قواعد المفاضلة في العبادات

قواعد المفاضلة في العبادات

بين يدي كنز علمي نفيس للغاية حاز على توصيات من علماء كبار، عنوانه: المفاضلة في العبادات: قواعد وتطبيقات، تأليف: سليمان بن محمد بن عبدالله النجران، وصدرت طبعته الأولى عن مكتبة العبيكان عام (1425=2004م)، ويقع في (1055) صفحة، ويتكون من المقدمة، وستة فصول، ثم خاتمة فمراجع البحث التي تجاوزت أربعمئة مرجع، وأخيرًا فهرس القواعد الفقهية وعددها يقترب من المئتين.

وفيما بعد أصدر فضيلة الشيخ الدكتور سليمان بن محمد النجران رسالته هذه لنيل درجة الماجستير في مجلدين أنيقين عن دار التدمرية، وهي رسالة متينة ملئت علمًا وفهمًا، ومؤلفها من علماء القصيم عامة، ومن علماء منطقة الجواء على وجه الخصوص، ويعمل حاليًا عضو هيئة تدريس في قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، وله نشاط علمي عبر الدروس والمحاضرات، إضافة إلى أبحاث منشورة في مجاله العلمي الخصيب.

ولأن رسالته بحث ضخم فمن الطبيعي أن يمتد التمهيد إليها عبر (155) صفحة استوعبت الفصل الأول كاملًا، وفيه أربعة مباحث عن تعريف المفاضلة، ومقاصد التفضيل، وأسباب المفاضلة وهو أطولها، والمبحث الرابع عن درجات المفاضلة وحوى ست قواعد عامة للمفاضلة بين الأعمال. ومن إحكام العمل في هذه الرسالة ترابط فصولها من ناحية، وأن جميع الفصول يمكن أن تستقلّ في كتاب أو محاضرة أو خطبة، وآمل أن يلتفت خطباء المساجد والمربون إلى هذه الرسالة؛ فهي مورد عذب أمين في موضوع مهم.

أما الفصل الثاني فعن قواعد المفاضلة في النية خلال (135) صفحة تحتوي على ثلاثة مباحث أولها تعريف النية، ثم الغرض من النية، وآخرها قواعد المفاضلة في النية وتحتها سبع قواعد لبعضها تفريعات وأحوال، ومن الطبيعي أن يستحوذ هذا المبحث على أكبر قدر من هذا الفصل. ودرس الفصل الثالث قواعد المفاضلة في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ويقع في (146) صفحة تشتمل على أربعة مباحث هي تعريف المتابعة وأهميتها وأسباب التقصير فيها وأخيرًا قواعد المفاضلة في المتابعة وهو لباب الفصل بقواعده الثلاث وتفصيلاتها، ومن الجلي أن هذين الفصلين يتحدثان عن شرطي قبول العمل وهما الإخلاص والمتابعة رزقنا الله إياهما دومًا.

ثمّ يأتي رابع الفصول عن قواعد المفاضلة المتعلقة بالحكم الشرعي في (170) صفحة ذات أربعة مباحث أولها عن تعريف الحكم الشرعي وأنواعه، وثانيها يبحث قواعد المفاضلة المتعلقة بالحكم التكليفي ضمن قواعد كثيرة، وثالثها عن قواعد المفاضلة في الحكم الوضعي وهي أربعة قواعد، واكتفى المبحث الرابع بقاعدة واحدة من قواعد المفاضلة المتعلقة بالاحتياط، علمًا أن الحكم التكليفي متعلق بأفعال المكلفين، والحكم الوضعي يختصّ بما يضعه الشارع من أسباب وشروط وموانع، وهي من مباحث علم أصول الفقه لمن أراد التوسع.

بينما اقتصر الفصل الخامس على موضوع شائق وجميل للغاية هو الأزمنة والأمكنة الفاضلة والقواعد المتعلقة بها ضمن (140) صفحة وأربعة مباحث عن حكمة التفضيل، والإجراءات الشرعية لتعظيم الأزمنة والأمكنة، وأنواع تفضيل الأزمنة والأمكنة، وختامها قواعد المفاضلة المتعلقة بالأزمنة والأمكنة وهي ثلاث قواعد، وفي آخر مبحثين كثير من العلم والتأله والتربية التي لا تنفك حاجة المرء المسلم إليها لأن الناس يعيشون فوق المكان عبر أيام الزمان، وما أجدرنا بتحري المواسم والمواضع الفاضلة ابتغاء المثوبة والأجر، واتقاء الإثم والوزر.

ثمّ ذهب الفصل والسادس والأخير إلى دراسة تطبيقية على كتابي الطهارة والصلاة في مبحثين ولكل كتاب مبحث خاص به، ويقع هذا الفصل في (183) صفحة وهو أطول فصول الكتاب، وما أحوج المسلم لهذا الفصل وما فيه؛ لأن الطهارة والصلاة أفعال يومية متكررة، وهي من أركان الإسلام. وأخيرًا خلص الباحث الشيخ النجران إلى خاتمة من ستين فائدة جليلة تجعل القارئ على صلة بمحتوى الكتاب وخالص لبابه المرتبط بالحياة الدنيا، وحياة البرزخ، والدار الآخرة.

إن مثل هذه الرسالة العلمية لحقيقة بأن تنشر وتقرأ، وأن يستفاد منها في خطب الجمعة والبيوت والمحاضن التربوية وغيرها، فهي بحث أصيل فيه تعمّق العارف بأسرار الشريعة، وغوص الخبير في كتب التفسير والحديث والفقه والأصول وغيرها من نفائس مكتبتنا الإسلامية والعربية. وعسى أن تكون الرسائل العلمية لنيل الشهادات العليا على غرارها أو قريبًا منها؛ فهي رسائل تخضع لإشراف ومتابعة وتحكيم ومناقشة، ولا يحسن أن تتجاوز أي رسالة هذه العقبات وهي ضعيفة أو دون المستوى الذي يليق بأطرافها كافة.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

الجمعة 06 من شهرِ ذي الحجة عام 1442

16 من شهر يوليو عام 2021م