تطور النقود السعودية
يحكي هذا الكتاب قصة النقد في المملكة، وهل شيء أجمل من المال وألذ، وهو الذي أجمعت النصوص والعقول على أنه من المحبوبات والشهوات؟! عنوان الكتاب المتغزل بموضوعه: تطور النقود في المملكة العربية السعودية، من إصدارات مؤسسة النقد العربي السعودي -البنك المركزي حاليًا-، ويتكون محتواه من تقديم، وخمسة فصول، يعقبها الخاتمة، ثم المراجع المكونة من وثائق ومراجع عربية وأجنبية بلغ عددها أربعة وخمسون مرجعًا ربعها أجنبية، علمًا أن مركز البحوث والتواصل المعرفي ترجم هذا الكتاب إلى اللغة الصينية.
يقع هذا الكتاب في (120) صفحة ملونة، وهو من جهود البنك المركزي، هذه المؤسسة الحكومية العريقة والمتقدمة في ترتيب النشأة عربيًا وعالميًا، وفيه توثيق بالصور والتواريخ لمسيرة النقد في المملكة سواء أكان من الذهب والفضة أم على صورة الأوراق الحالية. إن الاستقلال النقدي هدف سام لا مناص منه، لذلك سعت له الدول كافة، ولتحقيقه سكت النقود والعملات منذ القدم، وللقديم منها كتب ودراسات، وسوق رائجة، ومزادات متوالية، حتى لو انقطع التعامل بأثمانها الأصلية.
ابتدأ كتابنا بتقديم كتبه محافظ المؤسسة آنذاك، الأستاذ أحمد بن عبدالكريم الخليفي. ذكر المحافظ في تقديمه أن النقود من أبرز اختراعات الفكر البشري، ولها أهمية في تسهيل أنشطة التجارة والاقتصاد. هذه الأهمية من أجلّ أعمال البنك المركزي الذي يصدر النقود السعودية، ويدعم قيمتها استنادًا للمادة الأولى من النظام الصادر عام (1377=1957م). بناء على هذا النظام طرحت المؤسسة إصدارها الأول في غرة شهر المحرم عام (1381) = 14 شهر يونيو عام (1961م)، والعمل مستمر من ذلك الوقت حتى يومنا بحمد الله وفضله.
يتحدث الفصل الأول عن تطور النظام النقدي في المملكة العربية السعودية، بينما يبحث الفصل الثاني موضوع النقود المتداولة في المملكة قبيل التأسيس، ويدرس ثالث الفصول النقود السعودية في مراحل تأسيس الدولة، وهما فصلان لهما قابلية الضم في فصل واحد. أما الفصل الرابع والأطول بين فصول الكتاب فيختص بالإصدرات النقدية السعودية من عهد الملك سعود -رحمه الله- حتى عهد الملك سلمان -حفظه الله-، ويستعرض آخر الفصول الميداليات والنقود التذكارية والإصدارات الخاصة بمناسبة المئوية.
يتبين لنا بعد استعراض الكتاب أن المؤسسة الرسمية السعودية للنقد، والعملات السعودية الصادرة على هيئة عملات معدنية أو أوراق نقدية، لها عمر طويل يتجاوز حتى أعمار بعض الدول. كما يتضح من خلال الصور التي على العملة الاعتزاز الكبير بالمرجعية الشرعية، واللغة العربية، وتاريخ البلاد، ومعالمها، وعراقتها، وما فيها من خيرات ومصادر دخل، إضافة إلى الاستقرار الكبير الذي نعمت به العملة السعودية، والطلب المستمر عليها بسبب الحج والعمرة والتعاملات التجارية وغيرها.
مما لاحظته في تاريح نقدنا المحلي أن الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- استفاد من الوضع القائم مع بدايات استعادة الدولة وتوحيدها، ثم طوره صوب الاستقلال بعملة وطنية خاصة معترف بها، وكان تأسيس مؤسسة النقد ذروة العمل التنظيمي لهذا المجال الذي اعتمد على قدرات غير سعودية أول الأمر إلى أن أصبح أبناء البلد على أهبة الاستعداد العلمي والعملي لتحمل الأمانة، وهم لها أهل، وبها أحق. إن النقد من أخطر مرتكزات الأمن القومي، ومن أسباب ضبط الحاضر وتأمين المستقبل بعون الله وتسديده.
كما يلفت الانتباه أن أول إصدار نقدي ظهر في عهد الملك سعود في غرة المحرم عام (1381) بخمس فئات، وسحب في غرة شهر جمادى الأولى عام (1391) = 24 من شهر يونيو عام (1971م). من الصور على وجه هذا الإصدار وظهره: مبنى مجلس الوزراء، وبوابة الناصرية، ومبنى المعهد الملكي الفني، ومآذن الحرم النبوي، ومنصة لاستخراج النفط، وميناء جدة، وقصر المصمك، وجبل النور، وشعار المملكة. ألوان فئات هذا الإصدار من الأكبر للأصغر هي: الأحمر، العنابي، الأخضر، الأزرق، البني. وسكت نقود معدنية بفئات أعلاها ريال وأقلها قرش واحد، ومنها فئة أربعة قروش لها ذكريات عند أجيال هي اليوم أشياخ المجتمع وكهوله. يبدو في هذا الإصدار توقيع وزير المالية الأمير طلال، والمحافظ أنور علي.
ثم طبع الإصدار الثاني في عهد الملك فيصل بتاريخ 15 من شهر ذي القعدة عام (1387) = 13 من شهر مارس عام (1968م) من فئات خمس، عليها من الأمام والخلف صور مبنى مجلس الوزراء، ومصافي البترول، والحرمين الشريفين، ومزارع الخرج، وجدار المسعى من الخارج، ومطار الظهران، وميناء الدمام، ومبنى وزارة الخارجية، وشعار المملكة، وسكت عملة معدنية أكبرها نصف ريال. ألوان هذا الإصدار تنازليًا هي: الأحمر، البني، الأزرق، الأخضر، العنابي. ظهر على هذا الإصدار توقيع وزير المالية الأمير مساعد بن عبدالرحمن، ومحافظ المؤسسة الاقتصادي أنور علي.
وفي اليوم السادس عشر من شهر شوال عام (1396) الموافق للتاسع من شهر سبتمبر عام (1976م) بدأ تداول الإصدار الثالث في عهد الملك خالد، وفيه صور الملوك لأول مرة، وهو مثل سابقيه من خمس فئات، عليها من الجهتين صور الملك عبدالعزيز، والملك فيصل، والحرمين الشريفين، وجدار المسعى، وشعار المملكة، ومنصات بحرية لاستخراج النفط، ومصفاة نفط في رأس تنورة، وقناة ري بالهفوف، وسد وادي جازان، وجبل النور، ومطار الظهران. ألوان هذا الإصدار من الأكبر هي: الأزرق، الأخضر الغامق، البني، الأخضر، البني، وعليها توقيع وزير المالية الشيخ محمد أبا الخيل، والمحافظ الشيخ عبدالعزيز القريشي -أول محافظ سعودي للمؤسسة-، وهما من أقدم وزراء المملكة الأحياء الآن-رحم الله جميع الراحلين المذكورين وغفر لهم وأمتع بالباقين وحفظهم-.
عقب ذلك طرح في عهد الملك فهد الإصدار الرابع في غرة شهر ربيع الآخر عام (1404) = 04 من شهر يناير عام (1984م). انفرد هذا الإصدار بإضافة فئة خمسمئة ريال، وبالتالي جاء في ست فئات، وعليه صور الملك عبدالعزيز، والملك فهد، والكعبة المشرفة، والحرم المكي، والقبة الخضراء بالمسجد النبوي، ومسجد قبة الصخرة، والمسجد الأقصى، وشعار المملكة، وقصر المربع، ومزرعة نخيل، ومراكب شراعية، ومنشآت نفطية، ودينار أموي، وصورة برية سعودية في فصل الربيع. ألوان إصدارنا الرابع بالتدريج من علو هي: الأزرق الداكن، البني الفاتح، الأخضر، الرمادي، الزهري، البني الغامق، وعليها توقيع وزيري المالية أبا الخيل و د.إبراهيم العساف، والمحافظ الأستاذ حمد السياري. وفي عهد الملك فهد صدرت فئة مئتي ريال وفئة عشرين ريال، بمناسبة مئوية التأسيس عام (1419=1999م)، وعليهما صورة الملك عبدالعزيز، وقصر المصمك، وجبل النور، وهما فئتان خاصتان بتلك المناسبة الوطنية.
أما الإصدار الخامس الصادر في عهد الملك عبدالله بتاريخ 04 من شهر جمادى الأولى عام 1428= 21 من شهر مايو عام (2007م) فجاء بست فئات، والصور التي عليه هي صورة الملك عبدالعزيز، والملك عبدالله، والصور التي كانت في الإصدار السابق إضافة لمبنى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وميناء الجبيل، ومبنى مؤسسة النقد. ألوان هذا الإصدار هي على التوالي: الأزرق، الأحمر، الأخضر الداكن، البني، البنفسجي- وهو لون جديد على عملتنا-، الأخضر الفاتح، ووقع على هذا الإصدار وزير المالية العساف، والمحافظ د.فهد المبارك.
نصل أخيرًا إلى الإصدار السادس الحالي الذي طرح في عهد الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- بتاريخ 27 من شهر ربيع الأول عام (1438) = 26 من شهر ديسمبر عام (2016م) بفئات خمس ليس منها فئة الريال الورقي، وعليها صورة الملك عبدالعزيز، والملك سلمان، والصور السابقة مضافًا إليها صورة مركز الملك عبدالله المالي، وصورة لمنظر أزهار برية سعودية. ألوان هذا الإصدار هي حسب الترتيب من أعلى: الأزرق، الأحمر، الأخضر، البني، البنفسجي، وقد سكت عملة معدنية منها فئة ريالين لأول مرة، وفئة ريال فما دونها، ووقع على العملة الورقية الوزير العساف، والمحافظ أحمد الخليفي.
ثم صدرت في عهد الملك سلمان كذلك فئة عشرين ريال بمناسبة رئاسة المملكة لقمة العشرين، وعليها صورة الملك سلمان، وشعار قمة العشرين، وخريطة العالم، ولونها بني، ووقعها وزير المالية أ.محمد الجدعان، والمحافظ الخليفي. كما صدرت فئة مئتي ريال بمناسبة مرور خمسة أعوام على رؤية المملكة (2030)، وعليها صورة الملك عبدالعزيز، وشعار الرؤية، وتوقيع وزير المالية الجدعان، والمحافظ المبارك، وعليها اسم البنك المركزي بعد تعديل مسمى مؤسسة النقد، وهاتان الورقتان لم تذكرا في هذا الكتاب لأنه طبع قبل صدورهما بسنوات.
أسأل المولى الرزاق ذا القوة المتين أن يبارك في نقدنا ومالنا وجميع أبواب اقتصادنا، وأن يجعلها في قوة، وزيادة، ومنعة ومأمن من أي سوء أيًا كان مصدره أو دافعه. والله ربنا هو المرجو لي ولك يا من تقرأ بأن يخلق لنا أسباب العطاء والنماء والمباركة، فهو سبحانه المنفق المعطي المحسن الوهاب، ومن أحسن من ربنا رزقًا فهو خير الرازقين، ومن يعطي عطاء غير ممنوع، ولا مقطوع، فاللهم يا جواد يا واسع يا وهاب يا ذا الفضل الكبير امنن علينا جميعًا بخيراتك ونعمك وآلائك وإحسانك؛ فالأمر بيدك وإليك ومنك، تقول للشيء إذا أردته كن فيكون.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الثلاثاء 30 من شهر صفر عام 1446
03 من شهر سبتمبر عام 2024م
