سياسة واقتصاد عرض كتاب

لباب من تجارب سفير هندي

لباب من تجارب سفير هندي

كما أنّ التجارب عقل ثان لمن اطلع عليها، فهي مستودع خبرة، وكنز معلومات، وتمنح البصير بها معرفة طرائق التفكير، والقدرة على التصرف فيما يشابهها، ومن وعى الحكمة كاد أن ينطق بها؛ بل نطق وسينطق.

لذلك سررت بكتاب مختصر وجدت نسخته الوحيدة ضمن ركام مكتبة تحوي القديم والجديد، عنوانه: أصول الدبلوماسية وأساليبها، بقلم السفير الهندي بانيكار، وهو الكتاب رقم (214) من سلسلة “كتب سياسية”، طبعته الدار القومية للطباعة والنشر، ويقع في (46) صفحة ذات قطع متوسط تشتمل على ستة عناوين، وطباعة الكتاب قديمة لا تخلو من أغلاط.

يمتاز الكتاب بسرد سلس كأن المؤلف يحاضر في أناس أمامه، ومن أبرز أفكاره حسبما لاحت لي من قراءة سريعة:

*السياسة الخاطئة هي التي تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة.

*لا تهتم الدبلوماسية بالمثل العليا وإنما بتحقيق النتائج.

*تقوم الدبلوماسية على التوازن في مبدأ الأخذ والعطاء، وإذا استندت إلى الحقائق المطلقة فستبوء بالفشل.

*تنهض الأحلاف وتقوى بوجود عاملين معًا هما المصلحة المشتركة والنية الطيبة، وإذا فقد أي تحالف أحدهما فمصيره الفشل عند أول خلاف.

*الخيارات السياسية للدول تختلف حسب قوتها وضعفها، وعلى الضعيفة منها عقد التحالفات والابتعاد عن المشاحنات وصرف الجهود والأموال للتنمية.

*مهمة الدبلوماسي نقل وجهة نظر حكومته وتأييد مطالبها، والمحافظة على المعاهدات، واكتساب الأصدقاء في حكومة البلد المضيف.

*وظيفة الدبلوماسي الأولى هي العمل على رفع اسم بلاده، وكسب التوقير لها، وصنع نوايا طيبة تجاهها.

*من أهداف الدبلوماسية الكبرى المحافظة على الأمن القومي لبلادها بطرق حكيمة.

*من أهدافها حماية المصالح التجارية، ومساندة رعايا الدولة، ونشر ثقافتها وأسلوب حياتها.

*من أغراض الدبلوماسية أن تكون يقظة دائمًا، وقادرة على إحباط المؤامرات ضد بلدها.

*من مقاصد الدبلوماسية منع الدول من الاتحاد ضد بلدها.

*يقع على عبء الدبلوماسية إقناع العالم بسلامة موقف بلادها إذا خاضت الحرب، وأنها لم تفعل ذلك إلّا دفاعًا عن نفسها وحقوقها.

*لا تعجب إذا اكتشفت أن بعض السفراء مركز للدسائس، ومساند كبير للثورات، ومؤجج للعداوات بين أقطاب البلد المضيف.

*في مرحلة ما أصبحت الدبلوماسية مجرد شعارات وأساليب دعاية لا أكثر.

*حاولت الدبلوماسية في بعض مراحلها إقامة علاقات مباشرة مع الشعوب وتوجيه الخطاب لها.

*الملحق الإعلامي والثقافي، والملحق التجاري، موظفان لا غنى للسفير عنهما.

*تمتاز دبلوماسية الأمم المتحدة بالجرأة والقوة والحدّة لدرجة الوقاحة لأنها علنية والغاية منها التأثير على الشعوب.

*للموقع الجغرافي علاقة وثيقة مع الأمن القومي، وعلى سبيل المثال فالهند يهمها التوافق مع الحكم في عدن.

*ستنجح الدبلوماسية بشدة لو استطاعت جمع أكبر عدد من الأصدقاء وتمتين الصلة معهم، وتحييد الأعداء.

*انسحبت إيطاليا من التحالف مع ألمانيا بدبلوماسية ماهرة وحظيت بترحيب بريطاني فرنسي.

*تعد الحرب -كفانا الله شرورها- استمرارًا للسياسة.

*قيام الحرب لا يعني توقف الجهود الدبلوماسية فهما خطان متوازيان.

*لا يمكن شنّ الحرب أو كسبها دون دبلوماسية فعالة، وفشل فعاليتها سيلحق الخزي والعار بأعتى دولة.

*تعكس السياسة الخارجية القوة الداخلية للدولة ومدى الاستقرار فيها.

*تنعدم ثقة الدول الأجنبية بالدولة الضعيفة داخليًا، ومن سمات ضعفها كثرة التغييرات، ودوام التبدلات السياسية، ووجود اضطرابات داخلية، أو ممارسات انتهاكات مكررة.

*لن يكون لدبلوماسية الدول الضعيفة أي وزن عند الدول الأخرى؛ فوعود سفرائها تقابل بالتحفظ، وتقاربها يواجه بالحذر، وعروضها لا تجد حماسة للتفكير فيها، وليس لسخطها أو احتجاجها أي قيمة.

*تقوم كثير من المفاوضات الاقتصادية على أسس سياسية صرفة حتى في شؤون الغذاء.

*العمل الدبلوماسي من أحوج الأعمال إلى الكتابة لكثرة استخدامها، وإتقانها ضرورة سواء حين الوضوح أو الغموض.

*الإقناع والحلول الوسط وجبات يومية في عمل الدبلوماسيين.

*هناك إجراءات كثيرة لإظهار السخط قبل اللجوء للعمل العسكري مثل سحب السفراء، وفرض عقوبات اقتصادية، والمقاطعة، والحصار، ومنع المرور، وقطع العلاقات.

*أحيانًا توحي اللغة الدبلوماسية بانطباعات خاطئة تمامًا، وكثيرًا ماتكون الحقائق خلاف ما يبدو للظاهر.

*التحالف القوي في الظاهر قد يخفي عداءً عميقًا لا تفطن له الجماهير التي تصل نتيجة لذلك إلى فهم خاطئ للموقف، ولا تحسن تقديره.

*أعظم عقبة تواجه الدبلوماسي هي المبالغة في الحماسة.

*يقف عاملان في وجه أي تغييرات كبرى في الدبلوماسية الدولية وهما استمرار الشخصية التاريخية للدول التي كانت قوية، والشعور العنصري المقترن بتفوق الأوروبي والأمريكي.

*لا شيء يضعف مركز الدبلوماسي في الخارج مثل الضعف الداخلي لبلاده، وانعدام ثقة الشعب بها.

*أهم عامل يعزز من جانب السفير هو قوة مركز الحكومة التي يمثلها واستقرارها.

*تؤثر السياسة الداخلية على السياسة الخارجية والعلاقات الدولية خلافًا لما يعتقده كثير من الناس.

هذه أهم ما بدا لي من مضمون النص فاستخلصتها من هذا الكتاب الذي ألفه صاحبه قبل أزيد من ستين سنة حسبما فهمت، ولا أظن أن المفاهيم الكبرى تغيرت بعده بصورة جذرية، وإنما يطرأ التغيير على الأدوات مع بقاء الحقائق، والحكمة ضالة تشتاق لمن يبحث عنها، وتحب من يجدها، وتتآلف مع من ينشرها، وتفيض من خيراتها على من يعمل بها.

أحمد بن عبدالمحسن العسّاف-طرابزون

@ahmalassaf

الثلاثاء 19 من شهر ذي الحجة الحرام عام 1440

20 من شهر أغسطس عام 2019م. 

 

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)