لعبة الأدب يا طارق!
قبيل منتصف ليلة سبت ربيعية حقًا -وليس في التقويم فقط- ونحن على مشارف نهاية شهر مايو/ أيار الذي تشتاق إليه نفوس الورى بما فيه من نسمة حلوة تمامًا مثلما تشتاق لورده طبقًا لرأي المعري، وصلتني رسالة على الواتساب من الصديق المتفنن كتابة وتدريبًا وتقنية طارق بن محمد السلمان، ومع الرسالة ثناء على كتاب مع إلحاق نسخة إلكترونية منه.
وبعد أن اطلعت على النسخة أعجبني الكتاب؛ فأرسلته لقوائم طويلة ممن شاركوا معي في التدريب على الكتابة، ولقلّة من أصدقاء الكتابة، والرسالة الأولى منهما دورية معتادة متباعدة الزمن، وهي مقصورة لزملاء التدريب الكتابي، ولا تستلزم منهم ردًا ولا تفاعلًا، وإنما غايتها تجديد الصلة، واستمرار التعلّم مني قبل أن يكون منهم.
عنوان هذا الكتاب: لعبة الأدب: عباقرة فن الكتابة يشرحون أسرار المهنة، تأليف: فتحي خليل، وهو من منشورات دار الآفاق الجديدة في بيروت، صدرت الطبعة الأولى منه عام 1400=1980م، ويقع في (96) صفحة تحكي تجارب ثمانية كتّاب عالميين مع حرفتهم الروحية العظيمة، وبعضها من أحاديث الكاتب نفسه، وفيها شيء من تحليل المؤلف، وللكتاب مقدمة لافتة، وخاتمة آسرة، ويجتمع في النص الاختصار، والوضوح، وأثر التجربة، وهو جدير بالقراءة.
المهم أني بعد قراءة الكتاب، استللت منه أهم الفوائد الكتابية، وبعضها سبق نقل نصه أو معناه في مقال آخر، ومع ذلك فلا بأس من التذكير به، مواصلًة لمشروع عرض الكتب الخاصة بالكتابة، إذ الهدف المبتغى الوصول إلى قدر من تجويد الكتابة، فهذه الأحاديث كما يقول المؤلف زاد للأديب الناشئ؛ لأنها إجابات مباشرة عن أسئلته الحائرة، من منابع أصيلة، عادت من محاريب الفن تحكي أسرار رحلتها، وهي أسئلة تشغل بال الأدباء خبيرهم وناشئهم، ونوع من وصايا المحترفين حول لعبة الأدب الخالدة؛ فمنها:
أولًا: من سارويان إلى كاتب ناشئ
- حسنة النثر الأولى أن يكون واضحًا وسلسًا.
- طريقة التعبير عن شعور معقد هي التعرض له بتؤدة.
- عليك ألّا تعبّر عما لا يمكن التعبير عنه بنثر سهل.
- على الكاتب الجديد أن ينسى بأنه كاتب لم يُنشر له شيء من إنتاجه بعد.
- اترك نثرك ينساب بلا عناء، واترك الكلمات تمضي لموضعها بصورة طبيعية.
- اقرأ مادتك بصوت عالٍ وأنت تكتب وسوف تدرك أيّ نشاز فيها.
- أريدك أن تكتب بأسلوب لم يكتبه غيرك في العالم.
- بين جنبيك لغة خاصة بك وهنا تكمن بدايتك الموفقة التي لن يوقفك بعدها شيء.
- كن كريمًا نحو الفكرة واخدمها.
- خالط الآخرين ولكن كن وحيدًا مرهف الملاحظة.
- احرص على أن تنعم بهدوء داخلي، وأن تتأمل كل الأحياء بعين صافية.
- يكفيك أن تكتب قصة عظيمة واحدة كي تتوقف عن كتابة القصص التافهة.
- إذا وجد ما يمكن أن يمنعك عن الكتابة فأنت لست كاتبًا!
ثانيًا: محاضرات إدوارد.م.فورستر عن الرواية وقد ألقاها المؤلف بجامعة كمبردج ونشرت كما هي دون تعديل
- الحكاية هي العمود الفقري للرواية، وهي ماء الحياة بالنسبة لأيّ رواية.
- شهرزاد روائية عظيمة وضعت يدها على القانون الأساسي لفنها، وهو ترك الملك شغوفًا معلّقًا بمعرفة ما سيحدث؛ فالشغف بالحكاية جبلّة بشرية؛ فالحكاية الناجحة تجعل السامع منتظرًا معرفة ما حدث.
- ينبغي أن نعطي الحكاية الإحساس بالزمن؛ فهو حجر الزاوية في أيّ رواية، وفقد أثر الزمن في الرواية خطأ فاحش.
- أي محاولة للتحايل على الزمن هي محاولة مضادة للجذور ولجوهر الرواية الأساسي.
- ينبغي أن يكون للروائي صوت يسمعنا به، ويجعلنا ننتقل من قراء إلى مستمعين.
ثالثًا: نصائح إلى الأديب من إليكسي تولستوي
- كل عمل فني هو وليد الحاجة والرغبة في صنع شيء.
- الفن هو خبرة الحياة الشخصية.
- تجربة الكتابة تواجهها دائمًا عقبات يجب حلها.
- لا يوجد أديب يفيض قلمه بسهولة دون متاعب.
- الكتابة صعبة، وكلما كانت صعبة جاءت نتائجها طيبة.
- إذا قابلتك في الكتابة مشكلة فنية فاختر الحل الذي يعجبك أنت، وتنجذب إليه.
- إذا كتبت بدون حماسة أو وأنت في حال ضيق فإنك تسير في الطريق الخطأ، يجب أن تحلّق وأنت تكتب وتستخدم أجنحتك لتطير!
- على الكاتب أن يكتب بحماسة تفوق حماسة القارئ للقراءة.
- بعد كتابي الأول حاولت أن أعثر على نغمة وعلى أسلوب، حاولت أن ألاحظ الحياة.
- بدايتي الحقيقية عندما أصبحت وسط الأحداث الكثيفة وليس مجرد مشاهد ينظر من النافذة.
- العمل الفني ثنائي المفعول؛ فالأديب ينمو مع فنه، وأدبه ينمو مع الناس الذين يصورهم.
- أهم أداة للأديب هي اللغة التي يتكلمها الناس.
- يمكن تعلّم لغة الناس والشعب من الحكايات الشعبية والأغاني والنصوص القديمة مع الإصغاء إليها من الحياة نفسها، وبعدها سوف تكتشف أسرار اللغة.
- يقول أدباء فرنسا: إن الفكرة تجد التعبير عنها في عبارة واحدة دون غيرها وينبغي الوصول إلى هذه العبارة.
- على الأديب أن يكافح ليصل إلى عبارة متفردة مصقولة حتى يصل إلى لغة من لؤلؤ!
- كلام الإنسان هو خلاصة عملية روحية وجسدية معقدة تجري بلا نهاية في عقل الإنسان وبدنه.
- على قدر وضوح رؤية الفنان لما يصفه يكون نقاء العبارة التي يستخدمها وصفاؤها.
- الفن لا يحتمل الغموض والتشوية وانعدام اليقين.
- هذا قانون مهم للأديب: عليه أن يبدع أعمالًا عن طريق الرؤية الداخلية للموضوعات التي يصفها.
- الطريق كي يطور الأديب قدرته على هذه الرؤية الداخلية هو ملاحظة الحياة من حوله، والاختلاط بالناس، والتفكير والقراءة، وأهم من ذلك المشاركة في بناء الحياة نفسها.
- على الأديب أن ينمي في نفسه عادة الملاحظة وألّا يتوقف عن ممارستها.
- في العمل الفني أسرار شخصية لا يجوز التحدث عنها مثل أسرار ليلة الزواج!
- أعتقد أن أهم مسائل الإبداع لم تكتب بعد، وحتى يصل العلم إلى تحليل دقيق لهذه العملية؛ فكل تفسير لها يشبه اصطياد الهواء بشبكة.
رابعًا: سومرست موم والأسلوب
- النثر الجيد مثل ملابس الرجل الأنيق، جيدة في غير بهرجة.
- الكتابة بالنسبة لي عملية طبيعية مثل التنفس، ولذلك لم أتوقف لأرى هل أسلوبي جيد أم ردئ.
- لم أكتشف إلّا بعد سنوات أن الكتابة فن جميل يحتاج إلى جهد شاق ليصل الكاتب إلى درجة الإتقان.
- أدركت أن أسلوبي في الكتابة المعتمد على قراءة كتب الأدب فقط لا يتفق وميولي.
- لاحظت أن بعض الكتّاب يستعمل أول كلمة تطرأ على باله وهو خال تمامًا من محاولة إدهاش القارئ؛ وغالبًا تكون هي الكلمة المناسبة؛ لأن ذهن ذلكم الكاتب منطقي ودقيق.
- قررت أن أكتب بلا تزويق وبأسلوب سهل قريب وعلى طبيعتي.
- ندمت لأني لم أعلم مبكرًا عن ميزة الإيقاع الموسيقي الجميل في النثر.
- دأبت على حذف الكلمات الزائدة، ولم تتوقف محاولاتي لتحسين أسلوبي.
- من المهم أن يكون لدى الكاتب قدرة على الملاحظة الدقيقة ورؤية جوانب يغفل غيره عن رؤيتها.
- استهدفت بكتابتي حسب الترتيب: الأهمية، والوضوح، السهولة، حسن الجرس في الكلمة، وموسيقى العبارة.
- لا أطيق الكاتب الذي يطالب القارئ ببذل الجهد لفهم معاني كلماته.
- الذي يكتب بغموض هو واحد من ثلاثة: لم يتعب نفسه في الكتابة بجلاء، أو ليس واثقًا من المعنى الذي يريد التعبير عنه، أو أن فكرته مضطربة.
- لا يجوز تفضيل الموسيقى على الوضوح، ولو وضعت كل واحدة منهما في كفة؛ فيجب أن تضحي بالموسيقى.
- يجب أن يكون الكاتب أشد إحساسًا بالملل من القارئ ويدرك الملل قبل وصول النص للقارئ.
- الأسلوب الجيد هو الذي تبدو فيه الكتابة ماتعة للكاتب نفسه.
- على الكاتب أن يكتب باللغة السائدة في عصره؛ لأن اللغة كائن حي ينبض بالحياة. ( طبعًا لا يقصد الكتابة بالعامية، ولو كان يقصدها فرأيه مردود عليه).
خامسًا: كالدويل: أديب بالليل حطاب بالنهار
- كتب “أرسكين كالدويل” قصة حياته استجابة للمعجبين به من أدباء أمريكا الشبان، وصدرت بعنوان: اسمها تجربة.
- لم تكن ساعات الليل والنهار تروي ظماه للكتابة!
- كانت الحياة هي المعلم له والمنهل بدون توجيه من أحد أو تشجيع.
- عمل في مهن كثيرة وأجرته هي التدريب على الكتابة، أو بعض الكتب، أو الفرجة ومشاهدة الناس والحياة والفقراء مما أثرى مخزونه الفكري واللغوي، وأعانه على الكتابة الروائية والقصصية.
- ما أكثر ما رُفضت محاولاته الكتابية، أو نشرت مختصرة جدًا، وأول عمل طبع له شتمه عليه أغلب النقاد! وفيما بعد أصبح من أوسع كتّاب القصة انتشارًا في العالم.
- كانت الكتابة بالنسبة له كالماء للظمآن يتلوى إذا لم يمارسها.
- حتى يكتب لا بد أن يتجول؛ فالسكون هو الموت في تجربته الكتابية.
- ليس هناك أستاذ شريف يمنحك وعدًا بأن يجعل منك كاتبًا، ولكن بعد التجربة الشخصية تفيدك التوجيهات.
- في العمل الصحفي تدريب مستمر على الكتابة، ويوجِد عادة كتابية يومية، ويحول دون انتظار الوحي للكتابة!
- أجلس أحيانًا أمام مكتبي يوم عمل كامل دون أن أخط حرفًا واحدًا!
- في آخر النهار تكون سلة مهملاتي مليئة بالورق، وبعض القصص أعدت كتابتها عشر مرات وأكثر.
- لا تستعمل كلمة طويلة تغني عنها كلمة أقصر منها، ولا تستخدم كلمة تحتاج إلى قاموس يشرحها.
- أهم الخطوات لتعلّم الكتابة هي:
- تعلّم معنى الكلمات وطرق استعمالها.
- تعلّم كيف تصوغ الجملة لتعبر عن الفكر.
- أن يكون لديك شيء له قيمة قبل أن تبدأ الكتابة.
- تعلّم كيف تستعمل قوة التأثير لإيجاد انفعالات دائمة في ذهن القارئ.
- نصيحتي للكاتب الناشئ أن يمر بمرحلة تمرين مثل غيره من أرباب المهن.
سادسًا: موهبة الفنان كما يراها تشيكوف
- أنا أهتم اهتمامًا خاصًا بمسألة الموهبة الفنية وتنميتها وديمومتها لدى الفنانين من طبقات الفقراء.
- مسألة الموهبة عند تشيكوف معركة يومية تنتهي بالموت، كما قال جوته: الذي يستحق موهبته هو الذي يقاتل من أجلها كل يوم.
- تقتضي الموهبة الناضجة من الفنان تقويمًا فكريًا وخلقيًا.
- على الفنان أن يبتعد عن أيّ أثر للهمجية سواء في الفكر أو في السلوك.
- على الفنان أن يكون ذا علاقة وطيدة بأعماقه.
- الموهبة هي الشجاعة؛ لأن الجبن لا ينتج فنًا.
- الفنان الحق هو إنسان مهذب متحضر يكره الكذب كما يكره الطاعون.
- من أجل موهبته يضحي الفنان بالأمن الشخصي والحب والخمر حتى لا يفقد انتباهه ( مع ملاحظة أن الخمر محرمة وتركها عبادة، والحب ملهم للفنان، والأمن مطلب؛ لكن فكرة التركيز مهمة).
- الموهبة تضم بين عناصرها الإحساس بالالتزام نحو الناس ونحو قضية الثقافة والفن في الوطن.
- الموهبة هي الشجاعة واستقلال الرأي وسعة الأفق، وهي الحرية والعمل.
- على الكاتب أن ينمي في نفسه ملكة الملاحظة بلا كلل.
سابعًا: جوركي وتجميل المأساة
- الجمال شيء يصنعه الإنسان من أعماقه.
- يولد الجمال من مكابدة الإنسان في سبيل تأمل الجمال.
- أحاديث مكسيم جوركي عن الكتب دائمة مع الأدباء، ويتحدث عنها وكأنه يتغزل!
- أدين للكتب بكل ما هو طيب في نفسي.
- أنا متيم بالكتب، وكل كتاب عندي هو معجزة، وكاتبه يبدو لي ساحرًا.
- استطاع الإنسان تحويل المآسي إلى أعمال فنية رائعة.
- الأدب هو عملية تجميل للحياة تدفع إلى احتمال هذه الحياة والبحث عن وسائل تجميلها.
ثامنًا: الساحر والفنان آرنست فيشر صاحب كتاب” ضرورة الفن” الذي أثار جدلًا عنيفًا في أوروبا
- يا له من ترفيه سحري غريب، هذا الذي ينشأ من الفن!
- من الواضح أن الإنسان يريد أن يكون أكثر من نفسه، وأن يتمرد كي لا يسجن داخل حدود فرصته العابرة المؤقتة.
- الفن هو الوسيلة الضرورية لاندماج الفرد في الكل.
- على الفنان أن يفهم صنعته ويمتعه أن يمارسها.
- ينبغي أن يكون الفن نتاج تجربة واقعية غنية.
- يتضمن الفن الجوهر البشري الذي يتخطى حدود الزمان والمكان.
- للفن لحظة تاريخية ولحظة بشرية تتجاوز عصر الفنان.
تاسعًا: اللعب بين البراكين كما ختم المؤلف كتابه
- لعبة الأدب ليست سهلة، وليست ملكة توهب بلا عناء، أو أن الأعمال الفنية هبطت بلا مخاض.
- أهدى بلزاك صفحة من مسودة إحدى رواياته لنحات وكتب عليها: ليس النحت مقصورًا على النحات!
- إن عالمية حلبة الأدب قد أضافت عبئًا جديدًا على الذين يدخلونها.
- أصبح على الأديب أن يشقى كي يتميز صوته بين زحام اللاعبين.
- لا مفر أمام الأديب من أن يكون له موقف؛ لأن الأحداث ستطرق بابه ولو لجأ إلى كهف في جبل.
- تحتاج هذه اللعبة إلى مزيد من العرق، وربما من الدم!
- رفض بابلو نيرودا أن يخلع ثوب الشاعر ويرتدي ثوب المهرج فمات قتيلًا مظلومًا.
- إن الأديب مناضل على وجه من الوجوه.
- وقف فيكتور هيجو وراء أحد متاريس ثورة باريس في النهار، وكتب فصول روايته البؤساء بالليل.
- مات الشاعر شيلي في المنفى لأنه رفض الخنوع للزعيم أو التخلي عن مطالب الناس.
- قضى جوناثان سويفت حياته منددًا بوحشية المجتمع الطبقي، وأشعل في قلب فولتير الحرية.
- فقد بلزاك عافيته ليسهر على إدانة المجتمع البرجوازي.
- تعرض فلوبير للمحاكمة لأنه كشف عورة الخسة الرأسمالية.
- أحرق ديكنز شمعة حياته وهو يكتب عن الفقراء.
- حوكم دستوفيسكي بالإعدام ثمّ خفف بالنفي إلى سيبيريا لأنه قرر مكافحة الشر في العالم.
- وزع تولستوي أرضه على الفلاحين لأنه آمن بقضيتهم وكره أن يعيش حياة تماثل حياة من سرقهم.
- ظلّ زولا يكتب مدافعًا عن الفقراء، وعندما مات وجدو على مكتبه ورقة عليها عبارة واحدة هي: يجب أن نعيد بالحق صنع إنسانية أسمى وأسعد.
- إن الأديب يلعب لعبة الأدب بين البراكين، ويمشي على الصخور الحارقة بمتعة اللعبة الخالدة… وهي لعبة الأدب يا طارق ( النداء مني وليس من المؤلف)!
وبعد تلك الرسالة الطارقة بخير من طارق تجتمع فيه سمات جميلة لها جرس مع كنيته الرائعة إذ يُكنى بأبي فارس، جرى بيني وبينه حوار عبر الواتساب عن مثل هذا الكتاب، ولأن الحوار أعجب طارقًا، وإعجابه عندي حجة تحفز على الكتابة؛ فسوف أحرر ذلكم الحوار لاحقًا بإذن الله، وأنشره، وربما أضيف عليه من جنسه، ويكفي من استحثه مكرمة وفضلًا أن كان سببًا له، في ليلة ربيعية فيها قطرات من مطر لم نعتد عليها في إقبال يونيو، وجلسة سمر أسبوعية، ونسمة أجواء قبيل السحر، وكله لعمركم من أحلى الحلا الذي يستقر من فرط لذاذته ليس في العقول فقط، وإنما في الأرواح!
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الأحد 08 من شهرِ ذي القعدة عام 1444
28 من شهر مايو عام 2023م
One Comment
قوة الحضور والتأثير بما تنتقي، تخطفنا دائمًا كاتبنا الرائع من كل لحظاتنا بما تكتب وتقدم وتقول، كانت هذه المقالة بمثابة استدعاء لحميمية لامستني منذ الأمس وحتى هذه اللحظة!
فالكتابة عن الكتابة تضمّ كلماتنا وحروفنا وتجمعنا بشعور يتوهج ويشتعل فتيله دون أن ينطفئ، قرأتها مرارًا وتكرارًا شديدة الوجازة وعميقة الكثافة، جعلتنا من خلالها نطوف حول عالم الكتابة بمتعة شديدة، و استقرت من فرط لذاذتها ليس في العقول فقط، وإنما في الأرواح، في كيانك الكتابي وعلى مر تجربتك المتألقة في الكتابة، كل مرة تبهرنا بما تكتب، تتعمق أصالة مراجعاتك بشكل ساحر، وتزداد مقالاتك حضورًا لا ينفك عنها الإبداع،فهي مغوية مغرية مرّة تتفتح من بين سطورها الأزهار كوردة مايو في ليلة ربيعية ممتلئة بقطرات من مطر، ومرات تكون مقالاتك كنجمة في السديم يقتفي التائهين منها قبس الهدى نحو الكتابة!
كاتبنا القدير،لقد منحتنا الكثير والكثير من المعرفة والمتعة، وجعلتنا ننهل من روافدك بكل سخاء وكرم، مدونة ثقافية عريضة مُصاغة بجاذبية تتكئ على سنوات ممتدة من الخبرة الكتابية، ترضي ذائقتنا القرائية باختلافنا، من المستحيل أن قارئك يخرج منك خالي الوفاض، تنزع عنا رداء المألوفية في عالم المقالات المكتظ بالرتابة والملل، كل الحب والتقدير لهذه المقالة البديعة التي قامت على إرهاف الحواس، وصقل مشاعرنا من جديد نحو الكتابة و تذويب كل الحواجز العالقة في ذواتنا تشفيفا وكشفًا لعشقنا و ولعنا من جديد!