خطباء نمرة: تاريخ لم يحفظ!
لأسباب ثقافيّة، بحثت عن أسماء خطباء مسجد نمرة في يوم عرفة، خلال العهد السّعودي منذ عام 1344، وحتى يومنا هذا. ولأجل ذلك، تواصلت عبر الهاتف، وبواسطة البريد الإلكتروني، وبالرّسائل النّصيّة والوتسيّة، ومن خلال المواقع على الانترنت، مع علماء، وخطباء، ومؤرخين، وإعلاميين، ومسؤولين، وأجهزة حكوميّة، فاعتذر البعض بعدم المعرفة، وتجاهل آخرون؛ مشابهين القبور في صمتها، وأطرف جواب وصلني من معهد حكوميّ: لا نعرف، وإذا عرفتَ فأخبرنا مشكورًا!
وكنت قد نبشت الانترنت، ولم أجد معلومة موّثقة تمامًا، وأحسن ما عثرت عليه، كان تقريرًا مختصرًا للصّحفي عبد الله الدّاني في صحيفة عكاظ، ذكر فيه أنَّ خطباء نمرة في العهد السّعودي حتى عام 1438 كانوا ستّة، وهم على التّرتيب، مع حفظ الألقاب: المشايخ عبد الله بن حسن آل الشّيخ، ثمّ نجله عبد العزيز، فصالح الّلحيدان، ثمّ عبد العزيز آل الشّيخ، وبعده عبد الرّحمن السّديس، وأخيرًا سعد الشّثري، رحم الله الميّت، وشفى المريض، ونفع بالحي.
وآخر أربعة خطباء، أضبط تواريخ ارتقائهم لمنبر نمرة، فالشّيخ الّلحيدان خطب عام 1399، بينما استمر الشّيخ عبد العزيز آل الشّيخ يعتلي منبر نمرة منذ عام 1402 حتى عام 1436، وربّما يكون صاحب أطول فترة خلال تاريخ نمرة، ويحتاج الأمر لاستقصاء. وفي عام 1437 صعد المنبر الشّيخ د.عبدالرّحمن السّديس، وأخيرًا خطب الشّيخ د.سعد الشّثري عام 1438.
وفي ظنّي أنّ الشّيخ عبد الله بن حسن بن حسين بن علي بن حسين آل الشَّيخ قد خطب من عام 1343 أو بعده بسنة، وظلّ خطيبًا حتى عام 1376؛ حيث أصابه المرض وتوفي عام 1378، وتولى نجله الشّيخ عبد العزيز الخطابة في يوم عرفة منذ عام 1377 حتى عام 1398، ثم خطب عامي 1400، و 1401، أي إلى ما قبل وفاته بتسع سنوات، واعتذر بعد ذلك عن الخطابة. ولا أظنّه صحيحًا ما يشاع بأنَّ الشّيخ المفسِّر الشّعراوي قد خطب لجميع الحجّاج في نمرة عام 1396 أو بعده.
ومن موافقات خطبة نمرة، أنَّ أسرة آل الشّيخ خطبت على المنبر قريبًا من تسعة عقود، ويمكن أن تكون هذه سابقة، وما أعظم بركة الشّيخ الإمام على آله وغيرهم. وجمع الشَّيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشّيخ ثلاثة أعمال مهمّة، في سنة واحدة عام 1381؛ فهو خطيب الحرم، وخطيب نمرة، ووزير المعارف.
ومما قرأته في كتاب تاريخ أمّة في سير أئمّة، وهو موسوعة ضخمة عن أئمَّة الحرمين منذ عصر النّبوة حتى عام 1432، ألّفها الشّيخ د.صالح بن حميد، أنَّ الملك سعود صلّى بالحجيج صلاتي الظّهر والعصر جمعًا وقصرًا في مسجد نمرة، خلال ثلاثة أعوام هي 1374، 1378، 1379، ولم يشر الكتاب هل خطب الملك أم لا؟
ونحن الآن في منتصف عام 1439، ولا ندري من سيخطب في نمرة، وهل سيكون الخطيب متغيّرًا كلّ مرّة، وهو ما أتمناه، ويمكن تدويره بين المناسبين من أئمة الحرمين، وهيئة العلماء، وأساتذة الجامعات، وطلاّب العلم، أو يُصار إلى تثبيته لأسرة آل الشّيخ أو لغيرهم من العلماء.
وأيّاً كان، فالمأمول أن تكون خطبة نمرة على غرار خطبة النَّبي صلّى الله عليه وسلم، فيها الوضوح والتّعليم والبيان، مشتملة على أسس الاعتقاد ومسلّمات التّصور، حاثّة على العمل بالسّنة وترك البدعة، رافعة للوعي والهمّة، رابطة بين المسلمين وكتاب ربّهم وسنة نبيهم، موضحة لأحكام الحج، مؤكدة على التّراحم والتّعاون، موثقة لأسس الوحدة الإسلاميّة، داعية لرفع اللأواء عن أمتنا، رافعة من شأن الانضباط وحفظ النّظام، بعيدة كلّ البعد عن مجاراة نشرات الأخبار، وبرامج الإعلام، سواء المبتلاة منها بالتّطبيل، أو التّهييج، فمنبر النّبي، والخلفاء، والصّحابة، والعلماء، والقضاة، منبر للأمّة وشؤونها ومشتركاتها، وهو أرقى من أن يرتقى بما لا يبقى.
وأعتقد أنَّ تاريخ خطبة مسجد نمرة، والتّعريف بخطبائها، روض أنف، يستحقُّ البحث، وقد وردتني هذا الصّباح رسالة تبّشر بذلك، والله يجعله مشروعًا ناجزًا موفقًا، ويكتب الأجر والسّداد لمن اجتهد فيه، ليصير نبراسًا للخطباء، ومفيدًا للباحثين، ويحفظ لكلِّ من صعد هذا المنبر الشّريف ما هو أهل له.
وفي نفسي كلمة أغصُّ بها؛ فحين تواصلت مع أجهزة حكوميّة للسّؤال، تجاهلني بعضهم، وطلب آخرون كتابًا رسميّاً؛ مع أنّي لا أبحث عن معلومة جوابها يقود إلى كشف السِّر النَّووي! ويؤلمني أنّه لو كان السّائل أشقر أزرق لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، لهشّوا إليه وبشّوا، والحجّة جاهزة بتحسين الصّورة، أو تأليف القلب!
ولا أدري أين خوفهم من تنفير القلوب بتجاهلهم لفتى عربي الوجه واليد واللسان؟! ولا أتعجّب لو تطوّع بعض المسؤولين؛ ومنح الأجانب وثائق مكنونة، وفتح لهم الأرشيف المحفوظ؛ فتلك علّة قديمة وشبه عامّة، وخلاصنا منها أخشى أن يطول؛ ونحن أدرى وقد سألنا بنجدٍ! ولن يخدم تاريخنا أفضل وأنصح وأبصر من أهله.
وأذكر أنَّ أحد أصحاب المعالي المشايخ قال لي مرّة بلفظه: تحتاج بعض أجهزتنا الحكوميّة للتخلّص من “زنختها” وتجاوز “غلقتها”؛ كي تؤثر وتتقدّم! وعندي خوف بالغ على الإنجاز المستقبلي، خاصّة أنَّ طموحاتنا عالية جدًا، ورؤيتنا ملهمة جدًا؛ بينما عدد لا يستهان به من الإدارات والأجهزة، لا ترفع سمّاعة الهاتف إلا بشقِّ الأنفس، ولا ترد على البريد الإلكتروني، ولا تنظر في صندوق “اتصل بنا” عبر مواقعها؛ وعلى كلِّ مسؤول ينفي ذلك أن يجرّب أولًا!
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرّياض
الأحد 23 من شهرِ جمادى الآخرة عام 1439
11 من شهر مارس عام 2018م
12 Comments
في يوم الثلاثاء الثالث من شهر ذي الحجة عام ١٤٣٩ صدر أمر من الملك سلمان بتكليف إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف د.حسين بن عبدالعزيز بن حسن بن عبدالعزيز بن حسين بن حمد بن حسين آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليكون خطيب عرفة لموسم حج عام ١٤٣٩.
صدر في يوم الخميس 07-12-1440 توجيه بتكليف الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ ليكون خطيب عرفة لهذا العام، وهو الخطيب العاشر في العهد السعودي.
انظر :
https://ahmalassaf.com/3983
صدرت الموافقة الملكية يوم الثلاثاء 07 من شهر ذي الحجة عام (1441) على إسناد خطبة عرفة لمعالي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء، وهو الخطيب الحادي عشر منذ عام 1343، وسادس خطيب لعرفة في عهد الملك سلمان، وخامس خطيب من أعضاء هيئة كبار العلماء، ورابع خطيب ليس من أسرة آل الشيخ منذ عام 1343، ومن أكبر الذين اعتلوا منبر نمرة عمرًا إذ يخطب وهو فوق التسعين ( ولد عام 1349)، أمتع الله به، ووفقه وألهمه.
صدر يوم الأربعاء 04 من شهر ذي الحجة عام 1442 أمر بتكليف الشيخ د.بندر بن عبدالعزيز بليلة ليخطب في عرفة، والله يوفقه.
خطبة الشعراوي موجودة يوتيوب
أهلا بالعزيز. هذا صحيح لكنها خطبة في مخيم وليست عامة للحجيج وهي أشبه بما يلقى في المخيمات لخاصة أهلها.
صدرت موافقة ملكية يوم الثلاثاء 06 من شهر ذي الحجة عام 1443 بأن يكون خطيب عرفة لموسم حج عام 1443 هو الشيخ د.محمد بن عبدالكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، والله يوفقه للصواب.
صدرت اليوم الثلاثاء غرة شهر ذي الحجة عام 1444 الموافقة الكريمة على أن يخطب في يوم عرفة من حج هذا العام معالي الشيخ د.يوسف بن محمد بن سعيد عضو هيئة كبار العلماء، ويكون الشيخ د.ماهر بن حمد المعيقلي إمامًا احتياطيًا، وهذه أول مرة فيما أعلم ينص على الإمام الاحتياطي.
وبذلك يكون معالي الشيخ د.يوسف هو الخطيب التاسع في عهد الملك سلمان، والخطيب الرابع عشر في العصر السعودي منذ عام (1343)، وتاسع خطيب لعرفة ليس من أئمة الحرمين، وثامن خطيب في نمرة من أعضاء هيئة كبار العلماء، والله يوفقه ويلهمه.
صدرت موافقة ملكية يوم الاثنين 19 من شهر ذي القعدة عام 1445 بأن يكون خطيب عرفة لموسم حج عام 1445 هو الشيخ د.ماهر بن حمد المعيقلي إمام المسجد الحرام وخطيبه، والله يوفقه للصواب والسداد.