صوت الكتابة!
كم من مرة ومرة، أسمع رغبة بعض الناس في أن يكتبوا، ويدونوا أفكارهم وخواطرهم، وما يمنعهم من ذلك إلا أوهام يمكن تخطيها؛ من جنس أن الكتابة موهبة خالصة، أو البحث المضني عن الكمال المطلق، أو حذار المجتمع، وغير ذلك مما يعرفه كل من يراوده هاجس الكتابة، وتلح عليه وخزاتها اللذيذة، ثم يجد من الأعذار ما يصرفه عنها.
وليس مطلوباً أن يصبح كل إنسان كاتباً، وإنما المراد أن يشرع في هذه الصنعة جميع من يهواها، والأهم من ذلك أن يستخدم الناس – كل الناس- ما قبل الكتابة من تقنيات ومقدمات، وعلى رأسها التفكير بطرقه الصحيحة، كي تعلو الفكرة، وتذهب السكرة، ويستبين السبيل. ومن وجد الفكرة، وعزت عليه الصياغة؛ ففي المحررين وسوق التحرير ما يغنيه عن تكبد عناء الصياغة، على أن يكون الرأي خالصاً له، والخطوط العريضة منبثقة عنه.
وفي تجارب الكتاب فرائد لمن يرغب في الاقتداء، وسبق لي استعراض عدد من الكتب عن تجاربهم ونصائحهم، وأقف اليوم مع كتاب عنوانه: أصوات: حوارات مترجمة مع الكتاب، ترجمة: ميادة خليل، صدرت طبعته الأولى عام (2016م) عن دار الفراشة بالكويت، ومكتبة السرديات الكويتية، في (238) صفحة من القطع المتوسط.
تقول المترجمة البصرية في مقدمتها إن الحوار يدخلنا إلى عالم الكاتب، وإلى أفكاره واهتماماته، ويعبر من خلال إجاباته عن نفسه، وثقافة بلده، وتجربته الشخصية مع الكتابة والحياة، وإضافة على شؤون الكتابة وتجاربها، تبحث هذه الحوارات مع الكتاب شؤون القراءة، وأفضل الكتب والمؤلفين فيما يرون.
يشتمل الكتاب على ثلاثين حواراً، لكتاب من مختلف الحضارات والبلدان، وفيهم فارسي وتركي ومترجم عن الصينية، وليس منهم عربي واحد، ومما ورد فيه، علماً أن اسم المنقول عنه يكتب مرة واحدة فقط، وما تحته من عبارات غير منسوبة تكون له:
- كرست حياتي للقراءة أكثر من أي شيء آخر. بورخيس.
- القراءة والكتابة نشاطان ماتعان جالبان للسعادة.
- أتعجب من حديث الكتاب عن عذاب الكتابة، فالكتابة ضرورة.
- مع المران تبحث الموضوعات عن الكاتب حتى تجده.
- يبدأ بعض الكتاب والنهاية في ذهنه، ويكتفي بعضهم بالبداية، وتأتي النهاية تبعاً.
- يعيد كل جيل كتابة الكتب العظيمة بلهجته وبصمته الخاصة.
- لدي قناعة بأن كل كتاب جيد قد جرى عليه تعديل وتطوير وإثراء خلال تاريخ الثقافة.
- كل شيء يحدث حول الكاتب يصلح أن يكون مادة للعمل، وطيناً لقوالبه.
- يجب أن يسلط الكاتب الضوء على جوانب الظلم والسخط في مجتمعه. مو يان.
- على الكاتب ألا يفعل شيئاً سوى الكتابة المتقنة. هاري موليش.
- على الكاتب أن يكون دائماً أكبر من موضوعاته.
- يهتم الكاتب بالنقد الموجه لأعماله ولكن دون أن يعطيه حجماً كبيراً. رودي دويل.
- يحتاج الكاتب للدهشة يومياً. باولو كويلو.
- يحيا الكاتب اللحظة بكل تفاصيلها.
- ينبغي للكاتب أن يكون فضولياً كالطفل.
- تعطي الكتابة للحياة معنى واحتراماً.
- كنت أعتقد أن الكتاب يملكون موهبة خارقة لا أستطيع مجاراتها!
- لا تفكر كثيراً في الفشل كي لا تعيق تقدمك.
- الكاتب كمن يتسلق جبلاً ليصعد نحو القمة.
- أهم شيء للكاتب وجود فكرة جيدة في رأسه.
- وجدت في الكتابة ملجئي الخاص. ريناتا دورستين.
- قد لا يتذكر القارئ النص وإنما يتذكر أحاسيسه حين قرأها. أورهان باموك.
- أعمل ضمن جدول زمني صارم ولذا فإنتاجي غزير. ألكسندر ماكول.
- الكتابة بالنسبة لي هي إعادة الكتابة. خالد حسيني.
- من خلال إعادة الكتابة يكتشف الكاتب معاني خفية من العلاقات والاحتمالات.
- لكي تكون كاتباً، عليك أن تكتب يومياً.
- اكتب لجمهور يتكون من شخص واحد هو أنت!
- تعلم شيئاً من كل كاتب تقرأ له.
- جزء من مهمة الروائي هي النظر للأمام صوب التحديات التي تنتظره. كاثي ماتايس.
- الكتابة هي ما يوقظني كل صباح. اليزابيث جين هوارد.
- أحداث الحياة، وتطور العلاقات، والشخصيات التي نقابلها، مادة جيدة للروايات.
- كان أحد أزواجي يغار من الكتابة! مايا أنجلو.
- استأجرت غرفة في فندق كي تكون مكان الكتابة اليومية.
- حب اللغة جوهري للمتحدث والكاتب.
- العمل مع اللغة يتطلب الجمال. هيرتا مولر.
- أكتب دائماً تاريخ ومكان كل تدوين. آمي تان.
- آخر شيء أكتبه هي الافتتاحية.
- من الصعب أن تنشر ثم لا تندم على شيء! جوناثاين فرانزين.
وفي الكتاب عدد من طقوس الكتابة والقراءة، تشترك في الانضباط، والالتزام، والانفراد، وفيها قصص تشاركية كما بين كاتبة وزوجها؛ حين يكمل كل واحد منهما صفحات من كتاب الآخر! ومما ورد فيه حديث عن جائزة سنوية لأفضل كتاب أيرلندي تموله مكتبات أيرلندا، وليت المكتبات ووزارات الثقافة في عالمنا أن تبدأ مثل هذه الجائزة، وتُطلق مع معارض الكتاب السنوية، كي يكون في كل بلد عربي جائزة لأفضل كتاب محلي ألف خلال عام منصرم.
وليس التدوين عن الكتابة، وسير الكتاب، وتجاربهم، وأدوات الكتابة وتقنياتها، بكثير على هذه الحرفة المؤثرة، التي يسأل عنها عدد ليس بالقليل من المهتمين؛ خاصة من الشباب. وتعظم الحاجة إلى مثل هذه الخلاصات والقراءات مع ندرة برامج تعليم الكتابة الجادة؛ بينما نجدها منتشرة في أوروبا وأمريكا بشكل مذهل، ولا غرو فنتاجهم في الكتابة والقراءة أيضاً مذهل.
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الخميس 15 من شهرِ شعبان عام 1438
11 من شهر مايو عام 2017م
2 Comments
نشكر لكم ما تقدمونه للتدوين حرفا و فكرا
ندعوكم لزيلرة موقعنا الجديد للمتابعة و إبداء الآراء و الملاحظات
https://sociopoliticarabsite.wordpress.com/
وافر التقدير و المحبّة
شكرا لكم، ولدعوتكم.