سير وأعلام

يوسف الحماد: مهندس الكهرباء والإباء!

يوسف الحماد: مهندس الكهرباء والإباء!

لم يكن من حسنات كتاب حياة في الإدارة لمعالي د.غازي القصيبي أنه أمتعنا وعلمنا فقط، أو أنه فتح الباب لغيره من المسؤولين كي يلجوا بأمان إلى عالم السير الذاتية فحسب. ومن المؤكد أن محاسنه لا تقف عند التجارب الإدارية، والأساليب الأكاديمية في التدريس، والآراء والكلمات البديعة المتناثرة هنا وهناك. ومع أنه كتاب ضم نبذًا عن عدد من الوزراء إلّا أن هناك ما هو أعظم من هذه المزية، وهي باختصار أن المؤلف اعترف لقرائه -في مثال نادر- بفضل عدد من المسؤولين الذين عملوا معه، وبنزاهتهم، وقلما ينسب بنو آدم الصواب لغيرهم.

من أولئك مثلًا -مع حفظ الألقاب-: عبدالعزيز الزامل، ومحمود طيبة، وعبدالرحمن السويلم، وكلهم كانوا أحياء إبان صدور الكتاب. ومنهم يوسف الحماد الذي مضى على وفاته حينما ظهرت السيرة القصيبية ثلاثة عشر عامًا، ولا شك أن الحماد قد اختطّ لنفسه موضعًا ثابتًا وعليًّا في قلب وزيره وذكرياته، ولو لم يكن مهندسنا على قدر من التجلة والمكانة الباسقة لما زاحم غيره عبر تلك الصفحات الوضيئة وهو موسد تحت أطباق الثرى؛ فلم ينس أبو يارا صاحبه المرتحل عن الدنيا حتى لو كان في حياته ينفر من الأضواء والإعلام، كي يعرف القراء أخباره عقب عقود من وفاته؛ فيخصونه بدعوة واستغفار، وتعظم ثقتهم بمسؤولي بلادهم وكفاءات مجتمعهم.

ذلكم الأبي هو المهندس يوسف بن عبدالله بن عثمان الحماد (1350-1405) المولود في الزُّبير، والمتوفى في الرياض عن خمسة وخمسين عامًا وكان حينها وكيلًا لوزارة الصناعة والكهرباء لشؤون الكهرباء. وقد درس الحماد الابتدائية في مدرسة شهيرة هي مدرسة النجاة الأهلية بمدينة الزُّبير الحاضرة النجدية في جنوب العراق. ويُعدّ أول من حصل على شهادة البكالوريوس من أبناء أسرته الكريمة التي ترجع إلى بلدة عودة سدير، وتنتسب إلى آل شماس من الوداعين من الدواسر، ولجده الأمير منصور بن عبدالله بن حماد إمارة على العودة (1181-1191). ومن اللافت أن شهادة الحماد كانت في تخصص الهندسة الكهربائية من أمريكا، وهي أوليّة ذات بهاء مضاعف إن في التخصص، أو في مكان الدراسة.

ونجد في سيرة الحماد أنه أكبر إخوانه، وعمل في البصرة لمدة سنة تقريبًا بمحل تجاري يبيع المواد الغذائية، ويحفظ تاريخ البصرة نجاح التجار من نجادى الزُّبير في منع احتكار يهود البصرة للتجارة والسيطرة على عضوية الغرفة التجارية فيها. ثم غادر الزُّبير في حدود عام (1369=1949م) عائدًا إلى المملكة العربية السعودية، الموطن الأصلي للأسرة، فعمل في إحدى مناطق محطات ضخ النفط الخام بخطّ التابلاين مدة يسيرة، ثمّ افتتح مسيرته في الوظيفة الحكومية بالعمل في بلدية الخبر على وظيفة (كاتب إدارة)، وفي عام (1370=1951م) عمل في جمرك ميناء الدمام على وظيفة (مفتش). وجاءت المرحلة الفارقة في تاريخه الوظيفي عام (1372=1953م) بعمله في سكة الحديد بالدمام، إذ استمر بها ربع قرن تقريبًا حتى عام (1396=1976م)، وتدرج من وظيفة (متدرب) إلى أن أصبح نائبًا للمدير العام للسكة.

وتهيأ له في سكة الحديد إكمال دراسته الثانوية في المدرسة التابعة للسكة (S.G.R.R School)، وفي عام (1377= 1957م) ابتعث من قبل عمله إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال الدراسة الجامعية، فنال شهادة البكالوريوس من قسم الهندسة الكهربائية بجامعة تراي ستيت (TRI-STATE UNIVERSITY) في مدينة أنغولا بولاية إنديانا، وأصبح عضوًا في جمعية الهندسة الكهربائية بالولاية ذاتها، علاوةً على أن اسمه وضع قبل تخرجه في قائمة الشرف الدراسية بالجامعة لتميزه العلمي، ومثابرته في الدراسة.

أما علاقة غازي القصيبي بيوسف الحماد فبدأت من سكة الحديد حينما شغل م.يوسف وظيفة (مدير الكهرباء والتكييف) تزامنًا مع تعيين القصيبي مديرًا عامًا للسكة عام (1393= 1973م). وقبل أن يُسمى القصيبي بعد سنة ونصف من هذا التاريخ وزيرًا للصناعة والكهرباء أصبح الحماد مساعدًا للمدير العام للشؤون الهندسية ثم نائبًا للمدير العام للسكة. وفي عام (1396= 1976م) عُين م.يوسف وكيلًا لوزارة الصناعة والكهرباء لشؤون الكهرباء بالمرتبة الخامسة عشرة، وبقي في هذا المنصب حتى وفاته، وهو الأمر الذي اضطره إلى الانتقال من الدمام إلى الرياض بعد أن بذل القصيبي جهوداً مضنية استغرقت بضعة شهور حتى أقنعه بالموافقة على العمل معه الذي يستلزم السكنى بالعاصمة.

لم يكن المهندس الحماد متلهفًا على المناصب، ولذلك لم تنفتح شهيته لهذا الموقع المهم والحيوي في زمن إقبال سكني وتجاري على الخدمة، ولم يرغب بالانتقال للعمل بمدينة الرياض، وشخصية بهذه المواصفات تخلو من المطامع غالبًا، ولا تجد غضاضة في ترك المكان إذا بدا لها أن الاستمرار فيه لا يناسب؛ ولذلك صرح د.القصيبي بأن يوسف قدم استقالته عندما اتخذ القصيبي قرارًا للحماد فيه وجهة نظر مخالفة، ووجد أنه من الصعب عليه التعايش مع ذلك القرار، إلى أن نجح القصيبي في ثنيه عن استقالته مع أن رأي الحماد هو الصحيح إداريًا  كما نصّ القصيبي الذي يضيف بأنه ندم فيما بعد لأنه لم يأخذ برأي يوسف، ومن النبل أن يتولى يوسف بنفسه مهمة تخفيف عبء الندم على صاحبه القصيبي!

ومما قاله القصيبي نثرًا عن خصال أبي خالد: “كان صريحاً إلى درجة توشك أن تتجاوز حدود الصراحة، توشك ولا تفعل، كان النقاش بيني وبينه أحياناً يطول ويحتدم وكان ينهي النقاش العاصف بقوله: أنت الوزير. إذا اتخذت قراراً فسوف أنفذه. ولكن لا تتوقع مني أن أقول لك أن القرار صحيح”. وزكاه د.القصيبي برفض مبلغ ضخم من الرشوة التي عرضت عليه دون أن يعلم أحد عن تلك الفرصة المتيسرة، مع أنه حينها يسكن منزلًا بالإيجار، والمبلغ المتاح له تسيل له أودية من لعاب الأثرياء بَلَهِ الموظفين الكادحين كدحًا!

وبشموخ لا يقوى عليه غير الكبار نسب إليه د.غازي فضل إصلاح خلل الكهرباء في العاصمة الرياض بعد أن قبل رئاسة الشركة مرغمًا؛ فكتب د.غازي: “خلال أسابيع كان هناك آلاف العمال يعملون على إصلاح الشبكة. بعد سنوات ثلاث انتهت المشكلة. تحدث الناس، وقتها، ولا يزال بعضهم يتحدث، الآن، عن الوزير الذي حقق ما يشبه المعجزة. حقيقة الأمر أن المسئول الحقيقي عن الإنجاز كان يوسف الحماد الذي لم يكن أحد يعرفه. كان يوسف من الشخصيات العامة النادرة التي تنفر من الأضواء نفوراً يقترب من العداء. لا أذكر أنه استقبل صحفياً واحداً أو أعطى مقابلة صحفية واحدة. عاش في صمت ومات في صمت، ولكن منجزاته لا تزال تسطع في قلب العاصمة، رحمه الله!”.

وهذا الإطراء العلني المنشور سبقه رسائل وداد ومحبة من القصيبي لصاحبه يشيد فيها باجتهاده، وينسب له نجاح عمل قطاع الكهرباء، ويعرب ليوسف عن تقديره العميق لمجهوده الخارق على حساب عائلته وصحته وراحته، ويبشره بالأجر في الآخرة وحسن الذكر بالدنيا، وهو المأمول المرتجى. ومما ورد على قلم د.غازي فيها: ” إن الناس ينسبون إليَّ الفضل في إنهاء أزمة الكهرباء في المملكة، وإن كان لي أي فضلٍ في الموضوع فهو أنني وضعت ثقتي التامة المطلقة فيك، وكنت عند مستوى المسؤولية، وعند مستوى التحدي الكبير الذي واجهناه معاً”. كما أقرّ له بالفضل زميله م.عبدالعزيز الزامل -وهو الوزير الذي خلف د.القصيبي- حينما استهل كلمة له بالدعاء لرفيقه م.الحماد، واسترجع جميع ما بذله من “جهد وعرق متواصلين حتى حقق قطاع الكهرباء الكثير من أهدافه”، ثم ختم الزامل قائلًا في حفل مشهود: “ونذكر أن الفقيد ظل يعطي هذا القطاع من عمره حتى قضى نحبه وهو على رأس العمل”.

أيضًا روى المستشار عبدالرحمن المهيزعي في حسابه بتويتر هذه القصة التي تؤكد على صراحة الحماد، وسمو أخلاقه، وتقديمه لمصالح العمل على أيّ اعتبار شخصي مهما كان، وتلك خصلة تستدعي الإكبار، وهاهي الحكاية بنصها من حساب المهيزعي: ” حدثي المهندس محمود خليل أطال الله عمره بأنه دخل في نقاش حاد مع رئيسه الحماد (الوكيل)، حتى بلغت أصواتهما آخر الرواق خارج المكتب، فتوقع الجميع قرار الفصل! ثم ناداه بعد دقائق لنقاش موضوع جديد بغاية الهدوء كأن شيئاً لم يحدث”، وصدق حينما علّق باختصار كاتبًا: إدارة الكبار!

كما نرى في السجل العملي للمهندس الحماد أنه تولى رئاسة عدد من مجالس الشركات مثل: مجلس إدارة شركة كهرباء الرياض، ومجلس إدارة شركة كهرباء المنطقة الشرقية، ومجلس إدارة شركة الجبيل للأسمدة (سماد) التابعة لشركة سابك، بالإضافة إلى عضوية مجالس شركات أخرى. ورأس بعض وفود المملكة المشاركة في اجتماعات وكلاء وزارات الكهرباء بالخارج. وفي الجانب الإنساني عُرف عنه مسارعته للشفاعة في توظيف عدد جم في شركة الكهرباء وغيرها، مع قضاء الحوائج، وإسعاد الآخرين قدر المستطاع، حتى لو لم يكن يرتبط مع صاحب الحاجة بصلة.

ثم إنه كان من خير الوفاء وأجمله أن حملت بعض المشروعات والمواقع اسم المهندس النزيه الراحل يوسف الحماد، وكان من المكرمين في حفلات مشهودة، مثل:

  • شارع يوسف الحماد الذي يقع عليه منزله الأخير بحي الروضة بمدينة الرياض.
  • قاعة اجتماعات في مبنى الشركة السعودية للكهرباء بالمنطقة الشرقية بمدينة الدمام .
  • معهد المهندس يوسف بن عبدالله الحماد للتدريب والتطوير، الواقع بحي الملز بالرياض، وهو معهد متخصص بتدريب موظفي الشركة السعودية للكهرباء، ويُعدّ أقدم معهد تابع للشركة. وأطلق عليه هذا الاسم بناء على اقتراح من د.القصيبي لمسؤولي شركة الكهرباء بعد توليه حقيبة وزارة الماء والكهرباء عام (1424=2003م) وفاء منه وتقديرًا لجهود الحماد المضنية في تأسيس هذا المعهد الفريد عام (1403= 1983م)، وفي هذه التسمية التي جاءت بعد عقدين من الزمان، وبعد ألوف من الخريجين الذين خدموا الكهرباء وشؤونها، تأكيد على الحضور الدائم للحماد في ذهن القصيبي الذي لم يغفل عن أبي خالد حتى بعد تراكم سنوات السفارات والسجالات.
  • تكريم كبير له بعد وفاته من الملك عبدالله عندما كان وليًا للعهد، وشمل التكريم مجموعة ممن عمل في قطاع الكهرباء من زملاء الحماد الأحياء، وذلك خلال حفل ضخم أقيم يوم الأربعاء 12 من شعبان 1424= 08 من أكتوبر 2003م.

ونصل إلى فاجعة وفاة مهندسنا الشهم التي وقعت عقب إصابته بمرضٍ لم يمهله طويلًا، فغادر مستشفيًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم عاد إلى المملكة، ووافته المنية بمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض مساء يوم السبت 26 رمضان 1405 الموافق 15 يونيو 1985م، عن عمر يناهز خمسة وخمسين عامًا، ودفن بمقبرة العود عقب الصلاة عليه فجر اليوم التالي لرحيله، رحمه الله وجميع أموات المسلمين المذكورين هنا وغير المذكورين.

ثمّ رثاه القصيبي بقصيدة حزينة مؤثرة خالدة من عيون قصائده، وعنون لها بـ (أبا خالد)، وهو نداء لرفيق درب لا يسمع ولا يجيب، بيد أنها شهادة أودعها شاعرنا في ذمة التاريخ، وأمانة صدح بها لمن يأتي فيقرأ أو يسمع، وليتها أن تُلقى بطريقة توازي مستواها وتليق بأطرافها. وهذه القصيدة نشرتها صحيفة الجزيرة في عددها الصادر غرة شهر ذي القعدة عام 1405 الموافق 18 يوليو 1985م. ويقول د.غازي في مستهلها بحكمة تحكي قوة التأثر وعمق التأمل: 

أبا خالد .. ما أخلف الموت موعدًا *** ولا فرّ مطلوبٌ وطالبه الردى
ولم تقصر الأعمار عن أجلٍ لها *** ولا طالت الأعمار إلّا إلى مدى
وما كانت الدنيا سوى الحلم عابرًا *** وإن ظنّه المأخوذ بالحلم سرمدا
تساوى حصاد الموت .. من جاء حاملًا *** مشيب ثمانين، ومن جاء أمردا
تساوى حصاد الموت .. من بات في الثرى *** قرونًا .. ومن في ضحكة الفجر وسِّدا
نودع من يمضي ونقفو سبيله *** كما سار إثر الصوت واجتازه الصدى
يقول لك الآسي بقاؤك بيننا *** قصيرٌ .. فيا للعلم كيف تبلدا
طغى ما طغى حتى إذا الموت راعه *** تضاءل عند الموت حتى تبددا

عقب ذلك ، يصف الشاعر الحزين الموجَع حاله وحال صاحبه إبان جثوم المرض عليه، وما آل إليه، فيخاطبه مستذكرًا والدمع يُغرق الحروف قبل العيون:

أبا خالد! إن أنس لا أنس برهة *** من العمر .. ودّ الطرف لو كان أرمدا
رأيتك يكسوك السقام ظلاله *** شحوبًا وإعياءً ولحظًا مشردا
فهل أبصرت عيني صديقي أمامها *** أم النعي تذروه الجرائد أسودا
تجلد! يقول الصحب من كل جانب *** وكيف لضيف الموت أن يتجلدا؟
تجلد! ولكني رأيتك واهنًا *** تمد للقيا الموت من لهفةٍ يدا
تجلد! وطافت في شفاهك بسمةٌ *** تقول –وما قالت– سدى كله سدى

وحين أيقن د.القصيبي ألّا مفر من الموت والفراق؛ شرع بتعداد مآثر رفيقه التي خبرها خلال سنوات العمل المرهق، وهو به أبصر؛ ولذلك أبدع واصفًا الراحل العزيز على قلبه، الأليم وداعه:

عشقت بك الإنسان لحظة يأسه *** كما هز قلبي شامخًا متمردا
أبا خالدٍ! والذكريات دوامع *** تمر على روحي .. كما تعبر المدى
فألقاك في طول السنين وعرضها *** أخًا ما تراخى ودّه .. أو ترددا
وفيًا .. وأشباه الرجال مظاهر *** يسؤوك ما يخفى ويرضيك ما بدا
عفيفًا .. وأشباه الرجال تزاحموا *** على سلب الدنيا قياما وقعدا
صدوقًا .. وكم يجني على الحر صدقه ***إذا أصبح الكذاب بالكذب سيدا
سخيًا .. إذا ضن البخيل بماله *** بذلت من الوجدان ما يخجل الندى

وقبل أن يعلن أبو يارا الوداع الدنيوي الأخير لصاحبه الأثير، أطلق حكمة خالدة نراها عيانًا عندما قال عبر بيتين اثنين فقط ما يغني عن كتاب:

فوالهفي .. إن تأخذ الأرض أروعًا *** وتبقي عليها .. زائفين .. وأعبدا
أبا خالدٍ .. والبين كالليل بيننا *** متى طال ليل البين .. والملتقى غدا؟

أشير قبل الختام إلى أن غالب معلومات هذا المقال مستقاة من مقالة طويلة كتبها نجل شقيق المهندس الراحل المحامي الشيخ محمد بن موسى بن عبدالله الحماد شكر الله له، ولمن أعانه على توثيقه سيرة عمه وعلى رأسهم والده، وأبناء عمه يوسف: خالد وفيصل وعبدالله. ولا شك عندي بأن هذا الصنع الأنيق من ديدن الأسر العريقة التي تحفظ أمجادها، وتسعى جاهدة لتخليد مآثر أكابرها الذين أحسنوا وأجادوا، وكانت لهم جلائل أعمال، وفضائل ومآثر، ومن الإحسان للتاريخ والمجتمع حفظها وروايتها.

وبعد فهذه حكاية مهندس عصامي اختار التواري حيًا فنال الانتشار وهو في جدث قد لا يهتدي إليه أحد. وهي قصة رجل تعفف مع شدة الإغراء وعظم الحاجة وسهولة الغل؛ ولعله أن يتخفف من الحمل الذي سيثقل غيره يوم الحساب الأكبر، ولعل التوفيق والتأثير الحسن الذي أدركه بنوه من بعده كان من أثر اللقمة الحلال والتربية المفعمة بالقيم. وهي رواية عن مهندس استطاع بصمت أن يشارك في مشروعات ضخمة نفعت الأفراد والمساكن، ومؤسسات المجتمع، وأجهزة الحكومة، وأذرعة الاقتصاد، في طول البلاد وعرضها، ولعلّ صحيفته أن تزدحم بحسنات كثيرة من وراء هذه الأعمال المضيئة، وهي قصة -مع هذا أجمعه- تعبّر عن احتفاء ممن يكتب، أو يقرأ، أو ينشر، بالإخلاص، والنزاهة، والاجتهاد المتقن، ونفع الوطن.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

الأحد 17 من شهرِ شعبان عام 1443

20 من شهر مارس عام 2022م

Please follow and like us:

9 Comments

  1. استاذ احمد شكرا على هذه المقالات الجميله عن هذه الرموز الوطنية رحمهم الله
    س/ مدرسة النجاح التي وصفتها بانها شهيره هل هناك مراجع عنها ومن درس بها غير الحماد ممن برزوا لاحقا؟

    1. أهلا بالأخ إبراهيم. مدرسة النجاة الأهلية في الزبير مذكورة في كتب تأريخ الزبير ورموزها وفي سير أساتذتها مثل الشنقيطي، ومن شارك في إنشائها مثل العقيل -وعنه مقالة في المدونة-. وممن درس بها وزراء سعوديون مثل الشيخ عبدالرحمن أبا الخيل-عنه مقالة هنا-. ولو بحثت في قوقل فلربما تجد هنا كتابا أو أكثر أو مقالات؛ لأن أهل الزبير أوفياء لرموزهم.

  2. رحم الله الفقيد ابا خالد رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته . من لا يشكر الناس المخلصين لا يشكر الله .من مآثره حبه لوطنه وحرصه على تطوير قطاع الكهرباء والاعتماد على شباب الوطن للقيام بذالك . فمن منجزاته رحمه الله انشاء معهد التدريب بالشركه واعداد برنامج لابتعاث منسوبي الكهرباء خريجي المعاهد الثانويه الصناعيه للولايات المتحده الامركيه للحصول على شهادات البكلريوس في مجال الهندسه الكهربائيه حيث كان عدد المهندسين السعوديين بشركة كهرباء الرياض انذاك ثلاثة مهندسين سعوديين فقط وبعد عشر سنوات تجاوز عددهم اكثر من ٣٠ مهندسا قامت على اكتافهم معظم انجازات قطاع الكهرباء بالمنطقة الوسطى .وتوالت الانجازات لتطوير قطاع الكهرباء تباعا لمجابهة التطور والنهضه خلال مرحلة الطفره الصناعيه والاجتماعيه والسكنيه بالمملكه.. هذه خاطره احد المحظوظين بنيل الشرف بالعمل تحت ادارة المهندس البارع يوسف الحماد وزملاءه المخلصين مثل المهندس عبدالعزيز العبدالواحد رحمه الله الساعد الايمن للمهندس الحماد لبناء البنيه الاساسيه لقطاع الكهرباء بالمنطقه الوسطى في ظل الدعم الكبير لرجل الدوله المخلص الدكتور غازي القصيبي رحمهم الله جميعا واسكنهم فسيح جناته .

  3. موافق وانا احد المستفيدين من برنامج الابتعاث لمنسوبي الشركه السعوديه للكهرباء عام ١٣٩٨ هجريه .

  4. رحم الله الابي المهندس يوسف بن عبدالله بن عثمان الحماد واسكنه فسيح جناته . وبارك الله له في اولاده واحفاده . سيماء الاباء والنزاهة والشموخ المحمود . تدرك من نظرة الى وجهه كثر الله من امثاله والاقتداء بافعاله
    اخت له في الله

  5. رحمه الله و صحبه الكرام أسكنهم جميعا الفردوس الأعلى من الجنة..

    و الشكر موصول لك دكتورنا الفاضل ع. هذا الأثر الطيب الذي خطه يراعك المبدع..
    زادك الله رفعة و توفيقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)