سياسة واقتصاد عرض كتاب

الاتصال السياسي في عالم يتغير

الاتصال السياسي في عالم يتغير

هذا كتاب كريم أثير، مؤلفه هو: د.عبدالله بن عبدالمحسن العساف، وعنوانه: الاتصال السياسي في عالم يتغير، صدرت الطبعة الأولى منه عام (1442=2021م)، ويقع في (333) صفحة مكونة من مقدمة وستة فصول ثمّ خاتمة فمراجع الدراسة مقسمة حسب كلّ فصل. وأضاف المؤلف في نهاية الفصول خلاصة مختصرة لأهم ماورد فيها لتثبيت المعلومة والفكرة لدى القارئ الحالي، وإعانة للقارئ الذي يراجع الكتاب على عجل، مع أن التروي في قراءة مثله أكمل لدقة موضوعاته، وأهمية نتائج المضمون في الحال والمستقبل.

فالاتصال السياسي موضع الاهتمام من الدول وكل مشتغل في السياسة؛ ولذا صار هذا العلم في سيولة متجددة، ولديه قابلية لكل إضافة معرفية تلاحق مستجداته وتتابع تطوراته، ولأجل هذا تناول الكتاب في مقدمته التأصيلية تاريخ أبحاث الاتصال السياسي، وناقش موضوعاته بمعالجة أكاديمية، بعد مراجعة مراحل البحث في الاتصال السياسي، ووصف بعض الجوانب الشخصية في الرحلة العلمية لهذا المجال الخصيب المتجدد الذي تتلاطم أمواجه كما لو كانت في بحر هائج لا يهدأ؛ ولن يهدأ -كما كتب المؤلف- لارتباطه بالمجتمع والسياسة.

يتحدث الفصل الأول في (44) صفحة عن الاتصال السياسي بين الماضي والحاضر واتجاهات المستقبل، وهو أشبه بالتمهيد لموضوع الكتاب لما فيه من تعريفات لابدّ منها قبل الدخول في تفاصيل هذا الحقل العلمي، وبعد التعريفات ناقش المؤلف أثر القوى السياسية في تطوير هذا العلم بالممارسة، وتطرق للمدارس الكبرى فيه والنظريات التي تبحث عن وظائفه، وتجلية العلاقات بينه وبين الأنظمة الإعلامية.

أما الفصل الثاني فعن تأثيرات الاتصال السياسي “المجالات والإشكالات” خلال (42) صفحة شملت بيان عناصر الاتصال السياسي ونماذجه وأنواعه وشروطه، مع شرح علاقته بالسياسة والإعلام، بينما جاء الفصل الثالث في (52) صفحة بعنوان الدعاية السياسية والحملات الانتخابية، واستعرض المؤلف فيه الدعاية السياسية التي تعد من أبرز مظاهر الاتصال السياسي للتأثير على آراء الناس، وأسهب الكتاب في التعريف بالدعاية السياسية وتاريخ نشأتها وخصائصها وإستراتيجياتها، وأنواعها، مع عرض مختصر لبعض الحملات الانتخابية والدعائية.

ثمّ جاء الفصل الرابع خلال (54) صفحة تحمل سؤالًا مهمًا هو: الرأي العام صنيعة الاتصال السياسي أم محرك له؟ وأسهب هذا الفصل بالحديث عن الرأي العام ومفهومه وتاريخه ووظائفه وأهميته ومظاهره وخصائصه ومقوماته، وأفاض في العوامل المؤثرة في صناعة الرأي العام ومراحله، وكيفية قياسه، وصلته الوثيقة بعالم السياسة وعلم الاتصال السياسي، وهذا الفصل مهم كما لا يخفى إذ أن الرأي العام أحد أهم أهداف أيّ عملية اتصالية.

وعنوان الفصل الخامس الاتصال السياسي: مقاربة عابرة للدول والقوميات ويقع في (48) صفحة استعرض الكاتب فيها سعي الحكومات إلى استثمار الاتصال السياسي في العلاقات الدولية، مع تفسير العلاقة بين الاتصال والصراعات الدولية بعرض نماذج من صراعات دولية استخدم فيها الاتصال السياسي بصوره المختلفة، ولم يغفل الباحث عن وسائل التواصل الاجتماعي التي دخلت حديثًا إلى هذا المضمار فأقصت كثيرًا من الوسائل التقليدية عن عروش طالما تربعت عليها أحقابًا.

وأثار آخر فصل وسادسها تساؤلًا عبر (28) صفحة عن الاتصال السياسي والإعلام الرقمي: من يضع أجندة من؟ وفيه تحليل للوعي السياسي الفردي والمجتمعي منذ كان الإعلام تقليديًا حتى عصر الإعلام الرقمي، مع توضيح أثر هذه التطورات على العمل السياسي للدول والأحزاب، مع الاستعانة ببعض الأمثلة الحادثة قريبًا. وفي الخاتمة كرر المؤلف د.عبدالله العساف ما أشار إليه في بواكير كتابه من أن هذا العلم والفن مهما كتب فيه سيظل بحاجة إلى المزيد من الدراسات.

أشير قبل الختام إلى ملمحين لفتا نظري على غلاف الكتاب، فصورة الغلاف الأمامي تعبر عن وسائل الإعلام قديمها وحديثها، المكتوب منها والمسموع والمرئي، وهي تدور في فلك دون تصادم ولكل واحد منها مساحته وتأثيره، وأما المستهدف فالعالم كله أو بعضه كما تظهر الخريطة الخلفية، وهو استهداف جلي أو خفي تمامًا مثل بعض زوايا الغلاف. وأما الملمح الثاني فهو لغوي حينما استعمل المؤلف الفعل المضارع “يتغير” للدلالة على فكرة ما برح يكررها خلاصتها أن هذا العلم عرضة لتطورات سريعة أو بطيئة، وبناء على هذه السيولة فلا مناص من تواصل الكتابة حوله.

وأخيرًا فإن هذا الكتاب يفيد طلبة الجامعات في تخصصات السياسة والعلاقات الدولية والإعلام والقانون وعلم الاجتماع، وموضوعه مهم للساسة والدبلوماسيين وللكتّاب خاصة في الشأن السياسي والمجتمعي، ولمحترفي تحليل الأحداث والتعليق عليها، كما أنه يخدم الذين يتحدثون باسم المؤسسات الحكومية أو الخاصة، ولا يستغني عنه وعن مثله عامة القراء والمثقفين؛ ذلك أن الجميع في ملعب الاتصال السياسي ومرماه فمن لاعب ومتفرج ومستهدف ومستثمر وحكم.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

ahmalassaf@

الأربعاء 11 من شهرِ ذي الحجة عام 1442

21 من شهر يوليو عام 2021م

Please follow and like us:

4 Comments

  1. وفق الله العلي القدير الدكتور الفاضل عبدالله بن عبد المحسن العساف لما يحبه ويرضاه . متمنيه له التوفيق والنجاح

      1. أستادي أنا في مرحلة انجاز بحث لنيل شهادة الماجسير في هذا الموضوع كيف لي ان احصل على نسخة من كتابك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)