سير وأعلام مواسم ومجتمع

إحصاءات سعودية في خطبة عرفة!

إحصاءات سعودية في خطبة عرفة!

هذه بعض المعلومات والإحصاءات السعودية المرتبطة بخطبة عرفة في جامع نمرة، التي يستمع لها الحجاج وأهل الآفاق ظهر يوم عرفة من كل عام، وبالتالي فهي خطبة سنوية مشهودة محفوظة. وقد دخلتُ إلى هذا الباب من الإحصاء والحصر بطريق غير مباشر، وكتبت فيه غير مرة، وأشرت لليقيني والظني من المعلومات، ومع الأسف فبعض النقلة لا يحسن الاقتباس ولا ينسبه أصلًا، ولذلك فقلما يسلم الناقل من وقوع في غلط أو خطأ، وربما الباعث لذلك ليس سوء الفهم، وإنما محاولة إظهار الاستقلالية في البحث. والحمدلله أن هذا الموضوع نال قدرًا من الاهتمام حتى أن هيئة الإذاعة والتلفزيون سوف تقدم هذه السنة برنامجًا مرئيًا في القناة التلفزيونية السعودية الأولى عن خطباء عرفة وخطبتها خلال العهد السعودي، كما ستذيع برنامجًا آخر عن الشأن ذاته في إذاعة القرآن الكريم.

عمومًا، فبعد صدور الموافقة الملكية اليوم على تسمية الخطيب الخامس عشر لمنبر عرفة خلال العهد السعودي، بدا لي توثيق بعض الأرقام والأخبار السعودية المرتبطة مع خطبة الموسم، وبعضها يخصّ الدولة السعودية دون سائر البلاد، وربما يشترك معها غيرها في أشياء أخرى؛ بيد أن غياب المعلومة الأكيدة يجعل الجزم صعبًا، وأذكر أني حينما كتبت أول مقال عن خطباء عرفة تواصل معي من أخبرني عن مشروع علمي تاريخي لتتبع خطباء الموسم منذ حجة الوداع، ولا علم لدي عن صدور هذه الدراسة حتى الآن.

عليه فمما لاحظته أن أول خطيب لعرفة في العهد السعودي عام (1343) قد كلف بهذه المهمة الجليلة من قبل الملك المؤسس عبدالعزيز في يوم عرفة وداخل جامع نمرة، وهو الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ، وهذه واقعة من النوادر فيما أحسب. ويرتبط بذلك أن حفيد الخطيب الأول أصبح أكثر خطيب صعد على المنبر فيما أعلم، وهو سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الذي خطب دون انقطاع بين عامي (1402-1436)، وأصبحت خطبه مرجعًا لبعض من اعتلوا المنبر الشريف بعده.

ومن الإحصاءات السعودية اللافتة أن تعاقب على هذا المنبر الشريف أب واثنان من أنجاله بين عامي (1344-1398)، وهم الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، ونجله الشيخ محمد الذي خطب عام (1370) فقط، ثم نجله الشيخ عبدالعزيز الذي اجتمع له مع الخطابة في عرفة الخطابة في الحرم المكي والعضوية في مجلس الوزراء وزيرًا للمعارف، وهذه سابقة فريدة لا أعرفها لغير الشيخ عبدالعزيز، علمًا أن مسؤولية خطبة عرفة وأمانتها قد أسندت إلى وزيرين في العهد السعودي، الثاني منهما هو د.محمد بن عبدالكريم العيسى الذي عمل وزيرًا للعدل بضع سنوات.

كما نجد من الإحصاءات أن عدد الخطباء في العصر السعودي منذ عام (1343) حتى عام (1445) هو خمسة عشر خطيبًا، ارتحل منهم إلى الدار الآخرة خمسة خطباء -رحم الله الراحلين المذكورين ووفق الأحياء-. ومن خطباء العهد السعودي اثنا عشر خطيبًا خطبوا مرة واحدة فقط ما لم يتكرر أحد منهم لاحقًا، وتسعة من هؤلاء الخطباء المفردين خطبوا في عهد الملك سلمان -حفظه الله-، وهو العهد الذي انفرد بتسمية خطيب لكل عام، وقد سبقهم في الخطبة الفردية الشيخ محمد بن عبداللطيف خطيب عام (1343)، والشيخ محمد بن عبدالله بن حسن آل الشيخ خطيب عام (1370)، والشيخ صالح بن محمد اللحيدان خطيب عام (1399).

كذلك نرى أن ستة من هؤلاء الخطباء هم من أئمة أحد الحرمين الشريفين أو كليهما، وثمانية منهم خطبوا وهم أعضاء في ‫هيئة كبار العلماء، بينما ينتمي سبعة خطباء إلى أسرة آل الشيخ، وجميع خطباء عرفة أصحاب مناصب عالية؛ ففيهم مفتي البلاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، ووزيران، ومستشاران في الديوان الملكي، ونائب وزير، ورئيس الشؤون الدينية للحرمين، وأمين لرابطة العالم الإسلامي، ورئيس لمجمع علمي، إضافة إلى أن سبعة منهم يحملون شهادة الدكتوراة، ومارسوا التدريس في الجامعات والجوامع وحلق العلم.

ومن المعلومات السعودية أن الشيخ عبدالله بن سليمان بن منيع قد ارتقى المنبر بعد أن تجاوز التسعين من العمر، وربما أن أمثاله في التاريخ قليل عددهم. ومنها أن جلّ من خطبوا بعد سماحة المفتي وواحد ممن سبقوه قد عملوا تحت رئاسته في هيئة كبار العلماء. وفي العام الماضي صدر الأمر بتسمية الخطيب الرابع عشر ونائبه وهو إجراء غير معهود، وكتبت حينها مامعناه: هل يكون النائب هو المرشح الأقرب للخطابة في العام القابل؟

وفعلًا صح الحدس وصدق الظن، إذ صدر اليوم الأمر بتسمية الشيخ د.ماهر بن حمد المعيقلي خطيبًا لموسم عرفة هذا العام بعد أن كان نائب الخطيب في العام الماضي، وهذا التوقيت مبكر عن المعهود. والشيخ ماهر إمام للحرم المكي وخطيب لمنبره، إضافة إلى إمامة سابقة للتراويح في المسجد النبوي، وتخصصه الأول في الرياضيات، بيد أن الله فتح عليه فحفظ القرآن الكريم، وتعمق في الدراسة الشرعية حتى نال أعلى الشهادات فيها، ومن الموافقات أن سماحة المفتي ممن ناقشه في رسالته للدكتوراة، وأسأل المولى له المعونة والسداد والتوفيق، وأن يجيد في الخطابة مثل إتقانه في التلاوة.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف -الرياض

ahmalassaf@

الاثنين  19 من شهرِ ذي القعدة عام 1445

27 من شهر مايو عام 2024م

Please follow and like us:

One Comment

  1. ما شاء الله تبارك الله *** مقال بحث فجمع فأوفى بقدر كبير من المعلومات ألشاملة المفيده *** جزاك الله خيرا وبارك فيك *** وإلى المزيد من البحث والجمع والنشر من المعلومات القيمة المختارة المفيده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)