سياسة واقتصاد عرض كتاب

الكويت..بين صباحين! 3/1

Print Friendly, PDF & Email

الكويت..بين صباحين!

3/1

الإلمام بالتاريخ يجعل الإنسان قادراً على فهم الواقع، وتوقع المستقبل، وهذه مسلمة قد لا يخالف فيها أحد؛ بيد أن الإشكال في كيفية رواية هذا التاريخ، وتحليل أحداثه. ودول الخليج تؤدي في العقود الأخيرة أدواراً مهمة في أحداث أمتنا، ومن المناسب لنا الوقوف على تاريخها الحقيقي؛ كي نربط الحاضر بالماضي فلا تضيع منا خطوط المستقبل، والله يجعل ذلك كله لغاية تعبيد الناس لرب العالمين، ونصر هذه الأمة التي تشرذمت كثيراً، ونال منها حتى أخس أعاديها.

وبين يدي كتاب من ثلاثة أجزاء، يتحدث بسلاسة عن تاريخ الكويت، ويبتعد كثيراً عن الإغراق في التحليل، وهو من تأليف محمد اليوسفي الذي يتفاعل بإيجابية وكرم مع رسائل البريد الإليكتروني، وصدرت الطبعة الأولى منه عام(2013م) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وله طبعة ثانية قد لا تختلف عن الأولى كثيراً كما أخبرني المؤلف.

يحمل الجزء الأول عنوان الكويت من النشأة إلى الاستقلال، وعلى الغلاف صورة أحمد الجابر وهو يفتتح حقل نفط عام(1946م)، ولون الغلاف أحمر، وعدد صفحاته(311) صفحة؛ ويروي قصة وصول العتوب وآل صباح إلى الكويت في مستهل القرن الثامن عشر حتى الاستقلال عام(1961م).

أمضى المؤلف أربع سنوات في تأليف الكتاب، وكتب إهداءً مختلفاً في كل جزء، بطريقة تشبه الألغاز التي تحرك الذهن؛ بيد أنها لا تتفق مع سلاسة الكتاب وسبكه الواضح، وكرر الشكر والمدخل في كل جزء؛ وكان يسعه أن يضعهما في الجزء الأول فقط، وكتب مقدمة لكل جزء استعرض فيها محتوياته ليجعل القارئ على بينة؛ خاصة أن بعض القراء لا ينظر في الفهرس أو لا يركز فيه كثيراً، وليته وضع في نهاية كل جزء بياناً بأهم أحداثه حسب السنوات.

افتتح هذا الجزء بفصل عن العتوب الذين كانوا يسكنون بر فارس مع الخليفات والهولة، لكن العتوب هاجروا إلى البصرة هروباً من الطغيان الفارسي-الشيعي، وكانوا ألفي بيت تقريباً، ولم يأذن لهم الوالي بالاستقرار في البصرة حفاظاً على تجارة المدينة؛ ونأياً بها عن نزاعاتهم البينية، ووافق على إقامتهم في “أم قصر” الخارجة عن سلطان العثمانيين، والواقعة تحت حكم آل عريعر.

ثم انتقل العتوب منها إلى القرين التي أنشأها أحد أمراء آل عريعر عام (1682م)، واتفقوا معهم على حسن الجوار، ودفع ضريبة سنوية في مقابل الحكم الذاتي والاستقلال الإداري. واتفقت فروع العتوب الثلاثة على تقسيم المهام بينها مع الاشتراك في الأرباح، فصباح يحكم، وخليفة يتاجر-جد حكام البحرين-وجابر يغوص-جد الجلاهمة الذين انطوت صفحة حكمهم-، ويعود هذا الاتفاق إلى الثلث الأول من القرن الثامن عشر على خلاف في تحديد سنته بالضبط.

وفي عام(1752م) تخلصت الكويت من وصاية الأحساء، واستقل صباح بن جابر العتبي بحكمها، وأمر بتشييد أسوار حولها قرابة عام(1760م)، وبعد ذلك ببضع سنوات ارتحل شريكا الصباح-الخليفة والجلاهمة-عن الكويت؛ لتصبح السيادة فيها خالصة لآل صباح، والمؤلف يلمح إلى أن انتقال فرعي العتوب لم ينشأ عن خلاف؛ ولغيره كلام آخر.

وحدثت حروب بين “الوهابيين” وأهل الكويت، وساعدت بريطانيا الكويت بمدافع لصد الهجوم، وذكر المؤلف أن “رينود” ذهب للدرعية لمراضاة حاكمها قرابة عام(1797م) الذي غضب من العون الإنجليزي للكويت. وحين اجتاحت جيوش خورشيد باشا الديار النجدية، واقتربت من الكويت رفع الشيخ جابر بن عبد الله العلم العثماني على قصره عام(1829م)، ثم عاونهم على حرب الزبير والمحمرة، وعندما توفي “جابر العيش” عام(1859م) عن مائة وعشرين سنة آل الحكم لابنه صباح ذي الثمانين عاما!

يتكون سكان الكويت من العامة، والتجار، والشيوخ، وللتجار من القوة ما جعلهم يعارضون صباح بن جابر مرتين، وكانت الغلبة لهم، وأما العامة فقد نقل المؤلف كلاماً حزيناً من مذكرات بحار عن معاناته وأسرته؛ وحروفه تبكي العين، وينفطر القلب منها، ومن ضمن صور هذا الجزء صورة للحرائر ينتظرن قدوم أزواجهن من الغوص؛ وما فيهن متبرجة.

وبعد وفاة صباح خلفه ابنه عبد الله الذي رفض التبعية للأتراك؛ لكنه طيب العلاقة معهم بالمشاركة في جيش مدحت باشا والي بغداد المرسل للتدخل بين أبناء الإمام فيصل بن تركي، ومنحوه لقب قائمقام الكويت، وبعد وفاة عبد الله انتقل الحكم أفقياً لأخيه محمد عام (1893م)، وألحق المؤلف بهذا الفصل وثيقة عثمانية عن تاريخ العتوب.

أما عنوان الفصل الثاني فيحمل اسم مبارك، حيث انتقل الحكم بعد عبد الله لأخيه محمد خلافاً للعرف السائد في الأسرة؛ خاصة مع نضوج ابني عبد الله جابر وخليفة، وقد تقاسم محمد الحكم مع أخويه؛ فأسند لجراح إدارة المال، ولمبارك شؤون الحرب والقبائل.

وبسبب حنق مبارك على أخويه، أقدم في الثامن من مايو (1896م) على قتلهما بمساعدة ولديه جابر وسالم-حكما تباعاً بعده-، ولم تنجح محاولات يوسف الإبراهيم في الثأر للقتيلين، فحصل مبارك على لقب قائمقام عام(1897م)، وكان يكاتب الدول العثمانية ويوقع اسمه تحت وصف عبدكم، لكنه بعد توقيع معاهدة مع بريطانيا-زينها له حاكم البحرين وابن عمه عيسى بن علي آل خليفة-استخدم لقب حاكم الكويت وشيخ قبائلها، وقد وقعت هذه المعاهدة عام(1899م)، وكانت سرية، وتشبه إلى حد كبير المعاهدة الموقعة مع حاكم مسقط عام(1891م).

اعتبرت الدولة العثمانية هذه المعاهدة خيانة للدين والدولة، ويبدو أن مبارك أراد الإفادة قدر طاقته من القوى المحيطة؛ فكان يرفع علم فارس أحياناً مناكفة للدولتين، ولم يطمئن إلا بعد تسوية الخلاف بينه وبين أبناء شقيقيه محمد وجراح، ثم زيارة الاستعماري الشرس اللورد كيرزون للكويت وما أعقبها من تعيين الميجور نوكس قنصلاً بريطانياً في الكويت للمرة الأولى عام(1904م)، وبعد ذلك اتخذ مبارك له علماً خاصا، وكان كثير الحروب التي قلما ينتصر فيها، إضافة لسوء إدارته للمال وتبذيره حتى أنه اشترى يختاً بخارياً عام(1907م) بمائة ألف روبية! وحاول فرض الضرائب على تجار اللؤلؤ لكنهم وقفوا في وجهه، وقرروا الهجرة من الكويت خوفاً من اغتيالات مبارك الذي يصر على أنه لم يقتل أحداً في حياته!

ولأن الكويت قائمة على حلف مع التجار، فقد سارع مبارك لإرضاء التجار المغادرين؛ وذهب بنفسه إلى البحرين لهذا الغرض، وما أن هدأ التجار حتى ثار عليه أحرار الكويت حينما طلب منهم مساعدة الإنجليز ضد الدولة العثمانية، فأجابوه: لا نسمع ولا نطيع! فاستشاط مبارك غضباً، وأقسم على قتل المشايخ الذين ينفخون الروح في الشعور الديني، بيد أن الملاريا كانت من جند الله وسبقت إليه فأهلكته عام (1915م)، وخلفه ابنه جابر الذي هرع للاستنجاد بالمقيم السياسي البريطاني كي لا يذهب الحكم لغيره.

والفصل الثالث بعنوان جابر وسالم، حيث كان جابر حسن العلاقة مع الملك عبد العزيز خلافاً لأخيه سالم الذي كان يغار من إعجاب والده بابن سعود، وتقديمه على أولاده، ولسالم حسنات في حرصه على الرابطة مع الدولة العثمانية، ومحاربته مظاهر الفسق في بلاده، لكنه كأخيه جابر لم يعمر في الحكم طويلا.

توالت المناوشات بين سالم والإخوان، وتدخل خزعل للصلح بين ابن سعود-الذي ينفي صلته بهجوم الإخوان على الكويت-وابن صباح، وكان لخزعل وداد كبير مع مبارك لدرجة أنه تزوج من أرملته الجورجية بعد وفاته! ولحكام الخليج ولع بالجورجيات اللاتي يسميهن العامة “كرجيات”، ويظن البعض بأنهن كرديات مسلمات؛ وهن جورجيات.

وأما الفصل الرابع فعنوانه أحمد الجابر، وقد حكم لفترة طويلة، حيث توفي سالم بينما كان أحمد يتفاوض مع الملك عبد العزيز الذي وجد راحة لانتقال الحكم إلى أحمد الجابر ووعده بتعاون تام، وحين قفل أحمد للكويت وجد أن وجهاء البلد متفقون على تكوين مجلس شعبي استشاري يعاون الأمير كي لا يستفرد بالسلطة، فوافق مضطراً حتى لا تذهب البيعة لعبد الله السالم الذي يليه في الترتيب؛ وتشير الوثائق البريطانية إلى أن عبد الله أذكى آل صباح وأقواهم شخصية.

ولم يتوان أحمد في اختيار اثني عشر عضواً لهذا المجلس في أبريل عام(1921م)، وخلا المجلس من عضوية العجم والشيعة نظراً لغضبة أهل الكويت من موقفهم التخاذلي في معركة الجهراء، ولم يستمر هذا المجلس طويلاً لكثرة الخلاف، والسباب، وغياب الأعضاء حتى أن بعضهم كان يرسل ابنه للحضور بدلاً عنه! وأورد المؤلف في خاتمة هذا الفصل وقائع اجتماع حاكم الخليج بيرسي كوكس بزعماء المنطقة لتقسيم الحدود، وهو اجتماع عصيب، وظهر فيه خبث الإنجليز؛ بما أقض مضجع أحمد الجابر، وأغضب الملك عبد العزيز.

عنوان الفصل الخامس المجلس التشريعي، وفي مقدمة كل فصل كلمة معبرة، وكلمة هذا الفصل مستلة من تعهد أحمد الجابر لمجلس عام(1939م) بخدمة الكويت حتى أنه أباح لهم الدوس على رقبته إن خالفهم! وقد نجح هذا المجلس في المطالبة بخدمات بلدية، ثم بإصلاح التعليم، وتكفلوا بمصاريف المعارف لكنهم تصادموا مع الحاكم حول جنسية المعلمين، حيث كان يرغب بمعلمي البلاد التي لا يقاوم أهلها الإنجليز، بيد أن إصرار الرجال أجبر الأمير على الرضوخ لمطالبهم.

وبسبب فساد القضاء، وتزوير الانتخابات من قبل الحكومة، انتشرت الكتابات الغاضبة على الجدران، ونالت من شخص الأمير وخاصة أمره، بل حرض بعضها على الثورة. وقد اعترض المجلس على سيل الهجرات الإيرانية، وطالب الأمير باتخاذ موقف من تسليم فلسطين لليهود، ووصل الأمر بين المجلس والقصر إلى حد النزاع المسلح، وبعد اتفاق الطرفين نُزع فتيل القتال، ونكث القصر بكل وعوده، وحل الشيخ أحمد المجلس عام (1357)، وسيطر آل صباح على أغلب الإدارات الحكومية، وكانت السعودية أول المهنئين على هذا الإنجاز؛ لأن الديمقراطية لم تجلب خيراً للكويت! وينقل المؤلف عن بعض المصادر أن القوات السعودية كانت على أهبة الاستعداد لمناصرة أحمد الجابر.

وشهدت تلك الفترة حضوراً صاخباً للكويت في الصحافة العراقية؛ التي دعت لتحرير الكويت من الأسرة الحاكمة، أو ضمها للعراق، وبالمقابل نشط الكويتيون في عرض مقترحات إصلاحية على الأمير الذي لم يكن يستطيع البت بها قبل عرضها على السفير البريطاني. وكان أعيان الكويت يقولون للأمير نحن نقع بين حكومتين: استبدادية ونيابية، والتجربة النيابية أحسن لنا، وكان يوافقهم على ذلك؛ لكنه يخالف موافقته بمقترحاته وتصريحاته، مما جعل محمد المنيس يعلن أن الصباح لم يعودوا حكاماً للكويت، فما أذن العصر إلا وهو قتيل بين يدي أهله.

ويحتج أحمد الجابر بصنيع جده مبارك حين قتل أخويه لأجل الحكم، وكأنه يقول بأن تكرار ذات الأمر مع “المواطنين” من باب أولى! وفي عهده افتتحت مدرسة إيرانية حظيت بمساندة الشيوخ، ودعم العائلات التي وقفت ضد المجلس التشريعي، والتوافد الإيراني على الكويت جدير بالبحث، ومعرفة أسبابه، وسر سكوت أحمد الجابر عنه.

عبد الله السالم هو موضوع الفصل السادس، وهو الحاكم الحادي العشر للكويت، حيث خلف ابن عمه أحمد الجابر بسلاسة عام(1950م)، وكان حين وفاته في مسقط. وهو مولع بالطعام والنساء والقراءة، وفي عهده انتعش اقتصاد الكويت بسبب النفط، وانتقل التجار من كونهم شركاء للحكومة ودافعي ضرائب إلى مقاولين ينتفعون من العقود الحكومية، وزادت حركة توظيف الشباب، وفاض المال حتى ظهر أثره على ملابس النساء وانفتاح الناس وتغير عاداتهم، وأصبحت الدولة رعوية من الطراز الأول.

ومن المفاجآت مماطلة الإنجليز في الاعتراف به حاكماً بسبب تأييده مطالبات المجلس التشريعي التي تضر بمصالحها، واشترطت عليه تعيين خبراء إنجليز، وتسمية ولي عهد له، وتنحية مستشاره عزت جعفر ذي الهوى الألماني. وقد تعامل عبد الله بحكمة مع طلباتهم؛ فوافق على تسمية ولي العهد لكن بعد حين، وعين بعض الإنجليز موظفين لدى الحكومة، وأزاح مستشاره عن الشؤون الخارجية بالتدريج، وبذلك نال اعتراف الحكومة البريطانية.

وفي أيامه توالت المطالب الشعبية بتكوين مجالس تنظيمية خالية من عضوية أبناء الأسرة الحاكمة، ووقع عبد الله السالم بين الضغوط الشعبية، والممانعة السعودية لهذه الفكرة خشية من انتقالها للدول المجاورة، كما يقول البرلماني القومي د. أحمد الخطيب. ومن الطرائف أن عبد الله وافق على تأسيس مجلس منتخب عام(1958م) شريطة ألا يترشح له رموز التيار القومي؛ فما كان من الناخبين إلا التصويت لهؤلاء الرموز الذين لم يرشحوا أنفسهم أصلاً، وما أقوى الإرادة الشعبية.

وفاض المال في إمارته وكثرت المشاريع، وسدد الحاكم ديون أفراد الأسرة، وخصص لهم مرتبات شهرية من موازنة البلد، وانتفع بعضهم من المشاريع والمناقصات بطرق غير شرعية، وأصبحت المقاولات مهنة غالب الناس، حتى أن قائد فرقة رقص شعبي تحول إلى مهندس معماري!

وفي أيامه نزعت أربع شابات غطاء الوجه، وأحرقنه في ساحة المدرسة الثانوية، وقد امتعض المجتمع من ذلك؛ بيد أن رئيس دائرة التربية عبد الله الجابر اجتمع معهن مبدياً تفهمه لفعلهن(!)، وطلب منهن مراعاة تقاليد المجتمع، ونزع الحجاب خلال الدراسة الجامعية في الخارج؛ هذا وهو المسؤول عن التربية! والحمد لله الذي رد المسلمات إلى العفة والستر، وأخزى الذين يريدون الفاحشة بالمؤمنين.

وبلغ المد الناصري والقومي أعلى مستوى له، وكانت الجماهير تتفاعل مع الأحداث، وتظاهرت ضد الإنجليز والعدوان الثلاثي، ورفض قائد الشرطة جاسم القطامي التصدي للشعب الذي يعبر عن رأيه، ولذا أذنت السلطة بالتجمعات للتنفيس، وتبرع قائد الجيش عبد الله المبارك بخمسين رأس من الأغنام لإطعام الحشود الغاضبة، واستثمرت الحكومة الخلاف بين عبد الناصر وقاسم للوقوف في وجه تحرشات الأخير بالكويت، ومن الطريف أن أمير الكويت اغتاظ من تعليق صور جمال على سيارات المواطنين وقال: ألا يعلم هؤلاء أن عبد الله السالم هو حاكم الكويت؟!

ومع تطور الأحداث رأت الحكومة البريطانية أن تمنح الاستقلال للكويت شريطة مشاركة الشعب في السلطة، وإفادة المواطن من مداخيل النفط العالية، وعندما أُعلن استقلال الكويت بادر الرئيسان عبد الناصر وقاسم إلى التهنئة، إلا أن عبد الكريم قاسم أصدر بعد ذلك بخمسة أيام قراراً بضم الكويت إلى العراق، فتحرك الشعب رافضاً هذا الإجراء، وأعلنت بريطانيا والسعودية دفاعهما عن استقلال الكويت، ووقف عبد الناصر موقف الرافض لإجراء قاسم؛ ولتدخل الإنجليز.

لذلك سارعت الجامعة العربية إلى عقد اجتماع في 20 يوليو1960م طالبت فيه العراق بالتراجع عن استخدام القوة، وقبلت عضوية الكويت فيها، ولم تنجح الكويت في الحصول على عضوية الأمم المتحدة بسبب تكرار فيتو السوفيات تضامناً مع العراق، وبعد انقلاب عارف على قاسم، وإقراض الكويت للعراق مبلغ(30) مليون دينار كويتي مقابل الاعتراف باستقلالها، أصبحت الكويت العضو رقم(111) في الأمم المتحدة في 07 مايو 1963م.

وبعد وفاة فهد السالم، واستقالة عبد الله المبارك، وتنازل محمد الأحمد، عيَّن الأمير أخاه صباح السالم ولياً للعهد في أكتوبر (1962م)؛ مع أن الكفة كانت تميل إلى ابن أختهما جابر الأحمد. وبسبب الحرج الذي لحق بديمقراطية بريطانيا العريقة؛ وتناقضها مع حماية أنظمة قبلية أو استبدادية، دعا الامير عبد الله إلى انتخابات مجلس تأسيسي لوضع دستور للبلاد، وأجريت الانتخابات في 30 ديسمبر 1961م، وفي 20 يناير 1962م اجتمع المجلس بأعضائه العشرين لأول مرة، وافتتح عبد الله السالم أعماله بكلمة قال فيها إن هذا المجلس يحمل على عاتقه مهمة وضع أسس الحكم في المستقبل، وكان يقف إلى جواره ابنه سعد الذي تولى حقيبة الداخلية في عهده.

بذلك ينتهي الجزء الأول من هذا الكتاب، الذي سرد نشأة الكويت، ودور التجار ومواقفهم، وحيوية الشعب وتفاعله، وتجاوب الحكومة مع الضغوطات الشعبية ومع مطالبات التجار، ونشأة التيار القومي، وتجاوب الكويتيين مع هموم الأمة، وخروجهم منذ القدم في مظاهرات وصل بعضها إلى حد المواجهة، وعلى الصعيد الدولي استبان أثر بريطانيا في الصورة “الديمقراطية” التي تتميز بها الكويت، فضلاً عن وجود تأثر كويتي كبير بالعراق والسعودية وإيران ومصر، ومن سمات هذا التأثر ان الكويت تضطرب إذا استقر العراق، وما ذاك إلا لوجود حاكم او أكثر تحركه أجندات دولية، والضحية هم الشعوب الذي يشتركون في الدين والعرق، والثروات التي تستنزف، والتنمية التي تتراجع.

أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرِّياض

ahmalassaf@

الثلاثاء 21 من شهرِ ذي القعدة الحرام عام 1435

16 سبتمبر 2014 م 

 

 

Please follow and like us:

6 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)