أسماء الوزارات وشيء من تاريخها
منذ تكوين مجلس الوزراء السعودي عام (1373) وحتى لحظتنا هذه، مر على المجلس خلال سبعين عامًا خمس وخمسون وزارة جديدة، أو باسم حديث عقب دمج مع أخرى أو فصل أو نقل خدمات بين وزارتين. وأسندت هذه الوزارات إلى مئة وستين وزيرًا من الوزراء الذين تولوا بالأصالة مسؤولية حقيبة وزارية واحدة أو أكثر؛ أي بمعدل ثلاث وزارات لكل وزير. وأول وزارة نشأت بالمملكة هي وزارة الخارجية عام (1349)، وهذا يعني أنها أقدم من المجلس بصورته الإدارية الحالية بريع قرن تقريبًا، وآخر وزارة حتى الآن بناء على الاسم الجديد هي وزارة النقل والخدمات اللوجستية التي اكتسبت هذا المسمى بدلالته الاقتصادية عام (1442).
ومن الطبيعي أن تكون الوزارات الأولى جديدة ثمّ يطرأ عليها تغيير في الاسم أو الاختصاص كما سنرى. وقبل التفصيل أشير على سبيل الإجمال إلى أن عهد الملك عبدالعزيز (1319-1373) شهد تكوين سبع وزارات، وارتفع هذا الرقم إلى تسع وزارات في عهد الملك سعود (1373-1384). بينما لم يشهد زمن الملك فيصل (1384-1395) سوى مولد وزارة واحدة، وفي مستهل حكم الملك خالد (1395-1402) نشأت ست وزارات، والملاحظ أن الوزارات في هذه المدة الممتدة بين عامي (1349-1402) لم تشهد أيّ تغيير في المسمى إلّا في حالة واحدة كما سيأتي، ولم تندمج فيها إلّا وزارتان، وأما الانفصال عن الوزارة فكثير جدًا؛ لأن عددًا من الوزارات الجديدة في أصلها هي إدارات أو وكالات ضمن تنظيم وزارة المالية أو وزارة الداخلية.
ثمّ تكونت في عهد الملك فهد (1402-1426) وزارتان جديدتان فقط، وجرى تغيير في المسمى أو إضافة وحذف في الاختصاص على إحدى عشرة وزارة. وفي زمن الملك عبدالله (1426-1436) نشأت وزارتان جديدتان لهما أصل سابق، وتغير اسم وزارة واحدة واختصاصها. أما في عصر الملك سلمان (1426) فشمل التحديث ست عشرة وزارة، منها أربع وزارات جديدة، والبقية نالها تعديل في الاسم، أو مراجعة للمهام والمسؤوليات بزيادة أو تخفيف. ومن الطبيعي أن تكون بعض التسميات الجديدة غير مسبوقة بذاتها؛ لكنها كانت موجودة ضمنًا فيما مضى من وزارات، وعلى هذا الأساس بنيت التعداد السالف كله، والله يرحم من سلف، ويحفظ من بقي، ويهب للجميع التوفيق والعون.
ويلاحظ اختفاء أسماء ثماني وزارات تمامًا هي البرق والبريد والهاتف، والمعارف، والمواصلات، والعمل والشؤون الاجتماعية، والعمل، والشؤون الاجتماعية، والتعليم العالي، والخدمة المدنية، وهذا الاختفاء لا يعني زوال الاختصاص والواجبات؛ فبعضها تغير مسماه، وبعضها اندمج ضمن وزارة أخرى، وأكثرها حدث له الأمران معًا إذا ضمت الوزارة لغيرها، فيتغير اسمها كما نجده جليًا في وزارات العمل والشؤون الاجتماعية بأسمائها العديدة، والخدمة المدنية.
كما غابت أسماء كانت موجودة سابقًا في أجزاء من أسماء بعض الوزارات مثل الأشغال العامة، والطيران، والكهرباء، والتربية، والأوقاف، وهذا الغياب الجزئي يماثل في التعليل نماذج الاختفاء الكامل للاسم؛ إذ أن وظائف الجزء الغائب أحيلت لوزارة أخرى أو هيئة أو مؤسسة، أو تفرق اختصاصها داخل الوزارات مثل الأشغال العامة. ويقودنا حديث الاختفاء والغياب أو الدمج والتغيير إلى الإشارة بأن أربع وزارات قديمة لم يحدث لها حتى الآن أيّ تبديل في الاسم وهي وزارات الخارجية، والداخلية، والصحة، والعدل.
أما أول الوزارات تكوينًا فهي التي كانت في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز وهي: الخارجية، والداخلية، والمالية، والدفاع، والصحة، والاقتصاد، والمواصلات. بعد ذلك أنشأت في عهد الملك سعود هذه الوزارات: المعارف، والمالية والاقتصاد الوطني، والزراعة، والبترول والثروة المعدنية، والتجارة، والعمل والشؤون الاجتماعية، والحج والأوقاف، والإعلام، والعدل، وبالتالي تصبح وزارتا المالية والاقتصاد هما أول وزارتين دمجتا تحت مسمى واحد في تاريخ مجلسنا الموقر.
ومن الجدير التنبيه إليه أن وزارة العدل نشأت عام (1382)، وسمي أول وزير لها عام (1390) وهو الشيخ محمد الحركان، ولذا أدرجتها ضمن وزارات الملك سعود بناء على سنة الولادة. ولأجل هذا ففي عهد الملك فيصل لم تنشا أيّ وزارة جديدة، وإنما أضيف اسم الصناعة إلى مسمى وزارة التجارة، وصار اسمها وزارة التجارة والصناعة، وهذا أول تغيير في الاسم لوزارة قائمة بإضافة اختصاص جديد لها، أو إظهاره بطريقة بارزة في الاسم توحي بمزيد من الاهتمام بهذا الشأن.
ثمّ جاءت في عهد الملك خالد ست وزارات جديدة هي: التعليم العالي، والأشغال العامة والإسكان، والصناعة والكهرباء، والشؤون البلدية والقروية، والتخطيط، والبرق والبريد والهاتف، ولم يتغير في عهده اسم أيّ وزارة باستثناء التجارة والصناعة التي نزع منها ما يخصّ الصناعة وأضيفت إليه الكهرباء ضمن وزارة جديدة لا سابق لها، وبالمناسبة فإن وزيرها الأول د.غازي القصيبي هو أكثر الوزراء تنقلًا بين الحقائب الوزارية بالأصالة، ومن فرائده أنه الوزير الأول لأربع وزارات من وزاراته الخمس بناء على اسمها الجديد.
وفي حكم الملك فهد انبثقت وزارتان جديدتان هما وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة الخدمة المدنية، ولكلا الوزارتين أصل سابق عبر رئاسة أو ديوان. وتغيرت في عهده خاصة سنة (1424) أسماء وزارات كثيرة، وظهرت أسماء جديدة لأول مرة: الاتصالات وتقنية المعلومات، التربية والتعليم، النقل، الثقافة والإعلام. ومن الوزارات التي تعدلت مسمياتها بفصل أو دمج: الحج، الزراعة، المياه، المياه والكهرباء، الاقتصاد والتخطيط، العمل، الشؤون الاجتماعية. وفي عهد الملك عبدالله تكونت وزارتا الإسكان والحرس الوطني من أصل سابق، وحذف اختصاص الطيران من وزارة الدفاع والطيران.
أما في عصر الملك سلمان فنشأت أربع وزارات جديدة بتحويل هيئات أو مؤسسات إلى وزارات وهي: الثقافة، والرياضة، والسياحة، والاستثمار، وظهرت أسماء جديدة مثل: البيئة، والعمرة، والطاقة، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والخدمات اللوجستية، وهذه الأسماء وغيرها ضمن وزارات عدل لها المسمى أو المجال وهي: التعليم، والعمل والتنمية الاجتماعية، والبيئة والمياه والزراعة، والتجارة والاستثمار، والحج والعمرة، والشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وهي التي انقسمت فيما بعد إلى الصناعة والثروة والمعدنية، والطاقة. ومن الوزارات التي حملت أسماء جديدة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والشؤون البلدية والقروية والإسكان، والنقل والخدمات اللوجستية.
ويتضح من خلال العرض السابق أن من نتيجة هذه التطورات التي شملت تكوين وزارات جديدة أو تعديل أسماء وزارات قائمة ما أدى لإلغاء وزارات قديمة، أو إبراز حقل عملي مهم. ومن الطبيعي أن حركة التجديد مستمرة حسب ما يقتضيها من مصالح. وقد وجدت أن أكثر سنة ولدت فيها وزارات جديدة – 06 وزارات- هي سنة (1395)، وأكثر عام تغيرت فيه مسميات الوزارات -07 وزارات- هو عام (1424)، وعسى أن تكون هذه المقالة أساسًا دقيقًا يُبنى عليها ما بعدها من معلومات، وكم أتمنى أن تضيف جميع الوزارات في مواقعها عبر الانترنت تعريفًا بتاريخ الوزارة، وسيرتها، وأسمائها التي تحكي تطورها، مع شيء عن وزرائها أصالة وتكليفًا.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الأحد 18 من شهرِ ذي الحجة الحرام عام 1443
17 من شهر يوليو عام 2022م
