سير وأعلام عرض كتاب

عمرو موسى وهذا كتابيه!

Print Friendly, PDF & Email

عمرو موسى وهذا كتابيه!

منصب وزير الخارجيّة مهم للغاية، ومن أهميته أن شغله رؤساء وزارات وحكومات كما حدث مثلاً مع بلفور وجوبيه وبيريز وغيرهم، ونافس على دخول البيت الأبيض عدد من وزراء الخارجيّة مثل كيري وهيلاري، وتقلّده لمدد طويلة في عالمنا العربي أسماء شهيرة مثل الملك فيصل، ونجله الأمير سعود، والشّيخ صباح الأحمد، ولم يوصم بعض شاغليه بعنف الأنظمة التي حكموها مثل طارق عزيز وعبدالرحمن شلقم وغيرهما.

ويتميز وزراء الخارجيّة -أو هكذا ينبغي- باستيعاب التّاريخ والجغرافيا، ومعرفة الأبعاد الإستراتيجيّة للقضايا العالميّة، ولتلك التي تخصّ بلادهم أو تؤثر عليها. وتحافظ شخصية وزير الخارجيّة على قدر من القبول الشّعبي، والهدوء النّسبي قياساً لعنف النّظام الذي يعملون معه، ويتضح هذا كثيراً في شخصيات يحضرني منها هيكل، وشلقم، وعزيز، والشّرع، والحبيب بن يحيى.

ولا ينفصل عمل وزارة الخارجيّة عن شؤون الدّاخل بتاتاً كما يتصور البعض بدلالة الاسم؛ فكلّ سياسة خارجيّة يجب أن تعود بمنفعة على الوضع الدّاخلي للدّولة علمها من علمها وغفل عنها من غفل، ومالم يكن للسّياسة الخارجيّة ارتباط أكيد بمصالح داخليّة للوطن والمواطن فتغدو حينها نوعاً من العبث لا يجوز السّكوت عنها، ولا المضي فيها.

لذا فمن أمتع كتب السّير الذّاتية ما يسطره السّاسة عن حياتهم، وتكوينهم، وتجاربهم، ومواقفهم، وهي كثيرة متتابعة من ساسة الغرب دون استثناء، وفي عالمنا العربي نال السّاسة المصريون القدح المعلّى في هذا الجانب، فكثير من رموز السّياسة المصرية كتبوا سيرهم، ومذّكراتهم، ويومياتهم، وزيارة واحدة لمكتبة عريقة مثل دار الشّروق تبين ذلك وتصدّقه.

وعندما وقعت عيني على السّيرة الذّاتية لوزير الخارجية المصري البارز عمرو موسى، تهيبّتُ من شرائه لأمرين، الأول: تجاوزه ستمئة صفحة، والثّاني: أنّه الأول وله أخوان في الطريق! بيد أني بعد تقليب الفهرس، وتصفح المقدّمات، وجدت نفسي مقبلة عليه، لحيويته، وتشويقه، وسلاسة أسلوبه الذي يشكر عليه كاتبه ومحرره وناشره. ومن الطّريف أنّي وجدت الكتاب في مكتبتين بالرّياض، وسعره في الأخيرة يقترب من ضعف سعره في الأولى!

أبدع المؤلف في اختيار عنوان لافت غير مسبوق؛ إذ سماه: كتابيه.. الكتاب الأول: النشأة وسنوات الدبلوماسية، وبلغت صفحات طبعته الثّانية الصّادرة عام (2017م) (658) صفحة، ويتكون من إهداء طويل، ومقدمة أولى وثانية للمؤلف، ثم تقديم بقلم المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة دار الشّروق، وبعدها مقدمة لمحرر الكتاب الصّحفي البارع خالد أبو بكر، ثم ينقسم الكتاب إلى قسمين، الأول منهما يضم خمسة عشر فصلاً من الميلاد إلى ما قبل تعيينه وزيراً للخارجيّة، والثّاني يحوي ثمانية عشر فصلاً تحكي سنواته العشر في وزارة الخارجيّة المصريّة، وبعد ذلك الشّكر، والمراجع، فملحق بالصور وكشّاف للأسماء، والغلاف الخارجي للكتاب أنيق تصويراً وتصميماً.

يمتاز “كتابيه” بالتّشويق، وسلاسة الأسلوب، وخلوه من العبارات المشينة حتى تجاه المختلف معهم، وفيه إنصاف ووفاء وصراحة، كما أنّ المؤلف والمحرر حرصا على إضافة شهادات مكتوبة أو مسجّلة من خمسة عشر دبلوماسياً عربياً ومصرياً، هذا غير الرّجوع لمذكرات رحل أصحابها، أو لاتزال مخطوطة بعد كمذكرات نبيل شعث، ومن حسناته إحالة بعض النّصوص الطّويلة للنّسخة الإليكترونية، وليته فعل ذلك مع نصوص المراسلات واكتفى بلبّها في الكتاب الورقي.

كذلك مع الظّهور البارز لشخصية الوزير في سيرته -وهذا أمر طبيعي- إلا أنّها خلت من الإسراف في مدح الذّات، ومن مزاياها الرّائعة رقي لغتها، ومتانة تعابيرها، وجمال أسلوبها، وانتفاء الملل منها، وأنّها كتبت بالعربية ابتداء، ولم تترجم عن الإنجليزية أو الفرنسية كما يفعل بعض العرب البارزين مع الأسف، وهذه لعمر الله حسنة كبرى لعمرو.

كما أن الكتاب وجبة دبلوماسية كاملة الدّسم وهو ما قاله المهندس المعلّم، وسيكون الكتابان الثّاني والثّالث وجبة مماثلة لا تغني عنهما الأولى فيما أظن؛ نظراً لأهمية حقبة عمل موسى أميناً عاماً للجامعة العربية، وحضوره القوي في الثّورة المصرية وما أعقبها. ولا شك أن الشّهور العشرين التي قضاها المحرر مع المؤلف كانت كفيلة بتجويد العمل، وحسن تبويبه، وجمال إخراجه، وهو ما يشعر به القارئ.

وفي مقدّمته الثّانية تعجب الوزير ممن أطلقوا النّار على الكتاب لمجرد تقييمه لزمن حكم الرّئيس الرّاحل جمال عبدالنّاصر، وروايته لحادثة باشرها بنفسه حين كان موظفاً في السّفارة المصرية في بيرن بسويسرا، مع أنّه فعل الشّيء نفسه مع تقييم الثّلاثة الذين خلفوا عبدالنّاصر، وسكت عن الرّابع إلاّ في موضعي ثناء!

أما في مقدمته الأولى فأشار عمرو إلى صعوبة صدور المذّكرات في كتاب واحد، وضرورة إضافة أعمال التّوثيق من أفواه المعاصرين أو محفوظات الخارجيّة المصرية، أو من الوثائق الدّولية، فضلاً عما نشرته الصّحف، أو سجله اليوتيوب. ولأنّها شهادة سيسأل عنها؛ فقد راجع كتابه سبع مرات قبل أن يدفعه للطّباعة النهائية، واختار لعنوانه كلمة قرآنية بديعة ليتجاوز العناوين المعتادة في السّير والمذّكرات واليوميّات.

كما تحدّث الوزير عن تكوينه وتربيته الأولى، التي أثرت في حياته، نظراً لقربه من جدّه لأمه السّياسي حسين الهرميل الذي استحق تقديمه وتبجيله في الإهداء ومتن الكتاب، حيث نشأ الطّفل عمرو في كنفه يتيماً، وشارك في مجالسه وزياراته المتبادلة مع رموز السّياسة آنذاك؛ مما رفع من وعي الفتى مبكرًا، ومن الجميل البهي ثناؤه على زوج أمه المهندس محمد عبد الباري، الذي جعله يواظب على أداء الصّلاة.

ومما أشار إليه المؤلف امتلاك القدرة على الحديث والخطابة أمام الجمهور والإعلام، وهذه نعمة اكتسبها من مشاركاته الفاعلة في صباه وشبابه، وأعظم عِثار يقع فيه كثير من المسؤولين هو عجزهم عن الحديث الجذاب المقنع، وأنكى منهم ضرراً من إذا تحدث أتى بالطّوام والدّواهي حتى يقال ليته سكت!

ثمّ عرّج الدّبلوماسي العريق على القراءة والاطلاع وأثرهما، حيث تفتح مسام الأذهان، وتعين على تدّفق الأفكار، وتعطي لرجل الدولة مساحة واسعة من التّصرف والمناورة، وأثر القراءة واضح على لغة الكتّاب، وأسلوب الخطباء، وردود الدّبلوماسيين، وكلمات المسؤولين، وما أجدر من يتهيأ لمنصب عام أن يكون وثيق الصّلة بالكتاب والقراءة.

أيضًا من التّكوين المهم للسّياسي أن يجيد لغته الأم، ثم يجيد لغة أخرى أو أكثر، وكم تبهرنا بعض الشّخصيات التي تجيد عدة لغات، شريطة ألا تنقص هذه الإجادة من قدراته بلغته الأصلية، وألا ينصرف عن استخدام لغته الأم إلا مضطراً، فتقديس اللغة وتقديمها واجب لمن يعي.

بينما تعد سنوات الدراسة الجامعية أخصب سنوات العمر، ففيها يتضح توجه الإنسان، ويشتعل نشاطه، وخلالها تبرز مواهب الشباب، وقدراتهم، وسماتهم الاجتماعية والقيادية، وكم في الجامعات من جموع شابة تستطيع صناعة التّغيير الحالي أو المستقبلي إذا وجدت من يجيد التّعاطي معها، ولذلك كان الطّالب عمرو موسى من أنشط زملائه، وحلقة الوصل بين مجموعات الطّلبة على تباينها.

ومن البارز في سني التّكوين، أنّ عمرو موسى حدّد هدفه بوضوح، ثم سعى لتحقيقه دونما كلل أو ملل، وتحمّل لأجل ذلك تغيير التّوجه المهني من المحاماة إلى الدّبلوماسية، ثم السّفر والغربة ومتاعبهما، وتأخير الزّواج، ومعاناة العمل الحكومي الوتيري، ثم الصّبر على المكائد والدّسائس والإقصاء، حتى أصبح في مواقع دبلوماسية مهمة إن في الخارجيّة مديراً عاماً للهيئات الدّولية، أو في السّفارات موظفاً أو سفيراً، وأخيراً عضواً في وفد مصر لدى الأمم المتحدة، ثم رئيساً له.

ويتضح كثيراً في سيرته الدّبلوماسية قوة الإعداد لأي نشاط، وتقدير الموقف مع الاستعداد الكامل له، وهذا يتطلب متابعة الإعلام، وبصراً بالتّاريخ والجغرافيا، وحفظاً للمواقف والمقولات، وتعاوناً وثيقاً مع إدارات الوزارة، ومع مراكز القوى خارجها خاصّة المخابرات العامة، ووزارات الشّأن الاقتصادي بدرجة أقل، وطبعاً مع رئيس الجمهورية، وأما رؤساء الوزارة فكانوا يقدِّرون خصوصية منصب الوزير وعلاقته بالرّئيس، وكان الوزير من جانبه يطلعهم على ما يهمهم كي لا يشعروا بالتّهميش أو التّجاوز.

وفي السّيرة وصف لحرب 1967م وفضائح الإعلام الكاذب خلالها، ثم تغير المزاج الشّعبي بعدها، وأشار موسى إلى ملاحظة مهمّة ملخصها أنّ أداء الدّولة تراجع بسبب الرّكون إلى أهل الثّقة وإقصاء أهل الخبرة! وإنّ المناصب لا يصلح لها إلا الكفؤ الأمين، وحين يوسّد الأمر إلى غير أهله يتّحرى العقلاء الضّياع التّدريجي مالم يتدارك القادرون الأوضاع بتعديل المسار، وإصلاح السّائرين أو تبديلهم.

كما روى عمرو أحداث توقيع اتفاقية “السّلام” مع إسرائيل، وما ترتب عليها من استقالة أو إقالة بعض وزراء الخارجيّة، وزيارة السّادات التّاريخية للقدس الشّريف المتزامنة مع يوم عرفة وعيد الأضحى، وقبلها زيارته لسوريا ولقائه بالرّئيس حافظ الأسد، الذي تمنّى لاحقاً لو اعتقل السّادات في دمشق كي لا يوقع كامب ديفيد!

ومما يلفت النّظر أنّ الدّبلوماسية المصرية ملكت خبرة كبيرة في التّعامل مع اليهود، وليتها أن تجمع في كتاب أو أكثر؛ كي تتضح معالم الشّخصية اليهودية في المفاوضات، والسّياسة، والحرب، والوعود الكاذبة، وحرصهم على إحراج من يتنازل لهم، وقد لخصها الوزير موسى بأنّ اليهود يسعون من خلال المفاوضات لنيل المزيد من المكاسب، ولإدارة الصراع وليس إنهائه كما يحلم بعض العرب!

ومن خبرات الوزير العملية أهمية التّقارب الإنساني بين فريق العمل، وقطع أي طريق للنّمائم، وتمكين الشّباب من المناصب، وتقليص التراتبية الإدارية، وتجديد الهياكل بما يجعلها منسجمة مع طبيعة العمل، وحاجته للتّخصص والتّركيز والسّرعة، وإنّما تأخرت الأعمال، أو هزلت النّتائج، بسبب التّرهل الإداري القاتل.

وممن تحدث عنهم موسى في مذّكراته وزير الدّولة للشّؤون الخارجيّة بطرس غالي، حيث أثنى على ثقافته وعلاقاته الدولية وقدراته اللغوية، وحبّه لتعليم الآخرين، وأسلوبه الحكائي الجميل حتى أنّ الرّئيس مبارك يفضل اصطحابه في زياراته بدلاً من وزير خارجيته، كما شمل الثّناء شخصيات راحلة أخرى كأسامة الباز، وعمر سليمان، وإسماعيل فهمي، ومراد غالب، وكمال حسن علي، وعصمت عبدالمجيد، وأشرف غربال، وآخرين؛ فضلاً عن عدد من الأحياء والمعاصرين.

وفي السّيرة مواقف طريفة أو غريبة، مع زعماء مثل رئيسة الهند أنديرا غاندي، وبعض قادة الدّول العربية، ومع وزراء خارجية في بلاد عربية وأجنبية، فضلاً عن المواقف مع زعيمي مصر المتواليين السّادات ومبارك بفارق واضح لصالح الأخير بسبب الملازمة لسنوات تجاوزت العشر قبل الوزارة وبعدها.

من المواقف الطريفة حكاية سبحة الملك فهد، وساعة القذافي، ومكرونة بطرس غالي، ومواقف الأسد والشّرع بعد حرب الخليج، وطريقة زواج عمرو موسى والمهندسة ليلى بدوي؛ وهي قصة فيها توافق عجيب، كما تحوي السيرة بعض “قفشات” وزراء الخارجية، وكيفية إحراج بعض المتحدثين بطريقة ذكية. ومن المروءة أنّ المؤلف أثنى على طليق ابنته وأسرته خلافاً لما يفعله النّاس بعد الطّلاق، علماً أنّ طليقها نجل أشرف مروان، الشّخصية الغامضة في عهدي عبدالنّاصر والسّادات، وقد رأيت عنه كتاباً مطبوعاً في الآونة الأخيرة.

وتعد سنواته العشر وزيراً للخارجية المصرية أطول مدة قضاها وزير خارجية مصري خلال مئة عام، وفيها مساع عديدة لعودة مصر إلى عالمها العربي، وزيادة اهتمامها بفلسطين، ودفع مسيرة “السّلام” العربي مع اليهود، وبناء علاقات مع المحيط الإسلامي في تركيا وإيران، ومع الجوار الأفريقي المهمل مع أهميته لوجود نهر النيل. ومن الإنجازات المهمّة ربط مصر وغيرها بدول أوروبا التي تتشارك الإطلالة على البحر المتوسط، وكم على شواطئ المتوسط من أسرار!

ومن المواقف العظيمة ما ذكره الكاتب خلال أزمة العلاقات بين مصر والسّودان، فبعد محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا جاءه قادة الجيش يعرضون عليه ضرب الخرطوم! فشكر مبارك غيرتهم؛ لكنه غضب من عرضهم لأنّ ضرب الخرطوم كضرب القاهرة! وقبل هذه الحادثة حاول الإعلام اقتناص كلمة نشاز من عمرو موسى تجاه السّودان في خضم الحرب الإعلامية المسعورة بينهما، بيد أنّه خيّب آمالهم بقوله: حدود مصر تمتد جنوباً إلى جوبا، وحدود السّودان تمتد شمالاً إلى الإسكندرية!

وفي هذا القسم تقييم لغالب الزّعماء العرب، ومن المناسب إطلاع المهتمين عليه، ففيهم المثقف، والرّزين، والماكر، وطويل الصمت أو كثير الكلام. وفيه تحديد لشروط وضعها موسى لسفراء مصر بعامة، على رأسها إجادة اللغة العربية ولغة أخرى، وخصَّ بعض الدول بشروط؛ فسفير مصر في الرّياض لابد أن يكون طويلاً لغلبة الطّول على أمراء بيت الحكم السّعودي، بينما السّفير في بيروت ينبغي أن يكون اجتماعياً، وفي المغرب العربي لابدّ أن يجيد السّفير اللغة الفرنسية.

بينما تعد قضية فلسطين من أكبر الهموم المسيطرة على عمل الوزير إبّان شغله منصب وزير خارجية مصر لعقد كامل، فمن مؤتمرات دولية في مدريد وشرم الشّيخ وواشنطن وأوسلو، إلى لقاءات في القاهرة والإسكندرية، مروراً بزيارات متوالية لعواصم إقليمية ودولية، وكان عمرو موسى يزداد بروزاً في المسألة الفلسطينية، مما أحنق عليه واشنطن وتل أبيب، وأغضب منه قصر القبّة تبعاً لغضب العاصمتين، ولعلّ الفجوة زادت حتى أعفي من الخارجيّة، بعد أن أدّى المطرب الشّعبي أغنية ردّدها الأعاجم قبل العرب، وفيها تصريح بحب عمرو موسى، وكره إسرائيل.

وفي مواضع متفرقة من الكتاب، يجد القارئ شيئاً من تاريخ حركة عدم الانحياز، ومجلس التّعاون العربي، واحتلال الكويت عام 1990م وما تبعها من حروب ومتغيرات، وكذلك الخلاف التّركي السّوري، وشيء من خبر السّلاح النّووي الإسرائيلي، والمعاهدات الدّولية حول حظر التّسلح النّووي، والمكر اليهودي في تشتيت أي مفاوضات، وتأخير الأمور المهمّة، ومحاولة توريط زوّار فلسطين بطقوس يهودية، أو زيارات ذات دلالات مسيئة، ومما أسف عليه الوزير أنّه لم يفعل ما يجب تجاه الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، أو ما يفيد مع دول أمريكا اللاتينية.

إنّ عمرو موسى شخصية سياسية مرموقة، والبعد العربي واضح في مواقفه وتصريحاته، فضلاً عن أدبه الشّخصي الرفيع، ومحافظته على شعائره الدّينية التّعبدية، ومن الطّبيعي أنّ السّير الذّاتية لا تركز على الجوانب السّلبية في حياة أصحابها، ومع ذلك أتمنى أن يضيء لنا الوزير فيما سيصدره لاحقاً بعض الجوانب المعتمة، ودهاليز العلاقات مع أمريكا وإسرائيل ودول العالم القوية، فما أحوج القارئ العربي فضلاً عن الدّبلوماسي إلى معرفة الحقيقة شبه كاملة؛ كي يكون على بينة فلا يكرّر الأخطاء التي تؤثر على مسيرة أمتنا، وعلى موقعها، وأتمنى أن يفعل أبو حازم ذلك معذرة لله، وبياناً للنّاس والتّاريخ، خاصّة وقد تجاوز الثمانين من عمره، متّعه الله بالهدى والعافية.

كما آمل أن يكون لدى الدّبلوماسيين الشّباب في بلادي، وفي العالم العربي والإسلامي، خطّة ثقافية من أركانها قراءة سير الزّعماء والسّاسة؛ ففي مجموعها ومقارناتها ما يفيد الدّاخل إلى هذا العالم المليء بالدّهاليز، والتّلافيف، والغموض، وشيء كثيرٍ كثيرٍ من المفاجآت، وتبقى الأمنية الكبيرة أن نرى سيراً ذاتية سعودية على مستوى وزير الخارجيّة فما فوق!

أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرياض

ahmalassaf@

الأربعاء 16 من شهرِ ربيع الآخر عام 1439

03 من شهر يناير عام 2018م  

Please follow and like us:

3 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)