شريعة وقانون عرض كتاب قراءة وكتابة

الأصول الفنية لتعديل القوانين

الأصول الفنية لتعديل القوانين

قرأت بحثًا عنوانه: الأصول الفنية لإدخال التعديلات على مضمون القانون، كتبه د.محمود محمد علي صبره، استشاري الصياغة التشريعية للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، ومحاضر مادة “الصياغة القانونية” بكلية الحقوق في جامعة القاهرة سابقًا، ومؤلف سلسلة كتب في الصياغة القانونية، وصياغة العقود وترجمتها. وقد سبق لي – والحمدلله- استعراض كتاب مهم للمؤلف عن الصياغة التشريعية.

في هذا البحث أصول علمية، وتطبيقات عملية على عدة قوانين عربية، وتعليقات نافعة من الكاتب صاحب الاهتمام والعناية بعدة موضوعات قانونية في الصياغة والعقود والتحكيم. وبعد قراءة بحث الاستشاري د.محمود صبره خرجت بالفوائد التالية بعد اختصارها، ومن شاء المزيد فيمكنه الرجوع للأصل، وهو منشور في المنصات الإليكترونية للاستشاري الكاتب، ومدرج ضمن أحد كتبه عن الصياغة، وهذه الفوائد هي:

  1. مهما كان إعداد مشروع القانون دقيقًا، فإنه مُعرّض لإدخال تعديلات عليه بالإضافة أو الحذف أو التعديل خلال مناقشته في المراحل التي يمر بها.
  2. لا يوجد أيّ قانون لا يتعرض للتعديل في الغالب! ويترتب على ذلك حدوث مشكلات كثيرة في فهم القانون وتطبيقه.
  3. قد يكون إدخال تعديلات متسرعة على نصوص مشروع القانون تحت وطأة المداولات مصدرًا لعيوب في التعبير من الصعب تفاديها.
  4. ما أكثر التدخلات التي تتم خلال عملية صنع القوانين! وما أكثر القوانين التي كانت محكمة التصميم والبناء، ثمّ انهارت بسبب كثرة التدخلات غير المدروسة!
  5. هناك حاجة مُلحة لإصلاح عملية تعديل القوانين وتحسينها.
  6. تنشأ الحاجة إلى إدخال تعديلات على القانون لأسباب عدة؛ من أهمها:
  • الخلل في الدراسة الكافية لكل جوانبه عند إعداده ومناقشته.
  • ظهور متغيرات بعد دخول القانون حيز التنفيذ لم تكن متوقعة وقت إعداده أو ربما لم توضع في الحسبان.
  • حدوث نتائج سيئة لتطبيقه.
  • تعديل القانون نتيجة لسوء تنظيمه أو سوء صياغته.
  1. يُمكن تقسيم التعديلات التي تدخل على القانون إلى أربعة أنواع: شكلية، وموضوعية، وأسلوبية، ولغوية.
  2. يتسم الوضع الحالي للقوانين بحالة من الفوضى والتشتت، إذ توجد قوانين متعددة تتناول الموضوع نفسه فضلًا عن ضخامة حجم القوانين النافذة مما يجعل من الصعب فهمها والتعامل معها. ويزيد من صعوبة هذه المشكلة ندرة نشر القوانين التشريعية ذات الصلة في كتاب واحد.
  3. إن الوثائق التشريعية الأخرى مثل اللوائح تضيف أعدادًا هائلة من التشريعات يصعب حصرها، ولا تخضع هذه الوثائق التشريعية للفحص البرلماني، وتصاغ في إدارات مختلفة دون وجود معايير تحكمها، أو قواعد تنظمها، أو تنسيق فيما بينها.
  4. تصدر اللائحة التنفيذية للقانون، عادة، في وقت لاحق لعرض مشروع القانون على الهيئة التشريعية؛ مما يؤدي إلى:
  • فهم القانون فهمًا غير كامل.
  • ترك أمور تمس القانون نفسه للفصل فيها في اللائحة التنفيذية بينما هذا الأمر هو من صميم عمل الهيئة التشريعية.
  • تحديد خطوات تفصيلية في اللائحة تؤدي إلى تفريغ القانون من مضمونه أو الخروج عن الحكمة من تشريعه.
  • بمجرد سن القانون، يغدو عرضة لإجراء تعديلات كثيرة عليه. وفي هذه الحال، يصبح القانون القديم مضللًا بدون القانون الأحدث. ويكون من الصعب فهم القانون الأحدث بدون الرجوع إلى القانون الأقدم.
  1. تتضمن بعض القوانين تحديد تواريخ سريان مختلفة لأجزاء مختلفة من القانون، وأحيانًا، يمتد الفرق بين تواريخ السريان إلى مدد متباعدة، ومالم يضبط هذا الأمر فسوف يقع منفذ القانون في ارتباك.
  2. يقول البروفيسور “أليك صمويلز” موجهًا نصائحه إلى البرلمان:
  • لا تجز قانونًا جديدًا إلّا إذا كان من الممكن إنفاذه من فوره.
  • لا تضع قانونين تشريعيين في قانون واحد.
  • اجعل كل القانون نافذًا في وقت واحد.
  • تأكد من مناسبة تاريخ إنفاذ القانون.
  • اعط إخطارًا مسبقًا قبل تاريخ السريان بوقت كاف.
  • صغ التشريع بحيث يخلو من التعقيد ويكون واضحًا في بيان التواريخ المختلفة للسريان، وهذا في حال الاضطرار لتحديد تواريخ سريان مختلفة، ومن مقترحاته في حال تعدد تواريخ السريان: التنظيم في ترتيب التواريخ، أو وضعها في جدول ملحق.
  1. يعاني مستخدم القانون من صعوبات كثيرة في فهمه نتيجة لسوء صياغته. ومادام مستخدم القانون لا يستطيع أن يفهمه، فمن المؤكد أنه سيكون عرضة للتعديل فيما بعد، ولن ينفذ إلّا بمحض الصدفة.
  2. من الصعوبات التي تنشأ نتيجة لسوء الصياغة -وهي من مظاهر هذا السوء ودلائله-:
  • افتقاد اللغة التي يُكتب بها التشريع إلى خصائص اللغة السليمة، وقد أجري بحث ميداني مؤخرًا في الولايات المتحدة على مجموعة أشخاص مشهود لهم بالكتابة القانونية الجيدة، ووصفوا فيه النصوص التشريعية بأنها: “مترهلة ومطولة وغامضة ومطموسة ولا تلتزم بالقواعد النحوية وكئيبة ومملة ومسهبة وغير منظمة وغير متحضرة وملتوية وكثيرة الاستطراد وقديمة جدًا ومفخمة وغير واضحة”.
  • طول الجملة التشريعية وتعقد بنائها، فتصير الجملة محشوة بتفاصيل وعبارات مقيدة للمعنى، تجعل من الصعب على الشخص المتمرس فهم معناها بسهولة، ناهيك عن الشخص العادي. ومما يزيد الأمر سوءًا، أن تصاغ المادة في فقرة طويلة متصلة دون تجزئتها إلى مقاطع تيسر فهمها.
  • صياغة التشريع بلغة تفتقد صفات السهولة والوضوح والمباشرة، وتقول الأستاذة “مارجوت كوستانزو”:” إن القضية قد حسمت بالفعل، من حيث النية، لصالح الرأي المنادى باستخدام لغة قانونية واضحة، ولكن لا يزال هناك طريق طويل ينبغي السير فيه لتحويل هذه النية إلى فعل”.
  • سوء تنظيم المواد والفقرات.
  • استخدام مصطلحات فنية يصعب فهمها دون تعريفها وتقريب معانيها.
  • اختلاف صيغ التعبير عن الفكرة الواحدة.
  • الإحالات المرهقة: يستخدم الصائغ إحالات مرهقة لمستخدم القانون. وكثرة الإحالات يكون ضررها أكبر من نفعها، وقد تكون هذه الإحالات داخلية إلى نصوص في القانون نفسه، أو خارجية إلى تشريعات أخرى.
  1. يجب على الصائغ، بدلًا من استخدام الإحالات، أن يبحث عن النصوص التي ربما تتعارض مع النص الوارد في القانون الجديد، ثمّ يزيل التعارض أو يوضح الحكم الذي يسود حال التعارض.
  2. من إشكالات الإحالات:
  • تلقي بظلال كثيفة من الشك حول النص التشريعي، فهي تعني ضمنًا وجود أحكام أخري تتعارض معه في قوانين أخرى، على حين أن المفروض أن ينبني النص القانوني على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين.
  • من المعروف أن التشريع اللاحق يلغي التشريع السابق في حال التعارض حتى ولو لم ينص على ذلك صراحة، لكن عبارات الإحالة تفيد تغليب النص السابق -وهو نص مجهول- على النص الحالي.
  • تتطلب الإحالة من مستخدم القانون أو المحامي أو القاضي أن يبحث في مجمل القوانين الموجودة ليتعرف على الأحكام التي تتعارض مع نصوص القانون محل البحث! أليست هذه هي مهمة الصائغ وليس مستخدم القانون أو المحامي أو القاضي أو غيرهم؟ بل ربما توحي الإحالات أن الصائغ لم يطلع على النصوص التي يمكن أن تتعارض مع النص الحالي، ويدل هذا مبدئيًا على تقصير من الصائغ في إعداد القانون؟
  1. يجب علي الصائغ أن يجعل مشروع القانون مستقلًا وقائمًا بذاته، وألّا يحيل مستخدم القانون إلى قانون موجود من قبل، أو إلى أي شيء خارج النص التشريعي.
  2. يطلق على هذا النوع من الإحالات مصطلح “التشريع بطريق الإحالة”، ويعني ذلك، أن كل الأحكام المحال عليها صارت جزءًا من التشريع الحالي. ومن ثم، يجب علي مستخدم القانون أن يبحث عن هذه الأحكام المحال عليها ويدمج بينها وبين الحكم محل البحث لفهم المعني المقصود.
  3. يؤدى صدور تشريع جديد ضمنًا إلى تعديل التشريع السابق أو إلغائه إذا كان يتعارض مع التشريع اللاحق مع أن المحاكم تسعي للتوفيق بين النصوص المتعارضة بقدر الإمكان. وفي حال التعارض، تكون الغلبة للتشريع اللاحق بشرط أن يكون القانونان من الدرجة نفسها.
  4. يُقصد بأحكام الإلغاءات، تلك التي تنهي العمل بقانون قائم سواء أكان ذلك بإحلال قانون آخر محله، أم بإلغائه دون إحلال قانون جديد.
  5. تعدُّ مواد الإلغاء من المواد الفنية وليست مادة موضوعية. ويُقصد بالمواد الفنية تلك التي لا تتناول موضوع القانون والمخاطبين به، بل تتناول تنظيمه.
  6. يجب أن يتم إلغاء القانون بنفس الأداة التي صدر بها أو بأداة أعلى منها. ويُشترط أن يكون قانون الإلغاء من درجة القانون الملغي نفسه، ويُفضل أن يتم الإلغاء بالأداة التشريعية نفسها التي صدر بها القانون.
  7. كثيرًا ما ترد مواد الإلغاءات في نهاية القانون الموضوعي، وغالبًا، يسمى الفصل الذي ترد فيه: “أحكام عامة” أو “أحكام ختامية” أو “أحكام انتقالية”، وفي رأي د.صبره أن الأدق في التعبير أن يُسمى ذلك الفصل: “الأحكام الفنية” أو “مواد الإصدار”.
  8. قد تصاغ مادة الإلغاء صياغة عامة بحيث تلغي “كل نص يخالف أحكام القانون الجديد”.
  9. عند إلغاء حكم ما من قانون قائم، ينبغي التأكد من أن هذا الإلغاء لن يؤثر على أي قوانين أخرى تتضمن الحكم الملغي.
  10. من أنواع الإلغاء: الإلغاء الصريح والإلغاء الضمني، ويكون الإلغاء صريحًا إذا ورد نص في تشريع لاحق يقضي صراحة بإلغاء العمل بحكم التشريع السابق. ويُعدُّ الإلغاء ضمنيًا إذا جاء حكم في تشريع لاحق يتعارض مع حكم سابق بحيث يفهم منه إلغاء العمل بالحكم السابق.
  11. هناك طريقتان للإلغاء الضمني؛ الأولى: صدور قانون جديد تتعارض أحكامه مع التشريع القديم، ويفهم منه ضمنيًا إلغاء العمل بالتشريع السابق، والثانية: صدور قانون جديد ينظم الموضوع الذي سبق تنظيمه على نحو آخر دون أن يشير التشريع الجديد إلى إنهاء العمل بالقانون السابق.
  12. من المبادئ الدستورية المتعارف عليها أن البرلمان لا يمكن أن يقيد أيدي أيّ برلمان لاحق فيما يتعلق بالتشريع، وبالتالي، يجوز إلغاء أو تعديل أيّ قانون أو جزء من قانون سابق بقانون لاحق.
  13. من أنواع الإلغاء: الإلغاء المباشر وغير المباشر، وهناك حالات يترتب عليها توقف العمل بالقانون، ويُعدُّ هذا نوعًا من الإلغاء غير المباشر للقانون، وفيما يلي هذه الحالات:
  • السريان المؤقت: تحديد مدة سريان معينة للقانون يتوقف بعدها عن السريان، وهذا نوع من الإلغاء المسبق للقانون.
  • الحكم بعدم دستورية القانون: يترتب على الحكم بعدم دستورية القانون توقف العمل به، وهو إلغاء غير مباشر للقانون.
  • تعارض القانون مع اتفاقية دولية: في حال تعارض حكم في قانون ما مع حكم في اتفاقية دولية صدقت عليها الدولة، تكون الغلبة للاتفاقية الدولية، وهذا نوع من الإلغاء غير المباشر للقانون.
  1. من أنواع الإلغاء ما يسمى الإلغاء الأعمى، ويُقصد به إلغاء مادة أو نص في قانون قائم دون تحديد النص الملغي؛ فيحل النص الجديد محل النص القديم دون أن يعرف مستخدم القانون مضمون النص القديم. ويُستخدم الإلغاء الأعمى في معظم الدول العربية، باستثناء العراق.
  2. إذا كان مشروع القانون يلغي موادًا أو أحكامًا في قانون قائم، فمن المهم ذكر المواد أو الأحكام الملغاة صراحة مادة مادة وحكمًا حكمًا، وليست ضمن نطاق من المواد أو الأحكام يحدد أولها وآخرها فقط.
  3. في رأي الكاتب، يجب عمومًا، ألّا يُسمح بالإلغاء “الأعمى”، وخصوصًا، إذا كان الإلغاء يتضمن كل ما يخالف أحكام القانون الجديد؛ لأن ذلك معناه أننا نطلب من مستخدميه أن يبحثوا في كل القوانين القائمة لمعرفة ما يخالفه! ومن غير المنطقي أن يترك صائغ القانون هذه المهمة لمستخدميه.
  4. في بريطانيا، توضع عادة مواد الإلغاء في القوانين التشريعية في ملحق، ويرى البروفيسور “كريب” أن أحكام الإلغاء والتعديل يجب أن توضع قرب نهاية القانون بشرط أن تسبق حكم سريان القانون .
  5. يُقصد بالتعديلات الأحكام التي تستبدل بمادة أو فقرة أو جملة أو عبارة أو كلمة في قانون قائم، مادة أو فقرة أو جملة أو عبارة أو كلمة أخرى في القانون الجديد. ويمتد معنى التعديل ليشمل الإضافة أو الحذف أو الاستبدال.
  6. هناك نوعان من التعديلات هما: التعديلات غير النصية، والتعديلات النصية. ويقصد بالتعديل غير النصي التعديل الذي يكون له هوية منفصلة، ولا يصبح جزءًا من القانون الذي يفيد تعديله، مع أنه يغير ذلك القانون. وبعبارة أخرى، فإنه بموجب أسلوب “التعديل غير النصي” يوضح القانون الصادر لتعديل قانون قائم موضوع التغيير المقترح عمله دون أن يغير نص القانون القائم.
  7. من عيوب التعديل غير النصي:
  • يجعل من الصعب علي القارئ العادي فهم التشريع بوضوح؛ لأنه لا يتطلب الرجوع إلى التشريع السابق فحسب، وإنما يترك غالبًا غبشًا وشكوكًا حول كيفية الربط بين النصين وفهمهما معا.
  • ينشئ شبكة من الخيوط المتداخلة التي تعتمد علي الإرشادات والإحالات العرضية والتفسير، وهو ما يحول دون تجميع القوانين التي تتناول موضوعًا معينًا في حزمة واحدة، وتكون النتيجة وجود حالة من الفوضى في التشريعات.
  1. على عكس التعديل غير النصي، يتيح التعديل النصي للقارئ أن يري بوضوح كيفية تعديل القانون القديم بشرط أن يُتاح أمامه بسهولة القانونان القديم والجديد معًا.
  2. يمكن إدخال التعديلات بإحدى طريقتين:
  • التعديل النصي أو غير النصي.
  • إلغاء النص القائم وإضافة نص جديد بدلًا منه.
  1. بموجب التعديل النصي، يدرج حكم يفيد تعديل مادة قائمة إما بإضافة كلام جديد إليها، أو بحذف كلام موجود فيها، وإدراج كلام جديد بدلًا منه، أو تعديل صياغتها. وفي معظم التشريعات العربية، يتم هذا النوع من التعديل دون ذكر سياق الكلام الذي يجري فيه التعديل. ويندرج هذا النوع من التعديلات ضمن ما يسمى “بالتعديل الأعمى”؛ لأن الكلمات الجديدة تُدخل مكان الكلمات المستبدلة دون ذكر كل نص المادة أو الفقرة التي وردت فيها.
  2. ينصح الفقهاء بعدم استخدام هذه الطريقة؛ لأنها لا توضح السياق الذي يجري فيه التعديل، ولهذا السبب، يسمى هذا التعديل “التعديل الأعمى”. وبدلا من ذلك، يُنصح بإدراج المادة أو الفقرة أو العبارة أو الكلمة المحذوفة بالكامل، ثمّ شطبها مع الإبقاء عليها واضحة، ويدرج بعدها النص الجديد في شكل مميز واضح. (هكذا تفعل هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء في السعودية عبر موقعها الإليكتروني).
  3. عند استخدام الأسلوب السابق، يجب إدراج الفقرة الفرعية، على الأقل، التي يوجد فيها الحكم المعدل. وحتى إذا كان من الممكن أن تحتوي فقرة أو فقرة فرعية ما على كل التعديل، فمن الأفضل إظهار كل الفقرات -أو الفقرات الفرعية- المحيطة بها؛ لأن هذا من شأنه أن يوفر سياقًا أفضل لأي شخص يحاول قراءة التعديل وتقييمه.
  4. يجب كذلك إظهار كل المادة في حال عدم وجود فقرات فيها أو تعديل جزء منها، لكن هذه القاعدة ليست جامدة، وثمة استثناءات لها تتعلق بالملاءمة. ومن ثمّ، ينبغي الموازنة بين متطلبات توضيح السياق، والاعتبارات العملية.
  5. تشترط العديد من الولايات الأمريكية ضرورة إدراج المادة المحذوفة بالكامل، ثمّ شطبها بحيث تظل واضحة، ويدرج بعدها النص الجديد بشكل مميز واضح ويكتب كله بحروف كبيرة. ويمكن وضع النص المحذوف داخل أقواس، أو وضع خط تحت النص الجديد، وهذا الأسلوب غير شائع في الدول العربية، ولا يوجد ما يمنع من استخدامه.
  6. يجب تجنب إدخال تعديلات بطريق الاستبدال تزيد على الحد المعقول بالنسبة إلى القانون القائم؛ لأن ذلك من شأنه أن يرهق مستخدم القانون.
  7. إذا زادت التعديلات عن الحد المعقول، يجب إلغاء القانون القائم، ووضع قانون جديد يتضمن التعديلات.
  8. يُستخدم أسلوب إلغاء المادة القائمة وإعادة صياغتها بكلام جديد إذا كان التعديل الذي سيتم إدخاله في قانون أو مادة ما كبيرًا أو معقدًا جدًا، وسيربك القارئ.
  9. يستخدم هذا الأسلوب إذا كان تعديل المادة ليس معقدًا جدًا فقط، وإنما يعبر عن مفاهيم جديدة تختلف عن تلك المعبر عنها في المادة المعدلة.
  10. بموجب هذا الأسلوب، تلغى المادة المطلوب تعديلها، ويعاد صياغتها دون تحديد الكلام الملغي الذي كان موجودًا في القانون القديم، أو الكلام الجديد الذي أدخل عوضًا عن النص الملغي.
  11. ينبغي استخدام هذا الأسلوب بضبط النفس؛ لأنه يحرم القارئ من فرصة معرفة التغيير الذي تم في القانون، لكن هذا الأسلوب، أحيانًا، يكون أفضل طريقة لإدخال التعديل المطلوب.
  12. في التقليد العراقي، تصاغ مواد الإلغاءات والتعديلات في شكل جمل خبرية، مع إدراج كل من النص القديم والجديد.
  13. ثمة قاعدة يسيرة في علم الصياغة القانونية هي أنه إذا فهم اثنان النص بطريقة مختلفة، وجب تغيير الصياغة.
  14. إن أغلب مشكلات الصياغة القانونية تنشأ نتيجة لنيات ذاتية للصائغ لا يريد الإعراب عنها صراحة في النص، فتكون النتيجة إما الغموض أو الالتباس أو فقدان ثبات التعبير.
  15. في رأي الاستشاري د.صبره، يجب التفريق بين ثلاث صيغ رئيسية من الصيغ الآمرة؛ هي صيغة “الإلزام”، وصيغة السلطة التقديرية “الإباحة”، وصيغة “الاشتراط”. ولكل صيغة من هذه الصيغ قواعد وأصول لاستخدامها.
  16. في صيغة الإلزام، يجب أن يكون الإلزام مقرونًا بعقوبة على من يخالفه.
  17. في صيغة الإباحة -أو إعطاء السلطة التقديرية-، لا تفرض عقوبة على من يخالف النص؛ لأن الفعل مرهون بالسلطة التقديرية للمخاطب بالقانون، فإن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.
  18. تعني صيغة الاشتراط أن ثمة شرط ما ينبغي تحققه لكي يتحقق الفعل القانوني.
  19. يعدُّ استخدام أسلوب “جملة المبدأ” ثم تناول التفاصيل المتعلقة بذلك المبدأ، أسلوبًا منهجيًا في دول نظام التقنين المدني. وبموجب هذا الأسلوب، يعبر أولًا عن المبدأ أو الغرض المراد تحقيقه، ثم تأتي التفاصيل بعد ذلك.
  20. يتبع في العادة مبدأ الهرم في الانتقال من جزء لآخر بحيث يتم الانتقال من العموميات إلى التفاصيل. ويعتمد هذا الأسلوب على استخدام جملة المبدأ والتتابع المنطقي، واستخدام العبارات أو الجمل الانتقالية.
  21. التعديلات الموضوعية التي يتم إدخالها على مضمون القانون تكون في الغالب نتيجة لسوء تنظيم مجموعة التشريعات، أو بسبب سوء صياغة النص التشريعي.
  22. في النهاية يوصي الباحث بما يلي:
  • ضرورة إصلاح منظومة التشريعات القائمة بإلغاء القوانين المهجورة والقديمة التي عفا عليها الزمن، وتعديل ما يلزم منها، مثل تجربة الهند.
  • ضرورة وضع “قوانين موحدة” تجمع القوانين والقواعد القانونية ذات الصلة في قانون واحد.
  • استخدام أسلوب “التقنين”، وهو الأسلوب المستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبموجبه تجمع كل القوانين في مدونة قانونية واحدة، ويُخصص باب لكل مجال/موضوع، وعند صياغة قانون جديد يوضع في المجال الذي يخصه، وعند إجراء أي تعديل يُدرج التعديل في مكان القانون القديم.
  • الاستفادة من التجربة البريطانية، وبموجبها توضع التعديلات والإلغاءات في ملحق مع القانون الأصلي.
  • عند تعديل قانون ما، يمكن إدخال التعديل على نص القانون القديم، وبالتالي، نتجنب كثرة القوانين التي تنظم مجالًا معينًا.
  • استخدام أسلوب “التعديل النصي” بدلًا من أسلوب التعديل الأعمى.
  • إنشاء جهاز متخصص للنظر في إصلاح القانون وتحسينه باستمرار.
  • ترتيب التشريعات حسب الموضوع بالإضافة إلى ترتيبها زمنيًا.
  • إعداد اللائحة التنفيذية للقانون بالتزامن مع إعداد مشروع القانون، أو على الأقل عند عرضه على البرلمان لإقراره.
  • تطوير شكل طباعة القوانين بحيث يسمح بإدخال التعديلات عليه بسهولة.
  • المراجعة المستمرة للتشريعات لمعرفة الأثر المترتب عليها وتدارك الآثار السلبية.
  • وضع قواعد ملزمة لإعداد مشروعات القوانين وصياغتها، حتى تلتزم بها أيّ مؤسسة تضع مشروع قانون، وبذلك نضمن توحيد المعايير التي يتم على أساسها إعداد مشروعات القوانين واتباع منهج موحد في صياغتها. (فيما مضى أشرتُ إلى مبادرة السعودية لكتابة دليل محكم لإعداد التشريعات وصياغتها).
  • تدريس مادة رئيسة في كليات الحقوق عن “أصول الصياغة القانونية، بما فيها صياغة مشروعات القوانين. (هذا المقترح الموفق معمول به في قسم القانون التابع لكلية العلوم النظرية والإنسانية بالجامعة السعودية الإليكترونية).
  • تجنب استخدام الإحالات المرهقة.
  • التخلي عن عادة ترك أمور جوهرية في القانون للمحاكم لحسمها، فمن عيوب هذه العادة أن القانون يظل مشوبًا بعدم اليقين إلى أن تفصل المحاكم في المعنى المقصود. ومن عيوبها أيضًا أن قدرًا كبيرًا من السلطة التشريعية تنتقل بذلك من البرلمان إلى القاضي.

إن التعديل على القوانين البشرية أمر ليس منه بد وإن خالطه الشر المحتوم في بعض صوره، ومع ذلك فيمكن التقليل منه بالتعب المبكر في الدراسة والإعداد، ثمّ بإحكام الكتابة والصياغة، وتجويد المراجعة، وعمق التداول والنقاش عن القانون قبل إقراره. ومن هذا الباب الإفادة من أهل الاختصاص، ومن تجاربهم ومقترحاتهم وتوصياتهم، مثل التي ختم بها الباحث د.محمود صبره هذه الكتابة القانونية الجامعة للعلم والعمل، ومن جوار حرم الله الآمن الأقدس له بعد المحبة الثناء والدعاء.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-مكة

ahmalassaf@

الخميس 28  من شهرِ ذي الحجة عام 1445

04 من شهر يوليو عام 2024م

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)