اطلعت على نسخة إلكترونية من تقرير عنوانه: “التقرير السنوي لتشريعات المملكة العربية السعودية لعام 2024” وهو من إصدارت “قانونية”، ويقع في (81) صفحة، ويتكون من نبذة عن التقرير، وكلمة الشريك المؤسس، فأبرز الأحداث القانونية، ثم أبرز التغييرات التشريعية، يعقبها أبرز التحديات التي طرأت على الجهات الرسمية، وأبرز القرارات والتعاميم، ثم إحصائيات، فنظام العام، وأبرز المؤتمرات، فنبذة عن قانونية، يتلوها ملحق التشريعات، وأخيرًا أحداث مهمة للمملكة. سمة هذا التقرير الاختصار مع الوضوح، والربط بنسخ إلكترونية، وهذا يساعد على القراءة، ويقرب الفهم، ويزيد من الطمأنينة.
يمنح هذا التقرير لقارئه نظرة دلالية شاملة على أحدث التطورات التشريعية المؤثرة على القطاعات والقرارات، ويظهر هذا التقرير أو الدليل حسبما ورد في كلمة الشريك المؤسس يحيى بن أحمد العمري حرص المملكة على تطوير الأنظمة، وتعزيز الشفافية، ومساندة التطور الاقتصادي باجتذاب الاستثمار الأجنبي بناء على وجود بيئة قانونية واضحة، تعين على ممارسة الأعمال. ولشركة “قانونية” إسهام بالترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وإتاحة الأنظمة باللغتين على منصة تقنية سهلة الاستخدام، وهذا كله مما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، ويؤدي إلى تيسير سلوك مسارات لاحبة لتحقيق أهدافها.
وبعد استعراض لأبرز الأحداث القانونية خلال العام المنصرم، بسط التقرير القول في أبرز التغييرات التشريعية، موضحًا ماهية التغيير، وتاريخ صدوره، وأداة إصداره، والنظام الذي يعود إليه، مع وضع رابط إلكتروني يوصل إليه. وهذه التغييرات تنقسم إلى أربعة أقسام، أولها: تشريعات صدرت فيما مضى وأصبحت سارية في عام 2024م، والثاني وهو الأطول: أبرز التشريعات الصادرة في العام نفسه، وثالثها: أبرز التشريعات التي عدلت، أما أبرز التشريعات التي ألغيت فاختص بها القسم الرابع والأخير.
ثم تحول بنا التقرير إلى أبرز التحديات التي طرأت، وكسرها على خمسة أصناف، أولها عن جهات استحدثت؛ علمًا أن استخدام كلمة “جهات” للتعبير عن المؤسسات على اختلاف مسمياتها تعبير شائع، وفي النفس منه غصة! والثاني عن جهات حولت إلى جهات أخرى، بينما حصر الثالث الجهات التي دمجت، واختص الرابع بجهات عدل مسماها، ووقف بنا الخامس عند اختصاصات أعيد إسنادها، علمًا أن هذه التحديثات لها انعكاسها الجلي والخفي على بعض الأنظمة والإجراءات، وتضمينها في التقرير باب من أبواب الفطنة والكياسة. وبعدها استعرض التقرير أبرز القرارات والتعاميم، وهي من مجلس الوزراء، وهيئة الخبراء، ووزارة التجارة، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، ولا أدري هل فات عليهم شيء يزيد عدد هذه الأربعة أم لا؟ وربما يكون في أعمال مجلس الشورى ما يخدم مادة هذا التقرير في نسخه القادمة.
عقب ذلك توجه التقرير إلى الإحصائيات، فعدد التشريعات الصادرة (244)، وعدد التشريعات المعدلة (97)، وعدد التشريعات اللاغية أو الملغاة (36). أما أنواع الوثائق التي صدرت بها هذه التشريعات فهي حسب العدد تنازليًا: لوائح وما في حكمها، ثم أدلة، فأنظمة، وأخيرً تنظيمات. ويظهر التقرير أن شهري “يونيو” و “يوليو” هما أكثر الشهور في العمل القانوني إصدارًا وإلغاء؛ وبالتالي فلا يوجد عندنا آثار تثبيطية من لفح القيظ، وشدة الشمس! وينافسهما شهرا “فبراير” و “أكتوبر”. ومع أهمية الإحصاء، وضرورة الاحتفاء بهذا العلم ومخرجاته، إلّا أن الحكمة المجربة تقتضي ألّا يكتفى به مجردًا، وإيراده مع الشرح وبيان غيره من العوامل من الأهمية بمكان؛ كي تتضح الصورة، وحتى لا يبنى تصور أو يتخذ قرار على رقم فقط! وليس التقرير المختصر هو الموضع المناسب لمثل هذا العمل المنهك.
ويرى التقرير أن نظام حماية البيانات الشخصية هو نظام العام، ولا ريب في أهميته وتقدمته؛ ذلك أن خصوصيات الأفراد مصانة، واستعمال بياناتهم ينحصر في الغرض من الاستعمال الرسمي النظامي لها دون تجاوز، وبضوابط مرعية محددة، وقد أحيل النظام إلى “سدايا” -الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي- لتكون المسؤولة عن تطبيق النظام في عاميه الأولين، و “كل الصيد في جوف الفرا”؛ ثم ينظر بعد ذلك في نقل هذه الصلاحية التنفيذية إلى مكتب إدارة البيانات الوطنية. إن مسألة “البيانات” الشخصية تعد من ركائز الأمن القومي؛ وهي حساسة ومهمة، والعناية بها توجه محمود مقدر محبوب، ولأجل حمايتها ورعايتها تأخرت اليابان في تخصيص خدمة البريد؛ لضبط هذه الخدمة الملتصقة بالبيانات الشخصية التصاق الجلد بالجسد.
وقد عرج بنا التقرير على أبرز المؤتمرات خلال عام، فمنها النسخة السادسة من المؤتمر السعودي للقانون تحت شعار “حماية البيانات والملكية الفكرية والحوكمة المتقدمة”، وهو أكبر مؤتمر قانوني في الشرق الأوسط؛ إذ تحدث فيه (247) متخصصًا، وعرضت فيه (114) “جهة” عارضة، وزاره أزيد من خمسة الآف زائر ينتمون لأكثر من عشرين دولة. كذلك أقيم مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، ومؤتمر المحاماة السعودي وشعاره “تطورات قطاع المحاماة والاستشارات القانونية”، وتحدث فيه ثلاثون خبيرًا، وأقيمت خلاله ثماني عشرة ورشة، وشارك فيه ألفا زائر وأكثر.
أخيرًا خُتم التقرير بملاحق تصل القارئ بهذه التشريعات والأحداث مباشرة، وقبله كلمة قصيرة عن “قانونية”، وهي منصة مملوكة لشركة عدالة لتقنية نظم المعلومات الناشئة عام (2022م)، وقد أفادت هذه المنصة مستخدميها بعدد ضخم من الساعات التي تعادل قريبًا من ستين مليون ريال كانت تدفع ضمن التكاليف القانونية المباشرة؛ ولذا استثمرت بها منذ عام (2023م) شركة سنابل 500، الذراع الاستثماري الجرئ لصندوق الاستثمارات العامة، والله يبارك أضعافًا مضاعفة. وللعلم قبل انقضاء وقت القراءة؛ فهذا ليس هو التقرير الأول من هذا النوع الصادر عن “قانونية”، وعسى أن يواصلوا هذا الجهد المبارك النافع، وأن تشتمل التقارير القادمة على بعض ما يطرح من دراسات حول بعض التشريعات -الأنظمة- وآثارها على المجتمع الاقتصادي والقانوني والعام.
الرياض- الاثنين 09 من شهرِ شوال عام 1446
07 من شهر إبريل عام 2025م