العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب
إذا أتيح لك مراقبة التعامل مع الأجنبي في البلاد العربية سواء أكان من الساسة أو الكتاب أو الباحثين أو العسكريين، ستجد أن الانفتاح معه، والتعاون الذي ينقطع نظيره، والتسهيلات المتتالية، والثقة الكبيرة، تكاد أن تكون سمة عامة يُحرم منها نظيره العربي، وفي النهاية ينقل هؤلاء الأجانب ما سمعوه وما فهموه وما شعروا به دون مراعاة لمصالح من استضافهم وأكرمهم، وأسباب الإفشاء كثيرة، ومظاهرها بادية في المذكرات والسير الذاتية والوثائق التي تنشر أو تتسرب.
ويصدق ذلك أيضًا كتاب عنوانه: العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب، تأليف الدبلوماسي الكاتب نجدة فتحي صفوة، الذي صدرت الطبعة الثانية منه عن منشورات مكتبة دار التربية ومكتبة التحرير في بغداد عام (1984م)، ويقع في (203) صفحات، ويتكون من مقدمة ثمّ ملخص لما جاء في مذكرات ثمانية من الدبلوماسيين الأجانب عن العراق، وأضاف المؤلف مقالتين لنوري السعيد وطه الهاشمي تعقيبًا على مذكرات سفير بريطانيا، وفي آخر الكتب عدة صور.
يتتبع المؤلف كما أخبرنا مذكرات الدبلوماسيين ويجد متعة في الاطلاع على تجاربهم، وقرر بأن يجمع ما كتبه بعض الأجانب عن العراق ليكون مادة طريفة للقارئ، ومرجعًا نافعًا للمؤرخ، ومصدرًا جديدًا للباحث، وهي في النهاية مادة انطباعية كتبها ثمانية دبلوماسيين أجانب خلال ستين عامًا ( 1898-1959م). واعترف المؤلف بأنه نقل عبارات يشق على قلم الكاتب العراقي والعربي أن يجري بها، وإنما دفعه لذلك أمانة الترجمة، وضرورة معرفة العرب بما يقوله الأجانب عنهم، وسأسرد أدناه ما لفت نظري مما سطره هؤلاء في كتبهم.
أولًا: مذكرات فردريك روزن قنصل ألمانيا في بغداد سنة (1898م)، والغريب كما يذكر المترجم أنه كتبها باللغة الإنجليزية دون بيان السبب، وفيها:
- صاحبني في رحلتي شاب إنجليزي تحدث معي بالفرنسية وكنت استثقلها من لسانه فاضطر لمحادثته بالإنجليزية كي أريح أذنيّ!
- سألت بدويًا عربيًا: هل تصنع زوجاتكم المنسوجات مثل بدويات الفرس؟ فكان جوابه معبرًا: لا والحمدلله؛ لأن مفهوم السعادة لدى الأمم البدائية هو في عدم الاضطرار للعمل؛ والعمل هو عقوبة الخطيئة كما في الكتاب المقدس لدى القنصل.
- سألت سكان تدمر ماهي علة عجزهم عن محاكاة المباني الضخمة لأسلافهم، وسكناهم في أكواخ بائسة فقالوا: تلك الأبنية أقامها سليمان عليه السلام.
- من كثرة الجواسيس في نهاية الدولة العثمانية لم يأمن البعض على منصبه، ولذلك ينام المسؤول في مكتبه كي يمنع منافسيه من احتلالها!
- نحن نظهر العطف على إخواننا النصارى بمنحهم المزيد من الأموال ونسخًا من الخرائط التي معنا.
- قابلنا والي بغداد ومساعده اليهودي ساسون الذي يجيد الألمانية والإنجليزية والفرنسية إجادة تامة، والتعامل معه مريح جدًا.
- نائب قنصل النمسا في بغداد تاجر خمور يوناني!
- للقنصل البريطاني في بغداد مكانة أكبر من غيره.
- ترجمت أحد الكتب العربية الطريفة إلى الألمانية، وتعاقدت مع قصاص ليروي لي حكايات عربية في الأماسيّ ولم أكن أفهم كثيرًا من قوله لغلبة السكر عليه.
- قرأت عن سيرة داود باشا ما يفيد نيته الاستقلال عن الدولة العثمانية كما صنع باشا مصر، ومن حنكته أنه حين ثار عليه ملك إيران بحجة الدفاع عن العتبات المقدسة في العراق أوفد لطهران مبعوثًا نصرانيًا استطاع نزع الفتيل وغدا صديقًا لملك إيران.
- استضافتنا أسرة يهودية على شاطئ الفرات، وتحدث إلينا أولادهم بلغة ألمانية سليمة، ولم تبرز لنا نساؤهم لأنهن محجبات مثل سائر نساء الشرق.
ثانيًا: تقرير جيرالد لوثر سفير بريطانيا لدى الدولة العثمانية عن أحوال ولايات بغداد والبصرة والموصل سنة (1908م)، وأغلب الظن أنه لم يزر هذه المناطق، ومما قاله:
- بسبب الدعاية التحررية غير الحكيمة لجماعة “تركية الفتاة” التي ظهر منها الاستهانة بالشعائر الإسلامية في شهر رمضان ثار أهالي بغداد على اليهود فيها.
- استثار ممثلو ” جمعية سلانيك” مشاعر المسلمين في البصرة بما ألقوه من خطب بعيدة عن الكياسة واللباقة.
ثالثًا: مذكرات سمنر ويلز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ( 1933-1943م)، وفيما يبدو أنه ما زار العراق قط وإنما يكتب من موقع المسؤولية والاطلاع، ومما جاء فيها:
- أيقن زعماء العرب بعد مؤتمر فرساي أن بريطانيا نكثت عهودها معهم بالكلية.
- أُهملت المطالب العربية إهمالًا نهائيًا في مؤتمر سان ريمو عام (1920م) بقرار من دول الحلفاء الكبرى.
- أصبح تاريخ الدول العربية بعد الانتداب قصة من عدم الانسجام وعدم الارتياح.
- تاريخ الانتداب الفرنسي على الشرق ليست مادة ممتعة للقراءة، وهو غير مرضٍ وحافل بالأخطاء المؤسفة.
- سجن الانتداب الفرنسي رئيس الجمهورية السورية المنتخب حديثًا مع أعضاء الوزارة الجديدة، ويُعدُّ هذا من الأعمال النابية الأكثر حماقة. يهود
رابعًا: مذكرات الدكتور فريتز غروبا القائم بأعمال ألمانيا ثم وزيرها المفوض في العراق (1933-1939م)، وفي مايس (1941م)، وهي من آخر هذه المذكرات صدورًا ومن أهمها، وفيها:
- يتمتع رئيس الوزراء حكمت سليمان بمزايا عظيمة مكنته من حماية النصارى في الموصل، وأكد لي وزير خارجيته ناجي الأصيل أن الحكومة الجديدة لا تعادي اليهود، وتصديقًا لذلك زار حكمت سليمان كبير الحاخامات.
- قابلت وزير الدفاع الأفغاني الذي وصل إلى العراق في يوم انقلاب بكر صدقي فقال لي: إنه يأسف لهذا الانقلاب لأنه يعتقد أن أيّ انقلاب عسكري فيه أضرار كبيرة.
- صار مقتل وزير الدفاع جعفر العسكري في بداية عمل الحكومة الجديدة عبئًا ثقيلًا عليها؛ لأنه محبوب من الجيش والشعب، وذكر المترجم في الحاشية موافقة غريبة ملخصها أن جعفر حمل رسالة إلى بكر صدقي وقعها الملك غازي وكتبها رستم حيدر، وجميعهم ماتوا مقتولين!
- اجتهد جعفر العسكري لتأسيس جيش وطني عراقي فأصبح أول ضحايا الجيش عند ثورته.
- خلت الحكومة الحالية من سيطرة العرب السنة، فرئيس الوزراء حكمت سليمان تركي، ووزير المالية جعفر أبو التمن شيعي إيراني، ورئيس الأركان بكر صدقي كردي، ولوحظ أن الخطاب العراقي الرسمي حينذاك يقدم تركيا وإيران على الدول العربية.
- استقال الوزراء الشيعة من وزارة حكمت سليمان حمية للشيعة واعتراضًا على بعض تصرفات الحكومة تجاههم.
- اعترف بكر صدقي لي بصورة سرية بأنه كردي يسعى لتأسيس دولة من أكراد العراق وإيران وتركيا، ولذا حرص على تكثيف الوجود الكردي في الجيش العراقي حتى بلغت نسبته 70% من عدد أفراده.
- لم يستطع الملك غازي الظهور كثيرًا مع ولي العهد السعودي – الملك سعود فيما بعد- حين زار العراق عام (1937م)؛ لأن الملك صغير الجسم منكمش عن المجتمع، وولي العهد ضخم عملاق.
- في العراق يهود أثرياء مؤثرون في اقتصاد العراق ومنهم أول وزير مالية للعراق.
- باءت محاولات كثيرة لتوطين اليهود الفلاحين في العراق بالفشل بعد أن حاول تمريرها الملك فيصل الأول بإغراء مادي من لندن، وقبله اجتهد وزير المالية التركي جاويد بك وهو يهودي ادعى الإسلام لتلبية طلبات منظمات يهودية أوروبية دون جدوى.
- رأى الحاخام الأكبر في العراق ساسون خضوري أن اليهود أقلية صغيرة في وسط أكثرية، ومن الخير لهم أن يتجنبوا النشاط السياسي.
- سعت منظمة صهيونية لإجلاء يهود العراق ولو بقتلهم وتفجير مواقعهم؛ فهاجر عام (1954م) أزيد من مئة ألف يهودي عراقي إلى فلسطين، وبعد ذلك ألّف مدير شرطة بغداد عبدالجبار فهمي كتابًا عنوانه: “سموم الأفعى الصهيونية” يتضمن أخبار وقائع مهمة، والكتاب مفقود الآن ولابد أن من يهمه الأمر قد اشترى جميع النسخ.
- سرد غروبا نبأ حادث الملك غازي الذي قاد سيارته بسرعة عالية حسب عادته، وكان السائق يجلس في المقعد الخلفي مع مرافق آخر من حاشية الملك، وحين ارتطمت السيارة بعمود كهربائي لم يتضرر الشخصان الجالسان في الخلف، وأزيلت جميع صور السيارة التي تثبت أن موضع جلوس الملك لم يكن مهشمًا خلافًا للكرسي المجاور له، ونُقل الملك إلى قصر الضيافة لتعلن الهيئة الطبية وفاته، ويصدر بسرعة بيان تنصيب الأمير عبدالإله وصيًا على العرش، ثمّ يُغلق نعش الملك على عجل مع أن عمه أمير شرق الأردن – الملك عبدالله فيما بعد- طلب التريث في ذلك ولم يُستجب له.
- أشارت أصابع الاتهام في مقتل الملك غازي إلى بريطانيا ونوري السعيد، وهوجمت البعثات البريطانية حتى قتل القنصل البريطاني في الموصل بضربة فأس على رأسه.
- كان رستم حيدر من أذكى رجال الدولة وأكثرهم ثقافة، وذنبه الوحيد الذي يلصق به دومًا أنه غير عراقي لأنه ولد في سورية، وحين أغتيل طلب مني وزير الخارجية الألماني صياغة بيان يتهم مخابرات بريطانيا بتدبير مقتله، فأوضحت للوزير أن نشر أخبار غير موثقة يؤثر على مصداقية أيّ خبر مستقبلي من ألمانيا.
- عندما عاد غروبا للعراق عام (1941م) نزل في بيت رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني، ولم يحمل معه أوراق اعتماده، وهذه تصرفات غريبة على العرف الدبلوماسي.
خامسًا: مذكرات الكونت جيانو وزير خارجية إيطاليا (1937-1943م)، وهو وزير خارجية موسوليني وصهره، ولم يعمل في العراق قط، ومنها:
- حدثت في بغداد مظاهرات ضد قيامنا بالتهجير الجماعي إلى ليبيا لاعتقادهم بأن هذه الهجرة الإيطالية ستخل بالأكثرية العربية، وإنهم لمصيبون فهذه هي غايتنا، وقد أمرتني الحكومة بتطمين وزير العراق المفوض مع استمرار الهجرة مستقبلًا بصورة سرية.
سادسًا: مذكرات موريس بيترسن سفير بريطانيا في العراق (1938-1939م)، وهو السفير البريطاني الوحيد الذي لم يكن على وئام مع نوري السعيد، وسرد الوقائع بصراحة تشير إلى أنه ثلم السيادة الوطنية العراقية وتدخل في شؤونها بصيغة الأمر أحيانًا، بينما كان في دول أخرى أجنبية مجرد سفير يوبخ ولا تجاب طلباته ولله المشتكى! ومما ورد فيها:
- يوجد في مدخل سفارة بريطانيا نافورة أصبحت مصيدة موت حقيقية للضيف الذي لا ينتبه لما حوله وهو يعبر من القاعة، وفي ليلة واحدة خاض ثلاثة أشخاص في مائها وتوفي أحدهم وهو دبلوماسي أمريكي.
- تمتع الملك الشاب غازي بجاذبية مع أنه يُعاب بالضعف، وسيطرة النزوات عليه، وطريقة اختياره لأصدقائه من الضباط الشباب الطائشين حتى غدا خطرًا على الجميع.
- حاولت تخليص غازي من تلك الحلقة الضيقة التافهة المحيطة به التي جعلته كثير الاحجام عن الظهور، ومنشغلًا بالطيران ولعبة التنس والميكانيكا وإذاعات القصر، مما قلل من أهليته.
- اتسم الملك غازي بضعف الشعور بالمسؤولية، وكانت رسائل المعجبين الواردة إلى القصر تداعب غروره، وتزيد من عدم اتزانه ومن لهجة الاستفزاز الصادرة من إذاعات القصر التي يشرف عليها بنفسه، ويحمد لنوري السعيد فرضه الرقابة على هذه المراسلات.
- نوري السعيد هو السياسي العراقي الوحيد المعروف في لندن، وهو شخصية لا يقر لها قرار إذا كانت خارج السلطة حتى تدبر اضطرابًا وتعود للواجهة.
- ظهور نوري مرة أخرى على مسرح الأحداث مدعاة للقلق، فذلك يعني عودة الجيش إلى السياسة، وتغذية روح الانتقام والتعطش للدماء، وعدم الاستقرار المرتبط بشخصية نوري مع أنه يمتلك مزايا عديدة.
- ألححت على إبعاد وزير الدفاع طه الهاشمي من حكومة نوري لميله نحو ألمانيا، ونجحت في إخراج خبراء ألمان من العراق وأخطرهما عالم آثار وتاجر، وكانت يدي مغلولة عن المساس بسفير ألمانيا غروبا وزوجته التي يمثل نشاطها خطرًا أكبر من خطر زوجها؛ إذ تجمع الشائعات وتبثها في الأوساط الإنجليزية بعد تزويقها.
- عملت على إنقاذ رجلين في العراق أحدهما حكمت سليمان الذي أراد نوري السعيد الانتقام منه وإعدامه بعد إقحامه في قضية بأدلة واهية.
سابعًا: مذكرات والدمار غولمان السفير الأمريكي في العراق (1954-1959م)، وهو شديد الإعجاب بنوري السعيد، وشاهد عيان على أواخر الحقبة الملكية وأول عصر الانقلابات، وفيها:
- لم تكن العلاقات بين نوري وعبدالإله على وئام، فاعتداد نوري برأيه، وإصرار عبدالإله على أن يكون له كلمة في كل شأن، أدى إلى تأزم علاقاتهما.
- من حسن حظي قدرتي على الاتصال بنوري متى شئت، وأول مقابلة لي كانت في داره بلا مراسيم بناء على طلبه، ولم يشاركني فيها أحد.
- من صفات نوري: يضع ثقته في أشخاص محدودين، ويستشير نفرًا من خاصته، وهو كتوم لا يحب المراقبة عن كثب، ولا يستعمل الوثائق في مباحثاته، ولا يسجل محادثاته، وليس لديه هيأة من الموظفين سوى بعض الخدم، ويعتمد على ذاكرته في كل شيء، ولا يرجع إلى السجلات ولا يستعين بسكرتارية، وهو دقيق في مواعيده، حاضر الذهن، مفعم نشاطً، ويتحدث بحيوية مع طقطقة مستمرة بمسبحته.
- لم يكتف نوري برئاسة الوزراء بل يتنقل صباحًا بين مختلف الوزارات، وكثيرًا ما كان بديلًا لوزير الخارجية أو الدفاع.
- قابلت الملك الشاب فيصل الثاني وولي العهد عبدالإله الذي حرص على أن يعطيني انطباعًا بأنهما يعملان معًا على قدم المساواة.
- لم يصف غولمان العدوان الثلاثي بأنه اعتداء وإنما سماه الهجوم أو العمليات كما ذكر المترجم في الحاشية.
- فضح غولمان حقيقة موقف نوري من إسرائيل خلافًا لتصريحاته المعلنة المجلجلة، وذكر أن ملحوظات نوري التي يبديها له أصدق مما يقوله أو يكتبه، وخلاصات رأي السعيد أن وجود إسرائيل حقيقة يجب أن تقبل فإسرائيل وجدت لتبقى، ولذلك فوفاة نوري خسارة لإسرائيل.
- زار عبدالإله ونوري السفارة الأمريكية خفية تحت جنح الظلام لنقل رجائهما لواشنطن بالانضمام إلى ميثاق بغداد، ورأى المترجم الغيور أن صنيعهما فيه تفريط بكرامة البلاد.
ثامنًا: مذكرات روبرت مورفي السفير الأمريكي المتجول عن زيارته للعراق عقب ثورة 14 تموز (1958م)، وهو سفير زار العراق زيارة سريعة وقابل عبدالكريم قاسم، ومن عادة الخارجية الأمريكية إيفاده للبلاد التي تكون مسرحًا لأحداث مهمة، ومن ضمن مذكراته:
- وصف السفارة الأمريكية في بغداد بأنها البيت الأبيض المصغر.
- يعمل عبدالكريم قاسم وينام في نفس الغرفة منذ نشوب الثورة.
- كان الرئيس الجديد نحيفًا، يقظًا، متنبهًا، حذرًا في كلامه، ولا يلزم نفسه بشيء، وسلاحه الرشاش ليس بعيدًا عنه.
- فوجئ وزير الخارجية عبدالجبار الجومرد بتعيينه وزيرًا سماعًا من الإذاعة، وهو موصلي أشقر أزرق العينين.
- يؤكد قاسم أن الثورة دبرت لأسباب وطنية أكثر منها أيديولوجية، ولم تكن هناك طريقة أخرى للتخلص من النظام الفاسد.
- أكد قاسم لي أنه وزملاؤه لم يجازفوا بالثورة كي يرهنوا مصير البلاد مع موسكو أو القاهرة، وبدا منه التصميم القوي على صيانة استقلال العراق.
وظهر لي من فصول الكتاب عناية هؤلاء الدبلوماسيين باليهود والنصارى من أهل البلاد والمقيمين فيها، ومعرفتهم العميقة بالأقليات وهمومها وقادتها، ومحاولة التيقظ لأيّ إشارة وتفسيرها وتزويد بلادهم بما يرونه بخصوصها، ولهم عناية فائقة بدولة إسرائيل، مع قياس ما يجري في بلدان المسلمين على أهل الناحية التي يعملون فيها، وما أكثر الجواسيس في ثياب تجار أو علماء أو خبراء، وما أشنع الغش بتصدير أسلحة معطوبة أو قديمة أو ناقصة الكفاءة لبلاد المسلمين.
وفي تعليقاته على هذه المذكرات تمنى المترجم أن ينهض المخلصون لترجمتها ومثيلاتها كاملة، ومن أهمها مذكرات غروبا، وبيترسن، وغولمان، ولو كان السفير الأديب نجدة صفوة حيًا لسمع مني ومن غيري جوابًا على أمنيته التي ساقها في نهاية مقدمته بأن يجد القارئ العربي هذا الكتاب ماتعًا ومفيدًا، فهو كذلك وأكثر، وأتمنى أن ينشط ورثته لإعادة طباعة جميع مؤلفاته؛ فالحصول على هذه النسخة المعيبة طباعيًا كان صعبًا ومكلفًا.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الجمعة 27 من شهرِ شوال عام 1441
19 من شهر يونيو عام 2020م
One Comment
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكاتب الفاضل احمد حفظه الله ورعاه. {بسم الله الرحمن الرحيم بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره} لم يحرم الله العلي القدير الذي لاتاخذه سنة ولا نوم . عن جميع خلقه من العقل والحكمة والتدبر وقال . اعملوا فسيرى الله اعمالك . فيجزي بها عباده بالدنيا والاخرة . لحد مثقال ذرة من خير او شر . لمن امن بها واحتسبها ؟ابتداءا من بذل الجهود في بناء الاسرة وتربية الاولاد ذكورا واناثا تربيه صالحة من ذكور واناث اللذين سيكونون اباءا وامهاتا . ليكونوا مواطنين صالحين اينما حلوا وارتحلوا ليفيدوا حاضرهم ومستقبلهم .وهذا ليس بالشئ الهين والبسيط .يحتاج بعد الاستعانة والتوكل على الله . الى تزود بالعلم والمعرفة والشعور بالمسؤلية . وتخطيط محمود والتضحية وبجراة محمودة واقدام وتخلي عن الانانية وحب الذات . وحب الخير كماتحبه لنفسك . اتكلم من واقع عشته بمرارته وحلوه بعقود كثيرة . وتنقلت من شماله الى جنوبه . شاكرة لوالدي واخص والدتي على الجهود التي بذلتها في تربيتنا على مكارم الاخلاق . وجعل مثوى والدي ووالدين المسلمين الجنة . اللهم اجعل بلاد العراق بلدا ا امنا مستقرا من شماله الى جنوبه . وكافة بلاد المسلمين