نساء في الأدب!
عنوان هذا الكتاب هو: نساء في الأدب: حوارات مع 20 كاتبة عالمية، ترجمة وإعداد: علي عبدالأمير صالح، صدرت الطبعة الأولى منه عام (2011م) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويقع في (303) صفحات. وقد سبق لي عرض كتاب مماثل للمترجم، وبعد ذلك تفضل بإرسال نسخة لي من هذا الكتاب بواسطة البريد من العراق ولكنها لم تصل، وظللت أبحث عن نسخة من كتابنا هذا إلى أن أرسله لي مأجورًا صديق من الأردن على هامش معرض الكتاب الأخير في الرياض، وأشرت لحكاية هذين الكتابين في مقالة أخيرة نشرتها عن قصتي مع استعراض الكتب.
والحقيقة أني مهتم بعرض الفوائد من كتب القراءة والكتابة ومما يحوم حولهما من سير الكتّاب والقراء، وخبر المكتبات والمعارض، عسى أن يكون فيها تقريب للفائدة المختصرة كي يظفر بها أصحاب الاهتمام والعناية. وعليه فسوف أذكر أبرز ما لفت نظري من الآراء الكتابية منسوبة لقائلتها التي أذكرها أول مرة مع تاريخ الميلاد وموطنها، وأسكت عنها بعد ذلك؛ فكل فائدة غير منسوبة تعود لأول اسم مكتوب قبلها، وربما أغير شيئًا من العبارة؛ فمنها:
- كنت مرغمة على الكتابة عما يهمني وعن الأشياء التي لن تتركني بسلام. هيرتا مولر (1935)، رومانيا.
- نحن كلنا نحتاج إلى الصراع في الأعماق ومع من حولنا!
- الآن أستطيع أن أنظر إلى الوراء وأقول: يا إلهي كنت حمقاء.
- إن أدمغتنا قد تضررت من جراء التكنولوجيا. دوريس ليسنغ (1919)، بريطانيا.
- أغير وجهة نظري وأرى الماضي بصورة مختلفة، وهذا شيء رائع.
- أجلس في الحديقة وأقرأ، وذلك يهبني متعة كبرى.
- يبدو لي أننا حاضرون دومًا في كتبنا.
- حاولت أن أجعل من كفاح السود في أمريكا تجربة شخصية. توني موريسون (1931)، أمريكا.
- كتبت عن أشياء لا يريد أحد أن يتذكرها فالجميع مصاب بفقدان الذاكرة القومية.
- الكتابة بالنسبة لي رحلة اكتشاف تتعلق بسر الحياة. نادين غورديمير (1923)، جنوب أفريقيا.
- التجارب المتباينة المأخوذة من المجتمع هي مادة الكتابة.
- عندما أكتب مقالًا تحضر الرقابة الداخلية، وفي قصصي أكتب كما لو كنت ميتة وأريد أن أقول كل شيء.
- كل رواية لها صوت بشري مختلف، الصوت مهم جدًا.
- الكتابة هي العامل الثابت في حياتي، وهو الشيء الوحيد الذي ظلّ معي طوال الوقت.
- أنا ناقدة صارمة لأعمالي.
- يجب أن يكون للكاتب خيال، وأن يرهف سمعه، وينظر حوله.
- الكتابة تهبني السلام والطمأنينة والسعادة.
- لا أستطيع كتابة القصة بغير لغتي الإسبانية. إيزابيل أليندي (1942)، تشيلي.
- أنا مستمعة جيدة، وصيادة، وتلهمني الأخبار الصغيرة المخفية، وأدون الملاحظات دومًا.
- لكل واحد قصة ممتعة لو أنها تروى بالأسلوب الصحيح.
- تتعامل المسودة الثانية مع اللغة، والتوتر، والأسلوب، والإيقاع.
- الكتابة هي طريقتي كي أتماثل للشفاء.
- القصة هي التي تقرر الأسلوب الذي يجب علينا أن نروي به الأشياء.
- يجب أن يكون لدى الكاتب ومضة استبصار يرى بها الحدث من زاوية غير متوقعة.
- أحاول أن أكتب الجملة الأولى بنشوة فهي التي تقرر الكتاب كله.
- الكتابة اليومية واجبة مثل التمرين حتى لو تخلصنا من أكثر المكتوب.
- لا أقاسم عملية الكتابة مع أحد لأنني أثق بموهبتي ولا أريد كثرة الأيدي في كتابتي.
- أي شيء لا أستطيع تحويله إلى شيء عجائبي أصرفه من ذهني. أناييس نن (1903)، إسبانيا.
- إن لم تتنفس في الكتابة، وتصرخ، وتغني؛ فلا تكتب!
- الفن العظيم يولد من الأحداث الهائلة.
- كتابة اليوميات أمينة لأنها تكتب في لحظتها خلافًا للسيرة التي يعاد فيها الترتيب.
- عادة كل شخصياتي مستلة من الواقع.
- أتتبع في الكتابة أحيانًا التداعي الحر.
- أؤمن بالكتابة من دون خطة ولا بنية.
- حياتي وفني يغذي أحدهما الآخر، وأحرص على توطيد العلاقة بين حياتي وعملي وكتابتي.
- أفضل ناقد هو الزمن، أفضل ناقد هو الانتظار.
- ما يفعله نقاد كثيرون جدًا هو أن يحطموك إذا لم يفهموك.
- الروايات تمثلني اكثر من المقالات التي أحاول ان أقول فيها شيئًا حقيقيًا وفصيحًا. سوزان سونتاج (1933)، أمريكا.
- تربي الروايات المشاعر وتوسع الإحساس، وتكافح الجفاف، وتجعلك عاطفيًا.
- تعلمت أن أسامح ذاتي، كي أعمل الأشياء بصورة أفضل. مايا أنجيلو (1928)، أمريكا.
- التجارب المختلفة منحتني حياة غنية حافلة.
- الشخصية الروائية هي دومًا قوتي المحركة. مونيكا علي (1967)، بنغلاديش.
- الإحساس بالمكان مهم في عملي الأدبي.
- من المهم صقل العمل والاشتغال عليه عدة مرات دون أن يفقد نضارته. كيران ديساي (1971)، الهند.
- يجب أن يعرف الكاتب متى يتوقف في نصوصه.
- أحد المباهج العظيمة للكتابة هو ان تجرب وتكتشف ما تجهله.
- ليس بوسعك أن تكتب تبعًا لمجموعة من القواعد والقوانين.
- ما يلهمني حقيقة هو القراءة الكثيرة، والتعلّم من الكتاب الآخرين.
- أسأل نفسي عندما أطالع أي كتاب: كيف فعل المؤلف هذا؟
- أدرب نفسي على النظر لعملي بعين ناقدة.
- البعد المكاني يقربني عاطفيًا ونفسيًا من بلدي، ويجعلني احصل على رؤية أوضح. وي هيوي (1973)، الصين.
- الكتابة بالنسبة لي هي التماثل للشفاء بكل ما تعنيه الكلمة.
- من العسير الكتابة بأمانة حينما يكون الخيط رفيعًا بين الخيال والواقع.
- بعض الناس يصف الكتابة بأنها تدوين اليوميات، وبالنسبة لي هي ملاحظة أدونها حول شيء أدهشني.
- إذا كنت تملك في فؤادك ميلًا للكتابة تصبح المسألة هينة.
- كتبي كانت خلاصي وأنقذتني من البؤس والتعاسة. آمي تان (1952)، أمريكا.
- إنه ترف أن يكون المرء كاتبًا.
- من الضروري للكاتب أن ينشئ فلسفته الخاصة للحياة.
- تجعل الكتابة الحياة فاتنة وأعجوبة من الأعاجيب.
- وهبتني الكتابة صوتًا. إدويج دانتيكات (1969)، هاييتي.
- أطمح أن كل شيء أدونه يجعل الناس يفكرون بموطني.
- ذكرياتي تنفعني جدًا في الكتابة.
- أكتب عن الأمكنة الرمادية وتلك الفراغات العقيمة.
- آن الأوان كي يكتب الأفارقة عن إفريقيا. شيماماندا نغوزي أديتشي (1977)، نيجيريا.
- لا أقرأ عروض الكتب والمتابعات.
- أنا مولعة فقط بالقراءة والكتابة.
- لي تجاربي الشخصية ولا لأنتمي لكوني كاتبة أنثى. أماندا ميخالوبولو (1966)، اليونان.
- من المتحتم على الروائي أن يفهم أبطاله ويتكلم على غرارهم ويشعر مثلهم.
- لقد غادرت إيران، لكن إيران لم تغادرني. آذر نفيسي (1955)، إيران.
- أعتقد أن الحضارة التي لا تجعل الأدب في صلب أعمالها تنحدر.
- يحتاج الكاتب إلى الخيال ليتصور المستقبل الذي لم يوجد بعد.
- مهنة كاتب الرواية أن يتخيل ويتقمص الشخصيات حتى لو لم تمت إليه بصلة.
- لدي أخطاء إملائية لم تمنعني من الكتابة لوجود المصحح. مارغريت أتوود (1939)، كندا.
- لم يخطر ببالي أني سأحول القراءة الكثيرة إلى كتابة.
- مهنة الكتابة مخاطرة لأي امرئ يتبناها، فهي ليست وظيفة ذات راتب تقاعدي.
- تشبه مهنة الكتابة المكوث في مكان غامض.
- الكتابة نقطة لقاء لحظة تاريخية مع الكينونة الشخصية. إيتيل عدنان (1925)، لبنان.
- أشعر بالطمأنينة حينما أكتب. حنان الشيخ (1945)، لبنان.
- ليس من الضروري أن تكون قد جربت ما كتبته أو أحسست به.
- الموقع في عملي مهم وهو شخصية مستقلة، وأشعر أن للأمكنة روحًا.
- أكتب ليس للمتعة فقط، بل لأجل النقد، وإبداء وجهة نظري، وترك صدى في نفوس الآخرين، وأريد أن أحفز واستفز قليلًا.
- الكتابة ضرب من اندماج الذات، وهي سلطة يطمح إليها. عالية ممدوح (1944)، العراق.
- تبقى الكتابة هي الميدان العميق لكفاحي بعيدًا عن أي انتماء حزبي.
- الحياة في عواصم كثيرة هبة رائعة للكاتب.
- فقدان موطني منحني قوة معنوية وطريقة في التفكير والعيش المختلف.
- تهب الصحافة للكاتب التنوع بما يقع عليه من تجارب.
- الكتّاب يولدون معزولين في الغالب.
- يجب أن تقربك الكتابة من الآخرين.
ومما يحسن الإشارة إليه أن الحوارات العميقة مع الكتّاب التي تقتصر على الصنعة وأسرارها تفيد الكاتب والكاتبة كثيرًا، وليت أن ما لا يخصّ الكتابة والثقافة في الحوارات أن يختصر ويحذف كما صنع المترجم في بعضها حتى لا يرهق القارئ ويشتته. كما أشير إلى أني لاحظت عوامل مشتركة بين هؤلاء الكاتبات، وفي غيرهن ممن قرأت سيرهن أو طالعت الحوارات معهن، وهي:
- البداية الكتابية في سنٍّ مبكرة؛ ذلك أن العاطفة لدى المرأة أقوى، وللأحاسيس قوة دافعة صوب الكتابة.
- درس كثير منهن الكتابة الإبداعية في الجامعات ونلن شهادات عليا فيها.
- يجيد غالب الكاتبات أكثر من لغة.
- تترجم كتبهن إلى لغات عدة، ويصل عدد نسخ كتبهن إلى الملايين.
- درّس كثير منهن في الجامعات والكليات.
- لغالبهن نشاط سياسي أو حقوقي أو مجتمعي.
- كثير منهن غادرن بلادهن للدراسة، أو هربًا من ظلم سياسي أو اجتماعي، أو بحثًا عن الشهرة.
- لأغلبهن أكثر من تجربة زواج.
- انغمست بعضهن في الحركات النسوية بينما أبت أخريات الانصياع لهذا المسلك ونظرن إليه بريبة أو انتقاص.
- يكاد جلهن أن يتفقن على تعرضهن للظلم مهما اختلفت المجتمعات، وربما أنه صحيح، أو ناجم عن فرط حساسية المرأة، وطريقة نظرتها وتفسيرها للأمور.
الشيء المهم بعد هذا كله أن نقتبس المفيد، ونطرح ما سواه، فطبائع البشر وأحوالهم تتشابه بالمجمل، مع وجود خلافات جوهرية حسب الدين أو اللغة أو العرف أو التقاليد، والسعيد من جعل الحكمة رائده ومطلبه الأعلى، فما وعاه منها وقبله بما لا يعارض مسلماته جعله نصب عينيه ماثلًا، وفي ذهنه حيًا، وما كان سوى ذلك ألقاه خلف ظهره، ودبر أذنيه.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف–الرياض
ليلة الاثنين 21 من شهرِ ربيع الأول عام 1444
17 من شهر أكتوبر عام 2022م
One Comment
مقالة عانقت جيد الكاتبات لروعتها،
تقلبنا الكتابة من الضعف واللين إلى القوة والمحبة، الصراع الذي نعيشه في الداخل بشكل دائم، “تأتي حاصل تجربةٍ وخراجَ عمرٍ، تشرق على روحك من كل مكان وحتى من اللامكان، تنجم من النسيان، كلما تعرت الندبات في عتمة الخرائط وضلال المواقيت”، هي الأسى العذب، بصمة الكتابة باقية في ملامحنا، تمكث بين أصابعنا رغم غياب الصور، الأشخاص وامّحاء الوقائع.
بعض الكاتبات لديهن أعمال أدبية لو اكتفت به لكفاها لقوته و جودة حضوره وبقاء خلوده، كقصيدة لشاعرة أمريكية تدعى آن سكستون، جسدت في قصيدتها الخالدة “فمي يزهر كجرح!”المعاناة والفشل في علاقتها مع زوجها ،وتصفها أنها التجربة الأولى للعنف معه،والاعتداء، والانفصال بما تحمله الكلمة من معنى، تسعى في بث الأمل في الأرواح المنهكة ، وتهرب عن واقعها بالكتابة، وتسرد في قصيدتها حكاية الألم ومرارة الظلم، بسبب شخص ارتبطت معه قسراً لا يهتم بها ولا يقدّر وجودها ! كانت لياليها معه ضجرة، والأيام مملة بالنسبة لها. كأسيرة مع شخص لا يدرك قيمتها ولايحترم جوهرها الحقيقي ، كان وجودها معه عديم الفائدة دون أي عواطف اوانفعالات. في مطلع قصيدتها قالت :” فمي يزهر كجرح ! ” كوصف بليغ للأسى الذي تعانيه وتشير بذلك أنها شعرت بمرارة شديدة مع الرجل الخاطئ الذي ارتبطت به، وأن تقبيله لها كان مثل الجرح الذي لايتوقف نزيفه،إشارة منها لإنعدام وجود الحب والمشاعر بينهما والاحترام، أهدتها الأيام ضربات موجعه من الألم الجسدي مع خواء الروح، شبهت نفسها في هذه العلاقة الفاشلة بأن جسدها كان لاينفع لشي وأن ثيابها تمزقت عبثاً، حياتها عبارة عن عُقدٌ من خلفها عقد دفعتها نحو الإكتئاب، و حينما صادفت رجلاً آخر ، جديراً بقلبها وحبها ، تغيرت نظرتها للعلاقة بالرجل، وبدأت حياتها الحقيقية نحو الحياة، رجُل أعاد إشعال شغفها، بث في نفسها الحياة بعد أن ماتت روحها، قارنت نفسها وجسدها كمركبٍ خشبي، وعاطلاً عن العمل، ممزق ومهتري، بلا ماء تحته فقط صحراء مجدبة، ثم جاء أحدهم ليعيد ترميم هذا القارب وقام بطلاءه بألوان حب تشع فيها البهجة، رفع شراعها ثم ثبت مجموعة من الألواح بها، سكب الماء من تحتها وأعاد ترميمه بدقة متناهيه، بلا شك أنها تقصد من هذا التشبيه بأن التقدير التي حصلت عليه في مع الشخص الذي بادلها الحب كانت أجمل بكثير من البدايات، وأنها أختيرت من قبل الرجل الذي تفهم مشاعرها وقدر وجودها بشكل أفضل من سابقه، ثم أكملت قصيدتها التفاؤليه بأن حياتها أصبحت أفضل، وأن اعصابها قد هدأت لتضئ قلبها، لقد عانت كثيراً وأيامها كانت حزينة جدًا ، يخنقها الصمت الميت، أما الآن بعد الحب فقد كسرت نغمات “صوته الدافئ “كل الصمت الموحش الذي سكن بين عيناها ، إنها مدينة للرجل الذي جلب لحظة مثيرة في حياتها، وتعتقد كما قالت بأنه قام بعبقرية عظيمة متناهية الدقة في ترميم قاربها وروحها ، لامس كل عرق ينبض في جسدها واعاد اشعاله ، أخيرًا ، قالت بكل فرحٍ وحبور بأن كل مافيها قد اشتعلت فيه النيران، وأن جسدها أصبح ممزق بالرغبة المحتدمة نحوه، وليس ذاك فقط بل إنها تريد منه المزيد !”
الجدير بالذكر أن الشاعرة آن لم تستطع الانفصال عن زوجها، ثم انتحرت بالغاز في مرأب منزلها في اليوم الرابع من تشرين الأول 1974 اثر تعرضها لنوبة اكتئاب حادة !
عذرًا للإطالة، لكن يبقى أدب النساء الأصدق وقعًا في النفس..