سياسة واقتصاد

طبق من ذهب!

طبق من ذهب! 

يشار ضمن تعليقات الخبراء والسّاسة إلى مكسب حصلت عليه أمّة، أو دولة، بأنّه جاء إليها على طبق من ذهب! وقد يكون التّوصيف صحيحًا، أو مبالغًا فيه، وربّما يحمل لغة هروب من الاعتراف بالفشل، وفرارٍ من الإقرار ببراعة الآخرين، فضلًا عن إرضاء الذّات بعذر باهت، وإخفاء ما يسبق مجيء الطّبق من نَصَبٍ وجهود، أو استهانة بها.

وفي غالب الأحيان، لا يأتي شيء على طبق من ذهب بصورة تلقائيّة، وقلّما يتبرع أحد في عالم السّياسة والعلاقات الدوليّة بقطعة ذهب فضلًا عن طبق مملوء بالذّهب إلّا في سياقات معينة يجمعها المصلحة، أو الاضطرار، أو الخديعة.

وإذا كانت الأمّة تفكر في مستقبلها بطريقة استراتيجيّة محكمة، وتستفيد من مراكز رصد وبحث رصينة يقظة، وتمتلك مشروعًا ضخمًا يمثّلها، وتصنع لأجل تحقيقه خططًا عمليّة، فسوف تبلغ هدفها غالبًا، وتقابل في مسيرها أطباقًا من ذهب، أو تستجلبها بدقة التّخطيط، ومهارة الممارسة، واحترافيّة التّفاوض.

ومن أنجح وسائل حيازة هذه الأطباق الذّهبيّة، استثمار الأحداث الواقعة حتى لو لم نسهم في صناعتها، أو نشارك في صياغتها، وهذا الاستثمار يستوجب المتابعة الحثيثة، ومعرفة أوراقنا الضّاغطة، وتحديد المصالح أو المخاطر القابلة للتّلويح بها، فضلًا عن الاستقلاليّة الواقعيّة في اتّخاذ القرار.

وإنّ صناعة الفرص لعلم وفنٌّ يمارس كثيرًا في ملاعب الرّياضة، وساحات التّجارة، وعالم التّسويق، وميادين الفكر، وساحات المعارك، وفي دهاليز السّياسة والاقتصاد، ومن حمل الهم، وأدام التّأمل، وتحيّن الملائم من الأحوال والأوقات والمواضع، تسابقت إليه الفرص، وتسارعت إلى لقياه.

ومن الممكن بالدّهاء والحيلة، تحويل أطباق الخصوم والأعداء إلى خشب بعد أن كانت ذهبًا، أو تقليل كميّة الجوهر الثّمين فيها على الأقلّ، أو جعل قيمته في تذبذب مستمر، ويستلزم هذا الصّنيع جرأة مدروسة، وتحديثًا دائمًا للمعلومات والخبرات، ومعرفة عميقة بالتّاريخ.

والانتظار لا يجدي شيئًا؛ فلن يمنحنا الآخرون طبقًا فارغًا أو ذهبيًا إلّا إذا فرضنا أنفسنا على الواقع، واهتبلنا الفرص، وارتقينا على قمّة أيّ موجة صاعدة، على أن ننزل منها بسكون قبل أن تهوي بمن وما فيها، ولا يكون ذلك إلّا بوجود خبراء وناصحين يعملون بدأب في مطبخ للأفكار، أو معمل للتّنفيذ، أو فريق للمؤازرة، ومعهم قيادة تحسن التّحفيز، والتّوجيه، والتّصحيح.

 أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرِّياض

ahmalassaf@

الأربعاء 09 من شهر الله المحرّم 1440

19 من شهر سبتمبر 2018 م

Please follow and like us:

One Comment

  1. السلام عليكم ورحمة الله
    الكاتب الفاضل احمد حفظه الله ورعاه . صدقت والله لاياتي شئ على طبق من ذهب . او كما يقول بعض الناس ولد وفي فمه ملعقة من ذهب. وحسب قراءتي بان اصل هذا المثل ماخوذ من مقولة انكيزية [born with a silver in his mouth] وانتقلت الى العربية وتحولت من ملعقة من فضة الى ملعقة من ذهب . ربما والله اعلم لااننا نحن العرب نحب الذهب كثيرا . لاياتي شئ على طبق من ذهب بصورة تلقائية . وقال ا لله العلي القدير في كتابه العزيز[وقال اعملوا فسيرى الله اعمالكم} صدق الله العظيم . موجه لكل عباده وخلقه في كل مكان وزمان . فطريق النجاح ليس مفروشا بالورود .فالحصاد يكون كما تفضلت بمقالك القيم الهادف المفيد كما عودتنا بارك الله لك في قلمك وما تخطه يداك, الحصاديكون نتاج التعب يحصدها من عمل بجد وسعي واستثمار كل ثانية . يكون جديرا لتحقيق طموحاته . بدون حاجته لطبق الذهب او ملعقة الذهب . وفقك الله لما يحبه ويرضاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)