شريعة وقانون عرض كتاب

نظرة في بحوث علمية محكمة

Print Friendly, PDF & Email

نظرة في بحوث علمية محكمة

زرت قبل سنوات سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ في منزله ضحوة يوم السبت في مجلسه الأسبوعي آنذاك، وفي نهاية اللقاء وصلتني هدية عبارة عن كتاب عنوانه: بحوث علمية محكمة في الفقه والقضاء والسياسة الشرعية والطب وتقنية المعلومات، تأليف: أ.د.هشام بن عبدالملك بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، طبع على نفقة والده المربي الأديب اللغوي (شقيق سماحة المفتي). صدر هذا الكتاب في مجلدين عن دار الصميعي للنشر والتوزيع عام (1436=2015م)، ويقع في (1089) صفحة نصيب الأول منهما (525) صفحة، ويتكون الكتاب من مقدمة وأربعة أقسام وفهارس.

عنوان القسم الأول بحوث في الفقه وأصوله، واشتمل على سبعة بحوث جاءت في (395) صفحة، ويعقبه القسم الثاني بعنوان: بحوث في تقنية المعلومات وفيه ثلاثة بحوث ضمن (100) وصفحة واحدة. ويختص القسم الثالث بالسياسة الشرعية عبر أربعة بحوث تقع في (289) صفحة، وخاتمة الأقسام رابعها وهو بحوث في القضاء وعددها خمسة في (246) صفحة. وقد نشرت جميع هذه البحوث البالغة (19) بحثًا في مجلات علمية محكمة تتبع جامعات سعودية وعربية، وأخرى تصدر عن وزارة العدل أو مجلة البحوث أو هيئة كبار العلماء، وبعضها أوراق علمية قدمت لمؤتمرات جامعية، وضمنت في السجل العلمي لأعمال المؤتمر.

فأول بحث في الكتاب عنوانه: التوصيف الفقهي لخياري التدليس والعيب في الفقه المقارن، نشر في مجلة جامعة الحدود الشمالية، وعدد صفحاته (51) صفحة بينما بلغت مراجعه (72) مرجعًا، وخلص المؤلف إلى تشابه الخيارين تشابهًا كبيرًا حتى أن بعض العلماء أدخل التدليس في خيار العيب. أما ثاني بحث فحول التوصيف الفقهي لعمليات التقابض في المعاملات المصرفية المعاصرة، وقد نشر في مجلة العدل ويقع في (69) صفحة فيها (121) مرجعًا، ويرى الباحث أن القبض في الشرع مطلق يرجع فيه إلى العرف، وحكم لكثير من العمليات المصرفية بأنها تأخذ حكم القبض مثل تسلّم الشيك، والقيد المصرفي، والحوالة المصرفية.

ثم ينتقل الكتاب بنا إلى البحث الثالث الذي نشرته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء وجاء في (47) صفحة وبلغت مراجعه (79) مرجعًا، وكان عنوانه: استيفاء الرسوم على الأراضي السكنية غير المستغلة دراسة فقهية، ولباب اجتهاد البروفيسور أن السكن من ضرورات الحياة، ومن ضوابط التملك الشرعية ألّا تتعطل الأموال كي تؤدي دورها في التداول والتعمير والإنتاج، وخلاف ذلك يقع في دائرة الاحتكار الممنوع؛ وعليه ففرض رسوم على الأراضي السكنية داخل النطاق العمراني له مردود إيجابي على السوق العقارية، ويساهم في حل أزمة الإسكان. ومن التوصيات الاحترازية أن يكون فرض الرسوم مؤقتًا حتى تزول المشكلة، وأن تؤول هذه الرسوم لدعم صندوق التنمية العقاري.

أما البحث الرابع فموضوعه التلقيح الصناعي دراسة طبية فقهية مقارنة، نشرته مجلة كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ويقع في (39) صفحة، وأفاد الباحث من (12) مرجعًا، وحكم بجواز التلقيح الصناعي بين الزوجين وهما على قيد الحياة، وبتحريم تأجير الأرحام، وحرمة بنوك الأجنة، وختمه بلفتة إيمانية تربوية تعلّق قلب مريد الذرية بالله وليس بالأسباب. وتلاه بحث لطيف عن مجمع البحوث الإسلامية في مصر دراسة فقهية نشر في مجلة الحكمة عبر (55) صفحة مستقاة من (42) مرجعًا، ومؤدى البحث أن مراجع الموضوع شحيحة، والمجمع هو وريث هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر، وعمله لا يختلف كثيرًا عن المجامع الفقهية الأخرى، وتأثره واضح بالقرارات السياسية، وليس له ظهور إعلامي بارز، وأعضاؤه غير متفرغين مما أضعف أعماله وهي سمة ظاهرة في المجامع الأخرى.

وسادس بحث في هذا القسم نشرته مجلة البحوث الفقهية المعاصرة بعنوان الترجيح بكثرة الأدلة: دراسة أصولية فقهية تطبيقية، وعدد صفحاته (41) صفحة، وعدد مراجعه (67) مرجعًا، ومختصره ترجيح قول الجمهور القائلين بالجواز. والبحث السابع والأخير في هذا القسم حول الأحكام الفقهية المتعلقة بالنصيحة ونوازلها المعاصرة وهو محكم ومنشور في سجل علمي لمؤتمر جامعي، ورجع المؤلف فيه لمرجعين بعد مئة، وعدد صفحاته ثلاثة أرباع المئة، ويرى رأي حق أن النصيحة من أسباب نجاة المجتمع، وأنها تقبل ممن جاء بها دون شرط معرفته، مع ضرورة التثبت وألّا تطبّ النصيحة زكامًا فتحدِث جذامَا، ومن الحكمة استعمال التقنيات الحديثة في مجال النصيحة.

أما القسم الثاني ففيه ثلاثة أبحاث تختص بتقنية المعلومات نشرت في مجلات بحثية أو تابعة لكرسي ابن باز الجامعي أو لوزارة الشؤون الإسلامية، وعناوينها ضوابط توظيف تقنية المعلومات التطبيقية في خدمة الفقه ويقع في (37) صفحة وتعداد مراجعه (36) مرجعًا، والثاني عن الخطاب الدعوي وتقنيات التواصل الحديثة الذي استله الباحث من (70) مرجعًا ونظمه في (39) صفحة، والثالث بعنوان: التخصص وأثره في تحقيق التكامل بين المواقع الدعوية في (19) صفحة، وموجز هذه الأبحاث أن التقنية خدمت الدعوة، واستخدامها جائز إذا كانت صادرة عن مؤسسة معروفة موثوقة، وفيها دعوة للتنافس في الابتكار التقني لصالح الدعوة والعبادة والخير، مع التأكيد على زيادة البحث في هذا الباب، وتعزيز التخصص مع التكامل بين المواقع والبرامج.

بينما يبدأ المجلد الثاني بالقسم الثالث وأول أبحاثه عن الأحكام الفقهية المتعلقة بالجماعة والإمامة في العبادات والمعاملات وتطبيقها في المملكة العربية السعودية، ويقع في (73) صفحة مستلة من (13) مرجعًا، وهو محكم ومنشور في سجل علمي لمؤتمر جامعي، وإن الإمامة والجماعة لمن مسائل الدين والعقيدة ومع ذلك لم يغفلها الأئمة في كتب الفروع لما لرأي الإمام من منزلة مؤثرة في مسائل الخلاف التي أشار المؤلف لبعضها. وأتى ثاني أبحاث هذا القسم حول المنهج السلفي والنظام العالمي الجديد دراسة من فقه واقع المملكة العربية السعودية، وعدد صفحاته (63) وعدد مراجعه (75)، ونتيجته العلمية براءة السلف ومنهجهم الحقيقي من جميع التهم الموجهة إليه بسوء ظن الآخرين، أو بسوء أفعال وأقوال وأعمال تنسب إلى بعض من يدعي الالتزام به واتباعه.

ويحدد البحث الذي يليه المنشور في مجلة جامعة الطائف المعيار في تعريف الدار وتحولها من حال إلى حال دراسة فقهية مقارنة عبر (44) صفحة من (56) مرجعًا، وخلاصته أن الإسلام سبق غيره في علم العلاقات الدولية، وأن جميع دول العالم الآن دار عهد لدخولها في منظمة الأمم المتحدة. وبعد أن فحص الباحث (130) مرجعًا كتب (99) صفحة في بحث حكمته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء عنوانه: توقف الجهات العامة عن عمليات الإنقاذ رؤية شرعية، واقترح فيه وضع ضوابط شرعية لتوقف الأجهزة العامة عن عمليات البحث، وهو توقف الأصل فيه ألّا يكون على تلك الأجهزة ضمان بسببه، وهي التي تقدر قرار التوقف من عدمه، وتتحمل أي مسؤولية عن التفريط أو التقصير.

أخيرًا يأتي القسم الرابع وفيه خمسة بحوث أولها نشر خلال (62) صفحة في مجلة وزارة العدل عن معايير تعيين القضاة في العصر الحديث وتطبيقاتها داخل المملكة العربية السعودية واستفاد كاتبه من (28) مرجعًا، وجعل الشروط محصورة في الإسلام والعقل والبلوغ والعدالة مع منع المرأة من تولي القضاء. والبحث الثاني منشور في نفس المجلة السابقة عن تخلف الخصوم عن حضور مجلس القضاء ومع أن صفحاته قليلة وعددها (14) صفحة إلّا أن المؤلف عاد إلى (30) مرجعًا وهي سمة بارزة في كل أبحاث الكتاب وفيه دليل على الجدية والتعمق، ومختصر رأي المؤلف أن الأمر يختلف بحسب ضرورة حضور الخصوم، وتكرار غيابهم، ويمكن الاستعانة بالسلطان لإحضار المتخلف واتخاذ إجراءات تلزمه بالحضور، ومن تبعات هذه المسألة بيان الحكم على الغائب.

وثالث بحوث القسم الأخير حول أثر القرائن الطبية في إثبات البلوغ دراسة فقهية مقارنة وهو منشور ضمن أعمال مؤتمر علمي جامعي، وتبلغ صفحاته (48) صفحة وعدد مراجعه (87) مرجعًا، ويجعل البحث البلوغ بظهور العلامات أو بلوغ السن أيهما كان الأول، ويوصي بالتواصل بين الأطباء والفقهاء، وزيادة البحث في المجال الفقهي الطبي، وتضمين مناهج كليات الطب بمواد تعتني بالفقه الطبي الشرعي، وهي وصية يمكن نقلها إلى أي تخصص آخر في الغالب.

كما نشرت مجلة الجمعية الفقهية بحثًا في (54) صفحة بعنوان انتقال حق الحضانة في ضوء متغيرات العصر أسبابه وآثاره، وعدد مراجعه (64) مرجعًا، والأصل رعاية الأصلح للمحضون؛ فالحضانة فرض عين في حق أحد الوالدين، والنساء مقدمات على الرجال لأنهن أصبر، وللمرض والانحراف السلوكي آثار حكمية على الحضانة. وختم القسم الأخير بآخر بحث عن إثبات الملاءة في دعوى الإعسار في الفقه والنظام المنشور في مجلة القضائية التابعة لوزارة العدل وتبلغ صفحاته ومراجعه على التوالي (52) صفحة و (74) مرجعًا، ومن أحكامه أن من ثبت عسره لا يحبس، والمليء لا يلتفت لدعواه بالإعسار، ويجب على القاضي استفراغ الوسع للتحري عن حال من يدعي الإعسار، ومن ثبت عكس ذلك يُلزم بدفع الحق الذي عليه، ومن توصياته الربط الإلكتروني بين المحاكم والمصارف وكتابات العدل وهيئة سوق المال.

جزى الله فضيلة البروفيسور خيرًا على اجتهاده في البحث، وسعيه للنشر في مكان واحد. وما أعظم سعة الشريعة وأكثر استيعاب علومها لشؤون الحياة كافة. وعسى أن يرجع أصحاب الاختصاص وأهل الاهتمام إلى أصول هذه الابحاث ولا يكتفي الواحد منهم بعابر الإشارة أعلاه، وعسى أن يضم أصحاب البحوث المشتتة أعمالهم في كتاب واحد له جامع موضوعي واضح حتى يضمنوا حفظها، ويسهل الرجوع إليها؛ فكم في المجلات المحكمة من نفائس لا يدري عنها أحد لضعف البحث أو الفهرسة او ندرة تلك المجلات أو غير ذلك من أسباب، والموفق من أبان ثمرة عكوفه العلمي والأدبي، والأجر عند العليم الخبير مأمول مراد.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

ليلة الخميس 13 من شهرِ ربيع الآخر عام 1443

18 من شهر نوفمبر عام 2021م

Please follow and like us:

4 Comments

  1. جزاك الله خيرا . قرات المقال . ووجدت شيئا كنت اجهله . وهو جواز التلقيح الاصطناعي بين الزوجين وهما على قيد الحياة فاحد ابنائي متزوج من ما يقارب العشر سنوات . وسئلت ولم استطع الاجابة لاانني كنت لااعلمها . جعل الله العلي القدير في كل ماتكتب في ميزان حسناتك وحسنات والديك .

  2. السلام عليك ياشيخ احمد اطلعت على محتويات كتاب نظرات في بحوث علميه محكمة لفضلية الاستاذ الدكتور / هشام بن عبدالملك حفظه الله ورعاه.
    آمل الافادة كيف يمكنني الحصول على هذا الكتاب المذكور؟
    والله يحفظك ويرعاك،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)