الشيخ الشثري المستشار ورجل الدولة
هذا كتاب عنوانه: مستشار الملوك معالي الشيخ ناصر بن عبدالعزيز أبو حبيب الشثري رحمه الله تاريخ عريق في المشورة والعلم والسماحة والكرم (١٣٤٩-١٤٤٢)، جمع وإعداد نجله الأكبر د.محمد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري. يتكون الكتاب من (٢٣٨) صفحة فيها تقديم بقلم معالي الشيخ أ.د. سعد بن ناصر الشثري، فمقدمة للناشر د.محمد المشوح، وأخرى للمؤلف.
ثم تتوالى أربعة فصول يعقبها تفريغ لمادة مرئية عرضت متلفزة في قناة المجد عن معالي الشيخ، فالملحق ثم الفهرس، وقبل أيّ شيء وضع معدُّ الكتاب د.محمد الشثري صورة من كتاب العزاء المرسل له ولأسرته من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وكتاب العزاء المرسل من لدن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله وأحاطهما بتوفيقه ورعايته، ويليهما كتاب العزاء من وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وفقه الله.
اتفقت المقدمتان مع التقديم وبقية فصول الكتاب على وصف الشيخ الراحل، وهو الوصف ذاته الوارد في عنوان الكتاب؛ فشيخنا نجل عالم كبير، وسليل أسرة عريقة، عرفت بالعلم والدعوة للفضائل والحث على جميل الخصال، مع حسن الشورى والمشورة في الطريقة والتوقيت والمضمون، ويزين ذلك سماحة من علائمها البشاشة وطلاقة الوجه واللسان، ويؤكدها كرم جبلّي بفتح المجلس، واستقبال الناس على كثرتهم، وتنوع حاجاتهم، وندرة بذل العذر أو حسن الظن من أغلبهم. وقد وفق الله الشيخ المستشار للسعي في قضاء الحوائج، وتفريج الكرب، واستثمار قربه من ملوك البلاد المتعاقبين بين عامي (١٣٩٥-١٤٤٢)؛ لنفع الناس قاطبة، وزيادة حبهم للبلد، ورفع ولائهم له؛ وتلك سمة رجل دولة يقدّر المصلحة، ويحسب المآلات الدقيقة قبل الجليّة.
يتحدث الفصل الأول عن نبذة تاريخية فيها ترجمة للشيخ، وحوى الفصل الثاني شهادات وكلمات في رثاء معالي الشيخ ناصر بن عبدالعزيز الشثري، وفيه ستة وعشرون مقالًا رابعها لكاتب هذا المقال، بينما جمع الفصل الثالث قصائد في رثاء معالي الشيخ ناصر بن عبدالعزيز أبو حبيب الشثري، وفيه اثنا عشر قصيدة. وأعاد الفصل الرابع تفريغ محتوى فيلم مستشار الملوك معالي الشيخ ناصر بن عبدالعزيز الشثري رحمه الله الذي عرض في قناة المجد على جزأين، تحدث فيهما أمراء وعلماء ووزراء وأقارب وجيران ومعارف، وفي الملحق قصائد وصور، وفيه وصية الشيخ الشفيقة لذريته من بعده.
أبان الكتاب بجلاء عن سمة الكرم المتأصلة لدى الشيخ ناصر، وخصلة الهبة للنجدة والغوث قدر مستطاعه، فحتى وهو في المستشفى يطلب فتح الباب للزوار ولطلاب الحاجات والشفاعات. كما أظهرت رحمة الشيخ بالخلق حين أوصى بالرفق بالناس في الصلاة عليه، وتأخيرها إلى أن تنكسر حدة شمس صيف الرياض اللاهب، وقد صلي عليه في بيوته الأربعة، وصلى عليه المشيعون في ثمان جماعات متعاقبة. كما سيرى القارئ تلّطف الشيخ في القول، وحسن الأحدوثة، مع تمام العقل في العرض والرأي والمشورة.
وقد شكر المؤلف في نهاية الكتاب من ساعده في تأليفه، وخصّ منهم الشيخ خالد المانع، والشيخ محمد العسيري، والدكتور محمد المشوح، والأخ سعد الحافي، وتبين أن هذا الكتاب هو الجزء الأول، وسوف يليه جزء ثان، ولا ندري عن مضمون الجزء الثاني، وإن كانت الأمنية تتجه لدراسة شخصية الشيخ من خلال ترجمته، وما كتب عنه؛ حتى يمكن نظمها في موضوعات تمثل ركائز خصال الشيخ الوزير المستشار، ولعلها أن تمون نبراسًا لمن اشترك معه في صفة أو أكثر.
إن تاريخنا وواقعنا حافل بأسماء من الوزراء العلماء الذين تتزاحم فيهم فضائل كثيرة، ولاريب أن يكون الأمر كذلك وقد بدأت دولة الإسلام في المدينة النبوية بوزيرين تتفاخر بهم الدنيا وهما الصديق والفاروق رضي الله عنهما، ثمّ توالى أمثالهم من كبار الصحابة والتابعين، فكانوا بحقِّ رجال دولة وحكمة تزهو بهم الأعمال وتحلو بوجودهم الليالي والأيام، من أمثال رجاء بن حيوة، وابن هبيرة، وابن حزم، وابن خلدون، وغيرهم جمع غفير جدير بدراسة شخصياتهم، وأعمالهم، والإفادة منها، رحمهم الله رحمة واسعة.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الأربعاء 30 من شهرِ شعبان عام 1444
22 من شهر مارس عام 2023م
