ثلاثة كتب عن مجلس الوزراء وأعضائه
في سياق البحث عن تاريخ بعض الشخصيات المحلية، والأجهزة الحكومية، فتحت ملفًا جديدًا على برنامج الإكسل الذي أحبه في الجداول حتى غير الحسابية لأنه أنفع من الوورد، والأكسل برنامج خادم فاتن حتى قال لي صديق عزيز إن والدته تغار من الإكسل لشدة ارتباط والده فيه! المهم أني شرعت أدون في ذلكم الجدول أيّ معلومة أجدها عن وزراء السعودية، وبعد التدوين التفت نحو تصنيفها، وكنت أضيف عليها بين آونة وأخرى، ومن هذا المنجم استطعت كتابة ستة مقالات عن مجلس الوزراء الموقر وأعضائه بالعموم دون تخصيص، ولو نشطت لكتبت غيرها، وهي مقالات لا تكتفي بإيراد المعلومة، وإنما تنزع إلى شيء من الربط والبيان واقتناص الفوائد التي تجعل العرض أزيد من مجرد أسماء وأقام ومناصب، وتضفي عليه شيئًا من اللطافة.
ثمّ سنحت لي الفرصة لقراءة ثلاثة كتب عن هذا الموضوع، أولها من حيث الصدور المحلي وهو الثاني في قراءاتي عنوانه: رؤساء ونواب وأعضاء مجلس الوزراء السعودي من 02/07/1373 الموافق 16/03/1954م إلى 28/12/1424 الموافق 08/02/2005م، إعداد الدار العربية للعلاقات العامة والخدمات، صدرت الطبعة الأولى منه عام (1427) ويقع في (373) صفحة بطباعة فاخرة، وورق صقيل من الحجم الكبير. ويتكون الكتاب بعد الافتتاحية التي كتبها رئيس الدار الأستاذ إدريس الناصر من أقسام هي رؤساء المجلس ونوابه، ثمّ الأمراء الوزراء فالوزراء من غيرهم، وبلغ مجموع الشخصيات المترجمة (116) رجلًا ابتداءً من الملك سعود وانتهاء بالأستاذ عبدالمحسن العكاس.
يمتاز هذا الكتاب الذي حظي برعاية شركات ومؤسسات تجارية بأنه استقى السير من الوزراء أنفسهم، أو من بنيهم وأنسابهم، أو من مكاتبهم والعاملين معهم، وتتفاوت المعلومات حسب اجتهاد كلّ مصدر. ومن اللافت أن اثنين من الوزراء تعذر إيراد شيء من سيرتهما، وأحدهما لايزال وزيرًا. ومن الطريف أن الأستاذ إدريس وفريقه تعبوا في جمع المعلومات، وصادفوا اختلافًا في مستوى استجابة أصحاب العلاقة؛ لدرجة أن أحد الأبناء تساءل مستغربًا: وهل كان والدي وزيرًا؟ وبعد أن صرف الفريق أموالًا طائلة للحصول على معلومات وزير دون جدوى، تمكنوا من تحصيل سيرته وسيرة وزير آخر خلال مناسبة عشاء حضرها صهر أحد الوزيرين وصديق الثاني في الوقت نفسه! ولوصول نسخة من هذا الكتاب لي قصة مروءة وكرم جديرة بأن تروى وتشكر، وسوف أفعل في مقالة قادمة عن مطارداتي مع الكتب بإذن الله، علمًا أننا ننتظر طبعة جديدة من هذا الكتاب التوثيقي كما أخبرني الأستاذ إدريس.
ثاني الكتب في الطباعة المحلية وهو الأول الذي قرأته عنوانه: الوزارات والوزراء في المملكة العربية السعودية: الأحكام والطبيعة القانونية: دراسة قانونية وتاريخية، تأليف: د.عمر الخولي، وصدرت طبعته الثانية المحلية عام (1437=2015م) بعد صدور طبعة دولية أولى منه عام (1419). ويقع في (311) صفحة، ويتكون من إهداء ومقدمة وأربعة فصول، ولحكاية شرائي نسخة من هذا الكتاب وتوقيت وصوله إليّ قصة جميلة سأكتبها مع أختها السابقة في مكانها الملائم لاحقًا.
عنوان الفصل الأول من هذا الكتاب: مجلس الوزراء السعودي (أحكام ومبادئ قانونية عامة)، ويشبهه الفصل الثاني وعنوانه: الوزراء في المملكة العربية السعودية (أحكام ومبادئ قانونية عامة)، وهذان الفصلان مختصان بالأنظمة ويتسقان مع المسار العلمي للمؤلف. بينما يأتي الفصل الثالث بعنوان: الوزارات في المملكة العربية السعودية (الأهداف-لمحات تاريخية- المتعاقبون عليها)، وهو واضح الغاية في إحصاء الوزارات وأعمالها ووزرائها ابتداء بوزارة الخارجية وانتهاء بوزارة الحرس الوطني، ليصل المؤلف إلى آخر الفصول بعنوان: وزراء الدولة وموظفون معينون بمرتبة وزير. ويماثل هذا الكتاب سابقه إذ صدر أو سيصدر منه نسخة محدثة كما قرأت في خبر منشور.
أما ثالث الكتب من ناحيتي الطباعة والقراءة الشخصية فيحمل عنوان: الوزير السعودي 1349-1441، وهو من تأليف م.فيصل بن محمد الجندبي الزهراني، وتقديم الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وزير الحج والعمرة حاليًا ووزير الصحة إبان نشر الكتاب. ويقع هذا الكتاب في طبعته الثانية الصادرة عام (1441) عن مبادرة مشروعات الكتب في (617) صفحة مكونة من إهداء وتقديم فالمقدمة، ثمّ توطئة عن نظام الوزارة في الإسلام، فشيء من تطور العمل الإداري والوزاري عبر تاريخ الدولة السعودية المعاصر، يعقبه تعريف بستة ملوك ترأسوا المجلس من عهد الملك سعود إلى عهد الملك سلمان.
عقب ذلك سرد الكتاب الذي يمتاز بحداثة المعلومات أسماء الوزارات بداية من وزارة الخارجية أولها إنشاءً وصولًا إلى وزارة الصناعة والثروة المعدنية وهي آخرها حتى الآن، ومع كل وزارة أضاف المؤلف سير وزرائها، ثمّ تحدث عن عدد من وزراء الدولة حتى بلغ الخاتمة التي تلاها تعريف بالمؤلف، فملحق يحوي نظام مجلس الوزراء وتعديلاته، وأخيرًا المصادر والمراجع- وهي متنوعة من كتب وأشخاص ومواقع رسمية- وأخيرًا فهرس الأعلام والفهرس.
وقد وصلني هذا الكتاب البارحة في مناسبة لطيفة سأوثقها لاحقًا مع أختيها بإذن الله، وقضيت معه سهرة ممتعة إجبارية؛ لأني على التحقيق لا أحب السهر إلّا باستثناء ذكرته السيدة الطاهرة أمنا عائشة رضوان الله عليها، فالسهر كما يُروى في الثنائيات عن أسلافنا من الحكماء العرب الذين أصابوا حينما جعلوه قرين الضجر، وخلعوا عليهما لقب الأمرين، خلصنا الله وإياكم منهما، ومن كل مرٍّ، ومرارة، وممرور، ومن مخالفات المرور أيضًا.
ومع أني قرأت كثيرًا حول هذا الموضوع، وبحثت في المواقع المتاحة، وسألت كل من وصلت إليه وظننت أن لديه علمًا، وطالعت الكتب المعنية بموضوعه أو التي تحوم حوله، إلّا أنه لا يزال في النفس شيء من بعض المعلومات التي تحتاج إلى تأكيد، أو نفي، أو توضيح، وعسى أن يتيسر هذا في الطبعات الجديدة من هذه الكتب أو من غيرها، ولابدّ لتحقيق هذا المطلب من تعاون الأجهزة الحكومية القريبة من هذا الشأن، والإدارات التي تحفظ الوثائق وتحتفظ بها؛ فهذا تاريخ معلن، وفيه تكريم لرجال دولة، وشخصيات عامة، ومن حقِّ التاريخ وصانعيه والمؤثرين فيه أن تحفظ مآثرهم، وتبرز مناقبهم، وتقرب أخبارهم للكافة، كي يستفاد منها في حاضرنا ومستقبلنا، ويقتبس منها عند الاستشهاد بالأمثلة والتجارب.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
السبت 25 من شهرِ ذي القعدة الحرام عام 1443
25 من شهر يونيو عام 2022م