الكتابة بلغة القانون
عنوان هذا البحث القصير: اللغة القانونية وتطبيقاتها العربية، كتبه عادل الشيخ عبدالله أحمد، الأستاذ في جامعة السلطان شريف بسلطنة بروناي دار السلام، ونشر في المجلد الثالث العدد الثاني من المجلة الإندونيسية للدراسات العربية، في شهر نوفمبر عام (2021م)، ويقع في (22) صفحة. وهو بحث سلس ليس فيه عمق، لكنه على أيّ حال لا يخلو من فائدة، ولعلّ تراكم مثل هذه المقالات والبحوث أن تؤدي للمرتجى في باب لغة القانون والكتابة القانونية، ومما استللته من فوائده:
- هذا النوع من الأبحاث مما تراخى في مجال الدرس العربي.
- لا يمكن أن يحقق القانون وظيفته إلّا إذا خاطب المجتمع بلغته.
- المنطق وسيلة إقناع قانونية مهمة، وأهم وسيلة للمنطق هي اللغة السليمة.
- قال ابن فارس: “من قصر علمه في اللغة غولط فغلط”.
- اللغة القانونية لغة خاصة ومرتبطة بطبقة اجتماعية أو مهنة معينة في المجتمع.
- لغة القانون مثل الأشعة السينية للطبيب؛ إذ يرى القانوني من خلالها مالا يراه غيره تمامًا مثل الطبيب مع ما يشاهده بواسطة الأشعة.
- يتدرب القانوني على أن يرى ويسمع ما لا يشاركه فيه غيره من الناس.
- سوف تتعلم لغة جديدة عندما تدرس القانون لكنها في الواقع لغة أكثر تعقيدًا.
- تكمن جدوى اللغة القانونية في التعبير عن الحقائق القانونية بلغة مطابقة للإرادة، ومن ثم تفسير النصوص طبقًا لهذه الإرادة.
- يصعب فهم لغة القانون على القارئ العادي، ولذا يقال تندرًا: إن قرأت ما لا يفهم فتوقع أن كاتبها محامي!
- يبدو أن المحامين قد طوروا بعض المراوغات اللغوية التي لها وظيفة تواصلية، ويعملون من خلالها لتمييزهم ضمن الأسرة القانونية.
- من الصعب على المحامين التخلي عن لغتهم المميزة مادام أن الآخرين يعتمدون عليهم لإنشاء النصوص القانونية.
- من خصائص اللغة القانونية:
- طول الجملة القانونية.
- التباعد بين أجزاء الجملة.
- حضور العبارات المقيدة بإفراط.
- ازدحام الجملة بتفصيل تجعل من الصعب اختراقها.
- استخدام صيغة المبني للمعلوم.
- ظهور العبارات المتلاصقة لإضفاء مزيد من الإيضاح.
- استعمال قدر كبير من النفي بأدواته.
- تمتاز اللغة القانونية بأنها لغة معيارية وإنجازية وتقنية، فهي معيارية لأنها تستند على معيار داخل المجتمع وتستخدم الأسلوب المباشر الواضح، وإنجازية لأنها تتحدث عن تنفيذ الإجراء، وتقنية لأن دقتها متناهية.
- من قواعد الكتابة القانونية:
- الاعتناء بالقواعد اللغوية وعلامات الترقيم.
- استخدام لغة تتصف بالسلامة والسلاسة والوضوح والدقة والقطعية وبعيدة عن التكلف والغموض.
- يجب ألّا تكون المفردات قابلة لأكثر من تأويل وألّا تحتمل التراكيب أكثر من وجه تفسير.
- الالتزام بالإيجاز والوضوح والبعد عن الإطناب.
- الابتعاد عن الصور المجازية لأنها مدعاة للتأويل، والتأويل مدعاة لضياع الحقوق.
- يجب على القانوني استعمال الكلمات والعبارات المفيدة المنصبة على الوقائع مع مراعاة الترتيب في التفكير والتعليل.
- أسلوب القانوني ينبغي أن يكون أسلوبًا علميًا متأدبًا وليس أسلوبًا أدبيًا.
- لا بد في الكتابة القانونية من إبراز الحقائق بدقة ووضوح.
- الكتابة القانونية تخاطب العقل لذا يجب دعم الرأي بالأدلة والبراهين.
- تكتسب الكلمة في الوثيقة القانونية معنى يرتبط بالسياق الذي ترد فيه.
- من الضرورة الابتعاد عن استخدام الكلمات التي لها دلالات قديمة لا تناسب العصر.
- من الأهمية توحيد الأسلوب في النص القانوني بإسناد كتابة الوثيقة بصيغتها النهائية لشخص واحد.
- يحسن ضبط الكتابة بالشكل والعلامة الإعرابية منعًا لأي التباس.
- من المناسب تفادي الصيغ الشخصية وضمير المتكلم.
هذا أبرز ما استخلصته من هذه الورقة المختصرة، والحقيقة أن الدرس العربي القانوني يحتاج لإشباع المهارات اللغوية في حقول معرفية عديدة، ويجب أن تحمل عبء هذه المسؤولية الجامعات أولًا، ثمّ مراكز التدريب القانوني والحقوقي والقضائي والتشريعي، وعلى عاتق القانوني قسم غير يسير من هذه المهمة السامية إن في أصل التكوين والاستعداد، أو في التطبيق والتطوير والمطالبة الدائمة بها.
فمن غير اللائق أن يكون المختص بعلوم القانون بعيدًا عن الضبط اللغوي إبان الأداء تحدثًا وكتابة وتحريرًا، وقد حفل تاريخنا المعاصر بعدد من أرباب القانون البارعين بعلوم اللغة وفنون الكتابة، ومن الواجب ألّا تكون هذه الصلة منبتة أو ضعيفة في عصرنا بناء على تداعي أصول التأسيس اللغوي، فاللغة هي سلاح رجل القانون، ولا مفر من حسن التعامل معها، وجمال تقليبها، سواء في عمله القضائي، أو التعليمي، أو الحقوقي، أو التشريعي، ولكل فرع لغته الخاصة، بيد أنهم يجتمعون كتلة واحدة تحت ظلال شجرة كبرى اسمها لغة القانون، وهي شجرة مباركة في أرض لغتنا العربية العريقة المعطاء.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
ليلة الأربعاء 19 من شهرِ رجب عام 1445
31 من شهر يناير عام 2024م