إدارة وتربية مواسم ومجتمع

محاسن الجمعيات!

خرجت قبل قليل من حفل أسري بهيج، فرأيت سيارات تتبع لجمعية خيرية معنية بحفظ النعمة. أشار إليها شاب بجواري قائلًا: جزاهم الله خيرًا. قلت له: سأكتب هذه الليلة كلمة عنهم وسوف تأتيك؛ لأني -عادة- أرسل ما كتبته لمن استثار الفكرة لدي، أو سألني عنها، أو سألته عن شيء يرتبط بمادة المكتوب، ونادرًا ما أرسله لغير هؤلاء، إلّا في أحوال خاصة، ومحدودة.

المهم: هنا سؤال مختصر، وإجابته سترد في نقاط لا تخلو من تلخيص متى اتضحت الفكرة. أما السؤال فهو: ما هي الفوائد التي تعود على الفرد، والأسرة، والمجتمع، والحكومة، في الحال والمآل، مباشرة أو بواسطة، من جمعيات حفظ النعمة على اختلاف أسمائها، وأيًا كان مكانها؟

هنا جواب مفصل عن هذا السؤال، مع التأكيد على أنها لا تخصّ هذه الجمعيات وحدها، وتزيد أو تنقص بحسب عوامل داخلية وخارجية، وتصح في أي بلد ومجتمع. فمن فوائد جمعيات حفظ النعمة:

  1. تطفئ هذه الجمعيات غضب الرب القوي الجليل؛ فالسرف، وجوع بعض الخلق، يغضبان مولانا العزيز.
  2. تزيد من الأمن والسكينة؛ فلن يخرج إنسان من بيته بسبب جوع أدركه أو ضرب عائلته، فيضطر لاعتداء، أو سطو وسرقة؛ لأنه ينتظر ما يسد الجوع من هذه الجمعيات المباركة.
  3. مقاومة شيء من بلاء الإسراف الذي لم يستطع غالب الناس الخلاص منه بسبب سوء التقدير، أو المضاهاة، أو خشية الرمي بالبخل.
  4. علاج جزء من مشكلة الجوع بسبب الفقر، أو المسكنة، أو فقد العائل، أو غلاء الأسعار، أو غيرها، وكم من جائع يتضور يجاوره متخم يبشم.
  5. رفع مستوى الصحة العامة؛ لأن سوء التغذية يقود للمرض، وكثرة الأمراض تهوي بمستوى الصحة العامة، وتؤدي لانتشار العدوى.
  6. تحافظ على البيئة؛ لأن وجود مؤسسات على أهبة الاستعداد لحفظ الأطعمة تحول دون رميها المهين، وهو مع كونه كفران نعمة لا يرضاه الله، فإنه يضر بالبيئة، إذ تزداد بمخلفات الولائم الحشرات والروائح والأوساخ.
  7. تعين على النظافة؛ إذ يتفرغ عمال النظافة للمهملات التي تستحق الرمي، ولا ينشغلون بهذه الكميات المتراكمة من الأطعمة.
  8. تطمئِن أصحاب الولائم إلى مآل الأطعمة التي سيصرفون عليها الأموال خاصة مع كثرة الكمية، وندرة بقاء الضيوف إلى وقت الطعام، وقلة الإقبال على الأكل.
  9. رتق مساحة من الهوة بين طبقات المجتمع، وتقليل حنق الفقراء على المترفين.
  10. تقليل البطالة بزيادة عدد العاملين بعقد دائم أو مؤقت، وتحريك التجارة فيما تستخدمه هذه الجمعيات من وسائل ومواد.
  11. إمداد الباحثين والدارسين بمجموعة من البيانات الدقيقة كمًا وكيفًا مما يفيد في ترشيد الولائم ومعالجة الخلل المجتمعي فيها، وتقليل الهدر المؤلم للأطعمة.
  12. زيادة السعادة المجتمعية، ورفع مستوى جودة الحياة، فيتذوق الكافة أطعمة لا يحلمون بها، وتصرف الأسر المتعففة دخلها القليل على شؤون أخرى من السكن واللباس والتعليم وغيرها.
  13. تؤدي فروض الكفاية عن الآخرين، وتفتح أبوابًا للتطوع والجود بالمال والجهد والفكر.

سأكرر: هذه الفوائد تشترك فيها مؤسسات متنوعة من القطاعات كافة. كما أن هذه الآثار الحميدة يمكن أن نجدها لدى مؤسسات العلاج، والإسكان، وحفظ القرآن، والإعانة على الزواج، والثقافة، وغيرها. غاية المراد أن يفرح المرء بكثرة المؤسسات والجمعيات التي تخدم المجتمع، وتصنع المعروف، وتفعل الخير الذي لا تُعدم جوازيه المادية والمعنوية. غاية المراد أن يساند القادر هذه الجمعيات والمؤسسات ما وسعه الجهد ولو بدعوة صالحة، أو رأي مبارك، أو ذبٍّ حقيقي، هذا غير العون الأكبر، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا. غاية المراد أن ينظر الناس بإجلال للعمل المجتمعي والخيري والتطوعي، ويحيطوا علمًا بطرف من مآثره ومفاخره، ويثقوا بأن أي قصور فهو عرضي زائل بالإصلاح والحوكمة. غاية المراد أن يؤمن الناس بأن هذا العمل الطيب عمل رابح رابح وإن سمي بأنه عمل غير ربحي!

البُّصر-بريدة-القصيم

ahmalassaf 

الجمعة ليلة السبت 21 من شهرِ جمادى الأولى عام 1446

23 من شهر نوفمبر عام 2024م

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

X (Twitter)