نشر الخبرة وبثها، أمر محمود ويحسب لصاحبه. هذا النهج قد يشبه الوقف ولكن دون حبس مال، وكم فيه من نفع وتأثير. هذه الخبرة تجمع السيرة الذاتية مع السيرة المهنية. من أمثلتها هذا الكتاب بعنوان: كيف أصبحت كاتبًا! تأليف: بول أوستر، ترجمة أحمد الطائف، تحرير: مروة الإتربي، وقد صدرت طبعته الأولى عن منشورات حياة عام (2023م)، ويقع في (89) صفحة من القطع المتوسط. يضم الكتاب عدة لقاءات أجراها هذا الروائي الأمريكي بين عامي (2014-2017م)، علمًا أن الروائي أمريكي ولد عام (1947م) لأبوين من أصول بولندية، وترجمت رواياته إلى عدة لغات، ونال جوائز مختلفة. من فوائد هذه السيرة الكتابية:
- كنت مواظبًا على القراءة من عمر الثامنة دون أن يكون أحد من أبوي قارئًا. وشغفت بكتب الخيال والسير.
- كتبت أول قصيدة في التاسعة من عمري، وهي أسوأ قصيدة مكتوبة على الإطلاق!
- شعرت في وقت مبكر من ممارسة الكتابة أن الحياة تدب في داخلي، وأوجد هذا شعورًا جميلًا دفعني للاستمرار في الكتابة.
- صارت الكتابة فعلًا غريزيًا لدي، وكتبت بلا تعجل، فربما تكون حصيلة ثمان ساعات من الكتابة صفحة واحدة فقط.
- أراجع ما أكتبه عشر مرات أو أكثر، وأقرأ النص بصوت مرتفع مرارًا لأصغي إلى إيقاع الكلمات.
- احرص على جعل النص مثل قطعة موسيقية متناغمة ومشحونة بالطاقة.
- أصعب جزء من الكتابة هو جعل النص سهلًا وخاليًا من التعقيد أمام القارئ.
- أختم عملي بالوصول إلى نهايات الفقرات ولا أتوقف عند منتصفها.
- وحدة النثر هي الفقرة، وكل فقرة بالنسبة لي تمثل عملًا فنيًا صغيرًا قائمًا بذاته.
- أترك مقعدي كثيرًا وأذرع الغرفة جيئة وذهابًا من أجل توليد الأفكار والكلمات.
- جوهر الأمر في كونك فنانًا هو مواجهة ما تحاول إنجازه.
- يجب عليك أن تنغمس في مادتك لأعمق مستوى يمكن الوصول إليه.
- يمكن أن أنهض في نهاية العمل دون أي كتابة لأني شطبت كل جملة!
- من المهم للكاتب امتلاك مهارة السرد، والكتابة مع التبصر، وملاحظ تفاصيل الأشياء من حوله.
- على الكاتب أن يبقي عينيه مفتوحتين؛ فهذه مهمته.
- عند الكاتب إحساس مرهف تجاه اللغة.
- لكل قارئ قراءته المختلفة للكتاب.
- جلّ عمل الكتابة يتمثل في محو الكلمات أكثر من إضافتها.
- يتطلب الأمر ساعات من الكتابة وإعادة الكتابة حتى أرضى نسبيًا عن النتائج.
- لدي دائمًا رغبة في التخلّص من الأشياء الزائدة في النص، وجعل العمل رشيقًا.
- كلما نجحت في تخليص العمل من الفوائض اللغوية ازددت سعادة ورضا.
- شعاري هو جعل العمل رشيقًا ونحيلًا، حتى يصبح لكل كلمة وزنها، وتغدو كل عبارة مهمة في مكانها الصحيح، كي يستغرق القارئ وهو ممسك بالكتاب.
- لتكن أنت الكاتب وأنت القارئ في آنٍ معًا، حتى تحفز نفسك على الإجادة وكسب القارئ.
- بعد مضي هذه السنوات في تجربتي الكتابية ما زالت مخيلتي مليئة بالأفكار، ولم أقرر التقاعد، وسوف أستمر.
- عادة تظل الفكرة تختمر في ذهني لشهور وأحيانًا لسنوات قبل أن أشرع في الكتابة.
- أثناء كتابة الرواية أتحسس طريقي وأترك الشخصيات تأخذ حياتها المستقلة.
- المتطلّب الأهم في الكتابة الروائية الخيالية هو الإصغاء إلى ما تهمس به شخصياتك، وألّا تفرض عليهم شيئًا ليس بمقدورهم فعله.
- يصنع الكاتب والقارئ الكتاب معًا، وهذا هو الأمر الرائع في عملية القراءة.
- الكتابة عمل مرهق وصعب ويكلّف الكثير.
- الكتابة مثل المرض المزمن الذي يصيب الإنسان مبكرًا.
- التفسير الوحيد لاستمرار إنتاجك في مجالك هو أنك مسكون به.
- لا يمكن للمفتون بالكتابة أن يتصور الحياة بدونها.
- ينبغي على الكاتب أن يجد الإيقاع المناسب لما يكتبه.
- إذا افتقر الكاتب للابتكار ولجأ إلى لغة مبتذلة فلا مناص من فقد الثقة به.
- الكاتب الماهر يبني جسور الثقة بينه وبين قارئه.
- إذا ساورك الشك في مصداقية الكاتب فسوف تفقد متعة قراءة عمله.
- يجب عليك أن تعرف متى تتوقف وأين ينبغي لك الكف عن شيء أو عن المغالاة فيه.
كانت هذه أغلب ما في هذه السيرة الكتابية المختصرة من فوائد تهم الكتّاب، وحتى أكون منصفًا، فقد أجريت قلم التحرير اليسير على بعضها بالاختصار أو بتغيير كلمة واحدة، أو بالدمج بين أكثر من فكرة متشابهة. وسيبقى هذا الكتاب وغيره مما يفيد أي كاتب وكاتبة، لأنه كتابة، وقراءة، وسيرة عن حرفة عظيمة، ولأجل نفسي أولًا، ثم لمن يقرأ، قرأت الكتاب، وكتبت عنه، ونشرته.
الرياض- الأربعاء 15 من شهرِ رجب عام 1446
15 من شهر يناير عام 2025م
2 Comments
يقول أن الكتابة عمل مرهق وصعب ويكلف الكثير !! اعتقد هذا على المبتدئ بالذات إدعاءه للصعوبة أما المتمرس صاحب مفردات غزيرة وبإمكانة ينوع كيفما يشاء فلا أظن تكون الكتابة فيها صعوبةٌ عليه اللهم هو ما يلحقه من تعب وهذه طبيعة أي عمل يبذل جهداً فيه.
شكرا لكم، والصعوبة مترافقة مع الكتابة سواء بالإجهاد الجسدي أو الذهني، وأحيانا تكون أكثر مع المتمرس! وأحيانا قد ينجو منها.
أهلا بكم…