سير وأعلام عرض كتاب

ستون عامًا بين المتاعب والغنائم

Print Friendly, PDF & Email

ستون عامًا بين المتاعب والغنائم

هل تعلم أنّ بعض الخسائر تصنّف على أنها غنائم، وأن التعب يؤول إلى لذائذ؟ هذا ما ستوقن به بعد فراغك من قراءة سيرة ذاتية ضمن كتاب عنوانه: ستون عامًا بين المتعبين: رحلتي من الألم إلى علاج آلام الآخرين، تأليف: أ.د.محمد بن حمود الطريقي، صدرت طبعته الأولى عن مؤسسة العالم للصحافة والطباعة والنشر في شهر فبراير من عام (2021م)، ويقع في (172) صفحة، ويتكون من إهداء وثمانية عشر عنوانًا فيها جدّة وتفنّن. ابتدأ المؤلف بشكر المراجعين الذين قرأوا نسخة الكتاب الذي أهداه لوالده الرويبخ، ويتوافر بنسخ ورقية وإلكترونية وصوتية، وعلى لغة برايل، وسوف يترجم إلى الإنجليزية والفرنسية.

امتازت هذه السيرة بأنها جمعت بين أخبار أصل وفرع، تشابها في السمات، والعقبات، وخرجا من تجاربهما بالعبر الحكيمة ذاتها، ومن هذه العبر التي يجب أن نحتفي بها لمحليتها وإشراقاتها:

  1. قيمة الحياة تقاس بالآثار والرسالة التي تركها الإنسان.
  2. حياتنا رحلة بلا هدنة خلاصتها أن العطاء أكبر مغنم وأبقى مكسب.
  3. من الخطأ النظر إلى ظاهر الأمور والحكم على الأشياء من الوهلة الأولى، فكم يخفي القدر من أسرار!
  4. ابحث عن مواطن العظة والعبرة في أيّ حدث مهما كان أليمًا، فربما تنقلب الصورة عمّا رأيناها أول مرة بعد استشعار حكمة الله فيها.
  5. ثقافة العزاء بما لديك تغنيك عمّا فقدته، وهي تشعر المرء بسلام نفسي وتصالح مع ابتلاءات الحياة.
  6. تأمل سير الراحلين يعطي خلاصات حياتية ملهمة ومهمة.
  7. أمام أيّ محاولة للنيل من الإنسان ومشروعه يتعمق شعوره بالنجاح.
  8. أول المستفيدين من السمو فوق الصغائر هو الإنسان السامي نفسه.
  9. حتى تواصل مسيرك ينبغي لك تجاهل ما يعطل الرحلة.
  10. الخوف على المكاسب الفردية أضاع كثيرًا من المصالح العامة.
  11. لا تستصعب الطريق وأنت في بداية الرحلة كي لا تنقطع ولا تفتر.
  12. فضيلة الصبر عظيمة وهي قوة إيجابية دافعة وليست مانعة.
  13. أفضل الحلول دومًا داخلية، وأنجح القرارات ما كانت ذاتية.
  14. التخطيط ضرورة للإنجاز والنجاح.
  15. خدمة الناس والسعي في تحقيق النفع العام تجلب التيسير الإلهي مثلما فعلت صاجة سيارة أبيه!
  16. أحفظ عن وزيرة التنمية الاجتماعية في نيوزيلاندا قولها: إذا أنت لم تخاطر بشي فأنت لا شيء!
  17. ليس بالضرورة أن تكون جزءًا من مشروع غيرك، أو تصادم الآخرين، وإنما الشأن في مشروعك الذي تصر عليه.

وكما أسلفت فإن هذه السيرة سبّاقة إلى البّر، إذ حفظت طرفًا من أخبار الأب في مسقط رأسه الزلفي، التي وصفها المؤلف بأنها من مفاتن اليمامة، ونقطة جوار حذرة بين الأضداد. ولوالده أوليّات كثيرة، منها أنه أول من أدخل الكهرباء إلى بلدته عام (1952م) لتصبح الثالثة في الإنارة بعد الرياض وجدة، وأصبح موقع شركته مقصدًا لأهل طرفي الزلفي “البلاد وعقدة”، وهو أول موضع يقصده “الضدان” حتى اعتادوا على التعاون وتداخل المصالح بين الشمال والجنوب، وهذه الفضيلة جاءت على يد الروبيخ اليتيم الذي رعاه خاله عبدالعزيز الفنيسان، وشارك في القوافل التجارية مبكرًا؛ فتعلم معنى العطاء والرأفة والحنان، والرويبخ لفظ يشير إلى قصر القامة وقوة البنية، بيد أنها قامة عالية رفيعة بهمتها ومنجزاتها.

كان الشيخ حمود الطريقي تاجرًا يجلب معه كلّ شيء تحتاجه بلدته، وأضحى مقدمه للزلفي أشبه بالحياة لأهلها، ومن طقوس عودته من السفر توزيع الهدايا والصدقات، والسلام على أهل المسجد، ثمّ العشاء وسرد القصص على الناس المتحلّقين حول السندباد الحكّاء الذي أشبه قناة تلفزيونية تفيد وتمتع. ومن أولياته أنه أدخل لبلدته شاحنة فورد بعد أن حكى للناس خبر السيارة من مشاهداته عام (1937م) فلم يتصوروها، وأنشأ أول محطة محروقات، وتولى مشروع سقيا مدينة حائل.

ومع أن بعض جماعته سخروا منه، وحاولوا عثاره، بل وامطره رجال منهم بالشتائم والإهانات، إلّا أن الرجل صابر وأصر أن يكون صانعًا للدهشة، منطلقًا من إيمانه بقوة العلم؛ حتى غدا لمن يعقل مصدر إلهام وإشعاع يدفع نحو العمل والإبداع، فأفكاره مبتكرة خارج الصندوق المعتاد، ومع هذا لم يسلم من الغيرة البغيضة مع أنه لا منافس له ليس في تجارته وإنما في طريقة تفكيره وهذا هو الفرق الأبرز.

من طريف مواقف والده مع رجل نزق مستعجل أراد التحدي بيد أنه خسر رهانه أمام الرويبخ، وليس هذا فقط بل أعتق أبو سليمان مؤخرة هذا الرجل مما افترضه عليها. وحين نجح مشروع الإنارة الذي تولى كبره حمود الطريقي، لم يكن منه إلّا أن قبض أمام المهندسين والحاضرين على عقاله وشماغه بيديه، وألقاهما على الأرض كأنه يقول: نجحت وربِّ الكعبة، وتلاشت الصعاب وإن إن! وغدت هذه الحركة التلقائية علامة على الإصرار، ورفض ترك ساحة المعركة، وصارت أيقونة تستدعيها الذاكرة في وقتها المناسب.

ثمّ ورث الابن عن أبيه العراقيل، وتورّث منه الإصرار، ونال من ميراثه في الأوليات، وتلك هي قصة الكتاب الثانية، إذ نشأ الطفل محمد مصابًا بالهزال الشديد، مما أقصاه عن ملاعب الصبا، ومراتع الطفولة ومشاكساتها مع الأقران؛ لأنه خصم مثالي تسهل هزيمته بسبب علته التي حاول علاجها إبان طفولته، فسافر لشيراز في إيران؛ لأن قريبه يدرس الطب هناك فلم ينتفع والشيء ورجع بنظارة فقط، ثمّ توجه صوب بيروت للاستشفاء دون فائدة وإن عاد بسيارة مرسيدس.

وكان في الزلفي مدرس بريطاني يعلم الطلاب في المتوسطة والثانوية اللغة الإنجليزية، فسأله محمد: أين يوجد علاجي؟ فقال له: علاجك في بريطانيا! فوقر في نفس الفتى أن يذهب إلى هناك، وحتى يفعل فلابد أن يكون من العشرة الأوائل على المملكة ليفوز ببعثة دراسية، فاتخذ القرار المبكر بالذهاب، ولم يذبل أو يتراخى عزمه طيلة سنوات الدراسة، واستثمر علته وهزاله الجسدي في الانقطاع للدراسة؛ حتى أنه لم يقبل الحصول على(29) من (30) في مادة الرياضيات، وجادل أستاذه باكيًا إلى أن استرجع درجته النهائية التائهة.

لأجل ذلك استفاد الطالب النجيب من كلّ أحد حوله حتى محاسب شركة أبيه، ونهل من معلمه الإنجليزي الستيني المتقاعد “هارولد والتن” وزوجته “نانسي والتن”، حتى صارت لغته الإنجليزية طلقة فصيحة عجب منها سائق الأجرة في مطار هيثرو. ومن طرائفه مع أستاذه أن زميل الطريقي نقل إجاباته كاملة على ورق الامتحان، ولضعف الزميل في اللغة، ومهارته الفائقة في الغش، وقوة بصره دونما بصيرة، فقد نقل من ضمن عملية الغش اسم الطريقي ووضعه على الورقة، وصارت لمحمد إجابتان في مادة واحدة، لكنّ الله سلمه من هذه الورطة، كما سلّم أستاذه من عود ثقاب آثم! ونتيجة لهذا الدأب الذي حرم صاحبه من الاستمتاع بطفولته، أصبح التاسع على مستوى المملكة، وظفر بالبعثة التي جعلها نصب عينيه فيما مضى من سنوات.

فسافر إلى بريطانيا للدراسة والعلاج، وأجرى في الإجازة جراحة أزال بها ثلثي رئته اليسرى دون أن تقود العملية إلى تأثير على دراسته، ومن طريف خبر العملية أن الطبيب العجوز سأله إن كان له صديقة ليستطلع منها تاريخه المرضي! والحمدلله أن لم يكن له خليلة ولا خمر صبابة أو حقيقة. وخلال البعثة درس اللغة لتقوية نفسه بها درسًا صباحيًا مثل المتعارف عليه، ودرسًا مسائيًا إضافيًا غير معتاد مما أثار استغراب الملحقية. وبعد ذلك اضطر لإعادة دراسة الثانوية حسب المنهج البريطاني، وسجّل في الجامعة وعينه على كلية الطب التي لم يقبل فيها لأن الأولوية للإنجليز، ولم تفلح محاولاته، فقبل في الهندسة التي كتبها في البدء لتعبئة الخانات فقط.

ولأن الشوق استبد به، رجع لزيارة والدته وإخوانه وبلدته، ولم يركب الطائرة بناء على نصيحة الطبيب، واستخدم السفن والقطارات والسيارات، فلما رأى أن الطريق سيطول، غامر بركوب طائرة من ألمانيا، وسأل عن أنبوب التنفس بمجرد إقلاعها، ونطق بالشهادة حتى تكون آخر كلامه لو أصابه مكروه. وبعد وصوله لديرته أخبرهم عن العملية التي كتمها خلال إجرائها، فتحولت الزيارة إلى مأتم، وصار وهو معهم يرى جثمانه المبكي عليه، ويسمع عن شبابه المأسوف عليه، وغدا حزنهم واقعًا بأثر رجعي، وتلك العاطفة التي لا يمكن السيطرة عليها.

عاد عقب ذلك إلى بريطانيا، وخيرته الملحقية بين باكستان أو بيروت لدراسة الطب فيها، لكنه رأى أن يدرس الهندسة ويتفوق فيها، ثمّ أصر على إكمال دراسته العليا فوجد برنامج ماجستير ودكتوراه يمزج بين الهندسة الميكانيكية وعلاج الأطراف، فرفضت الملحقية طلبه لانتهاء البعثة، ولذلك طار للرياض ومنها إلى الطائف للحصول على استثناء من الوزير حسن آل الشيخ.

فدرس الهندسة، وانتظم في محاضرات كلية الطب، ودرس علم وظائف الأعضاء والتشريح على يد أستاذ كبير مصاب بالتصلب اللويحي، حتى حصل على شهادة الدكتوراه عام (1984م) ومعها شهادة براءة اختراع أوروبية، وفي تلكم اللحظة انطلق والده الراحل كالسهم يجري في أعماق ذاكرته معانقًا ومهنئًا، وكأنه يلقي عقاله وشماغه بحركة تدل على الإصرار ورفض الانسحاب من ساحة المعركة، وحجز الطريقي الابن لنفسه صفة أول سعودي حاصل على الدكتوراه في الهندسة الطبية.

وبعد قفوله إلى المملكة حاول العمل في كلية الهندسة أو الطب، بيد أن الثانية ليس فيها قسم مناسب لتخصصه، وقال أستاذ من الأولى عن جامعة الطريقي “سالفورد” بأنها مش ولابد، وهو ما أثبتت الأيام القريبة والبعيدة عكسه تمامًا، إذ رحب به المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا “مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية”، وعمل في إدارة البحوث، وتعرف إلى عميد كلية العلوم الطبية التطبيقية فعرض عليه الانتقال للجامعة وهو ما كان في قسم الهندسة الطبية. وفيها استعاد المعامل التي كانت تستخدم للعب البلياردو، وأمر بشراء مستلزمات وكتب لقسم البصريات بستة عشر ألف ريال؛ فقامت القيامة حتى قال له العميد: ليس لديك صلاحية شراء قلم رصاص! وأصبحت هذه الحادثة سببًا لتركه بيئة العمل.

لكنّ العثرات في التخصص والعمل صارت مدرجة الانطلاق له، فافتتح مراكز متخصصة تعنى بالترجمة والنشر، ونال مساندة بعض الوزارات المعنية، ثمّ رعاية مالية من الملك فهد والأمير سلطان، وتعاقدت معه وزارة الصحة للعمل مستشارًا في مكتبه “الصندقة”، واستطاع افتتاح ورشة وعيادة لعلاج المصابين، ومنها وقف على حاجته الضرورية لدراسة علم الأطراف؛ فكرّ راجعًا لميدان الدراسة في أمريكا، والتحق بجامعة لديها برنامج للأطراف الصناعية وآخر للأجهزة التعويضية يتناصفان السنة، ووافقت الجامعة على ابتعاثه ستة شهور فقط، وتكفل إخوانه الثمانية بالستة الثانية، حتى تخرج في جامعة راقية عام (1989-1990م).

من طريف أخبار الصندقة أن رجلًا ثريًا سبعينيًا اقترن بشابة، وأراد مباركة هذا الزواج؛ فتبرع بفيلا للعيادة الجديدة وطاقمها، وبعد أن تحولوا إليها، وارتاحوا في العمل بها لأنها تليق بعملهم ومرضاهم، جاء الرجل السبعيني ساعيًا لإخراجهم، ورافضًا محاولات البقاء بإيجار، وعلموا أنه طلق الشابة وطلقهم معها طلاقًا بائنًا. ثمّ جاءه اتصال من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يفيده بصدور أمر من الملك فهد لدعم مشروعه بخمسة ملايين ريال، وهو فرج أتى في وقته، ولا غرابة أن يصر الطريقي وأبوه خلال مسيرتهما فوق الأشواك أن يقولوا: نعم حتى لو قالت الدنيا: لا!

وأولع الرجل بإنشاء الكيانات الخيرية، ومنها المراكز والجمعيات التي أوجدها وأدارها، أو كتب عنها دراسة تمهيدية، أو دعى إليها، أو كانت مستلّة من أفكاره. ونجح مركزه في طباعة ستين كتابًا، واستثمار المتخصصين، وعلاج تسعة آلاف معاق، والمشاركة العلمية والإعلامية الساطعة، وإصدار مجلة محكمة يتسابق الأساتذة للنشر فيها، بيد أن هذا كله انتهى بغضبة مسؤول رفض الطريقي إضافة اسمه على كتب المركز الذي استقال الطريقي لأجله من الجامعة، ولولا تدخل الأمير نايف لظلّت قضيته معلّقة بسبب تعذر إخلاء الطرف؛ لوجود قرض مالي عليه لصالح البنك، مع أنه خلال سبعة عشر عامًا سارت الملايين من أمام ناظريه دون أن تمتد لها يده أو تتسع لاحتضانها جيوبه، وإن نظافة اليد، وضمور الجيب، لمئنة من طهارة المرء وبراءة ذمته.

كما أشار الطريقي إلى مشاركاته في حملة الأمير سلطان للتثقيف، ومدينته الإنسانية، ومركز الأمير محمد بن فهد، وفي الأنظمة التي أقرت لصالح ذوي الإعاقة، وعونه في افتتاح أقسام ومراكز في جامعة المجمعة، وتأمين الدعم المالي لها، وسرد أعماله وعضوياته ومنجزاته ومشاركاته وأبحاثه وبراءات اختراعه وعددها خمس، وهي كثيرة جدًا، فالرجل مسكون بالمنجزات، وقد ألقى خلف ظهره ودبر أذنه أيّ معيق أو صفيق، ومن أجل منجزاته فاز بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى.

وبحنو الأب أبقى راية المسيرة مع ثلاثة عشر فرعًا من أولاده وبناته الذين يدرسون الإدارة بأنواعها، والقانون، وتقنية المعلومات، والذكاء الاصطناعي، ونظم المعلومات، وعلم النفس، وعلوم الطيران، والطب بأقسامه، والله يجعلهم على درب الإصرار، والإنجاز، وتجاوز العوائق، والسمو سائرين، ومشاركين بنصح في تحقيق الصالح العام؛ كي تُسطر أسماؤهم في ذاكرة الإنسانية التي لا يطولها مخرب، وليس هذا ببعيد منهم فالطريقي يبصر طريقه إلى الجريان دومًا، ولا يوقفه شيء لأنه مثل الماء المبارك الذي يعرف دروبه، والنهر المتدفق الذي يشق مجراه.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

الأربعاء 02 من شهرِ رمضان عام 1442

14 من شهر أبريل عام 2021م

Please follow and like us:

One Comment

  1. الكاتب احمد وفقه الله لما يحبه ويرضاه. عودتنا نحن القراء على قراءة مقالاتك المختارة بدقة والممتعة والهادفئة وانت تكتب عن حياة د. محمد بن حمود الطريقي .مقالة جديرة بالقراءة . المستحقه للتقدير والاعتزاز والاعجاب . والنافعة للاقتداء. هنيئا لبلده .ولاهله. ولاولاده بهذا الاب الناجح كثر الله من امثاله . اطال الله في عمره وادام عليه الصحة والعافية وراحة البال .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)