أقوال عمالقة الرواية عن الكتابة
بين آونة واختها، أقرأ كتابًا حول القراءة أو الكتابة أو ما يحيط بهما، ولذا فرغت أمس من كتاب عنوانه: عمالقة الرواية قالوا لي، حوارات: شاكر نوري، صدرت الطبعة الأولى منه عام (1440=2019م) عن دار المؤلف ومعالم للنشر والطباعة والتوزيع، ويقع في (222) صفحة فيها حوارات تطول وتقصر مع أربعة عشر روائيًا منهم ثلاث نساء، وقد التقاهم المؤلف الصحفي بين عامي 1982 و 2014م، وللمؤلف تجربة سابقة مع ثلاثين أديبًا فرنسيًا، وبالتالي فيكتسب عمله ميزة المواجهة وليس الترجمة فقط، وفي كلٍّ فائدة ونفع.
أجريت هذه اللقاءات في فرنسا التي كانت لبعضهم منفاه الاختياري، والمغرب التي أحبها جمع منهم واتخذوها مسكنًا، والإمارات على هامش المعارض التي حضروها مستقطبين وهي ميزة لأيّ بلد، واستفاد المؤلف من إجادته للإنجليزية والفرنسية، ومن علاقاته وجرأته بالمشاركة في مناسبات ثقافية عامة أو خاصة لهؤلاء الكتاب، إضافة إلى أنه درس إنتاجهم وولج إلى عالمهم؛ فعقد معهم معرفة قبلية تيّسر الحديث وتبني جسورًا من الثقة، وحرص على استجواب مخيّلة الكتّاب واستكشاف قدرتهم على صنع الأساطير؛ لأن أيّ حوار لا يفعل ذلك يظلّ ناقصًا كما ينقل عن ألن بوسكيه.
كما اغتنم المحاوِر انتسابه للعراق الأشم في كسب مواقفهم، وضمان موافقتهم على إجراء لقاء مع عربي لن تطبع لغته من رواياتهم الكثير، فليس فيها مطمع مادي مع الأسف، وشدّهم نحو العراق أنه بلد حضارة قديمة، ومرتبط بألف ليلة وليلة، إضافة لكرم أهله، ولما أصاب هذا البلد العزيز من عدوان وابتلاء، وأما المغرب التي قطنها فئام منها فأعجبهم فيها الهدوء وسحر الطبيعة، ومما لاحظوه أن المغاربة لا يعترفون بقوانين الحكومة وإنما الذي يعنيهم هو القرآن وما فيه من أحكام.
وسوف أذكر أهم الفوائد الكتابية الواردة في هذه اللقاءات التي عنون أ.شاكر كلّ واحد منها بما يناسب، وأكتب اسم صاحب الفائدة في أول مرة فقط، مما يعني أن أيّ نقل غير منسوب فهو تابع لسابقه المسند إلى روائي، فمنها:
- تحمل قصص ألف ليلة وليلة الكثير من الإبداع، وتلهم خيال الأدباء. ماركيز-كولومبيا.
- يجب أن نقرأ الكتب التي تجبرنا على أن نعيد قراءتها.
- يستطيع الكاتب تفريغ كل ما يجول في رأسه والمهم أن يجعل الناس يصدقون ما يرويه.
- المهمة الأولى للكاتب هي أن يجيد الكتابة ويصنع أدبًا يساهم في البحث عن هويتنا.
- تأثر كتّاب العالم قاطبة بألف ليلة وليلة. بولو كويليو- البرازيل.
- يختبئ في أعماقي طفل لا يتوقف عن طرح الأسئلة.
- أضع في كل كتاب من كتبي حبي وأملي وجميع أسئلتي وليس أجوبتي.
- في اللحظة التي أكتب فيها أحاول إيقاظ نفسي بالدرجة الأولى.
- أواصل طرح الأسئلة على نفسي والاقتراب من الآخرين.
- عندما أكتب أفكر بنفسي.
- علاقة المبدع بالسلطة موضوع أساسي. إسماعيل قدري- ألبانيا.
- نزعة الكاتب وقلقه الداخلي جعلاني أشعر بالخطر في موطني.
- حصلت على اللجوء السياسي في فرنسا لأتفرغ للكتابة بحرية.
- الإبداع لا يعني إما السقوط في أحضان السلطة أو الوقوع في دائرة المعارضة.
- بيئة الكاتب تؤثر بشكل أو آخر على إبداعه.
- أكتب للدفاع عن الثقافة الألبانية وإعادة القيم الأخلاقية.
- آخر ما يواجه الأديب هو الدكتاتور السياسي بعد مواجهة اللغة.
- يحتاج الكاتب لقوة خارقة كي ينتج الأسلوب الخاص به.
- الكاتب المحظوظ يتأثر بغيره في بداياته ولكنه بمرور الزمن يتخلّص من هذه التأثيرات.
- أجد غرابة في سلوك الكتّاب العرب الذين يكتبون بلغات أجنبية!
- الكتابة والإبداع في ظل الدكتاتورية أكثر إثارة وإمتاعًا.
- لعملي الأدبي كله علاقة وطية مع الثقافة العربية. خوان غويتيسيلو- إسبانيا.
- استثمر رحلاتي ومشاهداتي من أجل الإبداع.
- المبدع كاهن يلعب بقرائه مرتين: الأولى حين لا يرونه، والثانية حين يرونه. توني موريسون- أمريكا.
- عندما أخبروني بفوزي بجائزة نوبل تصورت أنها مجرد مزحة.
- أنا على صلة بالحياة ومع الآخرين مما يخدم عملي الأدبي. مارلين روبنسون- أمريكا.
- الموضوعات الدينية جزء من حياتنا الواقعية، والأديان مرتبطة باللغة والأسئلة والخيال والتعبير.
- لا يمكن افتعال الكتابة فثمة أحوال تصنع أجواء الكتابة.
- ليست لدي طقوس وعادات معينة.
- أكتب عندما يثيرني موضوع ما فتأتيني حالة إيحاء وتأمل.
- سر الكتابة الحقيقية أن يشعر الكاتب أنه مرتبط بها ارتباطًا روحيًا.
- نسعى لإيجاد كتب عميقة قادرة على الاستمرار فلسنا في سباق مع الكتب الرديئة.
- ليس هناك ما هو أسوأ من الأدب المتواضع بالنسبة للكاتب. ألن روب غريبه- فرنسا.
- لا يمكن أن نصنع بالكتابة المعتمدة على الغريزة الجنسية كاتبًا.
- رواياتي تعبّر عن سيرتي الذاتية.
- لدى الكاتب أشياء كثيرة يفعلها يوميًا ليس منها مشاهدة التلفزيون. بول باولز- أمريكا.
- ما أحتاج إليه من أجل الكتابة هو العزلة أو الصمت قبل كل شيء.
- تعلمت الكتابة من خلال قراءة أعمال أبي. يان غيفيليك -فرنسا.
- لا أحب الكتابة على صفحة بيضاء لأنها تترك لديّ انطباعًا بأنها لا تستدعي الكلمات.
- لا يقف الكاتب عند جمع المعلومات من الكتب والوثائق فقط بل عبر الحياة. أنطونيو غالا- إسبانيا.
- لديّ قابلية لفهم الفنون الأخرى مثل الرسم.
- عملي الأدبي جمالي أكثر منه فلسفي. جيروم فيراري- فرنسا.
- الشيوخ والعجائز في عائلتي هم ينبوع الكتابة بالنسبة لي.
- المكان ينبوع للحكايات الخيالية.
- من المناسب ترك العمل جانبًا حتى تختمر فكرته في الذهن ويجد الكاتب العناصر الناقصة منه.
- اللغة هي كلّ شيء في الإبداع الأدبي.
- كنت بحاجة إلى زمن طويل للكتابة حرصًا على إكمال صنعة الكتابة والتدقيق في التفاصيل الصغيرة. كينيزي مراد- فرنسا من أصول تركية.
- البحث عن الهوية والجذور قادني إلى كتابة سيرتي الذاتية.
- أفرغ كلّ شيء من أعماقي على الورق.
- الكتابة عن عالم أعرفه جيدًا جزء لا يتجزأ من تاريخي الشخصي وله مذاق خاص.
- الثقافات المتعددة التي أنتمي إليها كنز لا ينضب أنهل منه في الكتابة.
- نحن عادة نكتب بجزء من ذواتنا.
- إذا لم تخرج الكتابة من الأعماق فلن تكون حقيقية.
- مادامت هناك بهجة القراءة فهناك بهجة الكتابة. فرناندو أرابال- إسبانيا.
- غرضي من وضع العناوين فني للغاية.
أما آخر روائي فهو يوجين يونسكو من فرنسا، وقد اختار العزلة ليحمي بها نفسه من الآخرين، ولأنه يكره الصحافيين فقد طرد المؤلف ولم يتحدث إليه عندما اكتشف من خلال وجود المصور أنه يعمل في الصحافة، ومما لاحظته في هؤلاء الكتّاب موقفهم المتحفظ من الصحافة والتصوير، وبعضهم استطاع العيش برفاهية من موارد بيع كتبهم، ولبعضهم ولع بالثقافة الأندلسية أو الإسلامية والمشرقية، ومنهم من استنكر صراحة الحرب على العراق، والاحتلال اليهودي لفلسطين، وتمتلئ بيوتهم بالكتب، وجدرانها بالصور، ولو أنّ المؤلف الهميم قصر الحوارات على الكتابة فقط لكانت أنفع، بيد أنه خاض معهم في شؤون كثيرة؛ ربما لأنه يرى بأن مهمّة الكاتب أن يغيّر العالم لا أن يفسره فقط!
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الخميس 20 من شهرِ رجب عام 1442
05 من شهر مارس عام 2021م
