قراءة وكتابة

 القراءة تلك الفاتنة

 القراءة تلك الفاتنة

الحديث عن القراءة لا يُمل، لأنه يعيد بعث النشاط فينا، ويفيدنا وربما أفاد غيرنا، والحقيقة أن الكتاب وعوالمه، والقراءة وشؤونها، أمور فيها تشاركية كبيرة عبر الزمان والمكان والحضارة والفكر، وإنما يختلف جمهرة القراء في تفاصيل ربما تصنع فرقًا، ومن المناسب بين فينة وأخرى تداولها لتحفيز النفس، واسترجاع طعم الحياة من خلال الكتاب.

من أهم مقدمات القراءة أن يعرف المرء ما هو الكتاب الذي يحتاجه مع كثرة المطبوع، ومنافسة الوسائل الأخرى، ثمّ يحدد طريقة اقتناء الكتاب وهل تكفيه قراءته في مكتبة عامة أم لا مناص من نسخة خاصة؟ وهذه النسخة ورقية أم إلكترونية؟ والتقسيم ضروري كي لا تزداد الكتب إلى درجة التراكم المربك، وللحفاظ على الأموال التي يتناهبها الغلاء، وسينتفع القارئ إذا عرف وجهته ليميز بين الأساسي والعاجل وما دونه.

أما حين القراءة فلا أفضل من إقفال الكتاب إذا استغلق لأنه ما كتب لك! والبحث عن آخر يثيرك، ويدفعك للتساؤل، ويشعرك بلذاذة الوعي لا مجرد المعرفة، وليس أكثر فائدة من قراءة باستصحاب شعور من سيدخل إلى لجنة من المختبرين المختصين الأشداء؛ كي يمنع القارئ نفسه من التشرذم والتيه، وتضييع الوقت، ومن الخير له أن يبتعد عن جهاز هاتفه الذكي فهو أكبر الملهيات وأدهى المشتتات.

ومع التركيز يحسن استخدام القلم للكتابة والتعليق والتصحيح والاختصار، وانتقاء القلم القابل للمحو أفضل تحسبًا لتغيير الرأي فضلًا عن لطافته على الورق، وكذلك استعمال قلم التوضيح للإشارة إلى المواضع المهمة، وهذه العملية تشحذ ذهن القارئ، وتزيد لياقته وتركيزه، وتضبط المواضع المهمة خاصة إذا أراد الرجوع السريع للكتاب لاحقًا.

كما يعد من الذكريات الجميلة تقييد زمان ومكان شراء الكتاب، ومكان وزمان الفراغ من قراءته، وربما يحتاج القارئ لتكرار القراءة، أو البحث عن مؤلفات أخرى للكاتب، أو التعمق في ذات الموضوع مع كتب أخرى، علمًا أن تكرار القراءة تعدُّ قراءة جديدة إذ ارتقى القارئ عما كان عليه إبان القراءة الأولى؛ أو هكذا يفترض.

بينما تعظم الفائدة حين يحدث القارئ مجتمعه عن الكتاب، أو يحرر فيه مراجعة، وفي كل الأحوال فأفضل القراء من يجعل نسخته فريدة، ثمينة، ملهمة، ولو وضع اسمه بجوار المؤلف فلن يلومه أحد، فالقراءة شراكة بين اثنين، وهي ذات ثمرة تبادلية في عدة اتجاهات، والشركاء فيها القارئ والمؤلف والمجتمع، والشأن الثقافي عامة.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

ahmalassaf@

الاثنين 16 من شهرِ شوال عام 1441

08 من شهر يونيو عام 2020م 

 

Please follow and like us:

One Comment

  1. الكاتب الفاضل .قراءة الكتب الثقافية غذاء للروح . لايستغنى عنها فهي تعادل تغذية الجسد.الذي لايستغنى عنه . اذا اضفنا قراءة القران يوميا بامعان وتفهم . فلقد نزلت سورة العلق وتضمنت امرا مكررا بالقراءة وامتن الله على الانسان بالقلم وعلمه مما يعلم . هي منة نحمد الله تعالى عليها مع نعمه علينا التي لاتعد ولا تحصى . اللهم زدها علينا من نعمة واحفظها من زوال . وفقك الله لما يحبه ويرضاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)