إدارة وتربية

سلاح سلمي مبارك!

سلاح سلمي مبارك!

الآذان من شرائع الله، ومن أعمال المسلمين والعلامات الدّالة عليهم، وفي تشريعه حكم أبانت علو مقام الرّسول الأكرم عله الصّلاة والسّلام، وأهميّة الشّورى في المجتمع، ووجوب العناية بأمر المسلمين، وضرورة وضع الرّجل المناسب في مكانه الملائم، وفيه تمييز لأمّة الإسلام عن غيرها، واستقلاليّة بادية للعيان، وأنّ نداء الإسلام هو الصّوت الرّفيع بيننا فقط.

وقد اتّصل بي البارحة صديق أثير، وأنبأني أنّ رجلًا مباركًا جلس إليه، وحدّثه عن قصص عجيبة كان الآذان هو الفيصل فيها، والسّلاح الذي لا ينكسر، ووقعت هذه الحكايات له أو بمشورته، فهو جزء منها، وسأرويها أدناه مؤمنًا بصدق السّند، وإيماني بالآذان وبركاته أقوى وأعظم.

عراك في سوق الخضار:

يقول الرّجل: دخلت إلى سوق الخضار، فوجدت الباعة منصرفين عن أماكنهم، ومتجمهرين حول مجموعتين تتعاركان، فلا تسمع إلّا السّباب والشّتم، وصوت الّلكم والضّرب، والأوداج منتفخة، والغضب يتطاير كالشّرر، ولم تفلح توسّلات الجمهور؛ حتى يبست ألسنتهم، وشحبت وجوههم، وخافوا مما سيأتي.

وحينها ارتقى هذا الموفّق فوق سيارة كبيرة، وشرع يؤذن الآذان الشّرعي المعروف، فما صمت إلّا وقد انفضّت الجموع، وانتهت المعركة بعد أن كانت حامية الوطيس، وركب البعض سيّارته مغادرًا المكان، وعاد آخرون أدراجهم لأماكنهم، ومنهم من أحضر جزءًا من فاكهته أو خضاره يهديها للمؤذّن الذي أبى قبولها لأنّه جاء مبتاعًا، وينتظر الأجر من الله.

دقيقة حاسمة قبل الانتحار:

ازدحمت الجموع حول عاملة على شفير عمارة تريد أن تلقي بنفسها منتحرة، بعد أن بلغها خبر فاجع، وما أضعف إيمان من يصل إلى هذا المدى مهما كانت أحواله عسيرة. ولم تفلح الوساطات الرّسميّة والشّعبيّة، ولم تجد محاولات سفارتها نفعًا، وحين أدرك اليأس الجميع وانتظروا أن تكون العاملة جثّة هامدة ملقاة على الأرض، صعد شقيق صاحبنا إلى منارة مسجد مقابل للعمارة، وبدأ يؤذّن بحيث يخترق الآذان مسامع العاملة، وكانت المفاجأة أن تزامن نزوله من المنارة مع نزولها من سطح العمارة بعد أن عدلت عن الانتحار.

السّاحر الطّائر:

ذهب جمع من المحتسبين الرّسميين لإلقاء القبض على ساحر عربي مشهور بنشاط جسدي، وكثرة الهروب والانفلات من الأيدي، وفي خضم حجاجهم وتفاوضهم معه؛ لم يرعهم سوى طيرانه في الأجواء، وصوت خفقان أثوابه من الهواء، وحينها أسقط في أيدي الفرقة، فأطلق المؤذن لحنجرته العنان، وما إن سكت حتى ارتطم السّاحر الفاجر بالأرض بين أيديهم فاقدًا قدرته على الطّيران.

الدّعوة بالآذان:

سمعت كثيرًا عن أجانب جذبهم للإسلام صوت الآذان، بيد أنّ السّر تكشّف لي من هذه الحادثة؛ حيث استعصى عشرة من الآسيويين على دعاة من بني جلدتهم، فقال لهم صاحبنا: ليذهب إليه أميز دعاتكم، ولا تبدأوا في الدّعوة قبل رفع الآذان، ففعلوا وكانت النتيجة باهرة، وما خرجوا إلا بإسلام سبعة من هؤلاء العشرة.

الشيطان السّاخر:

قرأ صاحبنا المبارك على امرأة مسنّة أصابها مسٌّ من الجن، وتحاور مع هذا الجنّي الذي يتكلّم بلهجة محلّية، ويبدو مستكبراً، وصاحب مكابرة حيث طلب تلاوة سور معينة لأنّه يحب سماعها! وكان الرّجل الرّاوي يدعو في قرارة نفسه بأن يهديه الله لأرشد أمره بما يخزي هذا المريد وينقذ تلك المسكينة؛ فاقترب من أذن العجوز وأذّن فيها، وخلال الآذان سمع أصواتًا غريبة لا يمكن أن تصدر من عجوز، فانتقل للأذن الأخرى وأذّن فيها ليزداد الصّوت شدّة، وترتاح العجوز مع آخر كلمة نادى بها، ويخرج الجنّي مدحورًا مطرودًا.

فالحمدلله الذي جعل الآذان يتكرّر في اليوم والّليلة خمس مرات، ويتبع بإقامة من جنسه، وحين ينادى به يصمت المستمع وينصت، ويردّد مع المؤذن، وبعد الفراغ من التّأذين يصلّي على النّبي عليه السّلام، ويقول الدّعاء المأثور، ثمّ يترك ما في يديه، ويجيب داعي ربّه، وينصرف للصّلاة وما قبلها وما بعدها. وفي الخبر الصّحيح تأكيد على هروب الشّيطان الرّجيم من صوت الآذان، ونرى ذلك عيانًا حين نتبع الهدي النّبوي؛ ونؤذن في أذن الوليد اليمنى؛ فيصمت بعد بكاء متواصل من وخز الشّيطان له.

ولتبتهج أيّها المسلم حين تسمع الآذان، وتؤدي السّنن معه؛ ثمّ تجيبه، فهذا نداء من ربك وإليه، يشيع السّكينة، ويريح النّفس، ويسعد الخاطر، ويؤلّف بين النّاس، ويجمعهم في صفوف متراصّة، ويفتح الطّريق للدّعوة والخير، ولا تعجبنّ حين يحاربه المنافقون والكافرون، ولا تحزن لأنّ الله سيتم نوره ولو كرهوا واجتمعوا وفعلوا ما فعلوا.

أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرِّياض

ahmalassaf@

السّبت 26 من شهرِ الله المحرّم عام 1440

06 من شهر أكتوبر عام 2018م

 

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

X (Twitter)