لغتنا..عزة و وحدة!
تعد اللغة أحد أركان أي ثقافة، وتكمل مع الدين والتاريخ مثلث هذه الأركان التي تعبر عن هوية الأمة. وتسعى الأمم للمحافظة على لغاتها، والارتقاء بها، ودفع الناس لتعلمها، أو اتخاذها لغة أساسية عند غير أهلها على الأقل.
ومع أن اللغة العربية ينطق بها مئات الملايين من البشر، وترتبط دينياً بأكثر من مليار مسلم؛ إلا أنها لم تنل مكانتها الحقيقة لدى فئام من أبنائها فضلاً عن غيرهم! ولم تصبح لغة رسمية في كثير من المحافل الدولية إلا بعد لغات أخرى، لاتنافس ابنة عدنان في شرفها، واتساعها، وعدد الناطقين بها.
وكم تستحق هذه اللغة المقدسة الفخمة من أهلها؛ وكم أصابها من أذى بسبب التدهور الحضاري الذي لحق بأمة الإسلام؛ فضلاً عن الهزيمة النفسية التي جعلت العربي يرطن متفاخراً؛ حتى وإن كان حديثه في أرض عربية الإنسان واللسان! بينما يحدثنا التاريخ المعاصر عن بلاد هزمت، وذلت لمن غلبها إلا في جانب لغتها وتراثها، ولذلك أفاقت بسرعة، وتجاوزت من دمرها يوماً ما؛ ومن سأل عن قيمة اللغة لدى الألمان وشعب اليابان؛ فسيعلم أثر هذا الاعتزاز والاستمساك.
ويمكن لنا إكرام لغتنا وخدمتها بوسائل عدة؛ منها:
- تكثيف الارتباط بالقرآن الكريم من خلال مشروعات متعددة، ففوق التعبد الخالص، يحفظ القرآن لنا اللغة ويحميها.
- نشر السنة والسيرة النبوية على نطاق واسع؛ فهي للمسلمين عقيدة، وفقه، وسيرة، وخلق، ولغة، ومنهج حياة.
- خدمة المعجم العربي القديم منه والجديد، وتقريبه للناس بأعمال تجديدية نافعة.
- تفعيل مجامع اللغة، سواء الحقيقية منها أو الافتراضية.
- الإفادة من التقنية؛ لتعليم العربية، وتقريبها، ونشرها.
- دعم المحتوى العربي في الشبكة العالمية؛ كي يكون موئلاً لأهله، وجاذباً لغيرهم.
- التواصل مع الجامعات الدولية المهتمة باللغات لتدريس العربية، وتحسين مناهجها.
- مساندة اللغات التي تستخدم الحرف العربي، وتنشيط حركة الترجمة إليها.
- الالتزام الرسمي باللغة العربية في الحديث مع الوفود الأجنبية أو في اللقاءات العالمية.
- استثمار الاقتصاد لتعزيز مكانة اللغة، سواء في العقود، أو في الصادرات والواردات.
- فتح صفوف مجانية للأجانب القادمين للبلاد العربية، وإلزام الشركات الكبرى بذلك.
- الإصرار على جعل اللغة العربية لغة رسمية أينما وجدت تجمعات كافية من المسلمين.
وكم ترك الأول للآخر، ومن اهتم لأمر ورامه فسيصنع طرقاً لتحقيقه، والوصول إليه. وإن لغة اصطفاها الله-سبحانه- لآخر أنبيائه وخيرهم-صلى الله عليه وسلم-، وجعلها لغة كلامه المنزل وكتابه الكريم؛ لهي من السمو بمكان لا يدانى، وفيها من الأسرار ومكامن القوة ما يجعلها أهلاً لاستيعاب المستجدات.
أحمد بن عبدالمحسن العساف–الرياض
الأربعاء 20 من شهر رجب الحرام 1437
27 من إبريل 2016 م