قراءة وكتابة مواسم ومجتمع

العيد والكتابة!

العيد والكتابة!

هل يمكن أن يتوقّف الكاتب أو الشّاعر أو الرّسام في العيد وأمثاله من المواسم العامّة، وهل فكرة التّوقف عن العمل الإبداعي أمر وارد من الأساس؟ هذا سؤال يجول في أروقة الكتابة وداخل نفوس حملة الأقلام، فهم بين المشاركة مع المجتمع من ناحية، وبين الاستجابة لإلحاح الحرفة العظيمة من ناحية أخرى.

نظريًا يمكن التّوقف بمعناه المتعارف عليه، وفعليًا لا يحدث ذلك من الكاتب وإن لم يكتب؛ لأسباب سيرد بيانها، وكلّ كاتب يعرفها، ويجد أثرها في مسيرته الكتابيّة. ففي العيد مشاعر، ومواقف، وملاحظات، وأفكار، وهل الكتابة إلّا إظهار شعور، وحفظ موقف، والتقاط ملاحظة، وتسجيل فكرة، ثمّ التوسع فيها بما يناسب بعد ذلك؟ ولكثير من المبدعين نصوص مرتبطة بالعيد مثل قصائد المتنبي وابن عبّاد وأبي ريشة، وللرّافعي مقالة عن حوار بين خروفين رآهما ليلة الأضحى، وللطّنطاوي مقال عن مشاهداته في السّوق ليلة الفطر، والأمثلة واسعة سعة الزّمن، مختلفة باختلاف الحضارات.

وفوق هذا؛ يستطيع الكاتب أن يكتب في ذهنه ولو لم يكن بين أصابعه قلم أو تحت يديه لوحة مفاتيح، فالكتابة الذّهنيّة تعين على علاج حبسة الكاتب، وتزيد من الطّلاقة العقليّة، وتمنح فرصة إضافيّة للتّحرير والتّنقيح، ولها فضيلة إضافيّة حين يمضي الكاتب معها وقتًا لا بدّ من قضائه في انتظار، أو مجاملة، أو لاكتساب القدرة على هجران الأجهزة الحديثة.

كما يناسب أن يلتزم الكاتب بعمل متميّز في مسيرته تمامًا مثل اختلاف العيد عن سائر الأيّام قبله وبعده، فيكون له في كلّ فترة إنجاز إبداعي فريد من بين أعماله، وقد يلائم تخصيص العيد بكتابة تنشر البهجة والمتعة مثل الذّكريات، والطّرائف، وأيّ نص يحثّ على الاجتماع والتّصافح والمحبّة، فهنيئًا للقرائح بموسم عيدها؛ لأنّه كلّما استطاع الأديب أن يكتب في الأوقات الحرجة زادت مهاراته وقدراته وقيمته.

وفي الواقع فغالب النّاس في العيد يكتبون، وهي فرصة لرفع الحسّ باللّغة والجمال والأدب بين أفراد المجتمع، ولممارسة انتقاء الكلمات وحسن رصفها، ولو أطلقوا لمشاعرهم الحقيقيّة العنان بطريقة مختصرة واضحة بعيدًا عن العبارات المعلّبة؛ لاكتشفنا مواهب مدفونة تحت خداع الصّمت، أو غثاء النّسخ واللّصق؛ فبعضهم يعيد إرسال كلمة طويلة بلا روح، بينما يكتب آخر بضع كليمات تشّع منها معاني الحياة والفرادة، والله يجعلنا ومن يقرأ من الكتّاب _المحترفين والشّداة_ في كلّ عيد كتّابًا صادقين مبدعين نافعين.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرِّياض

ahmalassaf@

الجمعة 04 من شهرِ شوال عام 1440

07 من شهر يونيو عام 2019م

 

Please follow and like us:

3 Comments

  1. السلام عليكم الكاتب الفاضل احمد حفظه الله ووفقه لما يحب ويرضى
    كتابة الكتب والمقالات النافعة والهادفة . فضل من الله يؤتيه من يشاء . لها تاثير حسن على قارئها . يؤنس بها ويرتاح . تغنيه بها عن الناس احيانا . فمن وفقه الله للقراءة الصحيحة . فهي انيسه وسميره . وشغله الشاغل . تعطي القارئ احساسا بالسعادة . اللهم احفظ الكتاب ووفقهم لما يبذولونه من مجهود بما ينفع القراء في دينهم ودنياهم . وابسط عليهم في رزقهم .وبارك لهم فيه

  2. كل عام وانتم والعالم الاسلامي بخير . اعاده الله على الجميع باليمن والبركة و حفظ الله بلاد الحرمين قبلة جميع المسلمين . حكاما وشعبا من كل ضرر وسوءا. اكتبوا ايها الكتاب الافاضل . فنحن القراء نقرا لكم ونقيم و نقدر جهودكم وندعوا لكم بالتوفيق والنجاح وفقكم الله لما يحبه ويرضاه

  3. بارك الله في كل الكتاب الصادقين المبدعين النافعين . لما تخط ايديهم من كتابات. وبارك الله لك بكتاباتك التي نعيد قراءتها اكثر من مرة للفائدة والتذكير … اعجبني ماكتبته اليوم على التيوتر . ما دار اليوم بين الخليفه هشام بن عبد الملك وجليسه. من الانتباه لوزن الكلام والمقام . وادارة اللسان والقلم والتاني. فن ؛محظوظ الانسان الذي حباه الله العلي القدير بهذه المواهب الجامعه وفقك الله لما يحبه ويرضاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)