجل ذلك، وحتى نتعاون على البر والتقوى، سوف أسرد مجموعة من الأفكار التي تعين على إكرام ذي الشيبة في مساجدنا، ولا تشعرهم بثقل خدمتهم، أو هامشية وجودهم، أو استطالة زمن بقائهم. ولن يكون لترتيب السرد علاقة بالأولوية، وإنما هي أفكار منفذة وقابلة للاحتذاء والزيادة عليها؛ فكبارنا الذين شابت شعورهم في الإسلام يستحقون هذا وأزيد، وتشمل هذه التطبيقات ما يلي:

  1. فتح باب المسجد لهم حين دخولهم وخروجهم.
  2. الصبر على مشيتهم البطيئة المثقلة من أثر السنين.
  3. مراعاة أوضاعهم الصحية الطارئة أو المزمنة مثل ضعف السمع أو البصر.
  4. تحمل حساسيتهم الشديدة للبرد والحر والهواء وغيرها من أحوال الجو.
  5. تهيئة المسجد لهم بالكراسي الثابتة أو المنقولة بأنواعها.
  6. إمداد المسجد بمصاحف من الحجم الذي يناسب نظرهم.
  7. المحافظة على مواقع مصاحفهم وحواملها قدر الإمكان.
  8. إحضار المصاحف لهم وتقريب حواملها لهم ثم إبعادها عنهم بعد الإقامة.
  9. العناية بأشيائهم الخاصة مثل العصا والنظارة وغيرها.
  10. البدء بهم قدر الإمكان حال إمرار البخور على المصلين.
  11. تهنئتهم بالمواسم المباركة والأعياد قبل غيرهم.
  12. منحهم الفرصة للتأذين؛ فكم برفع النداء يسعدون ويأنسون.
  13. وضع مزالق ثابتة لعرباتهم المتحركة عند أبواب المسجد، وتهيئة ممرات آمنة لهم داخل المسجد.
  14. إضافة قضبان ألمنيوم في أطراف المسجد للاتكاء المطمئن عليها من قبلهم حال الدخول والخروج.
  15. مساعدتهم في لبس النعال -أجلكم الله- فهي عملية تتعب الكبار أحيانًا، ومن المهم إبعاد الأحذية عن الأبواب ووضعها في أماكنها المخصصة لها أو على جانبي المدخل حتى لا تعثر مسارهم.
  16. إشعارهم بأهميتهم من خلال أخذ آرائهم ومشاورتهم في أي تغيير أو مسألة حادثة.
  17. توقيرهم بالمناداة مستخدمين أحب الأسماء والكنى والصفات التبجيلية.
  18. البسمة لهم، والحديث معهم بطريقة تضمن سماعهم دون عناء.
  19. المسير معهم بين المسجد وبيوتهم ذهابًا وإيابًا أو حملهم بالسيارة من باب المؤانسة والمساعدة والحماية من حيوان أو سارق أو صاحب أذى.
  20. تقديم الخدمات لهم قدر المستطاع، وأشهد بأني سمعت مؤذن مسجدنا يعرض على أحد الكبار أن يسافر به لبلدته التي تبعد عن الرياض مسافة غير قصيرة، وعلمت عن جار ثانٍ يخدم عدة جيران كبار في السن ويقضي حوائجهم المنزلية بنفسه عن طيب خاطر.
  21. التواصل معهم للاطمئنان عليهم إذا غابوا أو في بعض الأحوال كما فعل بعض الجيران زمن الحجر إبان جائحة كورونا.
  22. التلطف في الإجابة عن سؤالاتهم الفقهية والتفاعل مع نقاشاتهم كما يفعل إمام مسجدنا الفقيه.
  23. إخبار أهل روضة المسجد منهم إذا عزم الإمام أو المؤذن على الغياب الطويل بسفر أو نحوه لتطمينهم وتطييب خواطرهم.
  24. تقديم أصحاب الروضة منهم لأي زائر يلقي كلمة أو درسًا تقديرًا لهم ورفعة لمقامهم.
  25. الصلاة على من يرتحل منهم إلى الدار الآخرة، وهكذا يفعل جم غفير من جماعة مسجدنا إذا أصابتنا مصيبة الموت في أحد الجيران الكبار في السن على وجه الخصوص، بل يسافر إمامنا والمؤذن للصلاة عليهم في بلدانهم إذا استطاعوا.
  26. إجابة دعوتهم، وحضور مجالسهم، ولو أن تكون المشاركة قصيرة جبرًا لخواطرهم وتطييبًا لنفوسهم.
  27. التوازن في المزاح معهم بما يسرهم ولا يغضبهم او يستثير حفيظتهم.
  28. السؤال عمن يرتبط بهم من زوج أو ولد أو قريب أو خادم أو سائق، فهذا من خير المداخل لقلوبهم.
  29. المبادرة لإهدائهم ما يحبونه من عطر أو سواك أو كتاب أو غيره.
  30. إشراكهم في الدعاء والصدقة والذكر الحسن إذا انتقلوا إلى جوار ربهم، وحسن العهد مع آلهم.

ومن نافلة القول أن الشخص الواحد لا يستطيع فعل هذه الأشياء كلها، وفي جميع الأوقات والأحوال؛ بيد أنه من المهم استحضارها، والمسابقة لإدخال السرور والبهجة على نفوس أولئك الأخيار الذين أمضوا في الصلاة والصيام والتعبد وخدمة الناس ستين عامًا أو أكثر؛ فمن سمة المجتمع المسلم الرحمة والوفاء والإحسان، هذا غير أن إشاعة هذه الثقافة والعبادة ونشرها عمليًا ستجعل الفائدة منها عامة إذا قفل المسن إلى داره جذلًا بما يحدث له، وفرح أهله وذريته بما يلقاه كبيرهم من إجلال، وكذلك حينما تقتفى هذه الفضائل في المجالس والمجامع العامة والأجهزة الحكومية والخاصة، وسيرى القارئ الشاب مغانمها عندما يصبح شيخًا كبيرًا في يوم قادم لمن طال عمره ولا محالة.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

ليلة الأحد 19 من شهرِ رجب الحرام عام 1443

20 من شهر فبراير عام 2022م

Please follow and like us:

2 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)