سير وأعلام

زهير السباعي في سباعية من الحب!

Print Friendly, PDF & Email

زهير السباعي في سباعية من الحب!

يحظى البروفيسور زهير بن أحمد السباعي بمحبة أجيال متعاقبة من مواطنيه، وهو من الشخصيات المهنية الشهيرة التي يكاد أن ينعقد الإجماع على توقيرها مجتمعيًا، ومحبتها من غالبية الناس والطبقات، ويشاركه في ذلك الدكتور عبدالرحمن السويلم، والدكتور عبدالله نصيف، ومن الراحلين الشيخ القانوني صالح الحصين، وأستاذ الإعلام الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، والشيخان العَلَمان ابن باز وابن عثيمين، في جملة من آخرين يصعب حصرهم وتعدادهم، وأسأل الله أن يبارك فيهم، ويكثر عديدهم، وأن يتقبل منهم أحسن الذي عملوا.

درس د.زهير الطب وتخرج في جامعة عين شمس المصرية، وهو من دفعات قديمة كانت تدرس الطب وغيره من العلوم في الجامعات المصرية والأجنبية، واليوم نسبح بحمد ربنا ونحمده على فضله؛ فعندنا جامعات كثيرة وكليات في كل منطقة تقريبًا، ولم نعد بحاجة ماسة للدراسة المبكرة في الخارج، وهي فرصة مواتية لأن نثني على جهود خيرة مباركة صرفها كرام مخلصون، ودعمها قادة قادرون، حتى بلغنا هذه المرتبة من الاكتفاء مع إمكانية استقبال الآخرين للدراسة معنا، وكم في المنح التعليمية من فرص وبركات، وهذه إحدى أزاهير محبتنا لطبيبنا النابه المخلص.

ثمّ واصل الطبيب ذو الهمة الدراسة العليا في ألمانيا وأمريكا، وهذا يعني أنه أجاد لغات أجنبية وتحدث بها، ومع ذلك لم ينبهر بلسان الأعاجم، ولم يتخلّ عن لغته الأم كما يفعل آخرون ومن عجب أنهم يتعصبون للغة لا يراهم أهلها شيئًا مذكورًا! وفوق ذلك حرص البروفيسور على تأليف كتب، ونشر أبحاث، وإصدار مجلات متخصصة، بلغته العربية السامية، ولم يكتف بما أنجزه إذ أن له دراسة عميقة عن ضرورة تدريس الطب -وبقية العلوم قياسًا عليه- باللغة العربية، وهي دراسة من ذي اختصاص وممارسة ومعرفة، وبمثلها تندحض شبه المستغربين ولو لبس بعضها جلباب الحجج، وعليه فلا تستكثروا علينا إعلان الحب لزهير العربية في عصرنا.

ومن مبادرات د.السباعي الجميلة النافعة برنامجه التلفزيوني الشهير “الطب والحياة” الذي استمر طيلة خمسة عشر عامًا متوالية، ولربما أن كثيرًا من الأسر قد تابعته بحرص واهتمام، وتلقت الإرشادات منه والنصائح بقبول وثقة، وهو مشروع إعلامي جدير بأن يكرر بعد أن يطور، وهو من أفكار الشيخ جميل الحجيلان حينما جمع بين حقيبتي الصحة والإعلام، علمًا أن حلقاته محفوظة على اليوتيوب فيما سمعت، وفائدته باقية إلى يوم الناس هذا، ولأجل هذا فقد علقت صورة الرجل الودود، بلغته الهادئة، وتعبيراته الحانية في نفوسنا، وتلك من أسرار ما وقر له في قلوبنا من حب.

 كما شارك د.زهير في تأسيس كليات طب، وجامعات، ومعاهد، وتولى العمادة والإدارة في عدة مؤسسات تعليمية وطبية، وإن لأهل التأسيس مزيد فضل وتقدمة، ولا غرابة بعد ذلك أن ينال الواحد منهم ما يستحقه من الوداد في النفوس، والثناء على الألسن؛ ذلك أن الإنشاء فيه من الصعوبات والعوائق ما يجعل الصبر عليها منقبة للمؤسسين، ونحن أمة ترعى لأهل المعروف صنائعهم الكريمة خاصة إذا كانوا مثل صاحبنا الذي ضرب بسهمه الوافر الصائب في العمل الحكومي والمجتمعي والخاص.

وعندما أصبح د.السباعي عضوًا في مجلس الشورى استثمر خبراته في الطب والتعليم والإدارة والتطوع، ومزجها مزجًا موفقًا حتى كان خلف إصدار نظام للتطوع الطبي في بلاد كبيرة المساحة، وافرة المزايا والقدرات، وفي أهلها أصحاب نجدة وإغاثة ومسابقة إلى فعل الخير داخليًا وخارجيًا، وكان واحدًا من ثمانية أعضاء كتبوا دراسة واعية مستوعبة لخدمة المجلس والبلد عقب نهاية عضويتهم التي استمرت لثلاث دورات متوالية. وليس هذه فقط حكايته الشورية؛ إذ لم يمنعه شيء من أن يخبر مجاوره في المقاعد تحت قبة البرلمان د.زياد بن عبدالرحمن السديري برغبته في ركوب الجمل، فانبثقت من تلك الرغبة العربية رحلة سنوية على الجمال أو مشيًا على الأقدام أو جمعًا بينهما مع استعمال المركبات الحديثة لعدد يتزايد سنويًا من أعضاء مجلس الشورى، وتتنقل مجموعة “الشورحالة” في ربوع بلادنا الغالية إبان فصل الشتاء مع الأجواء البهيجة، ومن المؤكد أن رحلتهم لا تخلو من أفكار ورؤى تخدم وترشد وتفتح أبوابًا من الرأي والعمل، وبعد ذلك أيبقى شك في النفوس عن الحب السباعي وقوة دوافعه؟

ونحب رمزنا الطبي والأدبي والمجتمعي لأنه يذكرنا بوالده الكاتب والأديب والمؤرخ أحمد بن محمد السباعي (1323-1404)، ولأنه بر بوالده بذلكم الإشعاع العلمي الذي ورثه منه، وحمله عنه، فما فرط في الإرث، ولا أضاع المنزلة، وتلك سمة أنجال الأسر العريقة، وأبناء الأصول النبيلة، وحقيق بنا أن نحب جميع من أحسن لأسلافه، وأبقى لهم الذكر الطيب، والأحدوثة الجليلة، ولا غرو فطبيبنا ثمرة تربية رجل حثّ بنيه على القراءة، والكتابة، والحوار، وعاش معهم بقلبه وعقله ومكتبته، وكان لهم نعم الحنان حيًا، ونعم الميراث ميتًا.

أما سابع أسباب الحب الذي نعلنه للأستاذ الدكتور زهير السباعي فيعود إلى أنه أجاد غاية الإجادة في تمثيل أبناء مكة والمملكة، فكان خير سفير لنا أمام الآخرين من العرب وغيرهم، حتى أصبح موضع التجلة والإكرام من قبلهم. كما أنه أعطى لمن تعامل معه من الغرب المثال والنموذج المشرف في الجدية والاعتزاز بالدين واللغة والبلد والهوية، وأبقى للأجيال القادمة شهادة على عصره وحياته في سيرته الذاتية المنشورة، وفي حضوره البهي في المحافل العالية الخاصة بالعلم وخدمة المجتمع، حتى وهو شيخ يتجاوز الثمانين، وأسأل الله أن يرزقه البركة وامتداد الأثر، وأن يتقبل منه الصالحات، ويجعلها من الآثار الباقية؛ كي يكون فيه القدوة لمن رام النهل من معينه.

أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض

ahmalassaf@

ليلة الجمعة 06 من شهرِ جمادى الآخرة عام 1444

30 من شهر ديسمبر عام 2022م

Please follow and like us:

One Comment

  1. أخي الحبيب أحمد تدهشني حين يتبرعم الوفاء بين أناملك
    بلغة انسيابية و طرح فيه من الألق أجمعه …
    كم أغبطك على هذه الروح الطُّلٓعْة المتوثبة …
    سلمت يمينك و جمعتك مباركة
    محبك : أبو يزن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)