أصول الصياغة القانونية
قرأت هذا الكتاب حتى أكملته؛ فلي شغف بموضوعات التحرير والصياغة، وهو جزء من الاهتمام بالكتابة وفنونها، والكتاب المراد عنوانه: أصول الصياغة والممارسة القانونية في المملكة العربية السعودية، منهج علمي تدريبي مدعم بالتطبيقات النظامية، تأليف: د.حسام الدين سليمان توفيق، صدرت طبعته الأولى عن مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع في الجيزة عام (1440=2019م)، ويقع في (263) صفحة مكونة من مقدمة، وبابين، وقائمة المراجع التي بلغت ثلاثًا وثلاثين مرجعًا، وفهرس الموضوعات.
عنوان الباب الأول: أصول الصياغة القانونية وقواعدها الأساسية، ويتكون من فصلين، الأول عنوانه: ماهية الصياغة القانونية وفيه ضوابط للصياغة القانونية على اختلاف أشكالها، وعنوان الثاني: كيفية التدريب على الصياغة القانونية السليمة وفي آخره تطبيقات عملية. أما الباب الثاني فعنوانه: أصول الممارسة القانونية وتطبيقاتها العملية، وفيه فصلان أولهما عن قواعد ممارسة مهنة المحاماة ومهارات المرافعة، والثاني عن المبادئ الأساسية لكتابة العقود ولوائح الدعاوى والاعتراضات على الأحكام وتطبيقاتها العملية.
ومن الواضح أن المؤلف عمد إلى جعل الكتاب في أخصر عرض، وأيسر شرح، واجتهد في الابتعاد عن التعقيد والصعوبة، وأضاف له بعض التطبيقات التدريبية، والنماذج المعينة، والإرشادات العملية، وربما أن الاستعجال في النشر حال دون مراجعة بعض الأغلاط النحوية والطباعية، ولعلها أن تستدرك في طبعة قادمة. ويمكن الخروج من هذا الكتاب بهذه الفوائد في باب الصياغة وما يحيط بها:
- الكتابة القانونية والمرافعة الشفوية تحتاج إلى ضوابط ومنهجية وأسلوب لغوي يمكن الإلمام به عن طريق التعلّم والتدريب.
- الصياغة هي وسيلة المنظم، والقاضي، والمحامي، لإيصال الفكرة إلى المخاطب بها.
- يلزم أن تكون الفكرة القانونية على درجة من الدقة والوضوح والعرض المحكم.
- استخدام اللغة القانونية المتخصصة ضرورة للتأهيل المهني السليم.
- الصياغة القانونية السليمة أحد أهم المقومات الأساسية التي لا غنى عنها في مجال العمل القانوني.
- تعتمد الكتابة القانونية على دقة استخدام المصطلحات، واستخلاص النص الواجب إبرازه، وبيان العناصر اللازمة كافة دون إغفال شيء منها.
- تتناسب الصياغة الجامدة مع القواعد الآمرة، ولها وظيفة وقائية تحول دون اتساع مساحة السلطة التقديرية للقاضي، ومن كلماتها: يجب، يلتزم، يتعهد، يحظر، لا يجوز،…
- من ضوابط الصياغة القانونية تجنب الأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية والطباعية، والابتعاد عن اللهجة العامية، والحرص على الوضوح.
- من الضوابط مراعاة السياق، وألّا يترك المجال للاستنتاج، وتقليل العبارات المقيدة للمعنى، وربط كل لفظ مستعمل بمعنى واحد فقط.
- الحرص على الإيجاز بما يعبر عن المعنى بأقل عدد من الكلمات دون إخلال بجوهر الفكرة بالزيادة أو النقص.
- لأي كتابة قانونية منهجية في العرض من خلال التقسيم والابتداء والانتهاء وما بينهما من تعريفات وفئات معنية ونطاق سريان زماني ومكاني.
- من الضوابط: تحديد عناصر الصياغة القانونية بتعيين المخاطب، ومضمون العمل القانوني، وطبيعة القاعدة، وشروطها.
- لصياغة الأحكام القضائية ضوابط هي بيان وقائع النزاع كما أوردها المدعي، والتسبيب وهو مقدمات تؤدي إلى نتائج محددة، ومنطوق الحكم من القاضي إما بقرار إجرائي مثل عدم الاختصاص، أو بقرار موضوعي مثل إصدار الحكم.
- التسبيب عملية ذهنية ينزل بها القاضي الأحكام على الواقعة محل النزاع، ويتميز بالدقة، والبعد عن الاسترسال واللغة البلاغية.
- من أهم ضوابط الصياغة المتكررة في الكتاب ألّا يضاف للنص أيّ كلمة ليس لها علاقة بالموضوع؛ فالحشو مفسد وربما يربك.
- في المرافعة تكون المهارة مهارة كتابة استباقية، ومهارة حديث مستعد له؛ لأن المحامي في المرافعة يستعين بلغة الجسد كما يستعين بالألفاظ وربما أزيد.
- في أي لائحة دعوى يجب تحديد المحكمة المختصة، وسرد معلومات أطراف الدعوى، مع عرض الوقائع متسلسلة في نقاط، وبيان السند الشرعي أو النظامي للحق المدعى به، وإيراد الطلبات موجزة واضحة.
- يشمل هيكل العقد ما يلي: عنوان العقد، تاريخ التعاقد ومكانه، معلومات أطراف العقد، النص على أهلية الأطراف، التمهيد للعقد، توضيح محل العقد وموضوع التعاقد، تحديد المقابل المالي، النص على التزامات الأطراف، بيان المدة التعاقدية، ذكر الشروط الخاصة، تسمية المختص بنظر النزاع، الإشارة لعدد النسخ الأصلية من العقد، كتابة أسماء الأطراف للتوقيع.
كما يحتوي الكتاب على صفحات مختصرة عن منهج القراءة القانونية باختلاف نوع النص القانوني، مع التنبيه إلى ضرورة إجادة قراءة المصطلحات وفهمها، وفيه بعض النصائح للتدريب القانوني، والمرافعات، وتحصيل الثقافة بمعناها العام، مع إطلالة على عمل المستشار ولوازم الاستشارة القانونية، والإشارة لبعض الأخلاق العلمية والمنهجية للقانوني، ومما يحسب له كثرة التطبيقات على جميع أنواع الكتابة القانونية الواردة ضمن الكتاب، مما يفيد في باب الممارسة، وهو قسم فيه إضافة للكتاب وقارئيه.
وهو كتاب صالح للمبتدئين لولا سعره المبالغ فيه جدًا قياسًا للسوق والمحتوى، وأتصور أن المحامي والقانوني بمزيد القراءة، والاطلاع اللغوي والأدبي، والنظر في كتب أساليب البحث والعرض، وقراءة الأعمال القضائية والقانونية المحكمة، سوف يجني الفائدة المرجوة من هذا الكتاب وربما أعظم، فالمحامي كما نقل المؤلف رجل تكمن مواطن القوة لديه في القدرة على الكلام، وقد أصاب مؤلفنا حينما أضاف والقدرة على الإنصات والإصغاء أيضًا، والله يفهمنا ويعلمنا ويلهمنا رشدنا.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
ليلة الثلاثاء 05 من شهرِ شوال عام 1444
25 من شهر إبريل عام 2023م