إدارة وتربية عرض كتاب مواسم ومجتمع

الإيجابية…لحياتك

الإيجابية…لحياتك

هذا عنوان واضح للغاية، جذاب للنفوس على اختلافها، ذلك أن الإيجابية..لحياتك مطلب الكافة، وهو عنوان كتاب من تأليف: د.عبدالعزيز بن عبدالله الأحمد، صدرت طبعته الأولى عن مؤسسة إيجابيون للإنتاج الإعلامي عام (1436) ويقع في (222) صفحة مكونة من إهداء ومقدمة بعنوان أما قبل، ثمّ ستة وأربعون مقالة يعقبها فهرس المقولات العامة فختام، علمًا أن عنوان الكتاب واسم المؤلف قد كُتبا بريشة خطاط المصحف الشريف الأستاذ عثمان طه، وعليه ففي الكتاب نفحة من المصحف الشريف بل نفحات عبر الاستشهاد والمفاهيم المستلهمة من نور الوحي. وأما الغلاف الهادئ البين فهو من تصميم عبير المالكي.

أوضح المؤلف في مقدمته بعنوان أما قبل فكرة الكتاب وعلاقته مع الإيجابية التي يختصرها في ثلاث دوائر كبرى للحياة أولها بأن يعرف المرء معنى الحياة، فيستبين له ثانيًا منهج الحياة، كي يبدأ أخيرًا بمشروع الحياة. ولأن الأمر كذلك أهدى د.الأحمد كتابه للطبيب الداعية المحسن د.عبدالرحمن السميط جلله الله بالرحمة والرضوان، فهو من خير نماذج هذه الإيجابية ومن أسمى مظاهرها المعاصرة في حياتنا. وبعد ذلك افتتح د.عبدالعزيز كتابه بسم الله رب الإيجابيين، ثمّ وقف مع السيرة العليّة للنبي الأكرم -عليه الصلاة والسلام- وهي سيرة تصف الإيجابية والخير كله.

وفي الكتاب قصص ذات مغزى للمؤلف مع والده ومع إمام مسجده إذ كان لهما عظيم الأثر بربطه مع الكتاب العزيز حتى حفظه ونال فيه إجازتين وامتن الله عليه بتلاوات عذبة مسموعة منتشرة لها قبول وعليها طلب. ثمّ تحدث الكاتب عن شخصية الدكتور السميط بناء على مواطن الإيجابية المتغازرة فيها، وإن رجلًا بمثل مهنته، يترك بلدته الكويت في أوج نعيمها، ويطوف في نواحي أفريقيا وهي في قعر بؤسها؛ لإمام في الإيجابية والسمو والعطاء، وقمين بنا إبراز مسيرته وإحياء نموذجه.

كما وردت في الكتاب قصص ملهمة كثيرة بعضها خصصت له مقالة كاملة، بينما جاءت أخريات عرضًا حسب مناسبة السياق، فمن فواز الذي أصلح الله به بين أبويه، إلى سائق الأجرة الذي أثرى وامتلك القصور ثمّ اختار طوعًا بيع الخضار والكد على سيارة أجره والخروج من دائرة الثراء الفاحش طلبًا للنجاة! ووصولًا إلى عبدالجليل من اليمن الذي علّم نفسه وبني قريته حتى نقلهم إلى أنوار العلم وأضواء الوعي، وفيما بين هذه القصص حكايات عن شباب لاهث وجد نفسه حينما توقف ونظر وتدبر فعلم علم اليقين أن الطريق الصواب ليست على ما كانوا عليه.

ومنها حكاية من ابتلوا بالمرض أو الحادث فحرموا نعمة الحركة بيد أنهم ما وهنوا ولا استكانوا حتى أبدعوا وأبهروا، وواقعة سائق الشاحنة السوري الأمين رفيع النفس، وسبب إسلام البريطاني الذي وفد إلى الخليج مديرًا لفرع شركة فهاله ما في المجتمع العربي المسلم من قيم أسرية واجتماعية إيجابية فقرر الاستيطان في البلد، والإصهار إلى أهله، وقبل ذلك الدخول في دين الله مع الداخلين إليه عن قناعة وإيمان.

كذلك يروي الكتاب مسيرة مشروعات إيجابية في تحبير القرآن الكريم وغيره، ويصف البيت الإيجابي، والاعتذار الإيجابي، والحضور المنعش المسعِد، والمغرد النافع، والفتى المبارك الذي تنجم منه أفكار فيها شعلة من حماسة وتجديد، ويقف مع آيات وسور من القرآن المجيد، ويستجلي مواطن العزة الإيجابية من أحداث ومجريات، وبين هذه وتلك لحظات تأمل، وسكنات مراجعة، ولطائف وفوائد.

ولا يكتفي الكتاب بسرد القصص المشوقة، وإنما يسوق جمعًا متآزرًا من المعاني المرتبطة بالنفس والعلاج السلوكي بلغة مفهومة، وعبارة مدركة، وتقسيمات واضحة، وخطوات عملية يسيرة، تقرب العلم، وتمنح المعرفة، وتسهل الحصول على الخبرة، كي تغدو الإيجابية ثقافة فردية وأسرية ومجتمعية ورسمية، ويا لسعادة البيئة والبلد التي ينتشر فيها هذا المفهوم وإخوانه؛ فهي مفاهيم تشرح الصدر، وتنشط الذهن، وتحفز الهمة للعمل، وتدعو للتصالح والتسامي والتكافل، وتقضي على التواكل والكسل.

أخيرًا وضع المؤلف في نهاية بعض المقالات مربعًا يمكن للقارئ الحريص أن يجعل بواسطته نسخته أكثر خصوصية من خلال الكتابة فيها، والتعليق عليها، وأضاف صفحة فارغة لمن استرسل قلمه بالمزيد، ولخص أهم مقولات الكتاب في آخره كي يقتبس منها المتحدث والمغرد والناصح والخطيب وغيرهم، وكم في مثل هذه الكتب من نفع لمستعجل، أو مسافر، أو متنغص من ظلمة أو ظلم، وكم في العودة إليها بين فينة وأختها من حسنة، وحري بمثله أن يكون في المكتبة المنزلية التي تنظر إليها عيون أهل الدار صباح مساء.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

 ahmalassaf@

الثلاثاء 04 من شهرِ ربيع الآخر عام 1443

09 من شهر نوفمبر عام 2021م

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)