صناعة الكتابة وأسرار اللغة
ليست الكتابة ترفاً ذهنياً، أو جهداً معرفياً خالصاً دون غايات، فهي وسيلة لرفع الوعي، وبث الأفكار، وبناء المفاهيم، ونشر القيم، بل تتجاوز ذلك كله؛ لتصبح شكلاً من أشكال المقاومة وإثبات الوجود، ولذا فغالباً ما يجد الكتاب أنفسهم في مواجهة مع المحتل، أو النظم الاستبدادية، أو الجماعات العنيفة، أيا كان منزعها. وسجن الكتاب، وملاحقتهم، واغتيالهم، مصداق لخطورة فعل الكتابة.
ومع ذلك، فلن يتوب عن الكتابة من خاض غمارها، والتذ بعناق الحروف المتراصة في سلسلة كلمات، أو ملأته السعادة وهو ينهي مقالة أو ينجز كتاباً، ويزداد التمسك بهذه الأداة مع أصحاب المشاريع والرؤى، فإن كفَّ الواحد عن الكتابة باسمه الصريح، فإنه لن يمتنع عن استخدام الأسماء القلمية، ولن يترك البوح بأفكاره؛ ليستفيد من مضامينها الكتاب والمتحدثون.
وقلما تجد حركة فكرية لا تهتم بالكتابة والكتاب، ولذلك تحرص على تخريج جيل من منتسبيها يتقن فن الكتابة، ويحسن التعامل مع القلم، وكنت قد قرأت نصوصاً كثيرة من هذا القبيل، ويعلق في ذهني الآن تأكيدات الإمام الشيعي الشيرازي على شباب حركته، بضرورة اتقان هذه الصنعة؛ لما فيها من تأثير، وحراك، وحيوية.
ثم زادت وسائل التواصل الاجتماعي من أهمية الكتابة، وفتحت المجال لكل أحد أيا كان عمره، أو جنسه، أو اهتمامه، أو مكانه، أو مستوى تعليمه؛ ليغدو كاتباً مشاركاً، مع اختلاف في درجات العمق الفكري، والنضج المعرفي بين هؤلاء السابحين في بحر تويتر والفيسبوك وإخوانهما. ومع وجود المنافسة الشديدة من مواقع التصوير الثابت والمتحرك؛ إلا أن الخط بالحروف ظل وسيظل السمة الأبرز، وصدق من أخبرنا بفشو القلم في آخر الزمان-صلى الله عليه وسلم-.
وبين يدي كتاب جميل جداً، يتحدث عن هذه الصنعة، وكنت قد أيملت نسخة إلكترونية منه لعدد كبير من الكتاب والكاتبات، الخبراء والشداة، في دول مختلفة، ومن أعمار متباينة، وتلقيت من بعضهم تفاعلاً مميزاً؛ حتى قال لي كاتب كبير شهير: ماذا فعلت بي؟ وراسلني آخر قائلاً: أعدت لي الثقة بالأنثى كمؤلفة-والرأي له-.
عنوان الكتاب: اقرأ: صناعة الكتابة وأسرار اللغة، تأليف الباحثة العراقية سلام خياط، ويقع في (290) صفحة من القطع المتوسط، وصدرت طبعته الأولى عن رياض الريس للكتب والنشر عام (1999م)، وفيما أذكر أنه غير متوافر ورقياً إلا إن طبعه الناشر من جديد. وذكر لي قبل سنوات فتى من السعودية، وفتاة من الكويت، أنهما اشترياه من موقع أمازون، ورأيته قبل فترة معروضاً في موقع جملون؛ والعرض لا يعني بالضرورة وجود نسخ منه.
يتكون الكتاب من إهداء لسوق السراي في بغداد، وهو سوق يعرض نفائس الكتب، ثم مقدمة ذكرت فيها المؤلفة أنها استجابت لإعلان عن برنامج تدريبي على الكتابة، في صحيفة لندنية، مع أنها ألفت أربعة كتب، وحصلت على شهادتين جامعيتين، وعاصرت ستين عاشوراء، ولها خمسة ما بين أبناء وبنات، وأحفاد ثمانية، بيد أنها رغبت في تعلم شيء جديد.
فوجدت نفسها على مقعد تعليمي مع طلبة في عمر أصغر أولادها، ولما لم تفد من هذا البرنامج كما كانت تأمل، عكفت على برنامج بحثي؛ وتفرغت للقراءة في المكتبة، حتى ولدت لديها فكرة هذا الكتاب الذي يحض على الكتابة، ويحرض على فعلها، من خلال القراءة، ثم القراءة، فالقراءة، قبل تقحم لجج بحر التأليف أو الكتابة.
بعد المقدمة قسمت المؤلفة كتابها البديع إلى أربعة فصول، الأول عن هاجس الإبداع، والثاني بعنوان: صناعة تأليف الكلام، والثالث حول أجناس الكتابة الأدبية، ويختص الرابع بمبحث فريد يفيد في النشر والتسويق وخطة العمل، ثم ملحق بكلمات عامية فصيحة، فالمراجع ثم فهرسان للأعلام والأماكن.
ومع أني قرأت كتباً كثيرة عن الكتابة وشؤونها، إلا أني أجد أن هذا الكتاب أميز ما اطلعت عليه لمعاصر باللغة العربية؛ بل قال لي مؤلف أحد كتب تعليم الكتابة، حين بعثت له نسخة إلكترونية منه: لو رأيته من قبل لما ألفت كتابي! ونسخته الإلكترونية متاحة في مكتبة الموقع الرائد صيد الفوائد.
وبعد هذه المقدمة الطويلة، فها هي أفضل ما أراه من فوائد هذا الكتاب؛ بعد اختصار وإضافة يسيرة:
- الخواطر المتروكة على عواهنها دون تهذيب قد تتمخض عن كاتب عادي أو محرر في صحيفة مهملة، لكنها لا تصنع كاتباً مبدعاً، ولا كتابة مبدعة.
- الكتابة التي لا تتميز بميزة ما، قصيرة العمر، سريعة الاندثار، قليلة التأثير، أو عديمة الأثر.
- الموهوبون قادرون على تفجير المفردة وإعادة تركيبها بشحن الكلمة لتعبر عن جملة، وتكثيف الجملة لتعوض عن مقال، وإغناء المقال ليغني عن كتاب.
- في فؤاد الكاتب المبدع حب للغة يبلغ درجة العشق والوله، وبين جوانحه عفوية طفل ودهشته وتلقائيته وصدقه ومشاكسته أيضاً، مضافاً إليها معرفة شيخ، وحكمة مجرب، وصبر حكيم.
- الكاتب المبدع كثير الاهتمامات، متعدد المواهب، متذوق للجمال ولو كان في شوكة.
- الكاتب المبدع محرض كبير، وصانع أفكار.
- لا يكتفي الكاتب المبدع بالنظر العابر أو العيش في اللحظة الراهنة.
- الكاتب المبدع يتوقف عند الأشياء والحوادث مشحوناً بالأسئلة والاحتمالات، وكثيراً ما يتوقف ليسمع ويرى ويراقب.
- يعيش الكاتب مع المجموع، وغريباً عنهم في آن واحد.
- الكاتب البارع مبتكر عبقري للعلاقات واكتشافها.
- الكاتب يرى أشياء لا يراها الإنسان العادي، ويكتب عن الأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة.
- للكاتب بذرة الموهبة، وجمهرة الكلمات، وقوافل الكتب والفهارس والمعاجم والقواميس. للكاتب الأمثال والحكم، والموروث الشعبي ولحظات التأمل، وساعات البحث، وتلك الوخزة المقدسة التي لا تهدأ إلا بإبداع، ويسمونها حرقة الروح ويطلق عليها ابن الأثير: “الطبع القابل لمعرفة التأليف”.
- “صنعة” الكتابة تجود بالتعليم والصقل، و “فن” الكتابة هبة طبيعية غير مكتسبة.
- الكاتب راصد كبير، له أربع عيون، وأنف ضخم، وأذن ثالثة، وحاسة سادسة، وإهاب سميك، ولا بأس على الكاتب إن احتفظ بلسان واحد؛ فقد لا يحتاجه إلا للضرورة القصوى.
- للكاتب عشق الكلمات حد الهيام والوله، وولع غريب بتفكيكها وإعادة تركيبها، فالكلمات لعبة الكاتب المفضلة.
- للكاتب الكتب؛ فما من كاتب مجيد قديم أو معاصر إلا وكانت الكتب زاده وفاكهته وضوء ليله.
- مدارس تعليم الكتابة تحرض الكاتب-باستمرار-على أن يكون رقيباً على كتاباته وناقداً لنفسه، وتؤكد على ضرورة توافر القدر الوافي من الثقة بالنفس؛ بما يمكن الكاتب من عرض كوامنه وأفكاره على ملأ من الناس خلال ما يكتب.
- الكاتب الجيد قارئ جيد، ولابد قبل الشروع في كتابة أول كلمة من تيقن الكاتب أنه قرأ ما فيه الكفاية، فمن أدوات الكاتب: القراءة!
- الكاتب الجيد هو ذاك الذي يجيد الإصغاء لكل من وما حوله بجوارحه جميعاً.
- كلما توغل الكاتب في غياهب الإصغاء كانت أدعى لثراء حسه وغنى ذائقته.
- الكاتب الحقيقي خصب الخيال؛ فكاتب بلا خيال ليس بكاتب.
- الخبرة خميرة أساسية للكاتب، ويجب أن يتحلى بالصبر والروية وبعد النظر.
- الكاتب فضولي بطبعه، شديد الرغبة في التحري وحب الاستطلاع.
- الكاتب المبدع ضنين باسمه أن يهان أو يستهان به.
- يفكر الكاتب بالقراء أكثر من تفكيره بنفسه، ويكتب كأنه مقبل على امتحان صعب، والممتحنون لجنة من العباقرة.
- لا تتعال على القارئ، ولا تستغفله أو تخدعه بمعلومة خاطئة، أو رأي مضلل، واعرف قدر قرائك.
- أنزل القارئ مكاناً عالياً، وهذا يعني حسبان حسابه في كل خطوة بدءاً باختيار الموضوع وانتهاءً بنشره، ولا يعني ذلك استرضاءه الفج.
- يستهين الكاتب بنفسه حين يستهين بالقارئ.
- قليل من الأنانية واجبة؛ للاختلاء والعزلة والحصول على وقت.
- الكاتب المبدع قلق عديم الرضا الكامل عن إنتاجه.
- حاجة الكاتب للكتابة كحاجة الإنسان العادي للشهيق والزفير، وهي علاوة على ذلك تسبيحة الكاتب وملاذه، وسلوته وسلوانه ورياضته المفضلة.
- نحن نكتب لنشر أفكار أو تعميم فائدة أو كشف مظلمة، نكتب للتحدي.
- لنجعل من فعل الكتابة متعة للقراء وزهواً.
- بعضهم لا يترك لخواطره فرصة الإفلات؛ حتى لو كان في الحمام.
- لكل كاتب وقته المفضل، ومكانه المفضل، وطريقته المفضلة.
- استجب لدواعي الوخزة الكتابية حين تواتيك ولا تؤخرها.
- إن قلم الكاتب ليصدأ، وماء بركته يأسن، لو ترك المواظبة على الكتابة ردحاً من الزمن.
- يحتاج الكاتب إلى موضوع شيق، ممتع ساخن، حي، يهمّ القراء.
- الكاتب الناجح هو الذي يختار الموضوع الساخن، ويتناوله من الزاوية التي تهم الآخرين.
- بإمكان الكاتب بقليل من المعرفة، وكثير من المهارة، أن يحوّل أي موضوع مهما كان تافهاً لموضوع قيم، جدير بالقراءة والمتابعة والاهتمام.
- لابد من الإلمام ببعض جوانب الموضوع إن لم يكن كلها، من خلال التقصي والاستطلاع، أو التكليف بجمع المعلومات، فلا تكتب عما لا تعرف!
- يجب أن يقترن سعيك للكتابة بالرغبة الجادة في النمو وتسعير جذوة الخيال، وتطوير عادة الإصغاء وتصعيد قوة الملاحظة.
- خصص دفتراً صغيراً، واصحبه معك دائماً، وسجل فيه ما يعنّ على بالك من خواطر وخلجات وأفكار وأحلام واجعله بجوارك، وتعين الهواتف الذكية الكاتب كثيراً.
- في دفترك-أو جهازك-هذا جليل الفائدة، سيما وأنت تعتزم احتراف الكتابة.
- الكتاب-عادة-عشاق من النظرة الأولى.
- الكتابة نشاط منفرد. ووحدانية الكاتب شر-أو خير-لا بد منه. فلا أحد قادر على مشاركتك التأمل أو لحظات الاستغراق أو اقتسام الهواجس.
- المسؤولية الأخيرة في نهاية المطاف هي مسؤوليتك عما تكتب.
- أكثر مدارس تعليم الكتابة شيوعاً ثلاثة:
- الأولى: اجلس للكتابة حتى وأنت خالي الوفاض والذهن مما ستكتب.
- الثانية: سلوك طريق القراءة.
- الثالثة: الاستجابة السريعة لداعي الحاجة للكتابة.
- نصائح الكاتبة الأمريكية دورثي براند للكاتب:
- اكتب كل يوم.
- ابدأ بطرح كلمات وسترى أنك تواصل بجملة، ثم عدة جمل؛ فمقطع تعقبه مقاطع.
- خصص ربع ساعة في اليوم للكتابة، انتزعها انتزاعاً.
- اكتب أي شيء، مهم أو غير مهم.
- اكتب مهما بدا الأمر تافها.
- يشبهون جلوس الكاتب لممارسة الكتابة اليومية، بتمارين الإحماء للرياضي قبل المباراة.
- الكتابة كتمارين الإحماء، كلما زيدت ساعات التدريب، كانت النتائج أفضل.
- عندما تختلي بنفسك لممارسة الكتابة، خفف من غلواء سيطرة عقلك الواعي-سيما للمبتدئين-.
- نحن نتعلم الكتابة بممارسة الكتابة قبل أي شيء آخر، نتعلم الكتابة بالتطبيق.
- للفكرة الأولى في العمل الكتابي طاقة غريبة، إنها القدحة الأولى من شرارات الدماغ.
- لابد أن تكون مسكوناً بالرغبة في الكتابة، أو فليدعها.
- أهم أدوات الكاتب الناجح: الموهبة، النظرة الثاقبة، الحس المرهف، الذهن المتوقد، سرعة الخاطر، الثقة بالنفس، والقدرة على التعبير.
- ليس الكاتب إلا ابن فكرة وربيب كتاب.
- الكتابة عملية معقدة، إنها عدة عمليات في واحدة.
- الكتابة نزعة دائمة نحو الجمال والكمال.
- أجلُّ مهمات الكتابة المبدعة التواصل الإنساني والحضاري بين الأفراد والأمم والشعوب.
- إذا ما ركب الله في الإنسان الطبع القابل لمعرفة تأليف الكلام، عندئذ يحتاج المرء إلى تحصيل الآلات التي يُخرج بها ما في القوة إلى العمل.
- الكاتب المجيد لا يبقى أسير الكتب، انه ابن الحياة.
- يحتاج الكاتب إلى التشبث بكل فن، والنظر في كل علم.
- “صبح الأعشى في كتابة الإنشا” هي أضخم موسوعة تراثية حول الكتابة التي عرَّفها القلقشندي: إنها صناعة روحانية تظهر بآلة جثمانية.
- جمالية النص تكون بالتناغم بين الأشياء.
- الإيجاز هو إيضاح المعنى بأقل ما يمكن من الألفاظ، وهو أقل أنواع التأليف استعمالاً بين أرباب صناعة الكلام، وإذا لم تحسن صناعته كان مشيناً ومخلاً.
- إن الكلمات كالبشر، لها قدرة على الضم والعناق والحب أيضاً، وبعضها يتنافر.
- صنعة الكاتب المبدع هي التي تبعث الروح في الكلمة الميتة.
- على الكاتب الاحتراز من استعمال الكلمات الوحشية والمتقعرة.
- ينبغي للكاتب: إيراد الكلمة على أقل قدر من الأوزان تركيباً.
- علاقة اللفظ بالمعنى علاقة لثم وضم وعناق، وبدون هذه الأواصر الحميمة لا تستقيم بلاغة ولا ينجلي بيان.
- النصيحة الذهبية: اجعل القاموس صديقك، وبعض اللغويين أوصى بجعل القاموس المحيط عند الوسادة!
- الأسلوب هو أنت، فلا تقلد أحداً مهما أعجبك.
- الويل لكاتب من قارئ يلقي بالكتاب بعد قراءة الصفحة الأولى.
- ليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك، فلا خير في كتاب لا يدل على معناك ولا يشير لمغزاك. ابن المقفع.
- ينبغي للمتكلم-الكاتب-أن يتأنق في ثلاثة مواضع من كلامه: الابتداء، والتخلص، والانتهاء. القزويني.
- إذا كان أول الكلام مفتاحاً، وجب أن يكون آخره قفلاً له.
- إن تحديد الفئة أو الشريحة التي يتوجه إليها الكاتب تعد الخطوة الأولى نحو درجات سلم النجاح.
- حدد الحقل الذي يستهويك، لتحرثه وتضع بذارك في تربته؛ لتينع أزهاره.
- ضع قائمة بما تحتاج إليه من مواد لإنجاز العمل.
- الدقة والأمانة الأدبية مطلوبة في صناعة تأليف الكلام.
- تسمية الأشياء في الأعمال الكتابية تمنحها دفقاً مضاعفاً، فلا تقل صحن فاكهة بل حدد، وإذا كتبت عن مدينة فقارن مساحتها بمساحة مدينة أخرى، ودع شخصياتك الروائية تحيا.
- من النصائح الذهبية التي يوردها الكاتب الإنجليزي” شارلز ريدر”: دع القراء يضحكون، دعهم يبكون، دعهم يتصببون عرقاً من خوف أو لهفة، اتركهم دائماً على انتظار.
- خلِّ الحكم بيد القارئ، لا تسلم له مفاتيح العمل وأقفاله. اتركه يبحث عن المفاتيح ويجربها على الأقفال.
- كل كاتب يحاول أن يشرح لماذا كتب هذا، ولم يكتب ذاك، إنما هو كاتب فاشل، علاوة على أنه يجرح ذكاء قارئه.
- كل كلمة ينبغي أن يحسب لها حساب في السياق العام للعمل الأدبي، وأن يكون لها هدف تسعى لبلوغه.
- كتابة السيرة الذاتية تتطلب إلى جانب الملكة الذهنية، والقدرة على التأليف، تتطلب شجاعة لا حدود لها لا يملكها إلا القلة من الناس.
- تنصح مدارس تعليم الكتابة الذين تسكنهم رغبة ملحة في أن يصبحوا كتاباً يشار إليهم بالبنان، تنصحهم بأن يبدؤوا بكتابة سيرتهم الذاتية.
- معظم كبار الكتّاب-في الشرق والغرب-بدؤوا أو واصلوا الكتابة في المطبوعات الدورية الصحفية، قبل أو بعد الانصراف لتأليف الكتب.
- اليقظة، والذاكرة الحية، والفكر الخلاق، والضمير الواعي، ونزعة الطفل المشاكس التي لا تكف عن السؤال، ولا تكتفي بإجابة ولا يقنعها جواب، هذه سمات الصحفي إضافة إلى الصفات العامة الواجبة الحضور في الكاتب الأديب والكاتب الباحث.
- ثمة قول ينسب لأرسطو استخدمه الكاتب الإنكليزي كبلنغ رايام، في كتابه الواسع الانتشار: الكتابة للمتعة والفائدة. يقول، إني أسخّر خمسة من المخلصين في أي عمل صحفي أقوم به، هؤلاء الخمسة هم أساتذتي: ماذا ولماذا ومتى وأين وكيف؟
- كل شيء في الوجود أرضاً وسماوات ومجرات يستحق الكتابة إذا عرف الكاتب من أين يبدأ وإلى أين ينتهي.
- قلة قليلة من الكتاب، ممن حباهم الله بموهبة الكتابة دونما شطب أو محو، دون حذف أو إضافة، دون تعديل أو تغيير، دون تنقيح!! وليس هذا مطلوباً لكل كاتب، فالمراجعة فن ضروري.
- شروط العنوان دلالته على المضمون، وأن يكون واضحاً ومفهوماً، مرتباً على الذاكرة ليسهل حفظه أو تذكره، عميقاً وواضحاً في آن واحد.
- اختيار العنوان فن من الفنون الجميلة.
- كاتب بريطاني-ميشيل ليغات-يقرأ ما كتبه أربع مرات قبل تسليمه للناشر.
- تجربة الفجوة: ترك الكتاب فترة ثم العودة إليه كقارئ أولاً وناقد ثانياً.
- الكتابة اختمار، تربة مسمدة، وأجود أنواع الأسمدة وأثراها ما اكتظ بمختلف المواد، وتآلف بالعناصر اللازمة للإنماء.
- لابد للكاتب من التغيير، فالتغيير من ضرورات التجدد.
- حينما يشغل الكاتب خلال فترة الكتابة شاغل خلاف الرغبة في الإبداع وتوخي الكمال تكون النتيجة زائفة.
- لابد من تعلم فن القراءة ببطء.
- الخيال لا يرتوي ولا يشبع، وغالباً ما يكون أكثر خصوبة.
- قيمة الكتابة أن تترك أثراً لدى المتلقي.
- اختر اللفظة التي تدل على معناها دون حشو.
- المقاطع الطويلة تصيب القارئ بالتعب والإنهاك.
- السفر خير معين للكاتب.
- التفاصيل الصغيرة عبء ثقيل على القارئ.
- لا تستعجل نشر كتابك الأول.
- الكتابة للعامة تلقى رواجاً أكثر من الكتب الموضوعة للخاصة.
- ابحث عمن يكونون قراءك، واكتب لهم.
- كن ناقدا لما تقرأ.
- المعاني مطروحة في الطريق يعرفها كل أحد، إنما الشأن في الوزن والسبك.
- لا يكن هوسك بالألفاظ وطبيعتها، أكثر من هوسك بالدلالة.
- إذا كنت ممن حباهم الله تلك الوخزة المقدسة، فستجد أن الأفكار تتزاحم حول رأسك، وتتقافز كالنحل، ولذا اصطحب دفتراً صغيراً معك أو دون أفكارك في الأجهزة الذكية، واستخدم خاصية التخزين السحابي.
- هناك دائماً موضوع جديد يمكن الكتابة عنه.
ومع أهمية هذه النصائح، وقيمة بعضها العالية جداً، إلا أنها لا تغني عن برامج عملية للتدريب على الكتابة، تستهدف الطلاب والطالبات في المرحلتين الثانوية والجامعية، على أن تكون البرامج عملية، ويخرج المشارك منها بتقنيات كتابية، وأدوات معينة على فعل الكتابة الجيدة والمبدعة، وليس مجرد معلومات يمكن الحصول عليها من عدة طرق، وتزداد أهمية هذا الأمر مع تعدد القنوات التي تتيح الكتابة، وولوج هذا العالم من كل التيارات والتوجهات للمنافسة الفكرية والثقافية، وما أجمل أن يكون الكاتب في عبادة وهو يؤدي هذه العملية اللذيذة الشاقة بإتقان واحتساب!
أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرِّياض
الإثنين 23 من شهرِ ذي القعدة عام 1436
07 من سبتمبر 2015 م
One Comment