شريعة وقانون عرض كتاب

ثقافة قانونية في خرائط ذهنية

ثقافة قانونية في خرائط ذهنية

أُلقي إليّ هذه الليلة كتاب عظيم في فكرته، وافٍ في مضمونه، لافت في إخراجه، جميل في طباعته، بهي في إطلالته، والفخامة الفنية بادية عليه ومستعلنة فيه. عنوان هذا الكتاب: الخرائط الذهنية للثقافة القانونية: دليلك نحو الثقافة القانونية، إعداد: المستشارة القانونية أسماء بنت عبدالله العجلان، صدرت طبعته الأولى التي بين يدي عام (1440=2019م) عن دار الإجادة للنشر والتوزيع، وعدد صفحاته (159) صفحة مقسمة على أربعة عشر موضوعًا، تتلوها قائمة بالمراجع التي ناهزت الخمسين مرجعًا ما بين أنظمة محلية، وكتب فقهية وقانونية.

جاءت فكرة الكتاب من شغف المؤلفة بالثقافة القانونية، وهو شغف أثمر هذا الكتاب الذي يلبي حبّ المستشارة العجلان لنشر تلك الثقافة وتقريبها؛ فهذا الكتاب ينظر فيه أهل الاختصاص لانعاش الذاكرة واسترجاع المعلومة بسرعة، ويقرؤه غيرهم لتحصيل المعرفة، وفهم القانون والنظام، وإدراك ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات. وفيه إحياء للشعور الفردي والجماعي بالحقوق، وبعث للذهنية القانونية ولو في حدّها الأدنى؛ ذلك أن حسن التصور يقود إلى صواب التقدير، وسديد الرأي في الغالب.

من مزايا هذا الكتاب المفيد أنه منذ المبتدأ وحتى المنتهى قد اكتفى بالخرائط التوضيحية الملونة، فليس فيه إسهاب ينادي على السأم، ولن يكون في مكونات تلك الخرائط البينة من الغموض ما يستدعي الاستغلاق، والضجر من صعوبة وعيها وفقهها. ولو أن كل صاحب علم، أو خبير بفنّ، أو بصير بمهارة، سعى في تهذيبها وتقديمها على طريقة هذه الخرائط وأمثالها من الأعمال التأليفية الأخرى، لكان في ذلكم الصنيع الرشيد من الخيرات ما يبدو أثره في المجتمع وأفراده، وإن الحاجة لتزداد إلحاحًا لهذا المسلك التثقيفي، والمنهج التنويري، في عصرنا الذي يأنس بالإخراج البديع، والتلخيص الكافي، والمعلومة القريب متناولها، اليسير فهمها، ولا يعني هذا هجر الكتابة العميقة، والمتخصصة، بيد أن إغناء أصناف التأليف بالنافع الطيب من أنواعها المختلفة شأن ظاهر الصواب، أكيد المنافع، وهي متاحة لمن شاء وشاء.

كما يظهر من مزايا هذا الكتاب الخرائطي أنه اعتمد على الفقه الشرعي، ولم يهمل الأنظمة والقوانين المرعية الصالحة، واقتبس من الأنظمة والكتب الحديثة المواكبة للمستجدات. وقد أضافت المؤلفة موضوعات ضرورية بعيدة الأثر عن مداخل القانون، ومقدماته، وتعريفاته، ومصطلحاته، وكم كنت أتمنى لو بدأ الكتاب بها بناء على صفتها التأسيسية. ومن حسنات الكتاب أيضًا الإفادة من الخيارات العديدة في الألوان، والأشكال، وسبل الربط بين الموضوعات؛ دفعًا لأيّ ملل، وإعانة على التذكر.

أما موضوعات الكتاب فهي حسب الترتيب: الأحوال الشخصية، والقانون الجنائي الذي يّعدُ أكثرها في عدد الصفحات، ثمّ القانون التجاري فنظام العمل، وبعده يأتي موضوع المرافعات وهو ثاني الموضوعات من ناحية عدد الصفحات. عقب ذلك نرى خرائط خاصة بالعقود، والوكالة، ومبادئ في القانون، ومصطلحات قانونية متشابهة، وإن علم الفروق لمن أكثر العلوم تفتيحًا للأذهان، وفيه أبواب تؤدي بمن ولج منها إلى مجالات فسيحة في العلم والعمل والبراعة القانونية.

ثمّ تستعرض المستشارة أسماء خرائط فقه المعاملات، والملكية، وشيئًا مما يخص القضاء والمحاماة في المملكة، لتنثني بعد ذلك بعنايتها صوب الموظف العام، والعقد الإداري الذي به يكون مختتم الخرائط. ويبدو أن في إعادة ترتيب مواضع هذه العناوين بما يجعل الموضوعات المترابطة متوالية نفع للقارئ والباحث، مع تقديم مفاتيح العلم التي يناسب أن تكون أول ما يصادف القارئ في كتاب يُعنى بترسيخ الثقافة القانونية. وسيكون حسنًا لو وضعت المستشارة المؤلفة روابط إلكترونية تصل القارئ مباشرة بمواقع وزارة العدل، أو أيّ موقع لمؤسسة أو جهاز حكومي وثيق الصلة بالشأن القانوني والرواق العدلي، والله يبارك في جهدها، ويكتب لها المثوبة على هذا المنتج.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّافالرياض

ahmalassaf@

الثلاثاء 17 من شهرِ جمادى الآخرة عام 1444

10 من شهر يناير عام 2023م

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)