سياسة واقتصاد عرض كتاب

صراع الأمراء!

Print Friendly, PDF & Email

صراع الأمراء!

إذا نظرت إلى خريطة الجزيرة العربية، ستلحظ أن الرياض تقف أمام عواصم الخليج كالموجِّه أو القائد، وتستند الرياض في هذا الموقع الريادي إلى مساحة شاسعة، وثروات متعددة، وتعداد سكاني كبير، وأهم من ذلك كله، تتكئ على زعامة دينية، مع التفرد بخدمة الحرمين الشريفين وزوارهما.

وحين أقول ذلك؛ لا يدفعني إليه تعصب لبلدي، أو انتقاص لغيره، إنما هي الحقيقة التي تؤكدها الجغرافيا السياسية، ويدعو إليها عدد من مفكري المنطقة وخبرائها الاستراتيجيين، الذين يرون في الاتحاد الخليجي، سبيلاً للنجاة من مطامع الفرس، والتحرز من خذلان الروم.

وللتاريخ السياسي كلمة في هذا الشأن، حين خضعت بلدان الخليج لسلطة حاكم الدرعية بدرجات متفاوتة، ولولا الحملة المصرية، والكيد الإنجليزي، ومكر بعض الشيوخ، لدانت الجزيرة العربية أو جلها لحاكم واحد، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

وبين يدي كتاب يدرس هذا التاريخ، عنوانه: صراع الأمراء: علاقة نجد بالقوى السياسية في الخليج العربي (1800-1870) دراسة وثائقية، تأليف عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، صدرت طبعته الأولى عن دار الساقي عام (1990م)، ويقع في (323) صفحة، ويتكون من مقدمة، ثم خمسة فصول يعقبها الخاتمة، والملاحق، ثم ذيول وتعليقات تابعة لفصول الكتاب، وأخيراً المصادر والمراجع، علماً أن الكتاب لم يطبع بعد نفاد نسخه، ولا أعلم سبباً وجيهاً لذلك، وقد حصلت على هذه النسخة المستعملة بشق الأنفس، والشكر لله، ثم لصديقي الكتبي السوداني الذي وجدها؛ ثم احتفظ بها لي.

والمؤلف من السودان، وهو باحث جلد، وأستاذ جامعي عتيق، ومؤرخ مهتم بالتاريخ السياسي لمنطقة الخليج العربي، ودراسة النفوذ البريطاني فيها، وله عدة كتب حول هذا الموضوع، استعرضت بعضها، والبقية في الطريق إن يسر الله وأعان.

وسبق أن عمل الباحث في جامعات ومراكز بحثية، في السعودية، والإمارات، وقطر التي يقيم بها حالياً، ولديه أبحاث مهمة فرغ منها منذ سنوات ولم تر النور بعد! كما أن كتبه القديمة نادرة أو مفقودة من السوق، وهي قيمة ووثائقية، وبعضها طبعته مكتبات عامة، ومراكز بحثية معتبرة في السعودية، والعراق، والإمارات، وأتمنى أن يجد البروفيسور وقتاً لمراجعتها، وإعادة طباعتها من جديد.

تحمل المقدمة السبب الرئيس الذي دفع المؤلف لهذا البحث؛ ذلك أن امتداد نجد في الدولة السعودية الأولى والثانية تجاه الخليج العربي، وتأثيرها وتأثرها، موضوع لم ينل ما يستحقه من معالجة جادة، مع أهميته، وتوافر مادته، وتعدد مصادره.

ولعل خبرة أ.د. عبد العزيز، وكتابته رسائل علمية عن حكومة الهند البريطانية، وعن السلم البريطاني في الخليج، تجعله من أقدر الناس على سبر أغوار هذا الموضوع المتشعب، وهذان الكتابان-حكومة الهند، والسلم البريطاني-طبعتهما دار المريخ السعودية منذ ثلث قرن، ولم تعد طباعتهما، ورأيت قبل أيام نسخة واحدة فقط منهما على رفوف مكتبة الناشر.

ويرى المؤلف أن أهمية السعوديين ازدادت بعد انتزاعهم الأحساء من بني خالد، حيث اتصلوا بسياسات عمان، وفارس، والعثمانيين، ثم الإنجليز، وربطوا بين الخليج والبحر الأحمر، مما جعل لموقع نجد أهمية عالمية لم تكن بارزة من قبل.

وقد نجم عن الصراع الحاد بين أمراء المنطقة، أن تمكنت بريطانيا من غرز مخالبها في جسم الخليج، والتحكم بمشيخاته، ونفث سموم الفرقة والتناحر بينها، وعسى أن يكون درس التاريخ هذا حافزاً لأحفاد أولئك المتصارعين؛ كي يتعاونوا على البر والتقوى، والنفع لأمتهم وشعوبهم.

واعتمد الباحث في دراسته الرائعة على الوثائق البريطانية، وهل التاريخ إلا وثيقة ثابتة أو رواية صادقة؟ ومع ذلك لم يدَّعِ غلق الموضوع دون البحث، وهي دعوة من عالم مؤرخ للقادرين من زملائه؛ ليثروا هذا الموضوع الخصب، الذي ابتدأه بهذه الدراسة الوثائقية، مشيراً إلى أن الوثائق ليست دائماً بريطانية الهوية؛ وإن كانت بريطانية الدار، وأنها تضم آثاراً لأمراء الخليج لم تجتمع بهذه الغزارة في مكان آخر. ومما يذكر بالمناسبة فيشكر، عناية مكتبة ذات السلاسل الكويتية، بمؤلفات عديدة حول التاريخ السياسي للخليج.

عنوان الفصل الأول: امتداد نجد إلى الخليج العربي، وتحدث البروفيسور فيه عن علاقة الأحساء بنجد، حيث فرض بنو خالد سيطرتهم على البلاد النجدية، وكثرت المناوشات بين الطرفين خاصة بعد انبثاق الدعوة الإصلاحية، وكانت المبادرة والغلبة للخوالد، حتى ثبتت الدرعية في وجه الهجمات ولم تهتز، ثم تجرأت لأخذ زمام المبادرة، والإغارة على ديار بني خالد عام 1176 بقيادة عبد العزيز بن محمد بن سعود.

استشعر آل عريعر وهم أمراء بني خالد قوة هذه الإمارة الناشئة، فأرادوا القضاء عليها مبكراً، قبل أن يستفحل خطرها. وبعد أن سمعوا عن الغزو النجراني الخطير للدرعية، بقيادة حسن بن هبة الله المكرمي، هبوا بجيوشهم للتحالف معهم، لكنهم وصلوا بعد أن أبرم محمد بن سعود اتفاقاً مع صاحب نجران، الذي أبى نقض عهده لصالح الخوالد، وهي شيمة كريمة أصيلة، ونادرة.

وبعد دخول الرياض تحت حكم السعوديين عام 1178، أي في عهد عبد العزيز بن محمد ازدادت قوة الدولة السعودية، وانتشرت جيوشها في جهات متعددة، وساعدت الخلافات والمؤامرات بين آل عريعر على تمكين السعوديين من التدخل الفعلي في شؤون الأحساء، وجعلها تابعة للدرعية عام 1198.

وحين توقف مدد المنتفق لآل عريعر بتصرف عثماني غير مقصود، أصبحت الأحساء مكشوفة تماماً للسعوديين الذين دخلوها مرة أخرى، وأخمدوا المعارضين، وضموا هذه المنطقة البهية لدولتهم عام 1204(1789م)، لكنهم اضطروا لإخماد عدة ثورات أحسائية تفضل الخوالد على السلفيين، وحسموا الأمر تماماً لصالح الدرعية عام 1210؛ لينفتح لهم الطريق نحو الخليج العربي، ومنذ هذا التاريخ(1204=1789م)، ذكرت المصادر البريطانية لفظتي الوهابية والوهابيين.

وبدأت مجابهات أخرى على حدود العراق، وكاد الجيشان أن يلتحما في معركة حامية؛ لولا إبرام اتفاق هدنة بين القائد العثماني علي الكيخيا، والأمير سعود عام 1213، وإن لم تصمد الهدنة، مما استدعى توغل الجيش السعودي في كربلاء، فغضبت فارس من هذا التوغل، لكنها لم تستطع المنازلة؛ فأرسلت متطوعاً شيعياً؛ وعده المراجع بالجنة، فاغتال الإمام عبد العزيز بن محمد، وهو ساجد في الصلاة.

وكان الامتداد السعودي نحو قطر، والبحرين، والكويت، استمراراً لسيطرة بني خالد على بعض هذه الحواضر، ولم تقف أي عوائق طبيعية في وجه السعوديين، وتعاملت مع القبائل حسب موقفها من التوسع المذهل للقوة السعودية، فالسلم لمن سالم، ومن أبى إلا الحرب، فالصحراء ميدان فسيح، ورمالها لا تشبع من الدماء، والله يرفع عن أمة محمد-صلى الله عليه وسلم-بأسها البيني الشديد. ولم تتراجع الجحافل السعودية عن عزمها على ضم هذه المناطق، إلا لمقاومة الحملة المصرية-العثمانية الزاحفة من الغرب.

كما وصلت العمليات السعودية إلى الساحل العماني من عام 1206، حين بلغها القائدان السعوديان مطلق المطيري، وإبراهيم بن عفيصان، فبايع بنو ياس والنعيم، ثم القواسم الذين دخلوا في الطاعة كرهاً أول الأمر. وعين عبد العزيز بن محمد أميراً من قبله على مناطق القواسم؛ لتفتيت روابط الولاء السابق، وأدرك القواسم أن مكمن قوتهم في البحر، فقادوا فيه عمليات بحرية، تحت الراية السعودية-الوهابية، وأقلقوا الإنجليز زمناً طويلاً، ودخلوا التاريخ كقوة إسلامية سلفية بحرية. ولم تكن العلاقة صافية تماماً بين السعوديين وأهل الساحل، ولم تخل من اعتداءات بني ياس على القوة السعودية وتدميرها كلية أحياناً.

ومن المنطقي أن يتجاوز السعوديون مناطق الساحل إلى عمان ذاتها، إذ بلغت جيوشهم أسوار مسقط، وتدخل سعود الكبير في تعيين خلف لسلطان بن أحمد الذي قتل في عرض البحر عام 1219، وتغلغلت الدعوة السلفية سلمياً في عمان، وتحولت إليها عدد من القبائل، حتى أصبحت سواحل الخليج العربي تصيخ بسمعها للدرعية، وتأتمر بأمرها، وتدفع لها الزكاة، بل وأرسلت الدرعية لعمان بعض “المطوعين”؛ الذين كانوا يحتسبون على المنكرات، ويأمرون بالصلاة، وإغلاق المتاجر مع الآذان، ولا يخضعون لسلطة أحد، ولا يبتغون رضا أحد من حكام عمان. ولم تتحرج الدرعية من إصدار أوامر صريحة وواجبة التنفيذ لمسقط، وإذا كان هذا هو حال مسقط وهي الأقوى حينذاك، فكيف سيكون شأن المشيخات الصغيرة المتناثرة على ساحل الخليج؟

الفصل الثاني عنوانه: علاقة الدولة السعودية الأولى بالخليج العربي، وخير معبر عنها هو العلاقة مع شركة الهند وممثليها في الخليج، وهي علاقة غلب عليها التضارب والتناقض، مع أن كل طرف جهد لاسترضاء الآخر. ولم تكن الشركة البريطانية في الهند، ولا رئاستها في لندن، تقيم وزناً لما يحدث في عمق الجزيرة العربية، ولم تهتم إلا بسلامة بريدها الصحراوي الذي يقطع هذه الأرض؛ لأنها لم تكن قادرة على حمايته، خلافاً لمصالحها البحرية المسيطر عليها.

وأول إشارة لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في سجلات شركة الهند الشرقية كانت عام 1201(1787م)، بعد أن أطلت جيوش الدرعية على مياه الخليج، وكانت إشارتها للدعوة عرضية، وعلى هامش تداعيات خبر وفاة مؤسس البيت البوسعيدي أحمد بن سعيد عام 1196، وما نجم عن اقتتال أبنائه وإخوانه، الذي مهد الطريق للجيوش السعودية كي تنتشر في عمان وساحلها.

وفي عام 1208 نقلت شركة الهند مكاتبها من البصرة إلى الكويت، على إثر خلاف مع السلطات العثمانية، وتعرضت مكاتبها لهجمات وهابية جعلتها توفد مندوباً للدرعية عام 1213(1799م)، وهو رينو مساعد وكيل الشركة، ليفاوض إمام الدرعية، ويتعهد له بحسن المعاملة.

وقبيل هذه الزيارة كتب السير ستار فورد جونز تقريراً كاملاً عن أوضاع نجد؛ يعد الأول من نوعه، ووصف فيه الدعوة السلفية وتعاليمها، وأكد أن هؤلاء العرب السلفيين إن لم يُكبحوا؛ فسيصبحون مصدر ثورة عظيمة في هذه البقعة، وأشار إلى السلطة المطلقة التي حظي بها الشيخ محمد في الدرعية بعد تعاهد المحمدين.

وأصبح هذا التقرير الأساس الذي بنت عليه الهند البريطانية سياستها في المنطقة، وكرس نظرة مسؤوليها تجاه الوهابية؛ بأنها ثورة ربما تزيد مما يعانيه الإنجليز من رهق وعنت، بسبب مقاومة مسلمي الهند. وأما رينو فلم ينشر تقرير سفارته إلى الدرعية إلا في عام 1220(1805م)، أي بعد سبع سنوات من قيامه بها، ومن انطباعاته في تلك الرحلة تواضع عيش الأمير مقارنة بسعة سلطته.

وبدأ التناقض الشديد بين الجانبين من البحر، فبريطانيا تريد التملص من دفع الرسوم والضرائب على سفنها استعلاء واستكباراً، لأنها ترى نفسها سيدة البحار، وذات اتفاقات من دولة مسقط البحرية صاحبة الموقع الاستراتيجي في فم الخليج، ومسقط تجد مصلحتها مع الهند ومياهه، التي تسيطر عليها بريطانيا، وتعتبر الإنجليز طوق نجاة من الفرنسيين الذين احتلوا مصر، وشريكاً في مقاومة المد السعودي الجارف.

وأدى التقاء المصالح المسقطية البريطانية إلى توقيع اتفاقية عام 1213، وبها أضحت مسقط ركيزة أساسية في السياسة الدولية البريطانية، مما حتم المساندة البريطانية لها في وجه الدرعية؛ لأن الحضور الإسلامي في البحر، ازداد حدة بانضمام القواسم الأقوياء بحرياً إلى الدولة الوهابية. ويعتقد الأدميرال “لو” قائد البحرية في الهند بأن القرصنة-كما يصفها زوراً-لم تنتشر في الخليج إلا بعد انضمام القواسم للوهابيين، بينما يذهب تقرير واردن-عضو المجلس في بومباي-إلى أن تعرض السفن البريطانية للهجمات قبل عام 1212 لم يكن بسبب ديني أو سياسي.

وتأزمت العلاقة بين القواسم والإنجليز، خاصة بعد استيلاء القوة القاسمية على سفن إنجليزية، وقتل سلطان عمان عند لنجة عام 1219، ومقاومة أي قوة بحرية أجنبية؛ حتى لا تصير مقدرات الخليج وخيراته نهباً للغرباء، ولذا فرض القواسم الرسوم على سفن الكفار، والزكاة على سفن المسلمين.

وحين اضطربت أمور عمان بعد مقتل زعيمها سلطان، وتنازع الورثة على الحكم، ساندت القوات السعودية بدر بن سيف ليخلف عمه، فقطعوا بذلك الطريق على تدخلات الإنجليزي ستون، الذي لم يألوا جهداً لتعكير صفو العلاقة بين نجد وعمان، فحض بدر بن سيف على ضرب قوة القواسم البحرية، بمساندة من عتوب البحرين، وبذلك لا تقوم للدولة الإسلامية الموحدة قوة كبرى في الخليج، وتسوء العلاقة بين الدرعية ومسقط.

واستمرت العلاقات بين نجد ومسقط حسنة في الظاهر، وفي الباطن تحين بدر أي فرصة للخلاص من الهيمنة السعودية؛ مع أنهم ساعدوه وصيروه حاكماً! فيما ارتكب سلطان بن صقر القاسمي خطئاً شنيعاً بمصالحة الإنجليز دون الرجوع للحاكم السعودي! وعقاباً له على تصرفه؛ أرسلت إليه الدرعية من يسوقه إليها أسيراً، وينصب خلفاً له خيراً منه، وأصدق عزماً على الجهاد البحري.

وبعد تنحية سلطان بن صقر، عاد الجهاد القاسمي البحري على أشده، وأوجعت قوات الأمير الجديد حسين بن علي-شيخ الرمس-الشركة البريطانية ورعاياها، وضم أسطول القواسم (876) مركباً بحرياً، كانت تخرج في فرق مكونة من 15-20 مركباً، ولم يكن فعلها قرصنة كما روج الإنجليز وصدقهم البعض؛ بل هو أجرة التسهيلات والخدمات التي تحظى بها السفن؛ وهي تجوب الخليج آمنة مطمئنة.

وتعاملت بريطانيا مع هذا الطلب بنظرة تنم عن روح استعلائية استعمارية، وأقلقها وجود دولة إسلامية واحدة تصل البر مع البحر، ورأت ألا خلاص لها بغير انقسام هذه البقعة إلى دويلات يسهل السيطرة عليها، وإثارة الخلافات بينها، وهي سياسة القوى العظمى منذ القدم؛ ولازالت.

واستقر رأي الإنجليز على ضرورة قمع القواسم في البحر، كي لا تصبح الهند أمام التيار الإسلامي، فيجتاحها المد الوهابي المقاوم والمقلق، وجعلوا سلطان عمان-على ضعفه-مطية لهم لتحقيق هذا الجرم، فكتب له دنكان حاكم بومباي عام 1224(1809م)، طالباً تقديم العون ضد القواسم، فرحب السلطان سعيد بذلك ترحيباً بالغاً، وعلق المؤرخ العماني السالمي على هذه المشاركة الآثمة بقوله:” أول سبب تدخلت به النصارى في ملك المسلمين من أهل عمان، وأنهم بقوا بعد ذلك آفة في ذراريه وعلة في مملكته يظهرون الصداقة ويضمرون العداوة”.

وتحركت حملة برية وبحرية لمهاجمة القواسم، قادها سعيد سلطان عمان، بمعاونة من عتوب البحرين، ومعاضدة من الفرس، ولكنها باءت بالفشل فارتدت إلى أراضيها بخزي وعار، مما اضطر الإنجليز إلى إرسال تعزيزاتهم البحرية-لم يجرؤ الإنجليز على القتال البري، وكلفوا به العرب ليقتل بعضهم بعضاً، بينما يقصف جندهم المدن عن بعد-، وهاجموا رأس الخيمة، وأحرقوا سفنها ومراكبها، حتى رفرف العلم البريطاني على بيت الشيخ، ثم أكملوا جرائمهم الدموية في لنجة وشيناص، وكلما سمعوا باقتراب جيش الدرعية، الذي يقوده مطلق المطيري ولوا هاربين مدبرين، لتظل جيوش المسلمين وحدها في الميدان تتقاتل أعنف قتال وأدماه.

وبعد هذه الحملة طلب آل خليفة من الإنجليز تعهداً صريحاً بالحماية؛ لينفضوا عن أنفسهم التبعية للدرعية، وكرر الطلب سلطان عمان، بيد أن الإنجليز كعادتهم ليس لهم من هم سوى مصالحهم، وحفظ أرواح جنودهم، وحماية تجارتهم، وكانت سياستهم تتلخص في أمن البحر، وترك البر لأهله دون تدخل منهم، إلا إن تضررت مصالحهم بما يستوجب التدخل، ولذا رأى آل خليفة وآل بوسعيد في فارس ملتجئاً لهم ضد القوة الوهابية.

وجرت مراسلات بين سعود بن عبد العزيز والمقيم البريطاني في بوشهر هانكي سميث، وملخصها أن سعود يرى عمل القواسم في البحر جهاداً لا قرصنة، وأنه مستعد للتعاون مع دولة الإنجليز، وحماية تجارتها، شريطة ألا تتدخل في شؤون السواحل التابعة له. وأجابه سميث بأن الشركة وقواته لن تعارض عملياته ضد المسلمين، ولكنهم سيستخدمون القوة ضد “القراصنة أعداء البشرية” كما يصفهم، ويا لها من دعوى متكررة! ونبع موقف سعود الكبير تجاه بريطانيا، وتبنى سياسة جديدة تجاه شركة الهند، بعد أن تلقفت السلطة السياسية في الدرعية، فتوى علمائها بأن جهاد الإنجليز غير واجب، ولعل الفتوى إن وجدت، وكانت دقيقة، قد نظرت إلى واقع الحال، واختلاف القوة، وقدوم الغزو المصري.

وأرسل سعود سفارة يرأسها إبراهيم بن عبد الله بن عبد الكريم إلى السلطات الفارسية في شيراز، وإلى المقيم الإنجليزي في بوشهر، ووصلت عام 1226(1811م)، وغرضها عقد اتفاقيات صداقة وحسن جوار. وتردد المقيم في الموافقة، مع أنه يعلم قوة جيوش سعود على الأرض، ونفوذه الروحي بين سكان الساحل؛ ويعود موقفه المتردد إلى يقينه بأن قوة القواسم البحرية أصبحت ضعيفة، وإدراكه حرص السعوديين على الصلح كمناورة؛ بعد أن تنامى لمسامعه أخبار زحف الحملة التركية المصرية على الحجاز.

وأما الفرس فقد أكرموا وفادة السفارة؛ مع حنقهم على السلفيين في الدرعية، وكانت أوضاعهم تمنعهم من تحريك جيش لحرب نجد؛ فضلاً عن خشيتهم من أن تحرك الدرعية عرب السواحل الفارسية ضدهم، ولذلك أرضوا المفاوض، وأجابوه إلى رغبته في الصداقة المتبادلة. ويُروى أن الفرنسيين أرادوا استثمار الموقف الإنجليزي البارد تجاه الدرعية، وحاولوا التحالف معها ضد بريطانيا، لكن رسولهم لم يجد من ينقله من حلب إلى الدرعية!

وبطريقة مريبة هرب سلطان بن صقر من معتقله في الدرعية، والتحق بقوات محمد علي الغازية في الحجاز، وحمل عرضاً من محمد علي إلى سعيد سلطان عمان للتعاون ضد الدرعية، على أن يساعد حاكم عمان سلطانَ بن صقر على استرداد مشيخة القواسم، وانتزاعها من السعوديين، فرحب السلطان بعرض الباشا، وأرسل لطوسون سفينة محملة بالمؤن.

كانت الدرعية حينها في وضع لا تحسد عليه؛ فبعثت سفارة سلام إلى عمان، لكنها قوبلت بالصدود؛ لأن حاكم عمان يعرف حقيقة الحال في الدرعية، ويدرك حرج الموقف السعودي، فأصر على أن يملي شروطاً مجحفة على الدرعية، لتنتهي المفاوضات إلى فشل أسعد الإنجليز، الذين فوضوا المقيم بمساندة سعيد على حرب رأس الخيمة، وتسليمها إلى حاكم موال للإنجليز ولمسقط، وشارك شخبوط شيخ بني ياس في هذه الحملة، كما ساندها عتوب البحرين، وعرب فارس، وعزى سلطان عمان هذه المساندة العربية الكثيفة إلى وجود المقيم البريطاني بروس معه؛ ويا لها من حقيقة تزري بقدر السيد سعيد، وتدين حكام المشيخات، والتاريخ شاهد صدق يتكرر؛ فهل من معتبر؟

واستولى بذلك سلطان بن صقر على الشارقة، واستمرت محاولاته لاسترجاع رأس الخيمة، وكانت الدرعية في مأزق يشغلها عن الاعتراض على هجمات سلطان عمان، وحين توفي الأمير سعود عام 1229(1814م)، لم يجد ابنه وخلفه عبد الله بن سعود مناصاً من لغة التهادن والتصالح مع الإنجليز، لدرجة شجب أعمال القواسم في البحر، واجتمعت بعد ذلك قوى مختلفة ضد الدرعية، مما جعل مركزها على الساحل مضطرباً، وحانت الفرصة ليتملص الحكام المحليون من الخضوع لها.

وفي خضم هذه الأحداث دمر الإنجليز رأس الخيمة عام 1232(1817م)، ولم تستطع الدرعية فعل شيء سوى الاعتراض، وحين سقطت الدرعية في ذي القعدة عام 1233، لم يتوان الإنجليز في إرسال الضابط جورج فوستر سادلير للتهنئة والتنسيق، وبالمناسبة، فقد جمع المؤلف ملخصاً ماتعاً لأشهر الرحلات في الجزيرة العربية، وطبعه في ثلاثة أجزاء، ومن ضمنها رحلة هذا الضابط، ورحلة بيللي، وهو كتاب ماتع للغاية.

نجد في سياسة الخليج العربي 1236-1257(1820-1841م) هو موضوع الفصل الثالث، وهي فترة شهدت غياب القوة السعودية المؤثرة في شرق الجزيرة، فسهل على الإنجليز ضرب القوى الوهابية في البحر. وطرأ تحول في السياسة البريطانية، حيث تدخلت مباشرة في سياسة الصحراء والقبائل، وأرغمت المشيخات على توقيع اتفاقية 1235(1820م)، وهي أول ملامسة من المبضع البريطاني الحاد لجسم السياسة القبلية، أعادت به تكوين الخارطة السياسية بما يحقق مصالحها، ويعزز الفرقة والانقسام.

وأجبرت الهند البريطانية إمام مسقط على وقف نشاطاته في الخليج، وتدخلت في تصرفاته الإقليمية، وفي علاقاته الدولية، بل شلت حركته في بعض مناطق حكمه، وغلت يده عن حرية التصرف. ولاح في هذه الفترة اهتمام بريطاني غامض بالبحرين، حتى أضحت ركيزة السياسة الإنجليزية في الخليج، ولا يضاهيها أهمية إلا جزيرة الخرج على ساحل فارس. وتعاظم الاهتمام البريطاني بشرق أفريقيا، ونجم عنه احتلال عدن عام 1255(1839م)، خاصة بعد اضطراب الأحداث في نجد وعسير، وتطلع فرنسا نحو الشرق.

ومثلت نجد خلال هذه الفترة محركاً مهماً للسياسة البريطانية، التي تبلورت عن إصرار لا يلين، على التفرد بالسيادة والقوة، والنفوذ في منطقة الخليج، التي غدت حينذاك حزاماً للأمن الهندي. ومع نهاية أربعينيات القرن التاسع عشر، رسمت بريطانيا خريطة الجزيرة العربية في نهاياتها الشرقية والجنوبية، وأكمل مقيمها برسي كوكس بعد ذلك رسم باقي الخريطة، فهو في الجزيرة مثل سايكس-بيكو في الهلال الخصيب.

ولأجل هذه الغاية سخنت المناقشات بين الهند وبومباي ولندن، لحسم خيوط السياسة تجاه المنطقة، ونشط الإنجليز في المراسلات والرسل ومنهم سادلير، الذي بعثته حاملاً كتاباً لسعيد سلطان عمان، الذي عبر-مع الأسف-عن نشوته البالغة بتدمير الدرعية، كما نقل كتاباً لإبراهيم باشا، وملخص سفارة سادلير للباشا، ومضمون الكتاب المرسل معه يدور على ثلاث شعب:

  • التهنئة بالنجاح؛ مع الترحيب بالتعاون المشترك.
  • استطلاع خطط الباشا المستقبلية، والتجسس على جيشه.
  • التنسيق معه للإجهاز على بقايا القوة الوهابية؛ دون أن يظهر سادلير اهتماماً كبيراً بالأمر.

وبانفراط عقد دولة الدرعية، سيطر سلطان عمان على البريمي دون قتال؛ حين حول القائد السعودي بتال المطيري ولاءه للسيد سعيد، وآلت إليه الواحة غنيمة باردة، فتوجس سعيد خيفة من تحركات الباشا صوب ساحل الخليج، وبادر بمحاولة التحالف مع الفرس لاحتلال البحرين قبل أن يبلغها الباشا، والبحرين خاصة في تلك الفترة، كانت كحسناء يرغب الوحوش المحيطون بها أن يختطفوها، وهي تفلت بالاحتماء من وحش بآخر.

وخلال سياحة سادلير؛ حققت بريطانيا هدفها بتدمير قوة القواسم، وربط شيوخ الخليج بمعاهدات فردية؛ أدت إلى اتفاق السلم والمهادنة عام 1235، الذي أكد التفكك السياسي في المنطقة؛ فلم يعد بها شيخ صغير يتبع شيخاً أكبر منه، ودخل عتوب البحرين في هذه المعاهدة، واشتروا سلامة جزرهم في غياب القوة السلفية، وارضوا سلطان عمان بزكاة سنوية، تدفع له ليتغافل عن أمنيته بضم البحرين.

وما إن عادت القوة السعودية من جديد، حتى قلقت البحرين من ابن عمهم الوهابي رحمة بن جابر العتبي ثم ابنه بشر، وتحالف عتوب البحرين مع خوالد الأحساء، وبعض شيعتها، لمقاومة نفوذ تركي بن عبد الله؛ مع أنه كان عادلاً مع المذاهب في الأحساء، وضامناً لأمنها، وقد تغلب الإمام تركي على هذه المناكفات، وبسط سلطانه على المنطقة الواقعة بين حدود الكويت حتى رأس الحد، باستثناء أبو ظبي، عاصمة طحنون بن شخبوط، التي لم تدفع له الزكاة.

وفي 29 من ذي الحجة عام 1249 (08 مايو 1834م)، اغتال مشاري بن عبد الرحمن خاله تركي بن عبد الله، وثمت شواهد كثيرة على ضلوع عبد الله حاكم البحرين في تدبير هذه المؤامرة الانقلابية، ولم يخف عبد الله آل خليفه اغتباطه بخبر مقتل تركي، فأطلق المدافع ابتهاجاً وحبوراً؛ ولم تدم فرحته أكثر من أربعين يوماً، حيث استعاد فيصل حكم والده، حين عاد من القطيف مسرعاً بجيشه، وقتل مشاري بمعاونة عبد الله بن رشيد، الذي سيكون له شأن كبير في داخل نجد لاحقاً.

وكان لنجد قوة روحية، تسري في وجدان عرب الساحل، الذين اعتنقوا مبادئ الدعوة وأخلصوا لها-تماماً كما يصنع العمل الخيري للدول في هذا الوقت، وكم نحن بحاجة لفك قيد أعمالنا الخيرية في الخارج-، فمنذ استقر الأمر لتركي بن عبد الله، أعادت مشيخات الساحل ولاءها له؛ باستثناء سلطان بن صقر شيخ الشارقة، وطحنون بن شخبوط شيخ أبو ظبي، وهذا الولاء له دوافع دينية.

وجعل تركي بن عبد الله من شيخ عجمان راشد بن حميد وسيطاً بينه وبين الإنجليز، طالباً منهم استئناف شروط الاتفاق بين الإنجليز وسعود الكبير، وهذه الوساطة أثمرت لراشد بن حميد إمارة خاصة في المستقبل لم تكن في حسبانه، ولم تجد سلطات بومباي أثراً لهذه الاتفاقية المشار إليها، ثم اكتشفت أن العرب يعدون الكتب المتبادلة اتفاقاً؛ بينما ينظر إليها الإنجليز على أنها وجهات نظر غير ملزمة.

وحين حاول القائد السعودي، عمر بن عفيصان الزحف بجيش لجب، قوامه ثلاثون ألف رجل؛ ليسير به نحو عمان، ويخضعها بعد استتاب الأمر في الأحساء، لم يكن يخشى من شيوخ الساحل إلا غدر طحنون، وقطعه طريق الإمدادات على الجيش من الأحساء، ولذلك انتظر في البريمي حتى عمت الفوضى الإمارة الظبيانية بعد مقتل طحنون، ولم يكن أمام سعيد سلطان عمان من مخرج إلا بالإذعان لسلطة الرياض، ودفع الزكاة لها مجدداً، مثله مثل حكام البحرين التي ترنو لها عينه، وتتشوف لها أطماعه، واستجدى العون من القوى المحيطة لنيل مآربه دون نجاح.

ورأت سلطات بومباي وكلكتا، أن الصواب يكمن في ألا تقف موقف العداء الصريح للامتداد السعودي، وأن التجانس في المنطقة من جراء وجود سلطة واحدة قوية، قد يعود بأثره الإيجابي على أمن البحر، فضلاً عن سهولة التواصل مع طرف واحد فقط. وأكد خبراء الإنجليز على النأي بجنودهم عن مباشرة قتال الوهابيين؛ فهم عرب أحرار شجعان أقوياء، ورأوا أن الحياد هو الخيار الأمثل لبريطانيا؛ مادامت مصالحها مرعية.

وعندما احتلت الحملة المصرية الثانية نجداً، وأسر خورشيد باشا فيصل بن تركي عام 1254، وزحف باتجاه الخليج، خافت بريطانيا من ذلك، فقررت كبح جماح محمد علي باشا في كل مكان خارج مصر، ودق ناقوس الخطر لديها، من اتحاد قوة بحرية مصرية، عثمانية، فارسية، في الخليج حتى مع اختلاف المذهب، لأنهم قد يلتقون على هدف جهادي مقدس، يتمثل في تحرير مسلمي الهند من قبضة الإنجليز.

وزحفت قوات الهند البريطانية صوب البحر الأحمر، واحتلت عدن، وأصبح شغلها الشاغل إيقاف المد التركي المصري في المنطقة، وصدرت التوجيهات إلى هنيل المقيم الإنجليزي في الخليج، بأن يتبع كافة السبل والأساليب، لإبعاد خورشيد باشا عن دروب البحرين رغباً أو رهباً.

وكان خورشيد رجل جندية لا سياسة؛ فلم يعي تحذيرات الباشا له من مصر، وحاول جاهداً مقاومة الوجود الإنجليزي، بيد أنه لم يجد مناصاً من الانصياع للأوامر، وإخلاء المنطقة من جيوشه وممثليه تاركاً خالد بن سعود أميراً على نجد. وخلال وجود قوات خورشيد تنقَّل حاكم البحرين في ولائه بين الباشا، وفارس، والمقيم؛ وكأنه لاعب سيرك يقفز على حبل هروباً من الولاء للرياض أو مسقط.

الفصل الرابع عنوانه: علاقة نجد بالبحرين والمجابهة البريطانية 1258-1287(1842-1870م)، وكانت العلاقة في اضطراب دائم، فالسعوديون يرون أحقيتهم بها، وتبعية حكامها لهم، وآل خليفة يبحثون عن مخرج آمن للاستقلال؛ ولو كان الارتماء في حضن الغريب الفارسي أو الإنجليزي، أو عقد التحالف مع الأسرة الحاكمة في أبو ظبي أو مسقط، أو مع بني عمهم في الكويت.

واخترقت الخلافات على الحكم والثروة أسرة آل خليفة فاستثمرتها الرياض، وفوق ذلك زادت المناوشات القبلية من بر قطر تجاه البحرين. وأما الإنجليز؛ فبعد أن دافعوا القوة المصرية وأخرجوها من البحرين، قرروا إبعاد السعوديين عن هذه الجزيرة الصغيرة المهمة، على اعتبار أن الرياض تابعة للعثمانيين، هذا غير عقيدتهم الوهابية المقاومة بلا هوادة.

وحين ظهر عبد الله بن ثنيان في نجد، واستولى على الأمر من خالد بن سعود الذي لم يجد قبولاً عند أهل الرياض، توجه نحو الأحساء وتوابعها، وتمكن منها، وأعان ابن ثنيان محمد بن خليفة، على ابن عمه عبد الله بن أحمد، عقوبة له على محاصرة الموانئ السعودية وضربها. واشتدت المنافسة بين طرفي النزاع على حكم البحرين، وغدا استرضاء الرياض هدفاً لكل واحد منهما، وكان الهوى البريطاني مع محمد بن خليفة، لأن عبد الله بن أحمد تعاون مع خورشيد باشا، وأصبح تابعاً له.

ولأهمية البحرين للإنجليز، وخوفهم من الجيوش السعودية، خاصة بعد أن بعث ابن ثنيان القادة التاريخيين كابن بتال وابن عفيصان على رأس جيوش تجوب سواحل الخليج، رأى المقيم البريطاني أن ابن ثنيان بدوي جاهل-بزعمه-لا يعرف غير الصحراء، ولا يحيط علماً بقوة الإنجليز، فلن يحسب لها أي حساب! واقترح المقيم هنيل للحفاظ على أسس سياسة الأمن في الخليج، أن تتصل بريطانيا بالباشا في مصر؛ ليطلق سراح فيصل بن تركي، لأنه عرف قوة البريطانيين أثناء إقامته في منفاه بمصر، وبالتالي فلن يشاكسها في الخليج، ووافقت الهند على مقترح المقيم، وتبنته حكومة لندن.

وآلت السلطة لفيصل من جديد عام 1259(1843م)، ولكنه خالف توقعات الإنجليز، فيمم وجهه وجيوشه شطر سواحله على الخليج، وتدخل في الخلاف بين آل خليفة، مع أنه يجد في نفسه على عبد الله بن أحمد المتهم بالمشاركة في اغتيال تركي، والذي لم يخف اغتباطه حين أغتيل، وحين أخذ فيصل أسيراً إلى القاهرة. واستولى فيصل على قلعة الدمام، وطرد منها عبد الله بن أحمد، وأغضب ذلك محمد بن خليفة، وابن عمه العتبي بشر بن رحمة بن جابر الذي كان يرى الدمام قلعة لأبيه وللجلاهمة، فانحاز مع محمد بن خليفة ضد فيصل.

وراقبت حكومة الهند هذه التطورات، وأكدت على ممثليها الالتزام بسياسة عدم التدخل، طالما أن فيصل قصر جهوده على تثبيت حكمه داخل الجزيرة، وحين تنصل محمد بن خليفة من دفع الزكاة لفيصل؛ خاصة بعد وفاة غريمه عبد الله بن أحمد في مسقط، لم يكن لفيصل بد من إجباره على دفع الزكاة، وكان المقيم البريطاني غير راض عن الحماية البريطانية للبحرين؛ لزهده في مشكلات أسرتها الحاكمة، ولكنه كان يمانع بشدة سيطرة السعوديين عليها؛ بحجة تبعيتهم للباب العالي، وشارك سعيد بن طحنون الإنجليز في هذا الموقف، وظل يقاوم المد السعودي استمراراً لتاريخ أسرته في هذا المسار.

وفي عام 1267 أرسل فيصل مبعوثه عبد الرحمن بن إبراهيم إلى المقيم في بوشهر، ليعبر عن دهشته من موقف الإنجليز في موضوع البحرين ومشيخات الساحل، وأعلن هنيل للمبعوث صراحة؛ بأنه لا يعترف بتبعية البحرين ومشيخات الساحل لفيصل، وأن لشيوخ الساحل الحق في مساندة محمد بن خليفة ضد فيصل وجيوشه، وأن المقيم سيكتفي بحث جميع الأطراف على حسن الجوار!

وكتب المقيم لفيصل، بأنه سيجابهه بالقوة لو قصد البحرين، وأبلغ أميرَ البحرين بعزم بومباي الأكيد على الدفاع عنه، وأمر الضباط باستخدام السلاح لرد السعوديين عن البحرين، وأنعش هذا التصرف حاكم البحرين، فأي هيبة لحاكم يستظل تحت كنف الأجنبي! واعترض فيصل على المقيم، وطالبه مجدداً أن يعترف بسلطته على المنطقة الممتدة من عمان إلى الكويت، بيد أن المقيم كرر رفضه الطلب، وجميع ما ساقه فيصل من حجج.

وحين شعر محمد بن خليفة بالقوة المستمدة من حبل الإنجليز، كاتب سعيد بن سلطان في زنجبار للتحالف ضد فيصل، فلم يستجب، ثم اكتشف الشيخ محمد بن خليفة بأن سعيداً أرسل إلى عباس باشا يطلب منه منع فيصل من إرسال أي حملة لعمان، ففعل محمد بن خليفة الأمر ذاته، بيد أن هذا المسعى لم يفد المنامة ولا مسقط؛ فليس لعباس باشا أي سلطة فعلية في نجد.

ولم يثبت محمد بن خليفة على موقف واحد تجاه الإنجليز، فمرة يطيعهم، وفي الأخرى يكاتب الفرس والعثمانيين ليدخل في حمايتهم، وتارة يصرخ خوفاً من الرياض، فإذا أمن حاصر موانئ نجد، ومنع التجار البنيان-وهم هنود عقيدتهم قريبة من الهندوس ويحظون بحماية الإنجليز كرعايا-من البيع والشراء في القطيف والعقير؛ مما أثار حفيظة الإنجليز. وإذا اتفق مع مناوئيه من بني عمه على أمر برعاية الإنجليز، فما أسرع ما ينكثه، إن لم يسبقه بنو عمه لنقض الميثاق!

ومن لطيف ما ذكره المؤلف، بأن الموقف السعودي يرفض “تفريس” البحرين، ومع ذلك فقد تتابعت الرسل بين الرياض وفارس حاملة الهدايا المتبادلة، وتكرر حضور وكيل وهابي في بوشهر لتنظيم الحج الفارسي كل عام. ومن أليم ما أشار إليه أن القوة البحرية البريطانية كانت تسيطر على الخليج، وتشحذ قوتها لضرب السعوديين، بينما كانت القوتان الإسلاميتان العثمانية والفارسية تتنازعان السيادة على البحرين بالمذكرات! وهو موقف يشبه جعجعة العرب بالخطب في هيئة الأمم، بينما إسرائيل تفعل ولا تسأل، وإيران تخصب النووي ولا تتراجع! وفي 22 مارس 1867م حسم الحاكم العام للهند في مجلسه شأن البحرين، ووافق على استقلالها، وقرر أنها ليست تابعة لأي قوة أخرى.

عنوان الفصل الخامس: علاقة نجد بالإمارات الساحلية وعمان وأثرها في السياسة البريطانية في المنطقة 1258-1287(1842-1870م)، فعندما حكم ابن ثنيان نجداً، كتب إلى شيوخ الساحل يدعوهم إلى الاتحاد والعمل يداً واحدة مع قائده سعد بن مطلق-قد تكون هذه أول دعوة لاتحاد خليجي-، وحين عرف المقيم بالإنابة الكولونيل روبرتسون أسرع بزيارة الساحل العماني، وصادر أصول كتب ابن ثنيان للشيوخ جميعهم، باستثناء خليفة بن شخبوط حاكم أبو ظبي الذي أصر على الاحتفاظ بكتابه؛ لأنه يخصه، وأتخيل هذا الموقف المخزي، يشبه جمع المراقب أوراق الامتحانات من الطلاب عنوة؛ وهم كارهون وعاجزون عن الرفض!

ومن فوره، كتب روبرتسون إلى ابن ثنيان، قائلاً بأن تعاليم الوهابيين أدت فيما قبل إلى حالة من الفوضى بين رؤساء “القراصنة”، وتجشمت بريطانيا المصاعب حتى سيطرت عليهم، وإن محاولة ابن ثنيان لجمعهم مرة أخرى، ستثير الدوافع الوحشية الكامنة فيهم! ورأي هذا المحتل البغيض لا يختلف عن نظرة الغرب لنا الآن بعد قرنين من الزمان، ويا لها من سنن أغمضنا عنها العيون.

وبعد عودة فيصل من جديد، دانت قبائل البريمي لقائده ابن مطلق، وأصاب الهلع المقيمية الإنجليزية في الخليج، ورأت بومباي بأن دخول هؤلاء الشيوخ تحت راية السعوديين، سيبعث فيهم روح المقاومة مرة أخرى، وقرر الإنجليز ضرورة الكتابة لفيصل ليقف عند حد فلا يتجاوزه؛ كي لا يفسد صنيعهم في البحرين، وعمان، ومشيخات الساحل.

ولأن أبو ظبي تقع في منطقة خطرة على القوة السعودية وإمداداتها العسكرية، فقد قاد شيخها سعيد بن طحنون تحالفاً مع حكام صحار، ومسقط وشيوخ القبائل، وبعض مشيخات الساحل، لكسر القوة السعودية، وتشتيت جيشها، ونجح في ذلك، ولم يقبل بوساطات الصلح من شريف مكة إلا خوفاً من أن يخذله أطراف التحالف، الذين كانوا يأنفون من تحقيق سعيد بن طحنون نصراً يقوى به عليهم.

ورفض سعيد بن طحنون الانحياز للسعوديين في شأن عمان وغيرها، وأعجب موقفه هذا الإنجليز الذين شجبوا اجتماع الشيوخ مع عبد الله بن فيصل عام 1269، لأن اجتماع كلمة العرب مع قائد واحد، سيقلل من مكانة المقيم الإنجليزي، ويعقِّد الأمور في الساحل كما يزعمون، خاصة أن البريمي هي مفتاح عمان، وعمان سياج دون الهند البريطانية.

وعليه، فإن النزاع في صحار، هو في حقيقته نزاع بين نجد وبريطانيا، وغايته فرض السيادة والنفوذ على الدول البحرية في الخليج، ولذلك زار المقيم البريطاني باسيدو الساحل العماني، وعقد معاهدة السلام الدائم في 25 رجب 1269=04 مايو 1853 م، وعندما مات سعيد سلطان عمان، واختلف بنوه من بعده، انتهى خلافهم بواسطة حاكم الهند، الذي قسم المملكة بينهم، وكأنه يقسم كعكة طرية بين أطفال سذج! وهدأت العلاقات بين مسقط والرياض قليلاً؛ لكنها عادت للخلاف من جديد بسبب مساندة السعوديين لعزان بن قيس حاكم الرستاق، ونتيجة لهذا الأمر، أوفدت حكومة بومباي، مقيمها في الخليج بيللي ليتحرى الأمر.

كان بيللي يشعر برعب الإنجليز من القوة الوهابية، ويلاحظ جفاف لغة فيصل في كتبه الأخيرة للإنجليز، ويعلل ذلك بموقف الإنجليز المعادي له في الخليج، ولذا ابتهج بوفادته إلى الرياض ليخدم سياسة بلاده الاستعمارية، وليحقق مجداً شخصياً بمعرفة جغرافية المناطق الداخلية في الجزيرة، وتحديد موقع الرياض بالضبط، والإحاطة بتضاريس المنطقة، وتقدير المسافات، وغير ذلك مما يستهوي هؤلاء الرسل؛ تماماً كما يفعل السفراء حالياً، في الكتابة عن شؤون الدول التي يمثلون بلادهم فيها.

وفوق ذلك، فبيللي ينتمي لمدرسة فكرية، تؤمن بمسؤولية الرجل الأبيض عن تحديث الشرق وفق منظار الغرب، ويأمل بأن يكون للهند البريطانية حدود أمنية تتجاوز حدودها السياسية، وتطلع إلى كسب مكانة لدى الأمير فيصل، وإلى تغيير الموقف السعودي المعادي لبريطانيا، ويضاف إلى ذلك غيرته من وصول بالجريف قبله إلى الرياض.

ويمثل وصول بالجريف إلى نجد، علامة بارزة على الاهتمام الفرنسي بالشرق، والسباق مع الإنجليز على غنائم الشرق، وثرواته، وموقعه الاستراتيجي. ولنابليون حينذاك اهتمام بالمنطقة العربية، ونصارى العرب، ويسعى لإعلان نفسه إمبراطوراً للعرب! وأصبح النفوذ الفرنسي طاغياً خلال هذه الفترة في مصر، وكان فردناند دي لسبس-ابن عم زوجة نابليون الثالث-يحفر قناة السويس، وهذا الرجل له قصة خطيرة، أشرت إليها في مقالة بعنوان “الطفل الملكي والقنصل الفرنسي”، ورأيت في ترجمات المركز القومي للترجمة كتاباً عنه، وعسى أن يصلني قريباً.

وبأمر من نابليون الثالث، زار بالجريف الجزيرة العربية، وطوف بمناطق شمر والقصيم ونجد حتى انتهى إلى الرياض عام 1280(1863م)، وأقام في ضيافة فيصل، وتعرف إلى أبنائه ورجال بلاطه البارزين، ولم يخرج من الرياض إلا بعد أن طرده ولي العهد عبد الله بن فيصل، بعد أن ثبت لديه أن الرجل جاسوس يعمل لحساب قوة دولية مفسدة، وما فساد الإنجليز عن فساد الفرنسين ببعيد بل أشد، ولذا سعوا لرصد التحرك الفرنسي المريب.

وبعثت بريطانيا لأجل ذلك لويس بيللي رئيس المقيمية البريطانية، وهي أخطر جهاز سياسي بريطاني في المنطقة، وكان بيللي مؤمناً بمبادئ سياسة الاستعمار إيماناً يجعله في مصاف عتاة الاستعماريين الذين سبقوه أو تبعوه، ومن أشهرهم كيرزن، وبرسي كوكس، والأخير لم أجد عنه مؤلفاً بالعربية، خلافاً لكيرزن الذي أصدرت هيئة أبو ظبي عنه كتاباً يقع في ثلاثة مجلدات. وبسبب نشاط بيللي وحماسته؛ تضخم ملف الخليج في أرشيف بومباي خلال فترة رئاسته.

وتطلع بيللي إلى إحداث سلم سعودي بريطاني، وكان هذا السلم المنشود في هذا الوقت أقرب للمستحيل؛ لاختلاف النظرة بين الجانبين، وصعوبة التقاء المصالح بطريقة ترضي الطرفين، فلا مناص من التناقض. وهذه العوائق التي صادفت بيللي، وحرمته تسجيل مجد هذا الاتفاق باسمه، زالت من أمام كوكس بعد عقود في دارين والعقير، بفعل ضغط الحرب العالمية الأولى، والتعمق في فهم السياسة الدولية، وطبيعة مجتمع الجزيرة العربية.

وفي رحلة بيللي، زار الكويت، وقدر عدد سكانها بعشرين ألف، منهم ستة آلاف مقاتل، وأربعة آلاف بحار، وأكد أنها مستقلة عن نجد، وتتبع الدولة العثمانية، وأن فيصل ينأى بنفسه عنها خوفاً من غضب الدولة العلية، ولو سنحت له مساندة دولية لما تركها هي والحجاز دون أن ينتزعهما من العثمانيين.

ومن الكويت قطع بيللي الصمان، والثمامة، وبلغ العيينة التي يسميها “الإيمان”! ثم وقف على خرائب الدرعية، قبل أن يستقر به المقام في الرياض، وينزل في دار الضيافة، وهي منزل منعزل تحيط به حديقة، ومجهزة خصيصاً لضيوف الدولة الأجانب.

وانتهت ثلاثة لقاءات له مع فيصل بفشل تام، ودون أن يقبل فيصل الدخول في النظام التهادني، لأنه يرى كما يقول محبوب بن جوهر، وهو أحد البارزين في بلاطه، “أن القرصنة الحقيقية هي ما تقوم به قطع الأسطول البريطاني ضد السفن العربية في الخليج متذرعة بمنع تجارة الرقيق”. ومع فشل رحلة بيللي إلا أنه استطاع تقدير قوة أمير نجد الحقيقية، وأيقن أنها قوة لا يستهان بها، وعرف أن الرابطة الدينية المشتركة تجمع بين القبائل، وتؤلف بينها وبين الإمام فيصل.

وحين عاد إلى بوشهر، كتب تقريره لحكومته، وطمأنها إلى حسن العلاقة مع فيصل، لكنه أكد بإصرار على أن أمن الخليج العربي، لا يحتمل ظهور أي قوة في داخل الجزيرة، وأن شيوخ الساحل يتفاوتون في تبعيتهم لحاكم نجد. واستمر بيللي في مراسلة فيصل، واطلاعه على مستجدات السياسة الدولية من وجهة نظر بريطانيا، وعرض وساطته بين الرياض ومسقط، مع أن بريطانيا تقف في صف عمان حماية لها من الامتداد النجدي؛ لأن انتشار نفوذ الوهابيين مقلق لأمن الإنجليز، خاصة بعد أن ظهر منهم جيل جديد، غير الجيل الذي ذاق مرارة الهزيمة على يد قوات الباشا.

وبسبب هذا الرعب من القوة الوهابية الموصوفة إنجليزياً بالعداء، والشر، والتعصب، سعى بيللي لعقد حلف بحريني-مسقطي ضد الرياض، وجاب إمارات الساحل لحث شيوخها على المساندة البرية، ولم ينجح مسعاه لأن الخوف من الرياض ملأ قلبي تركي بن سعيد، ومحمد بن خليفة فضلاً عمن سواهما. وكان من حكمة سالم بن ثويني بن سعيد أنه نصح أباه بعصيان الإنجليز في تحريضهم ضد الرياض؛ لأن الإنجليز إن صدقوا في وعدهم بالمساعدة، فسيظل ثويني أسيراً لالتزاماته تجاههم، والتعويضات التي يطلبونها، ولم يسمع الوالد نصيحة ابنه؛ فلم يغنم ولم يسلم، وقتل في البريمي، وتشتت جيشه.

اضطربت الأوضاع في عمان، وانقسم البيت البوسعيدي على نفسه، ومارس الإنجليز هوايتهم في تكريس الانقسام، وزيادة عوامل الفرقة. وفي ذات الوقت رحل الأمير فيصل عن الدنيا، وأصبح ابنه عبد الله أميراً، ولم يسلم من شقاق أخيه سعود، ولذلك حرص عبد الله بن فيصل على التهدئة مع الإنجليز، والعثمانيين، بل وحتى مع مسقط التي شاركت الرياض في المعاناة من داء التناحر الداخلي.

وكان الأمير عبد الله يلقى في هذا الوقت شقاقاً في أسرته، وعنتاً من القبائل التي راهنت على أخيه، ورهقاً من المقيم البريطاني وسياسة حكومة الهند، وسوء فهم من ولاة الدولة العثمانية في المنطقة، وفوق ذلك كله، وجد لؤماً من بعض مشيخات الساحل، التي سرها ما أصاب البيت السعودي من وهن.

وفي الخاتمة المحكمة القصيرة، لخص المؤلف نتائج دراسته، بأن منطقة الخليج خرجت مع نهاية هذه الفترة من أيدي أمرائها العرب لتستقر في يد المقيم البريطاني، الذي كان يكرر التأكيد لهؤلاء الأمراء بأن غايته كف أيديهم عن بعضهم، وإبقاء البحر مفتوحاً للتجارة الدولية، ودون الهدف المعلن أهداف أخرى، على رأسها تفتيت المنطقة، ومنع قيام الوحدة بينها؛ خاصة إن كان الاتحاد منطلقاً من أسس دينية، وفي قائمة المراجع يبرز بعد الوثائق الإنجليزية كتابان هما: من وثائق شبه الجزيرة لعبدالرحيم عبد الرحمن، ودليل الخليج الذي وضعه جي.جي.لوريمير.

وفي يوم الثلاثاء 27 من رمضان 1436، الذي يوافقه 14 من يوليو عام 2015م -من الموافقات أن ليلة 27 من رمضان لها أهمية خاصة عند المسلمين، بينما يوافق 14 يوليو ذكرى سقوط سجن الباستيل، وتحطيم الملكية في فرنسا-وقَّعت حكومة إيران مع مجموعة الدول الكبرى(5+1) اتفاقاً نووياً، قد يكسر القيد عن إيران، ويطلق يدها العابثة في المنطقة.

هذه اليد التي عبثت وهي مغلولة باليمن في جنوب الجزيرة العربية، وأفسدت الشام في الشمال الغربي، واحتلت العراق في الشمال الشرقي، فكيف سيكون أثرها بعد كسر القيد، وفك الغل؟ وهل لازالت دول الخليج مصرة على موقفها المتشرذم، والمتناقض أحياناً؟ وهل ستبقى الحكومات العربية في خصام مع شعوبها، وتباعد عن مرجعيتها الحقيقية، التي تمنحها الشرعية، والقوة، وتضمن لها البقاء؟

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرِّياض

ahmalassaf@

الأربعاء 28 من رمضان عام 1436

15 يوليو 2015

Please follow and like us:

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)