إذا وقعت في حب كاتبة!
أنا سعيد بوجود الأصدقاء المخلصين حولي، ومنهم صاحبي الأثير خالد بن حمزة المدني -شفى الله والدته العزيزة-، فهو يعلم عن اهتمامي بالكتابة، ولا أدري عن مبلغ علمه تجاه الحب الذي له عندي منه وافر النصيب! ومن أفضال المدني عليّ وأفضاله جمة أن دلني على هذا الكتاب فسارعت لاقتناء نسخة منه وقراءته من فوري. عنوان الكتاب: إذا وقعت في حب كاتبة، وهو عبارة عن مجموعة مقالات من ترجمة أماليا داود، ومراجعة وليد الشايجي، وتدقيق رفعت فرج، وصدرت الطبعة الأولى منه عام (2019م) عن دار الخان للنشر والتوزيع، وتبلغ عدد صفحاته (178) صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي على المقدمة وأربع وعشرين مقالة، وفي آخر الكتاب روابط مبركدة لجميع المقالات.
وقد ذكرت المترجمة في المقدمة أن كتابها يهم القارئ والكاتب في الوقت ذاته، فهو يتكون من مقالات تتحدث عن القراءة أو عن الكتابة أو عنهما منعًا، وفيه تجارب وخبرات متنوعة. وأشارت إلى أثر الكتابة الإيجابي على الصحة العقلية، وأنها تساعد المخ على البقاء شابًا، إضافة إلى أنه من خلالها يكتشف الإنسان نفسه ويضعها على الورق. أما القراءة فهي لا تعكس فقط من أنت، وإنما تؤثر في الذي يمكن أن تكونه في المستقبل. ومما لاحظته أن كثيرًا من كتّاب مقالات هذا الكتاب لهم علاقة بعلم النفس أو الطب النفسي، وأتصور أن أهل المعرفة بالنفس وعلومها لديهم أهلية للإفادة كثيرًا حول القراءة والكتابة خاصة عن كانوا من أهلهما أو تعاملوا كثيرًا مع القراء والكتّاب.
والكتاب من أوله إلى ختامه ملئ بالأفكار والتجارب المفيدة، ولذا فلن أسرد هنا سوى اللافت لي منها، وأدع البقية للقارئ كي يبحث عن الكتاب إن راق له، ليقضي معه وقتًا مليئًا بالحب والمتعة والدهشة كما فعلت، وهذه الأفكار من أبرز ما وجدته علمًا أني غيّرت في صياغة بعضها تغييرًا طفيفًا، وهي:
- العثور على نسخة قديمة من كتاب من شأنها أن تعدل المزاج سنوات طويلة.
- رغبتك في القراءة تضعك دائمًا بين النخبة، وتجعلك أكثر جاذبية.
- انظر للكتب على أنها استثمار في التعليم للمستقبل بدلًا من لحظة عابرة تنسى بسرعة.
- نحن مع الكتابة نتغير.
- قراءة الكتب ليست مسلية فحسب بل تغير الحياة.
- اكتشفت أبحاث جامعة كاليفورنيا أنك عندما تقرأ كتابًا مدهشًا تنتقل بعض تقنيات الكتابة إليك من دون قصد.
- القراءة والكتابة من أشكال الحرية الفردية والتعبير عن الرأي.
- القراءة تجربة خارقة للحواجز بأنواعها.
- اقرأ الكتب التي تتحدى أفكارك.
- الكاتب الناجح يصل إلى القبض على الفؤوس القادرة على تحطيم البحار المتجمدة في داخلنا.
- قد يكون لديك رواية عظيمة بداخلك.
- الكاتب بالفطرة إما أن يكتب أو يفكر بالكتابة، وهو يفقد معها الإحساس بالوقت.
- يمتاز الكتّاب بحساسية مفرطة عندما يتعلق الأمر بشغف حياتهم وما يكتبونه.
- الأفضل أن تكتب لنفسك، وألّا يكون لديك جمهور، على أن تكتب للجمهور وألّا تلتفت لذاتك.
- كل كلمة زائدة تقلق القارئ!
- من التوفيق للكاتب القضاء على الجمل الطويلة، والمبني للمجهول، والكلمات المراوغة، والمصطلحات الصعبة.
- أجبر نفسك على البدء بافتتاحية جريئة.
- النص مع أمثلة يكون أكثر حياة.
- إن الأفكار منثورة في كل مكان في دواوين الشعر، ومع ذلك فقلما يوصي بها أحد.
- على الكاتب أن يتعلم الشعور بكل شيء.
- ثراء التجربة الحياتية يكشف نفسه انطلاقًا من ثراء الإيماءات.
- على الأسلوب أن يثبت إيمان الكاتب بالفكرة.
- لا تسمح للمسودة أن تحد من خياراتك، ولا تخش التغيير والحذف وإعادة الكتابة قبل التحرير النهائي.
- أكثر ما يحتاجه الكاتب هو الصبر.
- اكتب والباب مقفل، ثم أعد الكتابة والباب مفتوح.
- إذا انتظر الكاتب الوضع المثالي للكتابة فسوف يموت قبل وضع كلمة واحدة على الورق.
- على الكاتب أن يأخذ تدابير جادة لتأمين عزلته.
- متعة الكتابة في التحضير أكثر منها في التنفيذ.
- المتعة الأساسية في كتابة الرواية تكمن في أنك لا تعرف ما سيجري لاحقًا على شخصياتك وأحداثك.
- الصعوبات التي تواجهها أثناء الكتابة جزء من مهمتك ولا تعكس قصورًا لديك.
- من الصعب أن تفهم عالم الكتّاب، إنه عالم مختلف لكنه عالم جميل، وما أعظم متعة الارتباط بكاتبة.
- الدافع الذي يعيش من خلاله الكاتب يملك صوتًا أعلى من أي انتقاد.
- إذا أحببت كاتبًا أو كاتبة فلن تموت أبدًا؛ لأنه سوف يكتبك ولأنها سوف تكتبك!
- لا تتعجب مما يفعله قرينك الكاتب في منزلكما، ففي بيتك يعيش فنان يحتاج لخلوة وانقطاع وتأمل ومساحة خاصة من الزمان والمكان، وعليك أيها الشريك الرائع مراعاة ذلك.
- عندما تبدأ الكاتبة بالكتابة فأخبر نفسك أنها تتنفس كي تتفهم حاجتها تلك.
- السر في الكتابة والتأليف هو أنك تحتاج إلى مجموعة من أجل كتابة كتاب.
- أعتقد أن الفضول، والتساؤل، والشغف، هي صفات العقول المبدعة والمعلمين العظماء.
- المسودة الأولى من كل شيء مقرفة.
- هل لديك الشجاعة لكتابة سيئة؟
- آخر شيء نكتشفه في التأليف هو الذي ينبغي أن نكتبه أولًا.
ويتضح من هذه المختارات أن عنوان الكتاب فيه شيء من الإيهام، وربما أنه عنوان تسويقي جذاب فقط؛ حتى وإن كانت إحدى مقالاته المترجمة تحمل العنوان ذاته، ففيه مقالات أعمق وأهم. والشيء المهم أيها الكاتب العزيز، وأيتها الكاتبة الموقرة، أن يكون لك زاد من القراءة في الكتب التي تنقل لك التجارب والمقولات، أو تروي لك سير الكتّاب وتنقل الحوارات الملهمة معهم، وليس بالضرورة أن تؤمن بها كلها، أو أن تتبع ما فيها دومًا.
أقول ذلك لأنها في حقيقة أمرها تجربة فرد أو أكثر، يتشاركون معك في همٍّ وحرفة، ومع تقديرنا لهم ولمسيرتهم، فلستم بأقل منهم لا في مهارات التفكير، ولا في البناء الثقافي، ولا في الاستعداد للنبوغ، ولا في الإرث المتين المختص بعالم الكتابة والتأليف والابتكار الأدبي، وفوق ذلك سيكون لكم مع الأيام تجربة ثرية باهرة، وسوف تكونون لغيركم قدوة ومثالًا يحتذى؛ ولذا أهديكم هذه المقالة في صبيحة يوم العيد مع القهوة والحلى التي بين أيديكم، وأحثكم على المسارعة للشعور برفاهية المتعة مع قراءة هذا الكتاب أو غيره، داعيًا لكم بالتوفيق والبركات وحسن الأثر، وأختم لكم بمقولة لافتة وردت في كتابنا هذا هي: لا تأخذ نصيحة أيّ أحد عن الكتابة بجدية! ومن البدهي أننا سوف نطبق هذه النصيحة على النصيحة نفسها!
أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض
الاثنين أول أيام عيد الفطر المبارك عام 1443
02 من شهر مايو عام 2022م
4 Comments
جزاك الله خيرا . قرات المقالة عن الكتابة . واستفدت منها كثيرا لااخذ ببنظر الاعتبار . في مراعاة ابنتي وهي تكتب لتكون كاتبة بالمستقبل . متمنية لكم ولعائلتكم الكريمة عيدا سعيدا .
شكرا لإنك دائماً تمنحنا هذه المقالات الراقية بلا شروط، شكرا لهذا الإهداء في صبيحة يوم العيد ونحن مع القهوة والحلى التي بين أيدينا نستمتع بهما أيما استمتاع، ونشكر صاحبك “الأثير”، الذي دلّك على هذا الكتاب الأنيق، وما زاده أناقة أنك أوجزت المفيد منه بشكلٍ لذيذ يضاهي حلاوة قهوة العيد، هدِل سحاب كلماتك في قلوبنا ثم تدلَّى، و دنا من أرواحنا العطشى فتجلىّ، لم تكن المقالة باعثه على التحفيز الإيجابي نحو ممارسة الكتابة فحسب، بل أشعلت فتيل الحب لها، لامست النقاط التي ذكرتها شغاف القلب،لم تكن إلا عميقة، وإسقاطاتها النفسية حول الكاتب مع محبوبته الكتابة إلا دليل على أن الكتابة تساعد في اكتشاف الإنسان لنفسه على الورق!
تدور حياتنا حول رهبة الأبواب المغلقة التي تختبئ في قلب كل منا، لكن الكتابة هي الصوت الداخلي الذي يسافر بالذات لخارجها ويكسر جميع الأبواب، و يجوب بنا نحو حرية الفكر وتمزيق ثياب القناعات البالية،اما القراءة التي ارتبطت بالكتابة تصدح بصوت متهدج “اللهم باعد بيننا وبين الجهلة وقطاع الدروب وقتلة الأحلام”، مع قلمك وهذه المقالة قضينا وقتًا مليئًا بالحب والمتعة والدهشة وأدركنا أن الله يهبنا شخص قريب، من عالم غريب يشاركنا تفاصيل الجمال، يحرّضنا على تغيير البؤس فينا، ويسقي فينا أحلامنا النائمة، ويذيب جليد المشاعر!
لله هذه المقالة، كيف أشرقت فوائدها علينا مثل شمس شتاء تهدي الدفء، نحن مع الكتابة نتغير ونسافر بروحنا نحو صباحات تمتزج بروائح عتيقه، قصة لا تشبه غيرنا، حشرت في صدري روائح لا تدركها لغة العطور الندية حينما وصفت بعمق الشعور أنه قد يكون لديك رواية عظيمة بداخلك،!
ارتشف قهوة العيد، لم تنتهي الصباحات، فالكاتبة لديها قوة استبصار عالية، لإنه كما ذكرت بين سطورك فإن الكتّاب يمتازون بحساسية مفرطة عندما يتعلق الأمر بشغف حياتهم وما يكتبونه.
اهازيج فرح العيد الصباحية تتراقص مع هذه المقالة الإبداعية، و التراقص على إيقاع نشوة الانجاز الكتابي،! إني أقاوم فتنة هذه المقالة! شكرا لك..
يسرني أن أقرأ مثل هذا التفاعل الجميل الذي يستحق أن يفرد في مقال خاص.
من العنوان فكرت تتكلم عن رجال أحبوا نساء من خلال كتبهن أو مقالاتهن
شكرا على النصائح الموجودة في المقال