مطاردات لذيذة خلف الكتب (4)!
يبدو، أنّه لا مناص من الرّابعة، ولذا رجعت لأرشيفي المحفوظ، كي أنتقي منه ما يناسب المقالة الجديدة من قصص الكتب، وأخبار الحصول عليها، ولستُ أدري هل سأقف عند حدود الرّابعة أم أستمر؟ وهل الاستمرار سيكون بنفس الطّريقة، أم أبحث عن جديد وتجديد مع الخامسة؟!
مكتبات برونق مغربي:
فاتني الحصول على نسخة من كتاب: مكتباتهم، تأليف محمد آيت حنا؛ بسبب نفاد النُّسخ من ركن النّاشر في معرض الكتاب بالرّياض، ولذا طلبت من الصديق ذي الإبداع المتجدّد، والتّرجمات المتميزة، المهندس د. حمد العيسى أن يسعفني بنسخة من المغرب الأنيس، وقد فعل وزاد، وكلُّ الشّكر له ولقرينته الفاضلة، ولأن الكتاب المختصر بهرني؛ كتبت عنه مقالة بعد فراغي منه مباشرة.
طوفان وحريق وناجي!:
قبل سنوات بحثت عن كتاب: الحرية أو الطوفان: دراسة موضوعية للخطاب السياسي الشرعي ومراحله التاريخية، تأليف د. حاكم المطيري، ولم أتمكن منه، والكتّاب تعرض لنقاش طويل حال صدوره؛ مما حدا بالمؤلف إلى إصدار كتاب آخر لمزيد من التّوضيح. وقد طلبت من الزّميل الأستاذ عبد الله الحديد أن يبحث عنه في زيارته للكويت، ففعل أبو عبد الرحمن وفقه الله، وأحضره من مكتبة تعرضت لحريق، وكانت نسخة هذا الكتاب هي الأخيرة، ومن النّاجين من اللهب، والحمد لله.
اعترافات الكاهن:
لزميلي العزيز محمّد بن صالح العقيل أفضال تقنيّة لا تحصى عليّ، وهو كتلة من الإبداع والله يرزقه التّركيز كي يكون ينع إنتاجه أكمل وأدوم. ولأبي صالح سلمه الله علاقة وثيقة بكتبي، فمن معرض الشّارقة أحضر لي الطّبعة التّونسية من كتاب عنوانه: اعترافات القديس أغستينوس، وهو من السّير الذّاتية المتميزة، التي تنفد من معارض الكتب بسرعة، واعترافات الكُّهان-على اختلافهم- مثيرة لو صدقوا!
الجوف تاريخ وبر:
لبعض حواضر الجزيرة العربيّة تاريخ عريق، ولا بأس من حفظ التَّاريخ وتدوينه؛ لأنَّ طمس الحوادث والتَّواريخ مستحيل، وتحريفها لا يدوم، وقد أنعم الله على هذه الحواضر بوحدة لم تكن متوقعة؛ هذه الوحدة التي كانت ثمرة للصَّحوة الدِّينية الكبرى في الجزيرة العربية عام 1157=1744م، تلكم الصَّحوة التي قادها الإمام الشّيخ محمد بن عبد الوهاب، بمساندة من الإمام الحاكم محمد بن سعود رحمهما الله.
ولي مع الجوف-الجميلة بأرضها وأناسها- أكثر من قصَّة، فمنها أنَّ جدي ووالدي رحمهما الله، قد اتخذا فيها منزلًا لحفظ البضائع التي يشترونها من الشَّام والعراق في رحلات العقيلات التَّجارية، تمهيدًا لنقلها إلى الدَّاخل النَّجدي، ولذلك حين سمعت عن كتاب ألفه د. متروك الفالح بعنوان: تاريخ الجوف الحديث (1800-2013+): الصّراع والسّلام والثّقافة والبحث عن التّقدم والكرامة، حرصت على اقتناء نسخة منه، فأوصله لي مشكورًا الصَّديق النَّاشر هيثم أحوش.
الوثائق عالية غالية:
دخلت إلى مكتبة الثّلوثية بالرَّياض، وهي معتنية بتاريخ الجزيرة العربية، وجغرافيتها، وعوائلها، وقبائلها، ووثائقها، ولمحت نسخة وحيدة عالية المكان، من كتاب مرجعي مهم، وكثيرًا ما يشار إليه في تاريخ الدّولة السّعودية، عنوانه: من وثائق تاريخ شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث، ويقع في سبعة مجلدات، وهو من جمع المؤرخ البروفيسور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، وسعره غال بيد أنَّ أهميته كبيرة، ولذا لم أتردد في شرائه لكثرة رجوع المؤلفين إليه.
ومن كتب الوثائق التي بحثت عنها كثيرًا، واشتريت طبعته الجديدة بمبلغ كبير، موسوعة: دليل الخليج العربي وعمان ووسط الجزيرة العربيّة، تأليف السّياسي، والمؤرخ، والجغرافي، الإنجليزي جون غوردون لوريمر وفريقه، وهو عمل خاص لصالح حكومتهم الاستعماريّة، وكان سريّاً حتى أفرج عنه عام 1970م، فصدرت منه طبعتان عمانية وقطرية، ثم شحّت نسخه في الأسواق.
وللفائدة فلوريمر تخرج في كنيسة، ومات وهو في الرّابعة والأربعين من عمره، ويعدُّ الكتاب في طبعته الجديدة المكونة من عشرين جزءًا، وآلاف الصّفحات مرجعًا مهمًّا للمنطقة، وقد استُخلصت منه كتب مفردة عن الكويت، والسّعودية، والإمارات، والقبائل، ولا زال فيه الكثير لمن رام الغوص في الخليج داخل دليله الورقي.
أحكام أهل الذَّمة في تبوك!:
علمت عن وجود نسخة وحيدة من كتاب: أهل الذّمة والولايات العامة في الفقه الإسلامي، تأليف نمر محمد خليل النّمر، في فرع إحدى المكتبات الكبيرة بتبوك، ولم تتجاوب معي المكتبة لإحضار النّسخة إلى الرّياض، فطلبت من ابن العم الموفق سعد بن عبد العزيز العسّاف أن يدركها في مكانها؛ ففعل أثابه الله، وليت أنّ خدمة التّوصيل في مكتباتنا الكبرى تكون متاحة، وعمليّة.
الحركات القومية والإسلامية:
اشتريت من ركن مركز دراسات الوحدة العربيّة، في معرض الكتاب بالرّياض، موسوعة ضخمة في مجلدين عنوانهما: الحركات الإسلامية في الوطن العربي، إشراف د. عبد الغني عماد، وحين سألت البائع عن قرينتها: الأحزاب والحركات والتنظيمات القومية في الوطن العربي، إشراف محمد جمال باروت، أفادني بأنّها لا تحضر إلى معرض الرّياض! فطلبت من كتبي في الخبر، أتواصل معه عبر الواتساب فقط، أن يجلب لي نسخة من البحرين ففعل، ولازال هذا الكتبي رعاه الله مصدرًا لكثير من الكتب بمجرد تسويقها.
كتابان في رمضان:
يؤسفني أنَّ كتب المراكز المتخصصة نادرة، وبطيئة التّعويض بعد نفادها، وبعد اجتهاد حثيث، علمت أنَّ فرع المعهد العالمي للفكر الإسلامي في عمّان، يمتلك نسخة من كتابين أريدهما هما: في مصادر التراث السياسي الإسلامي: دراسة في إشكالية التعميم قبل الاستقراء والتأصيل، تأليف د. نصر عارف، والآخر عنوانه: دور أهل الحل والعقد في النموذج الإسلامي لنظام الحكم، تأليف د. فوزي خليل، وقد تكفّل بإحضارهما زميلي الفاضل الموهوب عماد كوارع في شهر رمضان، والله يكتب أجره مضاعفًا.
عشرون روائيًا من لبنان:
تجارب الكتّاب والرّوائيين مفضلة لدي، ولذا أوصيت زميلي عبد الله السّبيعي أن يبحث في بيروت عن كتاب عنوانه: عشرون روائيًا عالميًا يتحدثون عن تجاربهم، إعداد عصام محفوظ، ففعل مشكورًا، وحين فرغت من الكتاب استللت أهم فوائده، ونشرتها في مقالة كما فعلت في كثير من المؤلفات عن القراءة والكتابة.
حلوى روسية وكتاب سعودي:
رأيت في معرض القاهرة للكتاب عام 1421 مكتبة روسيّة صغيرة، يبيع فيها زوجان عجوزان، وحين عرفت المرأة أنّي ورفيقي الزّميل الشّريف خالد أسعد من السّعودية، لم تكد الأرض أن تحملها، وأخرجت لنا حلوى، وأصرت على أن نذوق منها.
واشترينا منها كتابًا كنت قد قرأته قديمًا، وضاعت نسخته لدى مستعير، وعنوانه: تاريخ العربية السعودية، تأليف المستشرق الرّوسي إلكسي فاسيلييف، وللمؤلف كتاب ضخم عن الملك فيصل، وكتابه الأول يُرجع إليه كثيرًا.
الطُّفولة بين قطر و البحرين:
أعجبني قبل ربع قرن عنوان هذا الكتاب: الطّفولة في الشّعر العربي الحديث، تأليف: إبراهيم محمد صبيح، فطلبته من جار بحريني لطيف، كان يعمل في الأمانة العامة لمجلس التّعاون الخليجي، فأحضره لي من مكتبة في الدّوحة، ومع أنّي نسيت اسم أبي فاطمة؛ لكني لم أنسَ جميل فعله، أثابه الله.
زلازل من الكويت!:
لم أدرك نسختي من كتاب ألفه البلداني الكبير البروفيسور عبد الله بن يوسف الغنيم بعنوان: سجل الزلازل العربي: أحداث الزلازل وآثارها في المصادر العربية، فاستعنت بعد الله بزميلي فيصل الصّوينع؛ الذي أحضره لي مأجورًا من الكويت، كما أحضر أبو عبد العزيز لي من وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلامية الكويتية كتابًا آخر عنوانه: مجالس مع فضيلة الشّيخ الشّنقيطي، وكنت قد اطلعت على صورة منه بواسطة الزّميل محمّد القاضي، وهو كتاب رائق في التّفسير.
وبعد، فحين نشرت الأجزاء السّابقة من هذه السّلسلة، كان من تفاعلات القرّاء الكرام، أن اقترح بعضهم إضافة نبذة عن كل كتاب يشار إليه، ومع وجاهة هذا المقترح، إلا أنّه سيطيل المقالة، ويخرجها عن سياقها، فضلًا عن أنّه سبق لي الكتابة عن بعض ما أوردته من كتب فيها، والعذر من كرام النّاس مأمول.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرّياض
الخميس 22 من شهرِ جمادى الأولى عام 1439
08 من شهر فبراير عام 2018م
