أكبادنا تحترق في جدة
أحسن الله عزاء الجميع فيمن توفي بسبب حريق مدارس البراعم في جدة، وعجل بشفاء المرضى حتى يعودوا لبيوتهم وذويهم، وأصلح حالنا الإداري والرقابي والإعلامي حتى لا نظل تحت طوارق الفواجع يوماً بعد يوم.
ومجال الإصلاح والتغيير واسع بالقول والعمل، وإذا كانت الإرادة حقيقة، والإدارة جازمة، والتوكل على الله حاضر، فلا شيء يمنع من حدوث التغيير للأحسن. وهذه بعض المقترحات العملية التي آمل أن تعين على منع هذه الكوارث مستقبلاً أو التقليل من آثارها إن وقعت، وهي:
- تفعيل أعمال أجهزة المراقبة ومكافحة الفساد، فهذا أوانها وإلا كانت شكلية إلغاؤها خير من بقائها! وإن إزهاق أرواح البراعم لفساد يستحق النفير.
- إزالة الترهل والروتين من الجهاز الإداري الحكومي، وعلى رأس هذا الأمر تعيين وزراء شباب مؤهلين يفطر أحدهم في رفحا، ويتغدى في نجران ويبات في الجبيل؛ فضلاً عن إمكانية محاسبتهم ونقدهم دون حصانة.
- مساءلة الوزارة المعنية عن أسباب الخلل، ونشر التحقيق كاملاً على الملأ، وقبل سنوات أعفي رئيس تعليم البنات بسبب حريق مماثل في مكة؛ فهل تلملم معالي النائبة أوراقها بانتظار أمر مشابه؟
- ظهور الوزير المعني بالحدث- أياً كان الحدث والوزير- في برنامج تلفزيوني مباشر ظهر الجمعة الأولى بعد الحادث ليستقبل اتصالات غير مرتبة سابقاً؛ ويجيب عنها مباشرة، وهذه من أنفع الوسائل مادامت مهمة المحاسبة معطلة عن مجلس شورانا المعين.
- فصل جهاز الدفاع المدني عن وزارة الداخلية لكثرة الأجهزة الأمنية التي تزاحمه وربما تحظى بالعناية أكثر منه.
- رفع القيود الحكومية عن مؤسسات المجتمع لتنطلق بلا كوابح، فلو كان لدينا مؤسسات فعالة ومتنوعة وغير ربحية لحماية المستهلك، ووضع قواعد للسلامة العامة، ومراقبة جودة التعليم، لكان أثرها بينًا في صلاح الحال واحتياط المسؤولين إضافة إلى زيادة مستوى المشاركة الشعبية.
- إعادة النظر في الرخص الممنوحة للمدارس الحكومية والخاصة وأماكن التجمعات الكبيرة، والتأكد من توافقها مع نظام السلامة إن كان يوجد لدينا نظام سلامة فاعل ومحدث.
- إصلاح إعلامنا الرسمي، وتغيير رؤساء التحرير كل أربع سنوات أسوة بالوزراء. ومن المثير أنه حين وقع حريق مدرسة مكة قبل بضع سنوات كتبت صحافتنا الورقية عنه أكثر من ألف صفحة غالبها في اتجاه واحد، فأين هي اليوم؟ أم أن انتفاء صفة المشيخية عن الجهاز المعني وغياب هيئة الحسبة عن الحريق يقتضيان غياب السلطة الرابعة أيضا؟
- محاكمة مالك المدرسة ومانح التصريح، ودفع تعويضات مناسبة لأسر الضحايا، والالتزام بعلاج المصابين.
شفى الله سوزان وزميلاتها وطالباتها، ورحم المعلمتين ريم وغدير وجعل مثواهما الجنة وجبر مصاب أهلهما، وعافى الله مجتمعنا الإداري من أمراض الإهمال وانعدام المسؤولية وبلادة الحس، فلو كانت هذه الحادثة في أماكن أخرى لكان المسؤول الأول عن التعليم أسرع في تقديم استقالته من صدور قرار إقالته.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرِّياض
الاثنين 25 من شهرِ ذي الحجة الحرام عام 1432
ahmadalassaf@gmail.com
- التقييم أدناه أو عبر التعليق والمراسلة يشبه الحكم والشهادة، وهو فضل منكم خاصة حين يعبر عما تعتقدونه.